السؤال :
أرغب في التعرّف بشكل أكبر عن حكم الزواج العرفي وشروطه ، وهل يحقّ للفتاة أن تتزوّج زواجاً عرفيّاً بدون علم أهلها لأسباب إجتماعيّة ؟ وهل يشترط أن يتحدّد الزواج العرفي بمدّة زمنيّة محدّدة ؟ وإذا زالت الأسباب المؤدّية إلى إخفاء الزواج وجعله عرفيّاً ، كيف يمكن تحويله إلى زواج عادي ؟
الجواب :
إنّ الزواج في الإسلام على قسمين :
أوّلاً : الزواج الدائم الذي لا يكون محدّداً بمدّة معيّنة وله أحكام في كتاب النكاح من كتب الفقه ، وهو الذي أشرتم إليه من أنّه زواج عادي.
ثانياً : الزواج المؤقّت الذي يكون محدّداً بمدّة معيّنة لسنة أو شهر مثلاً ، ولعلّ هذا هو الذي أشرتم إليه بالزواج العرفي.
ويشترط في كلا الزواجين العقد على الزوجة ورضا الأب أو الجدّ للأب ، بالإضافة إلى رضا الزوجة ـ إذا كانت الزوجة بكراً أيّ غير مدخول بها من قبل زوج آخر أو لم يدخل بها شخص آخر ـ. (1)
كما يشترط في كلا الزواجين ـ إذا حصلت الفرقة بين الزوجة والزوج بالطلاق أو هبة المدّة الباقية في الزواج المؤقّت ـ العدّة على الزوجة ، ولا تحلّ بدونها إلى الأزواج الآخرين. (2)
وهذا الزواج الثاني قد أحلّه الكتاب الكريم بقوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (3) ؛ وقد اتّفق الكلّ على نزولها في الزواج المؤقّت المعروف بزواج المتعة الذي له مدّة محدّدة (4). والذي قد حرّمه الخليفة الثاني ـ عمر ـ بقوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنا أُحرّمهما وأُعاقب عليهما ؛ متعة الحجّ ومتعة النساء (5).
وقد تبع كثير من الصحابة تشريع الزواج المؤقّت ـ المتعة ـ الذي كان في زمان رسول الله مُشرّعاً ، وعُمل به في زمان الخليفة الأوّل وزمن من خلافة الثاني. (6)
وكذا الإماميّة قالوا به ولم يلتفتوا إلى تحريم الخليفة الثاني ؛ إذ لا حقّ له في مخالفة النصّ الوارد في القرآن الكريم.
اذاً :
1 ـ لا يجوز للفتاة البكر أن تتزوّج زواجاً مؤقتاً بدون رضا أبيها أو جدّها.
2 ـ إنّ هذا الزواج لا بدّ فيه من مدّة محدّدة تذكر في العقد. (7)
3 ـ إذا أراد الزوج أن يبدّل هذا العقد المؤقّت إلى عقد دائمي ـ عادي ـ فله طريقان :
الأوّل : أن تنتهي المدّة المحدّدة في عقد المتعة ، ثمّ بعد ذلك يعقد عليها عقداً دائميّاً.
الثاني : أن يهب الزوج المدّة الباقية للزوجة ، بقوله : وهبتك ما بقي من مدّة الزواج المؤقّت ، ثمّ يعقد عليها بعد ذلك عقداً دائميّاً ـ عاديّاً ـ.
تنبيه : لا تجب نفقة الزوجة المتمتّع بها على زوجها إلّا إذا اشترطت ذلك في عقد المتعة أو في ضمن عقد لازم آخر ، كما لا توارث بين الزوجين إلّا إذا اشترط التوارث لهما أو لأحدهما. (8)
الهوامش
1. راجع :
المهذب « لابن براج » / المجلّد : 2 / الصفحة : 193 / الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي.
الحدائق الناضرة « للمحقّق البحراني » / المجلّد : 23 / الصفحة : 210 ـ 211 / الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي.
منهاج الصالحين « للسيد السيستاني » / المجلّد : 3 / الصفحة : 28 / الناشر : مكتب آية الله العظمى السيّد السيستاني / الطبعة : 1.
