الإمام المهدي عليه السلام ... ادلة وجوده المقدس عليه السلام

طباعة

تحت هذا العنوان استعرض الشيخ المقدسي بمحاضرة له قضية وجود الإمام المهدي عليه السلام واستدل لها بنصوص من القرآن المجيد والسنة المطهرة ، هذا وقد تضمنت المحاضرة المحاور التالية :
1. لا تخلو الارض منذ خلقها الله تعالى من قائم لله بحجة.
2. امانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقضي ان لا يترك الارض دون ولي.
3. الإمام عليه السلام هو واسطة الفيض الالهي على الكون كله وهو السبب بين السماء والارض.
4. لا يفترق الثقلان ( الكتاب والعترة ) حتى قيام يوم الدين.
وقد تناول الشيخ محاور محاضرته بالشرح والتفصيل تباعاً ، واليك موجز بها :
1. لا تخلو الارض من حجة :
قال امير المؤمنين عليه السلام : « لا تخلو الارض من قائم لله بحجة ، اما ظاهراً مشهوراً واما خائفاً مغموراً لأن لا تخلو حجج الله وبيناته » فالامام امير المؤمنين عليه السلام في كلامه هذا يؤكد ان الارض منذ خلقها الله سبحانه وتعالى وجعل فيها خليفة ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ).
يقول تعالى في الذكر الحكيم ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ).
والهدف من كل ذلك لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد بعث الرسل ( وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) أي ان الله سبحانه وتعالى ما كان ليعذب الناس ويحاسبهم الا بعد أن يقيم الحجة عليهم ، ومن جملة اقامة الحجة انزال الرسل والانبياء عليهم السلام ، واوصيائهم عليهم السلام وتعيينهم.
يقول الإمام الباقر عليه السلام : « ان لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة » الحجة الظاهرة فهي الرسل والانبياء عليهم السلام والائمة عليهم السلام.
اما الحجة الباطنة فهي العقول حيث ان الله تعالى يحاسب الناس على قدر عقولهم لأن الله اول ما خلق العقل فقال له اقبل فأقبل ، وقال له أدبر فأدبر فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً احب الي منك ، بك اثيب وبك اعاقب ».
وهذا يعني ان العقل مطيع لله ، والفطرة العقلية السليمة تأخذ بعنق الانسان ليرفع من شأنه تعالى ، فيعترف بوحدانيته وبصفاته عليه السلام ، فبواسطة العقل يعرف الانسان ربه ويعرف نبيه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم نعرف الاوصياء عليهم السلام الذين يأتون من بعد اولئك الرسل عليهم السلام.
2. الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومسألة الاخلاف على الامة :
لقد دأب الرسل من عهد آدم كُلُّ يخبر بمن بعده من نبي او رسول ، او أنه يعين اماماً او وصياً من بعده, بما انه امين على  ـ الرسالة ـ التي كلفته بها السماء.
اما نسبة ترك هذا الامر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو كذب وافتراء ، فهل يعقل ان يكون ابن الطلقاء ـ معاوية ـ اكثر امانة على الامة من رسول الله محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الامر ؟ ليوحي لمن بعده دون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وانطلاقا من هذا فلابد ان يعين الرسول من بعده مرجعاً للناس يكون كفؤا كريما كي لا يتشتت امر الناس ، ولذلك كان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : « ائتوني بدواة كي اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي ابدا » و « اني مخلف فيكم الثقلين ... »
وهكذا هي سنة الاولين من قبله كما قد اخبر موسى عن عيسى عليه السلام ، او ما بشر عيسى عن النبي الخاتم وهكذا كانت سيرة الانبياء حيث اوصى الخاتم بالائمة من بعده عليهم السلام.
يقول جابر الانصاري: انه لما نزل قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلت ـ له ـ : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن اولي الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هم خلفائي يا جابر وائمة المسلمين من بعدي اولهم علي بن ابي طالب عليه السلام.
نعم لقد بين النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم اوصياءه الواحد تلوا الآخر حيث انتهى بهم إلى خاتمهم حجة الله في ارضه وبقيته في عباده الإمام المهدي محمّد بن الحسن العسكري عليه السلام.
3. رابطة الفيض الالهي :
سأل جابر الرسول الاكرم محد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل ينتفع الشيعة به ـ اي بالامام المهدي عليه السلام ـ بعد غيبته فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « نعم والذين بعثني بالنبوة انهم ينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان تجللها السحاب » ومعنى ذلك ان القضية ليست منوطة بظهوره عليه السلام فقط وانما في غيبته عليه السلام.
ان وجوده عليه السلام بركة ، وإن الله سبحانه وتعالى يحفظ الارض وما عليها ببركته ، فلو خليت الارض من حجة لساخت بأهلها ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « النجوم امان لأهل السماء , واهل بيتي امان لأهل الارض » أي اذا غابت النجوم اتى اهل السماء ما يكرهون .. ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ) فما دامت هذه النجوم موجودة فالحياة مستقرة.
ان الارض التي عليها حجة , سواء كان نبياً او اماماً لا تعذب.
فلما اراد الله تعالى ان ينزل العذاب على قوم يونس عليه السلام انسحب يونس عليه السلام من المنطقة ، ثم كان العذاب المنزل ، كذلك الامر في قضية النبي لوط عليه السلام مع قومه ، يقول تعالى :  ( إِنَّ فِيهَا لُوطًا ) وكان ذلك خطاب الملائكة المبعوثين ، حين امرهم الله تعالى بتنفيذ العذاب على قوم لوط ، أي فكيف نعذبهم ولوط موجود فيهم ، وهكذا أمروا ان يخرجوا لوطاً وعائلته.
ومن كل ما تقدم نفهم ان بوجود ـ الحجة ـ تثبت الارض بسبب بركات هذا الوجود,لأنه واسطة الفيض الالهي.
وهناك احاديث كثيرة تثبت ان ليلة القدر تنزل الملائكة وهم لا ينزلون الا على حجة الله في زمانه, وهو في زمامننا هذا الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
4. الثقلان لا يفترقان :
ثمة آيات واحاديث تؤكد استمرار وجود الإمام عليه السلام باعتباره الوصي الخاتم وأحد مصاديق قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « عترتي اهل بيتي » في حديث جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصادق الامين.
يقول تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ويؤكدها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » فالنسق واحد.
ومن ذلك الافتراق ، الافتراق الزماني وهو غير حاصل ، حيث القرآن موجود في كل زمان ، وتبعا لذلك ويصاحبه ويقترن به وجود الإمام عليه السلام : « وانهما لن يفترقا ».
فما دام القرآن موجوداً ، فلابد لله من حجة يبين المبتغى منه وينطق بتأويله حتى يرد الناس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحوض أي إلى يوم القيامة.
ومما يؤكد لابدية وجود الإمام عليه السلام الولي الناطق بالقرآن ، في كل آن وزمان ، ومنه هذا الزمان ، وحتى يوم الحساب هو قول الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم : « من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية » أي لابد من رفيق للقرآن شارح له موضح لمقاصده ، فليس من الممكن ان يكلف الناس بما لا يفقهون وعندها فلابد من امام معصوم فيه كل شرائط العصمة والامامة ليكون مرجع الناس ، وواسطة الفيض الالهي. والسبب بين السماء والارض.
ادام الله لنا بركات امامنا عليه السلام وعجل بمقدمه الشريف ، انه سميع مجيب.

 

صحيفة صدى المهدي عليه السلام العدد 29