مناظرة سلطان الواعظين مع الحافظ محمد رشيد في حكم التوسل

البريد الإلكتروني طباعة

قال سلطان الواعظين في حديثه مع الحافظ في حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام :

الحافظ : لا ينحصر الدليل على كفركم وشرككم في هذه الرواية حتى تؤوّلها وتخلص منها ، بل في كلّ الاَدعية الواردة في كتبكم نجد أثر الكفر والشرك ، من قبيل : طلب حاجاتكم من أئمّتكم من غير أن تتوجّهوا إلى الله ربّ العالمين ، وهذا أكبر دليل على الكفر والشرك !!

قلت : ما كنت أظنّك أن تتبّع أسلافك إلى هذا الحدّ ، فتغمض عينيك ، وتتكلّم من غير تحقيق بكلّ ما تكلّموا ، فإنّ هذا الكلام في غاية السخافة ، وبعيد عن الاِنصاف والحقيقة ، فإمّا أنك لا تدري ما تقول أو أنك لا تعرف معنى الكفر والشرك!!

الحافظ : إنّ كلامي في غاية الوضوح ، ولا أظنه يحتاج إلى توضيح ، فإنّه من البديهة أنّ من أقرّ بوجود الله عزّ وجلّ واعتقد أنّه هو الخالق والرازق ، وأن لا مؤثّر في الوجود إلاّ هو ، لا يتوجّه إلى غيره في طلب حاجة ، وإذا توجّه فقد أشرك بالله العظيم .

والشيعة كما نشاهدهم ونقرأ كتبهم لا يتوجّهون إلى الله أبداً ، بل دائماً يطلبون حوائجهم من أئمّتهم بغير أن يذكروا الله سبحانه ، حتى نشاهد فقراءهم والسائلين الناس في الاَسواق ذكرهم : يا علي ويا حسين ، ولم أسمع من أحدهم حتى مرّة يقول : يا الله !! وهذا كلّه دليل على أن الشيعة مشركون ، فإنّهم لا يذكرون الله تعالى عند حوائجهم ولا يطلبون منه قضاءها ، وإنّما يذكرون غير الله ويطلبون حوائجهم من غيره سبحانه !

قلت : لا أدري .. هل أنت جاهل بالحقيقة ولا تعرف مذهب الشيعة ؟ ! أم إنّك تعرف وتحرف ، وتسلك طريق اللجاج والعناد ؟! لكن أرجو أن لا تكون كذلك ، فإنّ من شرائط العالم العامل : الاِنصاف ، وفي الحديث الشريف : إنّ العالم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.(2)

ولمّا نسبت إلينا الشرك في حديثك كراراً والعياذ بالله ! وأردت بهذه الدلائل العامّية التافهة أن تثبت كلامك السخيف الواهي ، وتكفّر الشيعة الموحّدين المخلصين في توحيد الله عزّ وجلّ غاية الخلوص ، والمؤمنين بما جاء به خاتم الاَنبياء صلى الله عليه وآله ، فإذا كان هذا التكرار والاِصرار في تكفيرنا بحضورنا فكيف هو في غيابنا ؟!

واعلم أنّ أعداء الاِسلام الّذين يريدون تضعيف المسلمين وتفريقهم حتى يستولوا على ثرواتهم الطبيعية ويغصبوا أراضيهم ، فهم فرحون بكلامكم هذا ، ويتّخذوه وسيلة لضرب المسلمين بعضهم ببعض ، كما أنّني أجد الآن في هذا المجلس بعض العوام الحاضرين من أتباعكم قد تأثّروا بكلامكم ، فبدؤا ينظرون إلينا نظر شزرٍ ، حاقدين علينا باعتقادهم أنّنا كفّار فيجب قتلنا ونهب أموالنا!!

وفي الجانب الآخر ، انظر إلى الشيعة الجالسين ، وقد ظهرت على وجوههم علائم الغضب ، وهم غير راضين من كلامك هذا ، ونسبة الشرك والكفر إليهم ، فيعتقدون أنّك مفترٍ كذّاب ، وأنّك رجل مُغرض ، وعن الحق مُعرض ، لاَنّهم متيقّنون ببراءة أنفسهم ممّا قلت فيهم ونسبت إليهم .

والآن لكي تتنوّر أفكار الحاضرين بنور الحقيقة واليقين ، ولكي تتبدّد عن أذهانهم ظلمات الجهل وشبهات المغرضين ، أتكلّمُ للحاضرين باختصار موجز عن الشرك ومعناه ، واُقدم لكم حصيلة تحقيق علمائنا الاَعلام ، أمثال : العلامة الحلّي ، والمحقّق الطوسي ، والعلامة المجلسي رضوان الله عليهم ، وهم استخرجوها واستنبطوها من الآيات القرآنية الكريمة والاَحاديث المرويّة عن النبي صلى الله عليه وآله وعترته الهادية سلام الله عليهم .

نوّاب : إنّ انعقاد هذا المجلس كان لتفهيم العوام وإثبات الحقّ أمامهم ، كما قلت سابقاً ، فأرجوكم أن تراعوا جانبهم في حديثكم ، وأن تتكلّموا بشكل نفهمه نحن العوام .

قلت : حضرة النوّاب ! إنّني دائماً اُراعي هذا الموضوع ، لا في هذا المجلس فحسب ، بل في جميع مجالسي ومحاضراتي ومحاوراتي العلمية والكلامية ، فإنّي دائماً أتحدّث بشكل يفهمه الخاصّ والعامّ ، لاَنّ الغرض من إقامة هذه المجالس وانعقادها ـ كما قلتم ـ هو تعليم الجهلاء وتفهيم الغافلين ، وهذا لا يتحقق إلاّ بالبيان الواضح والحديث السهل البسيط الذي يفهمه عامّة الناس ، والاَنبياء كلّهم كانوا كذلك ، فقد روي عن خاتم الاَنبياء وسيّدهم صلى الله عليه وآله أنّه قال : إنّا معاشر الاَنبياء اُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم.(3)

أقسام الشرك

إنّ الحاصل من الآيات القرآنية ، والاَحاديث المرويّة ، والتحقيقات العلمية ، أنّ الشرك على قسمين ، وغيرهما فروع لهذين ، وهما : الشرك الجلي ، أي: الظاهر ، والآخر : الشرك الخفي ، أي : المستتر .

الشرك الجلي

أمّا الشرك الظاهري ، فهو عبارة عن : اتّخاذ الاِنسان شريكاً لله عزّ وجلّ ، في الذات أو الصفات أو الاَفعال أو العبادات .

أ ـ الشرك في الذات ، وهو : أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده ، كالثنويّة وهم المجوس ، اعتقدوا بمبدأين : النور والظلمة .

وكذلك النصارى ... فقد اعتقدوا بالاَقانيم الثلاثة : الاَب والابن وروح القدس ، وقالوا : إن لكلّ واحد منهم قدرة وتأثيراً مستقلاً عن القسمين الآخرين ، ومع هذا فهم جميعاً يشكّلون المبدأ الاَوّل والوجود الواجب ، أي : الله ، فتعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً .

والله عزّ وجلّ ردّ هذه العقيدة الباطلة في سورة المائدة ، الآية 73 ، بقوله : ( لقد كفر الّذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة وما من إله إلاّ إله واحد ) وبعبارة اُخرى : فالنصارى يعتقدون : أنّ الاَلوهية مشتركة بين الاَقانيم الثلاثة ، وهي : جمع أقنيم ـ بالسريانية ـ ومعناها بالعربية : الوجود .

وقد أثبت فلاسفة الاِسلام بطلان هذه النظرية عقلاً ، وأنّ الاتّحاد لا يمكن سواءً في ذات الله تبارك وتعالى أو في غير ذاته عزّ وجلّ .

ب ـ الشرك في الصفات ... وهو : أن يعتقد بأنّ صفات الباري عزّ وجلّ ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضاً قديمة كذاته جلّ وعلا ، فحينئذٍ يلزم تعدد القديم وهو شرك ، والقائلون بهذا هم الاَشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الاَشعري البصري ، وكثير من علمائكم التزموا بل اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم ، مثل : ابن حزم وابن رشد وغيرهما ، وهذا هو شرك الصفات ... لاَنّهم جعلوا لذات الباري جلّ وعلا قرناء في القدم والاَزلية وجعلوا الذات مركّباً ، والحال أنّ ذات الباري سبحانه بسيط لا ذات أجزاء ، وصفاته عين ذاته .

ومثاله تقريباً للاَذهان ـ ولا مناقشة في الاَمثال ـ :

هل حلاوة السكّر شيء غير السكّر ؟

وهل دهنية السمن شيء غير السمن ؟

فالسكّر ذاته حلوٌ ، أي : كلّه .

والسمن ذاته دهن ، أي : كلّه .