2. راجع :
شرائع الإسلام « للمحقّق الحلّي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 532 / الناشر : انتشارات استقلال ـ طهران / الطبعة : 2.
الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة « للشهيد الثاني » / المجلّد : 3 / الصفحة : 245 / الناشر : مجمع الفكر الإسلامي.
جواهر الكلام « للشيخ الجواهري » / المجلّد : 30 / الصفحة : 196 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة.
العروة الوثقى « للسيّد اليزدي » / المجلّد : 5 / الصفحة : 512 / الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي / الطبعة : 1.
3. النساء : 24.
4. راجع :
الكشاف « للزمخشري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 519 / الناشر : شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي.
تفسير القمي « لعلي بن إبراهيم القمي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 136 / الناشر : مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر ـ قم / الطبعة : 3.
البرهان في تفسير القرآن « للمحقّق البحراني » / المجلّد : 2 / الصفحة : 58 ـ 59 / الناشر : مؤسّسة البعثة.
5. بحار الأنوار « للعلّامة الجلسي » / المجلّد : 30 / الصفحة : 637 ـ 638 / الناشر : مؤسّسة الوفاء.
راجع :
كنز العمال « للمتقي الهندي » / المجلّد : 16 / الصفحة : 519 / الناشر : مؤسّسة الرسالة.
مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 1 / الصفحة : 437 / الناشر : مؤسّسة الرسالة / الطبعة : 1.
السنن الكبرى « للبيهقي » / المجلّد : 7 / الصفحة : 206 / الناشر : دار الفكر.
احكام القرآن « للجصاص » / المجلّد : 2 / الصفحة : 191 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
6. راجع :
مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 1 / الصفحة : 437 / الناشر : مؤسّسة الرسالة / الطبعة : 1.
السنن الكبرى « للبيهقي » / المجلّد : 7 / الصفحة : 206 / الناشر : دار الفكر.
كنز العمال « للمتقي الهندي » / المجلّد : 16 / الصفحة : 519 / الناشر : مؤسّسة الرسالة.
7. راجع :
شرائع الإسلام « للمحقق الحلّي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 530 / الناشر : انتشارات استقلال ـ طهران / الطبعة : 2.
الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة « للشهيد الثاني » / المجلّد : 3 / الصفحة : 238 / الناشر : مجمع الفكر الإسلامي.
جواهر الكلام « للشيخ الجواهري » / المجلّد : 30 / الصفحة : 172 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 2.
8. راجع :
شرائع الإسلام « للمحقق الحلّي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 532 / الناشر : انتشارات استقلال ـ طهران / الطبعة : 2.
الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة « للشهيد الثاني » / المجلّد : 3 / الصفحة : 243 / الناشر : مجمع الفكر الإسلامي.
جواهر الكلام « للشيخ الجواهري » / المجلّد : 30 / الصفحة : 193 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 2.
التعليقات
ثانياً : بعد ان طلّق الرجل زوجته ثلاث مرّات مع مراعات الشروط الشرعيّة بان طلّقها ثمّ رجع إليها في العدّة أو تزوّجها بعد العدّة ثمّ طلّقها ورجع إليها في العدّة أو تزوّجها بعد العدّة ثمّ طلّقها فتحرم عليه الزوجة ، إلّا إذا تزوّجها رجل آخر ودخل بها ثمّ طلّقها وانقضت عدّتها ، فيجوز للزوج الآخران يتزوّجها ، وهذا في الحقيقة نوع من العقوبة للزوجين ، فانّ وقوع الطلاق ثلاث مرّات بينهما يكشف عن وجود الخلاف الشديد وعدم المعاشرة بالمعروف بينهما وانّهما كليهما أو أحدهما لا يقوم بوظيفته الشرعيّة تجاه الآخر ، ولذا حكم الشرع بحرمة زواجهما إلّا بعد أن يتزوّجها شخص آخر ويطلّقها ، حيث انّ الزوج أو الزوجة إذا كان بينهما حبّ واقعي حقيقي يعرف كلّ منهما قدر الآخر فيتزوّج بها ويغرم على حسن المعاشرة معها في المستقبل ، امّا إذا لم يكن بينهما حبّ واقعي فيتتاركان وينقطع مادة النزاع والاختلاف في الحياة الزوجيّة ، فحرمة الزوجة على الزوج بعد الطلاق الثالث والحاجة إلى المحلّل انّما هو لأجل مراعاة مصالح الحياة العائليّة وبالتالي مصالح المجتمع.
لذلك السبب ما تحللوا وتحرموا من عندكوا وتضحكوا على هالشباب المسكينة اللي متذايق وبدها تتجوز وتحرضوا وتوقعوا الشباب والبنات بالزنا وهما مش عارفين لأن الله شايفكوا ورح يحاسبكوا والله ما بنسا حد
أمّا المتعة فلها شروط وأحكام خاصّة يتحفّظ بها عن حصول المفاسد الإجتماعيّة والأخلاقيّة وكلّ ما هو شرط في النكاح الدائم يشترط أيضاً في زواج المتعة فيعتبر ان لا تكون الزوجة من المحارم نسباً أو مصاهرة أو رضاعاً ويعتبر ان لا تكون المعقود عليها بعقد المتعة زوجة للآخرين و لا تكون في عدّة طلاق أو وفات أو شبهه ونحوها ويعتبر إذن الوالد إذا كانت المتعة بفتاة بكر ويعتبر اجراء العقد بالصيغة الصحيحة المشتملة على المهر المعلوم والأجل المعلوم مع انّه لا يعتبر في نكاح الدوام حتّى تعيين المهر فالشروط في المتعة أصعب وأكثر من النكاح الدائم ثمّ إذا تولّد ولد فيلحق بأبويه و يرثهما وعلى الوالد حضانة الولد والإنفاق عليه وتربيته وإذا انقضى الأجل وانتهت مدّة المتعة يجب على المرأة ـ ان كانت مدخول بها ـ الاعتداد ويحرم عليها الزواج من شخص آخر إلا بعد مضي زمان العدّة فلا يحصل اختلاط المياه ولا ضياع الأولاد كما هو الحال في مورد الزنا بل لو تزوّجت المرأة مرّات بزواج المتعة يُعلم من هو والد الطفل الذي تلده لأنّها لا تتزوّج إلاّ بعد مضي عدّة الزوج الأوّل فلو كانت حامل من الزوج الأوّل يستمر عدّتها إلى وضع حملها ولا يجوز لها الزواج بالشخص الآخر فيكون نسب الولد محفوظاً ويحكم بكونه ولداً للزوج الأوّل الذي تزوّج بها متعة وانتهت المدّة ويكون مكلّفاً شرعاً بالانفاق عليه وتربيته وحضانته ، ومع هذه الشروط والأحكام يكون زواج المتعة صلاحاً وخيراً للمجتمع البشري حيث يندفع به مفاسد الزنا واضراره الإجتماعيّة والأخلاقيّة ولذلك ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : « لولا ان عمر بن الخطاب نهي عن المتعة ما زنا الا شقي » وفي نسخة « ما زنى الا شفا ـ أي قليل ـ » فالله تعالى شرع المتعة لأجل المنع عن الزنا وتفادي إضراره وآثاره السيئة ويكون رحمة لمن لا يتمكّن من الزواج الدائم بسبب ظروفه الخاصّة ومعذلك يريد إرضاء الغريزة الجنسية أو يريد النسل والأولاد من دون أن يقع في الزنا ، مضافاً إلى انّه رحمة بالنسبة للنساء بنحو عام إذ قد تحتاج المرأة إلى إرضاء غريزتها الجنسيّة أو تطلب النسل والولد لكن لا يتهيّأ لها فرصة الزواج لموانع فرديّة أو إجتماعية ومن أهمّها أكثريّة عدد النساء من الرجال في أغلب المجتمعات البشريّة وعدم إمكان تعدّد الزوجات بالزواج الدائم فماذا تصنع هذه النساء ؟ وهل يسمح لهن بممارسة الزنا ؟ أو يجب عليهنّ الصبر والتحمّل ممّا يؤدّي إلى الابتلاء بالأمراض النفسيّة والجسميّة فالحلّ الوحيد هو الزواج الموقّت الذي له أحكامه وشروطه كالزواج الدائم وقد صحّ في التاريخ انّ الصحابة كانوا يتزوّجون بزواج المتعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وخلافة أبي بكر وشطر من خلافة عمر إلى ان حرّمها عمر فخافوا من عقابه. وقد صرّح ابن عبّاس بانّ عبدالله بن الزبير ولد من زواج المتعة.
امّا نزول الآية في الزواج المتعة فهو متّفق عليه ـ تقريباً بين السنّة والشيعة وهناك روايات كثيرة من الفريقين تدلّ على ذلك بل هو بعض روايات أهل السنّة انّ الآية نزلت هكذا : ( فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى فاتوهن اجورهن فريضه )
1 ـ اخرج الطبري في تفسيرة [ ج 5 / 9 ] باسناده عن أبي نضرة قال سألت ابن عباس عن متعة النساء قال : اما تقرأ سورة النساء ؟ قلت : بلى. قال : فما تقرأ فيها فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى ؟ قلت له : لو قرأتها هكذا ما سألتك ؟ قال : فانها كذا. وفي حديث قال ابن عباس والله لأنزلها الله كذلك ثلاث مرّات.
2 ـ واخرج الطبري عن فتادة في قراءة « ابي بن كعب » فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى.
3 ـ وروى عن عمر بن مرة انّه سمع سعيد بن جبر يقرأ ( فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى )
4 ـ وعن ابي ثابت انّ ابن عباس أعطاني مصحفاً فيه فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى.
5 ـ اخرج البيهقي فى السنن الكبرى 7 / 205 عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال : كانت المتعة في أوّل الاسلام وكانوا يقرأون هذه الآية فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى.
6 ـ قال القرطبي في تفسيره 5 / 130 عند بيان الاختلاف في معنى الآية قال الجمهور انّ المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام وقرأ ابن عباس واُبي وسعيد بن جبير : ( فما استمتعتم به منهن الى اجل فأتوهن اجورهن ).
7 ـ في الدر المنثور للسيوطى : « اخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس كانت المتعة في أوّل الاسلام وكانوا يقرأون هذه الآية ( فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى ) واخرج ابن عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد : فما استمتعتم به منهن قال يعني نكاح المتعة واخرج ابن جرير عن السدّي في الآية قال هذه المتعة.
وأخرج عبدالرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن الحكم انّه سئل عن هذه الآية : « أمنسوخة ؟ قال : لا. وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيّام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث ».
والعجيب انّ أهل السنّة يعترفون بأنّ عمر بن الخطاب هو الذي حرّمها اجتهاداً منه ويقدّمون اجتهاده على قول رسول الله صلى الله عليه وآله والآية الكريمه.
قال الأميني قدس سره في كتاب القيم [ الغدير ج 6 / 238 ] : « اقرأ واضحك أو ابك : ذكر القوشجى في شرح التجديد في مبحث الإمامة انّ عمر قال وهو على المنبر أيّها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا انهي عنهنّ واُحرمهنّ واُعاقب عليهنّ متعة النساء و متعة الحج وحيّ على خير العمل ثمّ اعتذر عنه بقوله انّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه فان مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهاديّة ليس ببدع ... ».
قال الأميني ما كنا نقدّر ان ضليعاً في العلم يقابل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بواحد من اُمّته ويجعل كلاً منهما مجتهداً مع انّ ما ينطقه الرسول الأمين هو عين ما ثبت في اللوح المحفوظ ( و إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) [ النجم : 4 و 5 ] فأين هو عن الاجتهاد برد الفرع إلى الأصل واستعمال الظنون في طريق الاستنباط.
أقول هذا ممّا يؤيّد ما ذكرناه من أن بني أهل السنّة هو عمر بن الخطاب وليس الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وهناك الكثير من بدع عمر بن الخطاب قدمها علماء أهل السنة على النصوص الواردة من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والتزم عامة الناس بها لصلاة التراويح جماعة والذي صرح عمر بالنسبة إليها : « وقال بدعة و نعم البدعة ».
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة