في بيان ظهور آيات من معجزات نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله من الإِخبار بالغائبات

طباعة

في بيان ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات

وفيه : ستة أحاديث

إعلم أنّ هذا الباب لو استقصيناه ، لاحتاج إلى مجلّدة ضخمة ، ولكن اقتصرنا على طرف منه .

92 / 1 ـ عن محمّد بن عليّ بن عتاب ، قال : خرجت في الهزيمة مع عبد الله بن عزيز ، فلمّا صرت بطوس أتيت قبر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، فإذا أنا بشيخ كبير هرم ، فسألني عن أهل الري ، فأخبرته بما نالهم وبما رأيت فيهم ، وبهدم السور ، فقال : حدّثني صاحب هذا القبر ، عن أبيه عن ، جدّه ، عن آبائه ، عن النبيّ (ص) أنه قال : « كأنّي بأهل الري وقد وليهم رجل يقال له (عبد الله بن عزيز) فيؤسر ، فيؤتىٰ به طبرستان ، فيضرب عنقه في يوم النحر ، ويرفع رأسه على خشبة ويطرح بدنه في بئر » .

قال : فرجعت إلى الري وابن عزيز في البلد ، فحدّثته الحديث فتغير لون وجهه ، وقال لي : قد يكون اسم يوافق اسماً ، وأرجو أن يكفيني الله ذلك ، ولا بدّ من مناصحة من استكفانا أمره .

قال : فكرهت ذلك وندمت على قولي حتّى تبيّن ذلك في وجهي ، فقال : لا عليك قد أدّيت ما سمعت . فما عدت إليه حتّى نزل به ما حدّثت به .

وفي الحديث عدّة آيات .

93 / 2 ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : « كان رسول الله (ص) يخبر أهل مكّة بأسرارهم ، حتّى لا يبقى (1) منها شيء .

منها أنّ عمير بن وهب أتى المدينة وقال : جئت في فكاك ابني .

فقال (ص) : كذبت ، بل قلت لصفوان وقد اجتمعتم بالحطيم ، وقد ذكر صفوان قتلىٰ بدر وقال : والله الموت خير من البقاء ، مع ما صنع بنا ، وهل حياة بعد أهل القليب ؟! فقلت : لولا عيال ودَين لأرحتك من محمّد . فقال صفوان : عليَّ أن أقضي دينك ، وأجعل بناتك مع بناتي ، يصيبهنّ ما أصابهنَّ من خير أو شر . فقلت أنت : فاكتمها عليَّ ، وجهزني حتّى أذهب وأقتله فجئت لتقتلني .

فقال : صدقت يا رسول الله ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله .

94 / 3 ـ وعنه عليه السلام مجملًا ، وعن ابن شهاب مفصلًا ، قال : إنّ رسول الله (ص) لمّا بعث الجيش إلى مؤتة ، كان ذات يوم على المنبر ، فنظر إلى معركتهم فقال (ص) : « أخذ الراية زيد بن حارثة ، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة الدنيا ، فقال : حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين ، تحبّب إليّ الدنيا ؟! فمضى قدماً حتّى استشهد رضي الله عنه » فقال (ص) : « استغفروا له ، ودخل الجنّة وهو يسعى (1) .

ثمّ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فجاءه الشيطان فمنّاه الحياة ، وكرّه إليه الموت ، فقال : الآن حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ؟! ثمّ مضى قدماً حتّى استشهد » فصلَّى عليه ، ودعا له .

ثم قال : « استغفروا لأخيكم جعفر فإنّه شهيد ، لقد دخل الجنّة ، وهو يطير بجناحين من ياقوت حيث يشاء في الجنّة .

ثمّ أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة ، فاستشهد ، ثمّ دخل الجنّة معترضاً » فشقّ ذلك على الأنصار ، فقيل : يا رسول الله ، ما اعترضه ؟

فقال : « لمّا أصابه الجرح نكل (2) ، فغابت نفسه ، فشجع ، فدخل الجنّة » فسري عن قومه .

ثمّ ورد على ابن مُنْيَه (3) ، فقال (ص) : « إن شئت أخبرتك ، وإن شئت أخبرني » . فقال : بل أخبرني يا رسول الله فأخبره خبره كلّه قال : وإنّك والَّذي بعثك بالحقّ ، ما تركت من حديثهم حرفاً لم تذكره . فقال (ص) : « إنّ الله رفع لي الأرض حتّى رأيت معركتهم (4) » .

95 / 4 ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : « قال النبيّ (ص) ذات يوم : يأتيني غداً تسعة نفر (1) من حضرموت ، فيسلم منهم ستة نفر ، ولا يسلم ثلاثة .

فوقع في قلوب أناس كثير ، فقلت أنا أصدّق الله ورسوله : هو كما قلت يا رسول الله .

فقال : أنت الصدّيق الأكبر ، ويعسوب المؤمنين ، وإمامهم ترى ما أرى ، وتعلم ما أعلم ، وأنت أول المؤمنين إيماناً ، ولذلك خلقك ونزع منك الشك والضلال ، وأنت الهادي الثاني ، والوزير الصادق .

فلمّا أصبح رسول الله (ص) وقعد في مجلسه وأنا عن يمينه ، أقبل تسعة رهط من حضرموت ، حتّى دنوا منه (ص) ، فسلّموا عليه ، فردّ عليهم السلام ، فقالوا : يا محمد ، اعرض علينا الإِسلام . فعرض عليهم ، فأسلم الستة ولم يسلم ثلاثة ، وانصرفوا .

فقال رسول الله (ص) للثلاثة : أمّا أنت يا فلان فستموت بصاعقة من السماء ، وأما أنت يا فلان فيضربك أفعى في موضع كذا وكذا ، وأما أنت يا فلان فإنّك تخرج في طلب إبلك فيستقبلك أناس من كذا فيقتلونك .

فوقع في قلوب كثير من الناس ، فقلت : صدق الله ورسوله ، لا يتقدمون ولا يتأخرون عمّا قلت فقال (ص) : صدّق الله قولك ، ولا زلت صدوقاً .

فأتى لذلك ما أتى ، فأقبل الستة الذين أسلموا فوقفوا على رسول الله (ص) ، فقال لهم : ما فعل أصحابكم ؟ فقالوا : والَّذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما جاوزوا ما قلت ، وكلٌّ مات بما قلت ، وإنّا جئناك لنجدّد الإِسلام ، ونشهد أنك رسول الله ، وأنك الأمين على الأحياء والأموات » .

96 / 5 ـ وعنه عليه السلام ، قال : « كنت صاحب رسول الله (ص) يوم أقبل أبو جهل ـ لعنه الله ـ وهو يقول : ألست تزعم أنّك نبيّ مرسل ، وأنّك تعلم الغيب ، وأنّ ربّك يخبرك بما تفعله ، هل تخبرني بشيء فعلته لم يطّلع عليه بشر ؟

فقال (ص) : لأخبرنّك بما فعلته ، ولم يكن معك أحد ، الذهب الَّذي دفنته في بيتك في موضع كذا وكذا ، ونكاحك سودة ، هل كان ما قلت ؟ فأنكر ، فقال (ص) : لئن لم تقر لأظهرنّ ذلك .

فعلم أنه سيظهره فقال : قد علمت أنّ معك رجل من الجنّ يخبرك بجميع ما نفعله ، فأمّا أنا فلا لا أقول إنّك نبيّ أبداً .

فقال (ص) : لأقتلنك ، ولأقتلنّ شيبة ، ولأقتلنّ عتبة ، ولأقتلنّ الوليد بن عتبة ، ولأقتلنّ أشراركم ، ولأقطعنّ دابركم ودابر مخزوم ، ولأوطينّ الخيل بلادكم ، ولآخذنّ مكّة عنوة ، ولتديننّ لي الدنيا شرقها وغربها ، وليعاديني قوم من قريش يكونوا طلقاي ، وطلقاء هذا وذريّتي يمتّعهم الله إلى حين ، والعاقبة بالنصر لرجل من ذرّيتي .

فتولى عنّا أبو جهل عليه اللعنة وهو كالمستهزئ ، ففعل الله بهم ذلك » .

97 / 6 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله (ص) : « إنّك ستبقى حتّى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف في التوراة بالباقر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام » .

قال الراوي : فدخل جابر على عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام فوجد محمّد بن عليّ عنده غلاماً ، فقال : يا غلام أقبل . فأقبل ، ثمّ قال : أدبر . فأدبر فقال جابر : شمائل رسول الله (ص) وربّ الكعبة .

ثمّ أقبل على عليّ بن الحسين عليه السلام فقال له : من هذا ؟ فقال : « هذا ابني ، وصاحب الأمر من بعدي : محمّد الباقر » .

فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما ويقول : نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله اقبل سلام أبيك ، إن رسول الله (ص) يقرئك السلام .

قال : فدمعت عينا أبي جعفر عليه السلام وقال : « يا جابر وعلى أبي رسول الله (ص) السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليك يا جابر بما بلّغت » .

ومنها : ما أخبر به أبا اليقظان عمّار بن ياسر رضي الله عنه بقوله (ص) : « ستقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك ضياح من لبن » (1) .

ومنها : ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام أنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين (2) .

ومنها : ما أخبره أنّه يموت قتلًا ، ضرباً على رأسه (3) .

ومنها : ما أخبر بقتل الحسين عليه السلام ، ووضع تربته عند أمّ سلمة رضي الله عنها وقال : « إذا صار هذا دماً عبيطاً فاعلمي أنّ ابني الحسين قد قتلوه » (4) .

ومنها : ما أخبر بقتل عمر بن الخطّاب ، وعثمان بن عفّان (5) .

ومنها : ما أخبر أن معاوية سيطلب الإِمارة (6) .

ومنها : ما أخبر بخبر بني أميّة (7) .

ومنها : ما أخبر بملك ولد العبّاس ، وأمثال ذلك لا يحصى كثرة ، فإنّما اقتصرنا على هذا المقدار لأنّ استيفاء آياته لا يمكن أن تحصى (8) .

الهوامش

1 ـ مسند الإِمام الرضا عليه السلام 1 : 247 / 469 .

2 ـ الاحتجاج : 225 .

(1) في ص : لا يترك ، وفي ر : يسقى .

(2) في هامش ص : وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأنّك نبيّ حقّ .

3 ـ البداية والنهاية 4 : 241 ـ 247 مثله ، تاريخ الطبري 3 : 23 ، طبقات ابن سعد 2 : 128 ، مغازي الواقدي 2 : 761 ، 762 بسند آخر ، سيرة ابن هشام 4 : 15 ، دلائل النبوة 4 : 358 ، 375 ، الخرائج والجرائح 1 : 166 / 256 .

(1) في م : يسقى ، وفي ك : سيفي .

(2) في ر : زيادة فدخل النار .

(3) وهو : يعلىٰ بن أمية ، ومنية أمّه ، انظر « البداية والنهاية لابن كثير 4 : 247 » .

(4) في م : معركتكم .

4 ـ كشف اليقين : 196 .

(1) في ص ، ع : رهط .

5 ـ . . .

6 ـ أمالي الصدوق : 289 / 9 ، علل الشرائع : 233 ، الاختصاص : 56 ، الكافي مسنداً ، 1 : 469 ، كفاية الأثر : 53 ـ 56 ، الخرائج والجرائح 1 : 279 / 12 ، اعلام الورى : 268 قطعة منه ، حلية الأبرار 2 : 93 ، وذكره المامقاني في رجاله 1 : 276 / 2434 في ترجمة الحسن .

(1) مسند أحمد بن حنبل 2 : 161 ، 164 ، 206 ، و 3 : 5 ، 22 ، 28 ، 91 و 4 : 197 ، 199 و 5 : 214 ، 306 ، 307 ، و 6 : 289 ، 300 ، 311 ، 315 ، صحيح البخاري 1 : 122 ، صحيح مسلم 4 : 2235 / 70 ، 72 ، 73 ، إعلام الورى : 42 مثله بأسانيد مختلفة .

(2) مناقب ابن شهراشوب : 1 : 109 ، إعلام الورى : 43 .

(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 52 / 19 .

(4) الخصائص الكبرى 2 : 212 ، ذخائر العقبى 146 ، الصواعق المحرقة : 193 ، احقاق الحق 11 : 360 .

(5) مدينة المعاجز : 133 ، إلّا أنّ فيه إخباره عن قتل عمر ، الخصائص الكبرى 2 : 208 في قتل عثمان .

(6) الخصائص الكبرى 2 : 198 ـ 199 .

(7) الخصائص الكبرى 2 : 200 .

(8) الخصائص الكبرى 2 : 202 .

مقتبس من كتاب : [ الثاقب في المناقب ] / الصفحة : 100 ـ 106