وحيث لا يمكن التفريق بين السكّر وحلاوته ، وبين السمن ودهنه ، كذلك صفات الله سبحانه ، فإنّها عين ذاته ، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عزّ وجلّ ، فكلمة : «الله» التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته ، فالله يعني : عالم ، حيٌّ ، قادر ، حكيم ... إلى آخر صفاته الجلالية والجمالية والكمالية.

ج ـ الشرك في الاَفعال ... وهو الاعتقاد بأنّ لبعض الاَشخاص أثراً استقلالياً في الاَفعال الربوبية والتدابير الاِلهية كالخلق والرزق أو يعتقدون أن لبعض الاَشياء أثراً استقلالياً في الكون ، كالنجوم ، أو يعتقدون بأن الله عزّ وجلّ بعدما خلق الخلائق بقدرته ، وفوّض تدبير الاُمور وإدارة الكون إلى بعض الاَشخاص ، كاعتقاد المفوّضة ، وقد مرّت روايات أئمّة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم ، وكاليهود الّذين قال الله تعالى في ذمّهم : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )(4).

د ـ الشرك في العبادات .. وهو أنّ الاِنسان أثناء عبادته يتوجّه إلى غير الله سبحانه ، أو لم تكن نيّته خالصة لله تعالى ، كأن يرائي أو يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عزّ وجلّ ..!!

فكلّ عمل تلزم فيه نيّة القربة إلى الله سبحانه ، ولكنّ العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره ، فهو شرك .. والله عزّ وجلّ يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول : ( فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً )(5).

الحافظ : استناداً إلى هذا الكلام الذي صدر منكم الآن فأنتم مشركون ، لاَنّكم قلتم : إنّ من نذر لغير الله فهو مشرك ، والشيعة ينذرون لاَئمّتهم وأبناء أئمّتهم.(6)

النذر عندنا

قلت : العقل السليم والمنطق الصحيح يقضيان بأنّ أحداً لو أراد أن يعرف عقائد قوم ، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهّالهم ، وإنّما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم .

وأنتم إذا أردتم التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم ، فعليكم أن تنظروا إلى كتب علمائهم ومحقّقيهم ، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم .

فإذا شاهدتم بعض العوام منّا قد نذر ـ نذراً على غير طبق الشرع الحنيف جهلاً بالمسألة ويكفيه صيغة النذر الصحيحة الشرعية ـ ، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة ، فإنّ في كلّ مذهب وملّة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم ، وهذا ليس عندنا فحسب .

وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين ، ولم تكونوا بصدد خلق المعائب والاَباطيل على الشيعة ، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية ، فإنّ التوحيد الخالص والمصفّى من كلّ شائبة لا يكون إلاّ عند الشيعة الاِمامية .

وأرجو منكم أن تراجعوا كتابي : شرح اللمعة(7) ، وشرائع الاِسلام(8) ، وأيّ كتاب آخر يضمّ المسائل الفقهية ، وحتى الرسائل العملية لفقهائنا المعاصرين ، وهم مراجع الشيعة في مسائل دينهم .

راجعوا في هذه الكتب «باب النذر» فتجدون إجماع فقهائنا : انّ النذر عمل عبادي يجب فيه شرطان :

الاَوّل : نيّة القربة ، أنّه ينذر قربة إلى الله تعالى وخالصاً لوجهه سبحانه .

والثاني : إجراء صيغة النذر بهذا الشكل : لله أن أفعل كذا وكذا ، أو : أترك كذا وكذا» فيذكر بدل الجملة الاَخيرة ، نذره إيجاباً كان أو سلباً ، فإذا تعذّر عليه إجراء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك ، فيترجم مفهومه إلى لغته ويجريه بلسانه .

وأمّا إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر ، سواءً كان نبياً أو إماماً أو غيره ، فالنذر باطل .

فيجب على العلماء أن يعلّموا الجاهلين ويبيّنوا لهم كلّ مسائل الدين ، ومنها مسائل النذر ، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له .

ولكنّ الناذر يكون مخيّراً في تعيين مصرف النذر ، فمثلاً : له أن يقول : لله عليّ نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبي صلى الله عليه وآله أو عند مرقد الاِمام علي عليه السلام أو غيرهما أو يقول : لله عليّ نذر أن أذبح شاة واُطعم لحمها السادة الشرفاء ، أو الفقراء ، أو العلماء ... إلى آخره .

أو يقول : لله عليَّ نذر أن اُعطي ثوباً لفلان ، بالتعيين ، أو لعالمٍ ، على غير تعيين .

فكلّ هذه الصيغ في النذر صحيحة ، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول : نذرت للنبيّ أو الاِمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم ... إلى آخره ، كلّ هذه الصيغ باطلة غير صحيحة .

وكذلك إذا ذكر الله سبحانه مع آخر ... كأن يقول : نذرت لله وللنبيّ ، أو نذرت لله ولفلان ... فهو باطل غير صحيح وكان آثماً إن كان عالماً بالمسألة ، وإن كان جاهلاً بالمسألة فنذره باطل وهو غير آثم .

فالواجب علينا وعلى كلّ فقيه وعالم أن يبلّغ مسائل الدين ويكتب أحكامه الاِلهيّة ويعرضها على العوام ليتعلّموا ويعملوا بها .

ويجب على العوام أيضاً استماع المسائل الدينية وتعلّمها والعمل بها ، فإذا ما تعلّموا ولم يعملوا بتكاليفهم كما ينبغي ، فالاِشكال يرد عليهم لا على دينهم ومذهبهم .

وكم من أهل السنّة والجماعة يشربون الخمر ويلعبون القمار ويرتكبون الفاحشة ، فهل هذا دليل على أنّ مذهبهم يجيز لهم تلك المعاصي والذنوب ؟! وهل الاِشكال يرد على مذهبهم ، أم عليهم ؟!

الشرك الخفي

أمّا القسم الثاني من الشرك ، فهو الخفيّ ، ويتحقّق في نيّة الرياء والسمعة في العبادات ، فقد ورد في الخبر : أنّ من صلّى أو صام أو حجّ .. وهو يريد بذلك أن يمدحه الناس فقد أشرك في عمله.(9)

وفي الخبر المروي عن الاِمام جعفر بن محمد الصادق 8 أنّه قال : لو أنّ عبداً عمل عملاً يطلب به رحمة(10)الله والدار الآخرة ثمّ أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركاً.(11)

وروي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : اتّقوا الشرك الاَصغر ، فقالوا : وما الشرك الاَصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء والسمعة.(12)

وروي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفيّ ، فإنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء(13) ثمّ قال صلى الله عليه وآله : من صلّى أو صام أو تصدّق أو حجّ للرياء فقد أشرك بالله .

فالواجب في الصلاة وغيرها من العبادات أن تكون النية فيها خالصة لوجه الله وقربة إلى الله وحده ، بأن يتوجّه الاِنسان في حين عمله العبادي إلى ربّه عزّ وجلّ ، ويتكلّم معه وحده ، ويركّز ذهنه ، ويوجّه قلبه إلى الذات الموصوفة بالصفات التي ذكرناها ، وذلك هو الله لا إله إلاّ هو .

وأكتفي بهذا المقدار ، وأظنّ بأنّ الحقّ قد انكشف للحاضرين المحترمين ، بالخصوص المشايخ والعلماء في المجلس ، فأرجو أن لا ينسبوا الشرك إلى الشيعة بعد هذا ، ولا يُمَوِّهوا الحقيقة على العوام .

تبسّم الشيخ عبد السلام ضاحكاً وقال : وهل بقي عندكم شيء في هذا المضمار ، فاكتفيتم بهذا المقدار ؟! فالرجاء إن بقي عندكم شيء في الموضوع فبيّنوه للحاضرين .

قلت : هناك قسم آخر جعلوه من أقسام الشرك ، ولكنّه مغفور ، وهو :

الشرك في الاَسباب

وهو الذي يتحقّق في أكثر الناس من غير التفات ، فإنّهم يتّخذون الوسائط والاَسباب للوصول إلى أغراضهم وتحقيق آمالهم ، أو إنّهم يخشون بعض الناس ويخافون من بعض الاَسباب في الاِحالة دون حوائجهم وآمالهم ، فهذا نوع من الشرك ، ولكنه معفوٌّ عنه .

والمقصود من الشرك في الاَسباب : أنّ الاِنسان يعتقد بأنّ الاَسباب مؤثّرة في الاَشياء والاُمور الجارية ، مثلاً : يعتقد أنّ الشمس مؤثرة في نمو النباتات ، فإذا كان اعتقاده أنّ هذا الاَثر من الشمس بالذات من غير إرادة الله تعالى فهو شرك .

وإذا كان يعتقد أنّ الاَثر يصدر من الله القادر القاهر فهو المؤثّر والشمس سبب في ذلك ، فهو ليس بشرك ، بل هو حقيقة التوحيد ، وهو من نوع التفكّر في آيات الله وقدرته سبحانه .

وهكذا بالنسبة إلى كلّ الاَسباب والمسبّبات ، فالتاجر في تجارته ، والزارع في زراعته ، والصانع في صناعته ، والطبيب في طبابته ، وغيرهم ، إذا كان ينظر إلى أدوات مهنته ، وأسباب صنعته وآثارها ، نظراً استقلالياً ، وأنّ الآثار الصادرة من تلك الاَسباب والاَدوات تصدر بالاستقلال من غير إرادة الله تعالى ، فهو شرك ، وإن كان ينظر إلى الاَسباب والاَدوات نظراً آلياً فيعتقد أنّها آلات ، والله تعالى هو الذي جعل فيها تلك الآثار ، فلا مؤثّر في الوجود إلاّ الله ، فهو ليس شركاً بل التوحيد بعينه .

الشيعة نزيهون من أنواع الشرك

بعد أن بيّنا أقسام الشرك وأنواعه ، فأسألكم : أي أقسام الشرك تنسبوه إلى الشيعة ؟!

ومن أيّ شيعي عالم أو عامّي سمعتم أنّه يشرك بالله سبحانه في ذاته أو صفاته وأفعاله ؟!

وهل وجدتم في كتب الشيعة الاِمامية والاَخبار المرويّة عن أئمّتهم عليهم السلام ما يدلّ على الشرك بالتفصيل الذي مرّ ؟!

الحافظ : كلّ هذا البيان صحيح ، ونحن نشكركم على ذلك ، ولكنّكم إذا دقّقتم النظر في معتقداتكم بالنسبة لاَئمّتكم ، ستصدّقونني لو قلت إنّكم تطلبون الحوائج منهم ، وتتوسّلون بهم في نيل مقاصدكم وتحقيق مطالبكم ، وهذا شرك ! لاَنّا لا نحتاج إلى واسطة بيننا وبين ربّنا ، بل في أيّ وقت أحببنا أن نتوجّه إلى الله تعالى ونطلب حاجاتنا منه فهو قريب وسميع مجيب .

قلت : أتعجّب منك كثيراً ! لاَنّك عالم متفكّر ، ولكنّك متأثّر بكلام أسلافك من غير تحقيق ، وكأنّك كنت نائماً حينما كنت اُبيّن أنواع الشرك ! فبعد ذلك التفصيل كلّه ، تتفوّه بهذا الكلام السخيف وتقول : بأنّ طلب الحاجة من الاَئمّة شرك!!

فإذا كان طلب الحاجة من المخلوقين شرك ، فكلّ الناس مشركون !

فإذا كانت الاِستعانة بالآخرين في قضاء الحوائج شرك ، فلماذا كان الاَنبياء يستعينون بالناس في بعض حوائجهم .

اقرأوا القرآن الكريم بتدبّر وتفكّر حتى تنكشف لكم الحقيقة ، راجعوا قصّة سليمان عليه السلام في سورة النمل ، الآيات 38 ـ 40 : ( قال يا أيّها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقويّ أمين ، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قَبلَ أن يرتدّ إليك طرفك فلمّا رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربّي... ).

من الواضح أنّ الاِتيان بعرش بلقيس من ذلك المكان البعيد ، بأقلّ من لمحة البصر ، لم يكن هيّناً وليس من عمل الاِنسان العاجز الذي لا حول له ولا قوّة ، فهو عمل جبّار خارق للعادة ، وسليمان مع علمه بأنّ هذا العمل لا يمكن إلاّ بقدرة الله تعالى وبقوّة إلهية ، ومع ذلك ما دعا الله سبحانه في تلك الحاجة ولم يطلبها من ربّه عزّ وجلّ ، بل أرادها من المخلوقين ، واستعان عليها بجلسائه العاجزين .

فهذا دليل على انّ الاستعانة بالآخرين في الوصول إلى مرادهم ، وطلب الحوائج من الناس ، لا ينافي التوحيد ، وليس بشرك كما تزعمون ، فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار أسباب ومسبّبات ، وعالم العلل والمعلولات .

وحيث إنّ الشرك أمر قلبي ، فإذا طلب الاِنسان حاجته من آخر ، أو استعان في تحقّق مراده والوصول إلى مقصوده بمن لا يعتقد بألوهيّته ولا يجعله شريكاً للباري ، وإنّما يعتقد أنّه مخلوق لله عزّ وجلّ ، وهو إنسان مثله ، إلاّ أنّ الله عزّ وجلّ خلقه قوياً وقادراً بحيث يتمكّن من إعانته في تحقّق مراده وقضاء حاجته ، فلا يكون شركاً .

وهذا أمر دائر بين المسلمين جميعاً ، يعمل به المؤمنون عامة ، وهناك كثير من الناس يقصدون زيداً وبكراً ويقضون ساعات على أبوابهم ليطلبوا منهم حوائجهم ويستعينوا بهم في أمورهم ، من غير أن يذكروا الله تعالى .

فالمريض يذهب عند الطبيب ويتوسّل به ويستغيث به ويريد منه معالجة مرضه ، فهل هذا شرك ؟!

والغريق وسط الاَمواج يستغيث بالناس ويستعين بهم في إنقاذه من الغرق والموت ، من غير أن يذكر الله عزّ وجلّ ، هل هذا شرك ؟!

وإذا ظلم جبّارٌ إنساناً ، فذهب المظلوم إلى الحاكم وقال : أيها الحاكم ، أعنّي في إحقاق حقّي ، فليس لي سواك ولا أرجو أحداً غيرك في دفع الظلم عنّي ، فهل هذا شرك ؟! وهل هذا المظلوم مشرك ؟!

وإذا تسلّق لصّ الجدار وأراد أن يتعدّى على إنسان فيسرق أمواله ويهتك عرضه ، فصعد صاحب الدار السطح واستغاث بالناس وطلب منهم أن يدفعوا عنه السوء ، وهو في تلك الحالة لم يذكر الله تعالى فهل هو مشرك ؟!

لا أظنّ أن هناك عاقلاً ينسب هؤلاء إلى الشرك ، ومن ينسبهم إلى الشرك فهو : إمّا جاهل بمعنى الشرك أو مغرض !!

فأيّها السادة الحاضرون أنصفوا ، وأيّها العلماء احكموا ولا تغالطوا في الموضوع !!

عقيدة الشيعة في التوسّل

الشيعة كلّهم متّفقون على أنّ أحداً لو اعتقد بإلوهيّة النبيّ صلى الله عليه وآله أو الاَئمّة عليه السلام ، أو جعلهم شركاء لله سبحانه في صفاته وأفعاله ، فهو مشرك ونجس يجب الاجتناب والابتعاد عنه .

وأمّا قولهم : يا عليّ أدركني ، أو : يا حسين أعنّي ، وما إلى ذلك ، فليس معناه : يا علي أنت الله أدركني ! أو : يا حسين أنت الله فأعنّي ! بل لاَنّ الله عزّ وجلّ جعل الدنيا دار وسائل وأسباب ، وأبى الله أن يجري الاُمور إلاّ بأسبابها ، فنعتقد أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله ، وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد ، فنتوسّل بهم إلى الله سبحانه.(14)

الحافظ : لماذا لا تطلبون حوائجكم من الله تعالى بغير واسطة ؟! فاطلبوا منه بالاستقلال لا بالوسائل ؟!

قلت : إنّ توجّهنا إلى الله عزّ وجلّ في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالاستقلال ، ولكنّا نتوسّل بالنبيّ وآله الطيّبين صلوات الله عليهم أجمعين ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا ، ونتوسّل بهم إلى الله تعالى ليكشف عنّا همومنا وغمومنا ، ومستندنا في هذا الاعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول : ( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة )(15).

آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) هم الوسيلة

نحن الشيعة نعتقد بأنّ الله عزّ وجلّ هو القاضي للحوائج ، وانّ آل محمد صلى الله عليه وآله لا يحلّون مشكلاً ولا يقضون حاجة لاَحد إلاّ بإذن الله وإرادته سبحانه ، وهم ( عباد مكرمون ، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون )(17) فهم واسطة الفيض والفيّاض هو الله ربّ العالمين .

الحافظ : بأي دليل تقولون أنّ المراد من الوسيلة في الآية الكريمة آل محمد صلى الله عليه وآله ؟

قلت : لقد روى ذلك كبار علمائكم منهم : الحافظ أبو نعيم ، في : «نزول القرآن في علي» والحافظ أبو بكر الشيرازي في «ما نزل من القرآن في عليّ» والاِمام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة ، وغير اُولئك رووا عن النبي صلى الله عليه وآله : أنّ المراد من الوسيلة في الآية الشريفة : عترة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.(18)

ونقل ابن أبي الحديد المعتزلي ـ وهو من أشهر وأكبر علمائكم ـ في «شرح نهج البلاغة» تحت عنوان : ذكر ما ورد من السير والاَخبار في أمر فدك ، الفصل الاَوّل ، ذكر خطبة فاطمة عليه السلام .

قالت : واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والاَرض إليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه ...(19)

حديث الثقلين

ومن جملة الاَحاديث المعتبرة ، التي نستدلّ بها على التمسّك والتوسّل بآل محمد صلى الله عليه وآله ومتابعتهم : حديث الثقلين ، وهو حديث صحيح أجمع عليه الفريقان ، وقد بلغ حدّ التواتر .

قال النبيّ صلى الله عليه وآله : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض(20)!

الحافظ : أظنّ أنّكم قد أخطأتم حين قلتم : إنّ هذا الحديث صحيح ومتواتر! لاَنّه غير معتبر ومجهول عند كبار علمائنا ! فهذا شيخنا الكبير محمد بن إسماعيل البخاري ، وهو إمام علماء الحديث عند أهل السنّة والجماعة ، لم يذكر حديث الثقلين في صحيحه الذي يعدّ عندنا بعد القرآن الكريم أصحّ الكتب !

قلت : إنّ عدم ذكر البخاري لحديث الثقلين لا يدلّ على ضعفه ، فإنّ البخاري واحد ، ولكنّ الّذين ذكروا هذا الحديث وعدّوه صحيحاً موثّقاً ، هم عشرات العلماء والمحدّثين منكم ، فهذا ابن حجر المكّي مع شدّة تعصّبه فإنّه يقول في كتابه الصواعق المحرقة ، آخر الفصل الاَوّل ، الباب الحادي عشر ، الآية الرابعة بعدما نقل أخباراً وأقوالاً حول حديث الثقلين يقول : اعلم أنّ لحديث التمسّك بالثقلين طرقاً كثيرة وردت عن نيّف وعشرين صحابياً ... إلى آخره(21). وقد نقل الحديث عن الترمذي وأحمد بن حنبل والطبراني ومسلم ... إلى آخره .

حول البخاري وصحيحه

وأمّا قولكم أنّ حديث الثقلين صحيح ، لاَنّ البخاري لم ينقله في صحيحه! فإنّ هذا الاستدلال مردود عند العلماء والعقلاء ! فالبخاري إن لم ينقل هذا الحديث الشريف ، فقد نقله عدد كبير من مشاهير علمائكم ، منهم : مسلم بن الحجّاج الذي يساوي البخاري عند أهل السنّة والجماعة ، وقد نقله في صحيحه ، وكذلك نقله سائر أصحاب الصحاح الستّة غير البخاري .

فإذا لم تعتمدوا إلاّ على صحيح البخاري ، فاعلنوا بأنّ صحيح البخاري وحده صحيح ، وسائر الصحاح غير مقبولة لدينا لعدم صحّتها ، وأنّ أهل السنّة والجماعة مستندة إلى ما جاء في صحيح البخاري فحسب !

وإذا كنتم تعتقدون غير هذا ، وتعتمدون على الصحاح الستّة فيجب أن تقبلوا الاَخبار والروايات المنقولة فيها حتى إذا لم ينقلها البخاري لسببٍ ما.

الحافظ : لم يكن أيّ سبب في عدم نقله لبعض الاَخبار سوى أنّه كان كثير الاحتياط في النقل ، وكان دقيقاً في الروايات ، فالتي لم ينقلها البخاري إمّا لضعف في السند ، أو لاَنّ العقل يأبى قبولها وصحّتها .

قلت : قديماً قالوا : حبّ الشيء يعمي ويصمّ ! وأنتم لشدّة حبّكم للبخاري تغالون فيه وتقولون إنّه كان دقيقاً ومحتاطاً ، وإنّ الاَخبار التي رواها في صحيحه كلّها معتبرة وقويّة ، وهي كالوحي المنزل ! والحال أنّ في رواة صحيح البخاري أشخاصاً وضّاعين وكذّابين وهم مردودون وغير معتبرين عند كثير من العلماء والمحقّقين في علم الرجال .

الحافظ : إنّ كلامكم هذا مردود عند جميع العلماء ، وإنّه إهانة لمقام العلم ومرتبة رجال الحديث وخاصة الاِمام البخاري ، وإنّه تحامل بغيض على كل أهل السنّة والجماعة !

قلت : إن كنتم تحسبون الانتقاد العلمي تحاملاً بغيضاً وإهانة ، فكثير من كبار علمائكم ، أهانوكم وأهانوا أهل مذهبهم ، قبلنا !

لاَنّ كثيراً من مشاهير علمائكم المحقّقين نقّحوا الصحاح ، وخاصة صحيحي البخاري ومسلم ، وميّزوا بين السقيم والسليم ، والغث والسمين ، وأعلنوا أنّ رجال الصحاح وحتى صحيحي البخاري ومسلم ، كثير منهم وضّاعين ، وجعّالين للحديث .

وأنا أنصحكم أن لا تعجلوا ولا تتسرّعوا في إصدار الحكم علينا في ما نقوله عنكم ، بل راجعوا كتب الجرح والتعديل التي كتبها علماؤكم المحقّقون وطالعوها بدقّة وتدبّر بعيداً عن التعصّب والمغالاة في شأن أصحاب الصحاح ، سواءً البخاري وغيره ، حتى تعرفوا الحقائق .

راجعوا : كتاب «اللآلي المصنوعة في الاَحاديث الموضوعة» للعلاّمة السيوطي ، و «ميزان الاعتدال» و «تلخيص المستدرك» للعلاّمة الذهبي ، و«تذكرة الموضوعات» لابن الجوزي ، و «تاريخ بغداد» لاَبي بكر الخطيب البغدادي ، وسـائر الكتب التي كتبهـا علماؤكم في علم الرجـال وتعريف الـرواة.(22)

راجعوا فيها أحوال : أبي هريرة ، وعكرمة الخارجي ، ومحمد بن عبدة السمرقندي ، ومحمد بن بيان ، وإبراهيم بن مهدي الاَبلي ، وبنوس بن أحمد الواسطي ، ومحمد بن خالد الحبلي ، وأحمد بن محمد اليماني ، وعبدالله بن واقدالحرّاني ، وأبي داود سليمان بن عمرو ، وعمران بن حطّان ، وغيرهم ممّن روى عنهم البخاري وأصحاب الصحاح ، حتى تعرفوا آراء علمائكم ومحقّقيكم في اُولئك ، وقد نسبوهم إلى الوضع والكذب وجعل الاَحاديث ، لتنكشف لكم الحقائق ، ولا تغالوا بعد ذلك في صحّة ما نقله البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح !

وأنت أيّها الحافظ ! إن كنت تقرأ وتطالع هذه الكتب التي ذكرتها ـ وهي لعلمائكم ـ لما قلت : إنّ البخاري ما نقل حديث الثقلين في صحيحه إلاّ لاحتياطه في النقل .

هل النقل السليم يقبل أنّ عالماً محتاطاً ، وإماماً محقّقاً ، ينقل روايات وأحاديث موضوعة من رواة كذّابين يأبى كلّ ذي عقل قبولها ، بل يستهزىء بها كل عاقل ذي شعور وإيمان ، كالروايات التي مرّت أنّ موسى ضرب عزرائيل على وجهه حتى فقأ عينه فشكاه إلى ربّه(23).. إلى آخره ، أو أنّ الحجر أخذ ملابس موسى وهرب فلحقه موسى عرياناً !! وبنو إسرائيل ينظرون إلى نبيّهم وهو مكشوف العورة(24)!؟... إلى آخره !!

ألم تكن هذه الخزعبلات والخرافات من الاَخبار الموضوعة ؟! وهل في نظركم أنّ نقل هذه الموهومات في صحيحه كان من باب الاحتياط في النقل والتدقيق في الرواية ؟!

النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله في الصحيحين

نجد في صحيحي البخاري ومسلم أخباراً تخالف الاحتياط والحميّة الاِسلاميّة ويأباها كلّ مؤمن غيور !

منها : ما نقله البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة عن عائشة ، قالت : وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب ، فإمّا سألت رسول الله وإمّاقال : تشتهين تنظرين ؟ فقلت : نعم ، فأقامني وراءه خدّي على خدّه ، وهويقول : دونكم يا بني أرفده ، حتى إذا مللت ، قال : حسبك ؟ قلت : نعم ، قال:فاذهبي.(25)

بالله عليكم أيّها الحاضرون ! انصفوا ، هل يرضى أحدكم أن يُنسب إليه هذه النسبة الفظيعة والعمل المخزي ؟!

إذا قال قائل لجناب الحافظ : بأنّا سمعنا أنّك حملت زوجتك على ظهرك ، وكان خدّها على خدّك وجئت في الملأ العام لتنظر إلى جماعة كانوا يلعبون ، ثمّ كنت تقول لزوجتك : حسبك ؟ وهي تقول لك : نعم ، ثمّ إنّ زوجتك كانت تحدّث الرجال بهذا الموضوع .

بالله عليكم أيّها الحاضرون ! هل الحافظ يرضى بذلك ؟! وهل غيرته تسمح لاَحد أن يتكلّم بهذه الاَراجيف ؟!

وإذا سمعت هذا الخبر من إنسان ظاهر الصلاح ، هل ينبغي لك أن تنقله للآخرين ؟!

وإذا نقلته ، ألا يعترض عليك الحافظ ويقول : بأنّ جاهلاً إذا حدّثك بخبر كهذا ، ولكن ـ أنت العاقل ـ لماذا تنقله بين الناس ؟!

أليس العقلاء يؤيّدونه على اعتراضه عليك ؟! فقايسُوا هذا الموضوع مع الرواية التي مرّ ذكرها في صحيحي مسلم والبخاري ، فإن كان الاَخير ـ كما تزعمون ـ دقيقاً ومحتاطاً في النقل ، وكان عارفاً وعالماً بأصول الحديث ـ على فرض أنّه سمع هكذا خبر ـ فهل ينبغي ويحقّ له أن ينقله في صحيحه ، ويجعله خبراً صادقاً ومعتبراً ؟!

والاَعجب ... أنّ العامة ، ومنهم جناب الحافظ ، يعتقدون أنّ صحيح البخاري هو أصحّ الكتب بعد القرآن الحكيم !!

«احتياطات البخاري(26)»

إنّ احتياطات البخاري لم تكن في محلّها ، بل كانت خلافاً لاُصول الاِحتياط ، كما ذكرنا سابقاً بعض الروايات التي نقلها في صحيحه ، إنّ العقل والاِيمان يحتّمان ويؤكّدان على عدم نقلها ، فكان من الاِحتياط بل الواجب أن لا يذكرها ، ولكنّه كان يحتاط فلا ينقلُ الاَخبار التي تتضمّن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام أو تبيّن فضائله ومناقبه ومناقب أبنائه الميامين ، عترة النبي الصادق الاَمين صلى الله عليه وآله !!

نعم ، كان يحتاط ! بل يمتنع في نقل تلك الروايات حتى لا يستدلّ بها العلماء المنصفون على إمامة علي عليه السلام وأحقّيّته بالخلافة ، فلو قايسنا صحيح البخاري مع غيره من الصحاح الستّة لعرفنا هذا الموضوع بوضوح ، فإنّه لم ينقل خبراً ربّما يُستفاد منه فى خلافة عليّ بن أبي طالب عليه السلام وإمامته ، ولو كان الخبر مؤيّداً بالقرآن ومتواتراً ومنقولاً في سائر الصحاح ومجاميع أهل الحديث ، وحتى لو كان مجمعاً على صحّته كخبر الغدير ، ونزول الآية الشريفة : ( يا أيّها الرسول بلّغ ما اُنزل إليك من ربّك ... )(27).

وكخبر التصدّق بالخاتم ، ونزول الآية الكريمة : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )(28).

وخبر الاِنذار ، ونزول الآية الكريمة : ( وأنذر عشيرتك الاَقربين )(29).

وخبر المؤاخاة ، وحديث السفينة ، وحديث باب حطّة ، وغيرها من الاَحاديث التي تثبت بها ولاية أبي الحسن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وإطاعة أهل البيت عليهم السلام ، فإن البخاري احتاط في نقل هذه الاَخبار المجمع عليها ولم يذكرها في صحيحه !!

بعض مصادر حديث الثقلين

والآن لا بُدّ لي أن أذكر لكم بعض كتبكم المعتبرة عندكم ، التي ذكرت وروت حديث الثقلين عن النبي صلى الله عليه وآله ، حتى تعرفوا أنّ البخاري لم ينقل هذا الحديث الشريف من باب الاحتياط ، لاَنّ كبار علمائكم ومشاهيرهم نقلوا هذا الحديث ، منهم : مسلم بن الحجّاج ، الذي لا يقلّ صحيحه عن صحيح البخاري في الاعتبار والوثوق عند أهل السنّة والجماعة والترمذي والنسائي وأحمد بن حنبل في مسنده ، وغيرهم(30)رروا بطرقهم وبإسنادهم عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، من تمسّك بهما فقد نجا ، ومن تخلّف عنهما فقد هلك ، وفي بعضها : ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً .

فبهذا المستند الحكيم والدليل القويم لا بدّ لنا أن نتمسّك بالقرآن الكريم وبأهل البيت عليهم السلام.

الشيخ عبد السلام : إنّ صالح بن موسى بن عبدالله بن إسحاق بن طلحة بن عبدالله القرشي التيمي الطلحي روى بسنده عن أبي هريرة أنّ النبيّ قال : إنّي قد خلّفت فيكم ثنتين : كتاب الله وسنّتي(31)..إلى آخره .

قلت : أيؤخذ بخبر فرد طالح ضعيف مردود عند أصحاب الجرح والتعديل والّذين كتبوا في أحوال الرجال والرواة ، مثل : الذهبي ويحيى والاِمام النسائي والبخاري وابن عديّ ، وغيرهم ، الّذين ردّوه ولم يعتمدوا رواياته ، أيؤخذ بقول هذا ويترك قول هذا الجمع الغفير والجمهور الكثير من علمائكم المشاهير ؟! وهم رووا بأسنادهم كما مرّ أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قال : كتاب الله وعترتي ، ولم يقل : «وسنّتي» . هذا من باب النقل .

وأمّا العقل : فلأنّ السنّة النبويّة والاَحاديث المرويّة عنه صلى الله عليه وآله أيضاً بحاجةإلى من يبيّنها ويفسّرها كالكتاب الحكيم ، فلذا قال صلى الله عليه وآله : وعترتي ... لاَنّ العترة هم الّذين يبيّنون للاُمّة ما تشابه من الكتاب ، ويوضّحون الحديث والسنّة الشريفة ، لاَنّهم أهل بيت الوحي ، وأهل بيت النبوّة ، وأهل البيت أدرى بما في البيت .

حديث السفينة

وإنّ من دلائلنا المحكمة في التوسّل بأهل البيت عليهم السلام الحديث النبوي الشريف : «مَثَلُ أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك»وهو حديث معتبر صحيح متّفق ومجمع عليه ، وكما يخطر الآن ببالي ، أنّ أكثـر من مائـة من كبـار علمائكـم ومحدّثيكم أثبتـوا هذا الحديث في كتبهم(32).

وذكر غير هؤلاء من أعاظم علمائكم بأسانيدهم وطرقهم أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال:مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك ، أو:غرق ، أو : هوى ، والعبارات شتّى ، ولعلّ النبي صلى الله عليه وآله قاله كـراراً وبعبارات شتّى.

وقد أشار الاِمام محمد بن إدريس الشافعي إلى صحّة هذا الحديث الشريف في أبيات له نقلها العلاّمة العجيلي في «ذخيرة المآل» :

ولمـّا رأيت الناس قـد ذهبت بهم * مذاهبُهم فـي أبحر الغـيّ والجهـلِ
ركبتُ على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكتُ حبـل الله وهـو ولاؤهم * كما قـد اُمـرنا بالتمسّك بـالحبـلِ
إذا افترقت في الدين سبعون فرقة * ونيّفاً على ما جاء في واضح الـنقلِ
ولم يك ناجٍ منـهم غيـر فـرقة * فقل لي بها يا ذا الرجاحـة والـعقلِ
أفـي الفـرقة الهـلاك آل محمد * أم الفرقة اللاتـي نجت منهم قل لـي
فإنْ قلتَ في الناجين فالقول واحد * وإن قلتَ في الهلاك حـفت عن العدلِ
إذا كـان مـولى القوم منهم فإنّني * رضيت بـهم لا زال فـي ظلّهم ظلّي
رضيت عليّـاً لي إمـاماً ونسـله * وأنت من البـاقين في أوسع الحلِّ(33)


فلا يخفى على من أمعن ونظر في هذه الاَبيات لعرف تصريح الشافعي وهو إمام أهل السنّة والجماعة ، بأنّ آل محمد صلى الله عليه وآله ومن تمسّك بهم ، هم الفرقة الناجية وغيرهم هالكون ، وفي وادي الضلالة تائهون !!

فحسب أمر النبي الكريم صلى الله عليه وآله وهو كما قال الله الحكيم : ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحي يوحى )(34).

الشيعة يتمسّكون بآل محمد الاَطهار وعترته الاَبرار ، ويتوسّلوان بهم إلى الله سبحانه ، هذا من جانب .

ومن جانب آخر فقد خطر الآن ببالي ، بأنّ الناس إذا كانوا لا يحتاجون إلى وسيلة للتقرّب إلى ربّهم عزّ وجلّ والاستغاثة به ، وإنّه مَن توسّل بأحد إلى الله تعالى فقد أشرك .

فلماذا كان عمر بن الخطاب ـ وهو الفاروق عندكم ـ يتوسّل ببعض الناس إلى الله سبحانه في حالات الشدّة والاضطرار ؟!

الحافظ : حاشا الفاروق عمر من هذا العمل ، إنّه غير ممكن !! وإنّي لاَوّل مرّة أسمع هذه الفرية على الخليفة ! فلابدّ أن تبيّنوا لنا مصدر هذا القول حتى نعرف صحّته وسقمه .

قلت : كما ورد في كتبكم المعتبرة : أنّ الفاروق كان في الشدائد يتوسّل إلى الله سبحانه بأهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة عليهم السلام ، وقد تكرّر منه هذا العمل في أيّام خلافته عدّة مرّات ، ولكنّي اُشير إلى اثنين منها حسب اقتضاء المجلس :

1 ـ نقل ابن حجر في كتابه الصواعق بعد الآية (الرابعة عشر) في المقصد الخامس قال : وأخرج البخاري أنّ عمر بن الخطّاب كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس وقال : اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا محمد صلى الله عليه وآله إذا قحطنا فتسقينا ، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا ، فَيُسقَون .(35)

قال ابن حجر : وفي تاريخ دمشق : (36) إنّ الناس كرّروا الاستسقاء عام الرمادة سنة سبع عشرة من الهجرة فلم يسقوا ، فقال عمر : لاَستسقينَّ غداً بمن يسقيني الله به ، فلمّا أصبح غَدا للعبّاس فدقّ عليه الباب ، فقال : من ؟ قال : عمر . قال : ما حاجتك ؟ قال : اخرج حتى نستسقي الله بك ، قال : اقعد .

فأرسل إلى بني هاشم أن تطهّروا والبسوا من صالح ثيابكم ، فأتوه ، فأخرج طيباً فطيّبهم ، ثمّ خرج وعليٌّ عليه السلام أمامه بين يديه والحسن عليه السلام عن يمينه ، والحسين عليه السلام عن يساره ، وبنو هاشم خلف ظهره .

فقال : يا عمر ! لا تخلط بنا غيرنا ، ثمّ أتى المصلّى فوقف ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : اللهمّ إنّك خلقتنا ولم تؤامرنا ، وعلمت ما نحن عاملون قبل أن تخلقنا ، فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا ، اللهمّ فكما تفضّلت في أوّله ، تفضّل علينا في آخره .

قال جابر : فما برحنا حتى سحّت السماء علينا سحّاً ، فما وصلنا إلى منازلنا إلاّ خوضاً .

فقال العبّاس : أنا المسقى ، ابن المسقى خمس مرّات ، وأشار إلى أنّ أباه عبد المطّلب استسقى خمس مرّات فسُقي(37).

2 ـ في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قال : وروى عبدالله بن مسعود : إنّ عمر بن الخطاب خرج يستسقي بالعبّاس ، فقال : اللهمّ إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك وقفيّة آبائه وكُبْر رجاله ، فإنّك قلت وقولك الحقّ : ( أمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ... )(38)فحفظتهما لصلاح أبيهما ، فاحفظ اللهمّ نبيّك في عمّه ، فقد دلونا به إليك مشتشفعين ومستغفرين .

ثمّ أقبلَ على الناس فقال : ( استغفروا ربّكم إنّه كان غفاراً )(39)إلى آخره ، انتهى نقل ابن أبي الحديد.(40)

فهذا عمر الخليفة ، يتوسّل ويتقرّب بعمّ(41)النبيّ صلى الله عليه وآله إلى الله سبحانه ، وما اعترض عليه أحد من الصحابة ، ولا يعترض اليوم أحد منكم على عمله ، بل تحسبون أعماله حجّة فتقتدون به ، ولكنّكم تعارضون الشيعة لتوسّلهم بآل محمد صلى الله عليه وآله وعترته ، وتنسبون عملهم إلى الكفر والشرك ، والعياذ بالله !!

فإذا كان التوسّل بآل محمد صلى الله عليه وآله والاستشفاع بعترته الهادية عند الله عزّ وجلّ ، شركٌ على حسب رواياتكم فإنّ الخليفة الفاروق يكون مشركاً ، وإذا تدفعون عنه الشرك والكفر ، ولا تقبلون نسبته إليه ، بل تصحّحون عمله وتدعون المسلمين إلى الاقتداء به ، فعمل الشيعة وتوسّلهم بآل محمد صلى الله عليه وآله أيضاً ليس بشرك ، بل حسن صحيح .

وعلى هذا يجب عليكم أن تستغفروا ربّكم من هذه الافتراءات والاتّهامات التي تنسبونها لشيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وتكفّرونهم وتقولون إنّهم مشركون .

ويجب عليكم أن تنبّهوا جميع أتباعكم وعوامكم الجاهلين على أنّكم كنتم مخطئين في اعتقادكم بالنسبة للشيعة ، فهم ليسوا بمشركين ، بل هم مؤمنون وموحّدون حقّاً .

أيّها الحاضرون الكرام والعلماء الاَعلام ! إذا كان عمر الفاروق مع شأنه ومقامه الذي تعتقدون به له عند الله سبحانه ، وأهل المدينة ، مع وجود الصحابة(42) الكرام فيهم ، دعاؤهم لا يُستجاب إلاّ أن يتوسّلوا بآل محمد صلى الله عليه وآله ويجعلوهم الواسطة والوسيلة بينهم وبين الله عزّ وجلّ حتى يجيب دعوتهم ويسقيهم من رحمته ، فكيف بنا ؟! وهل يجيب الله سبحانه دعوتنا من غير واسطة وبلا وسيلة ؟!

فآل محمد صلى الله عليه وآله وعترته في كلّ زمان هم وسائل التقرّب إلى الله تعالى ، وبهم ـ أي : بسببهم وبشفاعتهم ودعائهم ـ يرحم الله عباده .

فهم ليسوا مستقلّين في قضاء الحوائج وكفاية المهامّ ، وإنّما الله سبحانه هو القاضي للحاجات والكافي للمهمّات ، وآل محمد صلى الله عليه وآله عباد صالحون وأئمّة مقرّبون ، لهم جاه عظيم عند ربّهم ، وهم شفعاء وجهاء عند الله عزّ جلّ ، منحهم مقام الشفاعة بفضله وكرمه ، فقد قال سبحانه : ( من ذا الّذي يشفع عنده إلاّ بإذنه )(43).

هذا هو اعتقادنا في النبي صلى الله عليه وآله وعترته الهادية آله المنتجبين الطيّبين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين...(44)
____________
(1) هو الحجة آية الله المرحوم السيد محمد بن السيد علي أكبر بن السيّد قاسم بن السيد حسن الشيرازي الملقب بسلطان الواعظين ، ولد سنة 1330 هـ ، وكان من العلماء الاَجلاء الذين خدموا المذهب الشريف بأيديهم وقلوبهم وألسنتهم ، وقد جرت له محاورات ومناظرات كثيرة مع بعض الطوائف كالبراهمة وعلماء الهندوس في مدينة (دلهي) وكان ذلك بحضور غاندي ، كما نشرت الصحف والمجلات كل ما دار في مجلسه من الحوار والمناظرة ، وقد خرج عليهم منتصراً فيما كان يدعوهم إليه ، كما جرت له أيضاً مناظرات مع بعض علماء المذاهب الاِسلامية ـ في مدينة بيشاور ـ كالحافظ محمد رشيد ، والشيخ عبد السلام اللَذينِ كانا من أشهر علماء الدين في مدينة كابل ، واستمرت المناظرة بينهم لمدة عشر ليال متتالية بحضور رجال الفريقين ، كما نشرت تلك المناظرات بعض الصحف والمجلات آنذاك ، كما كتبها أيضاً سلطان الواعظين (نفس المناظر) في كتاب أسماه (شبهاي بيشاور) بالفارسية ، وقد ترجم هذا الكتاب الثمين إلى العربية وحقّقه سماحة حجة الاِسلام الفاضل السيد حسين الموسوي الفالي جزاه الله خير الجزاء في مجلدين أسماهما بـ (ليالي بيشاور مناظرات وحوار).
(2) لم أجد هذا الحديث في الكتب المعنية به ، ولكن وجدت ما يشاكله مثل ما روي عنه صلى الله عليه وآله:

1 ـ العالم الذي لا يعمل بعلمه بمنزلة الصفا إذا وقع عليه القطر زلق عنها . (حلية الاَولياء للاَصفهاني : ج 2 ص 372)

2 ـ العالم بغير عملٍ كالمصباح يحرق نفسه ويضيء للناس . (كنز العمال : ج 10 ص 210 ح 29109 ، الفردوس بمأثور الخطاب : ج 3 ص 73 ح 4206)
(3) بحار الاَنوار : ج 1 ص 85 ح 7 .
(4) سورة المائدة : الآية 64 .
(5) سورة الكهف : الآية 110 .
(6) وهذا بلا شكّ ناتج عن سوء فهمهم لمسألة النذر عند الشيعة الاِمامية ، وقلّة معرفتهم بمسائل الاَحكام الشرعية عندهم ، إذ أن الشيعة لا تنذر إلاّ لله تعالى ولا تجيز النذر لغيره أبداً ، ولكن المكلّف مخير في صرف متعلق النذر وجهته سواءً كان للنبي صلى الله عليه وآله أو للاِمام عليه السلام أو لعموم الاِولياء أو عبادة الصالحين أو جعل مصرفه للفقراء والمساكين ، فهل هذا يُعد شركاً بالله تعالى ، وما هو الدليل على منع ذلك ، فهذا لا يستلزم شركاً ولا كفراً ، على انّ الكلّ متفق على انّ مصرف جهة النذر ومتعلقه هو مطلق ما فيه الخير والصلاح ولاَي جهة لم يستلزم منها محذور شرعي ، ولتوضيح المسألة أكثر اُورد لك هنا ما ذكره الحجّة السيد مهدي الروحاني حفظه الله في ردّه على بعضهم . قال : وأما قوله (وتقديم النذر لهم) ، فهو مغالطة نراهم يكررونها ، ويجعلونها من جملة الشواهد على غلو الشيعة في رسول الله صلى الله عليه وآله وأوصيائه المكرمين صلّى الله عليهم أجمعين ، مع أنّها موجودة في غير الشيعة أيضاً.

إنّه وقع الخلط في معنى اللام الجارة الداخلة على لفظ (الله أو النبي والولي) فإذا قلت : نذرت لله ، أو نذرت للنبي ، فإنّه على وجهين ، الاَول : أن تكون اللام الجارة متعلّقة بالنذر ، وبمقتضى النذر يجعل الناذر نفسه مديوناً لمدخول اللام ، وفي هذه الصورة إن كان مدخول اللام هو (الله تعالى) فهو صحيح ، وإن كان غيره فباطل محرم .

الثانية : أن تكون اللام بمعنى الانتفاع كأن يجعل الناذر لله على نفسه مقداراً من المال للحجاج والفقراء ، فيطلق على هذا المال انّه للفقراء والحجاج ، ولكن لا بالمعنى الاَول ، بل بمعنى انّه ينتفعون بهذا النذر ، وليس معنى جعل الفقراء والحجاج مدخولاً للاّم أن الناذر أشركهما لله ! بل معناه أن هذا النذر قد أوقعه لله فقط ، وجعل نفسه مديوناً له في هذا النذر ، لينتفع به الحجاج والفقراء ، وهذا صحيح بلا إشكال ، فالنذر للنبيّ صلى الله عليه وآله والاَوصياء والاَولياء ، هو بمعنى جعل نفسه مديوناً لله وإهداء الثواب لهم ، وهذا مصرّح به في كتب الفقه ، وقالوا : إن شرط صحة النذر ، أن يتعهد لله تعالى وأن يجعل لله عليه ، فليراجع المراجع إلى أي كتاب من فقه الاِمامية شاء ، فإنّه يجد ذلك . انتهى . راجع : بحوث مع السنّة والسلفية للسيد مهدي الروحاني : ص 137 .

وإن أردت المزيد من الاَدلّة على جواز ذلك وثبوته عند المذاهب الاِسلامية فراجع : كتاب الغدير للعلاّمة الاَميني : ج 5 ص 180 ـ 183 .
(7) راجع : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني قدس سره : ج 3 ص 35 .
(8) للمحقّق الحلي قدس سره : ج 3 ص 185 .
(9) راجع : تفسير القمي : ج 2 ص 47 ، تفسير العيّاشي : ج 2 ص 352 (الآية الاَخيرة من سورة الكهف) ، بحار الاَنوار : ج 72 ص 301 ح 40 وج 84 ص 348 ب 22 .
(10) في بحار الاَنوار : وجه الله .
(11) راجع : تفسير العيّاشي : ج 2 ص 353 ح 96(الآية الاَخيرة من سورة الكهف) ، بحار الاَنوار : ج 72 ص 297 ح 28 وص 301 ح 43 .
(12) بحار الاَنوار : ج 72 ص 303 ح 50 .
(13) راجع : بحار الاَنوار : ج 18 ص 158 ، وج 73 ص 259 .
(14) قال تعالى ـ حكاية عن أولاد يعقوب لما اعترفوا بذنوبهم وأرادوا التوبة جاؤوا إلى أبيهم ـ : ( قالوا يا أبانا استغفِر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ، قال سوف استغفر لكم ربّي إنه هو الغفور الرحيم ) يوسف | 97 و98 .

فلو كان التوسل وطلب الحاجة من غير الله شركاً فلماذا لم ينههم يعقوب عنهما ، بل نراه قدأيدهم على طلبهم ووعدهم بالاِستغفار لهم ؟! وما الذي دعى أولاد يعقوب للتوبة بهذه الصورة فيجعلونه واسطة بينهم وبين الله ، فلماذا لا يستغفرون الله من دون وساطة أحد من المخلوقين ؟!! هذا ممّا يدلّ على أنّ المرتكز في الاِذهان والثابت عندهم عملياً أنّ الولي الذي له مقام عند الله إذا شُفع أو توسل به في مسألة من المسائل شفعه الله فيها ، وما ذلك إلاّ لمقامه عنده ، وكونه وسيلة من الوسائل إليه تعالى ، ولذا من مننه تعالى على هذه الاَمة أن جعل النبي صلى الله عليه وآله رحمة لهم ووسيلة يلتجئون إليه قال تعالى : ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين )( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) وقال تعالى : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ) النساء | 64 ، وفي هذه الآية الكريمة أخذ القرآن يوبخ أولئك الذين لم يجعلوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسيلة لهم فيما بينهم وبين الله تعالى ، ولم يستفيدوا من وجوده المبارك ، وربما يقول قائل : إن هذا جائز في حال حياته أما بعد مماته فلا ، لكونه شركاً بالله تعالى ؟ نقول لهؤلاء : إذا كان هذا يُعد شركاً فلا فرق في عدم جوازه سواءً كان في حياته أو بعد مماته ، فإنّ الشيء لا ينقلب عما هو عليه ، وإذا كان جائزاً فلا فرق سواءً كان في حياته أو بعد مماته ، إذ انّ النبي صلى الله عليه وآله أتاه الله الدرجة الرفيعة ، وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة ، فلا بدع لو توسّل به المؤمن في كل يوم وقال : يا وجيهاًعند الله اشفع لنا عند الله .
(15) سورة المائدة : الآية 35 .
(16) راجع في ما يتعلق بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وتبرك الصحابة بأثاره كلا من بحار الاَنوار : ج 7 ص 326 ح 2 وج 25 ص 22 ح 38 وج 35 ص 432 ح 12 وج 36 ص 244 ح 54 ، الغدير للعلامة الاَميني : ج 5 ص 143 ـ 156 ، تحت عنوان (التوسل والاِستشفاع بقبره الشريف صلى الله عليه وآله ) ، كتاب التبرك للعلاّمة الاَحمدي ، ومن كتب العامة ـ التي أثبتت شرعية التوسل وتبرك الصحابة بأثار النبي صلى الله عليه وآله ـ راجع : كتاب تبرك الصحابة بأثار رسول الله صلى الله عليه وآله لمحمد طاهر الكردي المكي ، حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنّة لموسى محمد علي .
(17) سورة الاَنبياء : الآية 26 و 27 .
(18) راجع : البرهان في تفسير القرآن للبحراني : ج 2 ص 292 ، الخصائص الكبرى للسيوطي : ج 2 ص 225 ـ 226 (ب اختصاصه صلى الله عليه وآله بالكوثر والوسيلة) .
(19) شرح نهج البلاغة : ج 16 ص 211 .
(20) تقدمت تخريجاته .
(21) الصواعق المحرقة لابن حجر : ص 150 .
(22) أضف إلى ذلك أيضاً ما يلي ، من الكتب التي تناولت الرواة والروايات الضعيفة:

1 ـ كتاب الجرح والتعديل للرازي .

2 ـ لسان الميزان لابن حجر العسقلاني .

3 ـ تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني .

4 ـ العلل المتناهية في الاَحاديث الواهية لابن الجوزي .

5 ـ كتاب الموضوعات لابن الجوزي .

6 ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاَخبار الشنيعة الموضوعة لابن عراق الكناني.

7 ـ الفوائد المجموعة في الاَحاديث الموضوعة للشوكاني .

8 ـ سلسلة الاَحاديث الضعيفة للاَلباني .

وغيرها الكثير من الكتب المعنية بهذا الموضوع .
(23) صحيح البخاري : ج4 ص 191 (ك الاَنبياء : عند ذكر موسى عليه السلام ) .
(24) صحيح البخاري : ج 4 ص 190 ـ 191 .
(25) صحيح البخاري : ج 2 ص 20 (ب اللهو بالحراب والدرق يوم العيد) ، صحيح مسلم : ج 2 ص 609 ح 19 (ب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيّام العيد) .
(26) وقد أخذت على البخاري عدّة مؤاخذت ، منها : عدم روايته عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام وذلك مع كثرة الرواة عنهم الذين ملأَوا الخافقين ، مع أن البخاري كان يتجول في البلدان كالبصرة والشام ومصر وغيرها طلباً لجمع الحديث وحرصه على تلقيه من أفواه الرواة .

ومنها : روايته عن بعض الرواة الذين عُرفوا بعدائهم الشديد لاَمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هذا مع التزام أئمّة الحديث في عدم الرواية في من يطعن في الخلفاء أو يبغضهم ، والتزام علماء الجرح والتعديل في الجرح فيهم وتضعيف روايتهم كما يظهر ذلك لكلّ من راجع الكتب المعنية في ذلك كلسان الميزان لابن حجر وميزان الاعتدال للذهبي وكتاب المجروحين لابن حبان ـ وذلك أمثال : عثمان بن حريز الذي كان يتقرّب لله في كلّ صباح بلعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سبعين مرّة ، وعمران بن حطان رأس الخوارج هو الآخر من شيوخ البخاري ورواته ، وهو القائل يمتدح عبد الرحمن بن ملجم :

يا ضربة من تقي ما أراد بها
*
إلا ليبلُغَ من ذي العرش رضوانا
إنّـي لاَذكره حيناً فأحسـُبه
*
أوفـى البريّة عند الله الله ميزانا

وقد رد عليه أحد أكابر اُدباء أهل السنة عبد القاهر التميمي في قوله:

إني لاَذكره يـومـاً فألعنه
*
دهراً وألعن من يعطيه غفرانا

راجع أبيات عمران بن حطان في : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 13 ص 241 ، الغدير للاَميني : ج 1 ص 324 وج 5 ص 294 وج 9 ص 393 وج 1 ص 341 .
(27) سورة المائدة : الآية 67 .
(28) سورة المائدة : الآية 55 .
(29) سورة الشعراء : الآية 214 .
(30) فقد تقدم المزيد فيما سبق من مصادر هذا الحديث الشريف .
(31) قد تقدّم فيما سبق الكلام عن هذا الحديث بهذا اللفظ وانّه لم يروه إلاّ الموطأ فقط مرسلاً .
(32) قد تقدّمت تخريجات هذا الحديث الشريف ولا داعي لنكرر نفس المصادر هنا من أحب فليراجع فهرس الاَحاديث الشريفة ليرجع له في أول وروده مع مصادره في أوّل الكتاب.
(33) ذكر العلاّمة الاَميني (عليه الرحمة) منها الثلاثة الاَبيات الاَولى في الغدير : ج 2 ص 301 ، عن رشفة الصادي : ص 24 .
(34) سورة النجم : الآية 3 و 4 .
(35) صحيح البخاري : ج 2 ص 34 (ب الاِستسقاء) .
(36) لابن عساكر : ج 26 ص 361 ـ 362 ورواها أيضاً ابن عبد البر في الاستيعاب : ج 2 ص 814 ـ 815 ، وعنه بحار الاَنوار : ج 22 ص 290 ح 62 .
(37) الصواعق المحرقة لابن حجر : ص 178 وقال ابن حجر أيضاً في نفس المصدر ما يلي : وأخرج الحاكم (في المستدرك : ج 3 ص 334) : أنّ عمر لمّا استسقى بالعبّاس خطب فقال : يا أيّها الناس ! إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى للعبّاس ما يرى الولد لوالده ، يعظّمه ويفخّمه ويبرّ قسمه ، فاقتدوا أيّها الناس برسول الله صلى الله عليه وآله في عمّه العبّاس فاتّخذوه وسيلة إلى الله عزّ وجلّ فيما نزل بكم .

وأخرج ابن عبد البرّ (في الاستيعاب : ج 2 ص 815) ، من وجوهٍ ، عن عمر ، أنّه استسقى به . قال : اللهمّ إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك ونستشفع به ، فاحفظ فيه نبيّك كما حفظت الغلامين بصلاح أبيهما ، وأتيناك مستغفرين ومستشفعين ... الخبر .

وفي رواية لابن قتيبة (ورواه أيضاً ابن عساكر في تاريخ دمشق : ج 26 ص 363) : اللهمّ إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك وبقية آبائه وكُبْر رجاله ، فإنّك تقول وقولك الحقّ : (أمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً) فحفظتهما لصلاح أبيهما ، فاحفظ اللهمّ نبيّك في عمّه ، فقد دنونا (دلونا) به إليك مشتشفعين .

وأخرج ابن سعد (ورواه أيضاً ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق : ج 26 ص 359) : إنّ كعباً قال لعمر : إنّ بني إسرائيل كانوا إذا اصابتهم سنة استسقوا بعصبة نبيّهم . فقال عمر : هذا العباس انطلقوا بنا إليه ، فأتاه ، فقال : يا أبا فضل ! ما ترى ما الناس فيه ؟ وأخذ بيده وأجلسه معه على المنبر وقال : اللهمّ إنّا قد توجّهنا إليك بعمّ نبيّك ، ثمّ دعا العبّاس.
(38) سورة الكهف : الآية 82 .
(39) سورة نوح : الآية 10 .
(40) شرح نهج البلاغة : ج 7 ص 274 ، الاِستيعاب لابن عبد البر : ج 2 ص 815 ـ 816.
(41) وزيادة على ما ذكر نذكر ما يلي : بعض المصادر التي تذكر أنّ عمر بن الخطّاب كان يتوسّل إلى الله بعمّ النبيّ صلى الله عليه وآله العبّاس بن عبد المطلب وذلك إذا أصيبوا بشدّة وقحط ونذكر نصّ الاَلفاظ التي أطلقها بعبارات شتّى في التوسل وطلب الاستغاثة منه ، كما تدلّ أيضاً كلماته على تعدد الحادثة وهي كالتالي :

1 ـ قوله : اللهمّ هذا عمّ نبيّك نتوجه إليك به فاسقنا راجع : المستدرك للحاكم : ج 3 ص 3 ، والتلخيص للحافظ الذهبي بهامش المستدرك نفس المصدر المذكور .

2 ـ قوله : فاحفظ اللهمّ نبيّك في عمّه فقد دَلَوْنا به إليك مستشفعين ومستغفرين راجع : تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر : ج 26 ص 363 ، وقال ابن عساكر في ص 364 معلقاً وشارحاً للحديث : وقوله : فقد دَلَوْنا به إليك : اي متتنا واستشفعنا ، وأصله من الدلو ، لاَنّ الدلو به يستقى الماءُ وبه يوصل إليه ، وكأنه قال : قد جعلناه ، إلى ما عندك من الرحمة والغيث .

3 ـ قوله : وهذا عمّ نبيّك نحن نتوسّل به إليك . راجع : تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر : ج 26 ص 360 .

4 ـ قوله : اللهمّ إنّا توجّهنا إليك بعمّ نبيّك وصنو أبيه ، فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولما أمطروا وأخصبت الاَرض ، وعاش الناس ، قال عمر : هذه الوسيلة إلى الله والمكان منه. نفس المصدر السابق : ج 26 ص 359 ـ 360 .

5 ـ قوله : اللهمّ هذا عمّ نبيّك نتقرّب إليك به . نفس المصدر السابق : ج 26 ص 359 .

6 ـ قوله : اللهمّ إنّا نستشفع إليك بعمّ نبيّك أن تذهب عنّا المحل ، وأن تسقينا الغيث . نفس المصدر السابق : ج 26 ص 358 .

7 ـ قوله : اللهمّ إنّا كنا إذا قحطنا على عهد نبيّنا صلى الله عليه وآله توسلنا إليك بنبيّنا ، اللهمّ إنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّك . نفس المصدر السابق : ج 26 ص 355 ـ 356 .

8 ـ قوله : اللهمّ إنّ هؤلاء عبادُك ، وبنو إمائك ، أتوك راغبين متوسّلين إليك بعمّ نبيّك عليه الصلاة والسلام ، فاسقنا سقياً نافعة تعمّ البلاد وتحيي العباد ، اللهمّ إنّا نستسقي بعمّ نبيّك ونستشفع إليك بشيبته .

فسقوا ، ففي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب :

بعمـي سقا الله الحجاز وأهلـه
*
عشية يستسقـي بشيبتـه عُمَرْ
توجه بالعباس في الجدب راغباً
*
إليه فما أن رام حتى أتى المطرْ
منـا رسـول الله فينـا تـراثهُ
*
فهل فوق هذا للمُفَاخر مفتـخرْ

نفس المصدر السابق : ج 26 ص 361 .
(42) وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه الوفا بأحوال المصطفى : ج 2 ص 801 ـ 802 : جملة من توسل الصحابة بقبر النبي صلى الله عليه وآله تحت عنوان (في الاِستسقاء بقبره صلى الله عليه وآله ب 39) والتي منها : ما رواه عن أبي الجوزاء قال : قحط أهلُ المدينة قَحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة ، فقالت : انظروا قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فاجعلوا منه كوّاً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ، قال : ففعلوا ، فمطروا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الاِبل حتى فتقت ، فسمّي عام الفتق .
(43) سورة البقرة : الآية 255 .
(44) ليالي بيشاور لسلطان الواعظين : ج 1 ص 155 ـ 188 بتصرف .

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية