الرجوع إلى النصوص المباشرة في تعيين الخليفة

طباعة

الرجوع إلىٰ النصوص المباشرة في تعيين الخليفة

لقد أحسّ الكثير من المتكلّمين وأصحاب الحديث إذن بالحاجة إلىٰ النصّ في تعيين أوّل الخلفاء علىٰ الأقلّ ، لتتّخذ الأدوار اللاحقة له شرعيّتها من شرعيّته.

وليس غريباً أن تتعدّد أوجه الاستدلال بتعدّد المتكلّمين وتعدّد أساليبهم ، وتعدّد النصوص التي يعتمدونها ، وكثيراً مايتعلّق المتكلّمون بما يشفع لمذاهبهم وإنْ كانوا يلمحون فيه علامات الوضع !

وسوف يدور الحوار هنا في اتّجاهين توزّعت عليهما النصوص المطروحة في هذا الباب ..

الاتّجاه الأوّل : النصوص الدالّة علىٰ خلافة أبي بكر

لقد عرض بعض المتكلّمين في تثبيت خلافة أبي بكر نصوصاً من القرآن ونصوصاً من السُنّة ، نستعرض أهمّها بتركيز وإيجاز مبتدئين بنصوص السُنّة لكونها أكثر تصريحاً ، ولأنّ النصوص القرآنيّة اعتُمِدت في تصحيح خلافته لا في إثبات النصّ عليه.

أوّلاً ـ نصوص من السُنّة

النصّ الأوّل : قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه الذي توفّي فيه : « مُرّوا أبا بكر فليصلّ بالناس ».

فرأىٰ بعضهم في هذا الحديث نصّاً علىٰ الخلافة وإن كان خفيّاً ؛ لعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامّة.

واستدلّوا لذلك بقول بعض الصحابة لأبي بكر : إرتضاك رسول الله لديننا ، أفلا نرضاك لدنيانا ؟! وأهمّ شيء في هذا القول الأخير أن ينسب إلىٰ عليّ بن أبي طالب (1) !!.

غير أنّ جملةً من الإثارات تحيط بهذا النصّ وبهذه الواقعة ، قد تبتلع كلّ مايُبنىٰ عليهما من استنتاجات :

الإثارة الأُولىٰ : إنّ القول بعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامة قول غريب ، وأغرب منه قول الجرجاني : « لا قائل بالفصل » (2) !.

فابن حزم يقطع بأنّ هذا قياساً باطلاً ، ويقول : « أمّا من أدّعىٰ أنّه إنّما قُدِّم قياساً علىٰ تقديمه إلىٰ الصلاة ، فباطل بيقين ؛ لأنّه ليس كلّ من استحقّ الإمامة في الصلاة يستحقّ الإمامة في الخلافة ، إذ يستحقّ الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجمياً أو عربياً ، ولايستحقّ الخلافة إلّا قرشيّ ، فكيف والقياس كلّه باطل » (3) ؟!.

والشيخ أبو زهرة ينتقد هذا النوع من القياس ووجه الاستدلال به ، فيقول : اتّخذ بعض الناس من هذا ـ النصّ ـ إشارة إلىٰ إمامة أبي بكر العامّة للمسلمين ، وقال قائلهم : « لقد رضيه عليه السلام لديننا ، أفلا نرضاه لدنيانا » ولكنّه لزوم ماليس بلازم ، لأنّ سياسة الدنيا غير شؤون العبادة ، فلا تكون الإشارة واضحة .. وفوق ذلك فإنّه لم يحدث في اجتماع السقيفة ، الذي تنافس فيه المهاجرون والأنصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة ، أن احتجّ أحد المجتمعين بهذه الحجّة ، ويظهر أنّهم لم يعقدوا تلازماً بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين (4).

والذي يُستشفّ من كلامه استبعاد صحّة نسبة هذا الكلام إلىٰ الإمام عليّ عليه السلام ؛ فهذه النسبة لاتحتمل الصحّة ، لِما ثبت في الصحاح من أنّ عليّاً عليه السلام لم يبايع إلّا بعد ستّة أشهر (5) ، كما أنّ الصحيح المشهور عن عليّ عليه السلام خلاف ذلك ، فجوابه كان حين بلغه احتجاج المهاجرين بأنّ قريشاً هم قوم النبيّ وأوْلىٰ الناس به ، قال : « احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » (6) !.

الإثارة الثانية : إنّ إمامة الصلاة وفقاً لفقه هذه المدرسة لايترتّب عليها أيّ فائدة في التفضيل والتّقديم ، فالفقه هنا يُجيز مطلقاً إمامة المفضول علىٰ الفاضل ، بل يُجيز إمامة الفاسق والجائر لأهل التقوىٰ والصلاح ، « صلّوا وراء كلّ برٍّ وفاجر »

الإثارة الثالثة : أخرج أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي : أنّ عبد الرحمن ابن عوف قد صلّىٰ إماماً بالمسلمين وكان فيهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (7). وهذه الرواية أثبت ممّا ورد في تقديم أبي بكر ـ كما سيأتي ـ فالحجّة فيها إذن لعبد الرحمن بن عوف أظهر ، فتقديمه أوْلىٰ وفقاً لذلك القياس (8).

الإثارة الرابعة : في صحيح البخاري : كان سالم مولىٰ أبي حذيفة يؤمّ المهاجرين الأوّلين وأصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في مسجد قباء ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وأبو سلمة ، وعامر بن ربيعة (9).

وكان عمرو بن العاص أميراً علىٰ جيش ذات السلاسل ، وكان يؤمّهم في الصلاة حتّىٰ صلّىٰ بهم بعض صلواته وهو جنب ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة (10).

فهل يُستدلّ من هذا أنّ سالماً وعمرو بن العاص أفضل من أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، وأوْلىٰ بالخلافة منهم ؟!

الإثارة الخامسة : نتابعها في النقاط التالية :

أ ـ ثبت في جميع طرق هذا الحديث بروايته التامّة أنّه بعد أن افتتح أبو بكر الصلاة ، خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يتهادىٰ بين رجلين ـ عليّ والفضل ابن العبّاس ـ فصلّىٰ بهم إماماً وتأخّر أبو بكر عن موضعه مؤتمّاً بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن يمينه.

أثبت ذلك تحقيقاً أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب صنّفه لهذا الغرض ، فقسّمه إلىٰ ثلاثة أبواب : فجعل الباب الأوّل في إثبات خروج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلىٰ تلك الصلاة وتأخيره أبا بكر عن إمامتها ، وخصّص الباب الثاني في بيان إجماع الفقهاء علىٰ ذلك ، فذكر منهم : أبا حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأثبت في الباب الثالث وَهَن الأخبار التي وردت بتقدّم أبي بكر في تلك الصلاة ، ووصف القائلين بها بالعناد واتّباع الهوىٰ (11) !.

وقال العسقلاني : تضافرت الروايات عن عائشة بالجزم بما يدلّ علىٰ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان هو الإمام في تلك الصلاة (12).

ومن هنا قال بعضهم : متىٰ نظرنا إلىٰ آخر الحديث احتجنا إلىٰ أن نطلب للحديث مخرجاً من النقص والتقصير ، وذلك أنّ آخره : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا وجد إفاقةً وأحسّ بقوّة خرج حتّىٰ أتىٰ المسجد وتقدّم فنحّىٰ أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه. فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره صلّى الله عليه وآله وسلّم لَتَركه علىٰ إمامته وصلّىٰ خلفه ، كما صلّىٰ خلف عبد الرحمن بن عوف (13).

ب ـ ممّا يعزّز القول المتقدّم ماورد عن ابن عبّاس من أنّه قبل أن يؤذّن بلال لتلك الصلاة قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أُدعوا عليّاً ». فقالت عائشة : لو دعوت أبا بكر ! وقالت حفصة : لو دعوت عمر ! وقالت أُمّ الفضل : لو دعوت العبّاس ! فلمّا اجتمعوا رفع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رأسه فلم ير عليّاً (14) !!.

ج ـ ويشهد لذلك كلّه ماثبت عن عليّ عليه السلام من أنّه كان يقول : « إنّ عائشة هي التي أمرت بلالاً أن يأمر أباها لِيُصَلّ بالناس ، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « ليصلِّ بهم أحدهم » ولم يعيّن » !! وكان عليٌّ عليهالسلام يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيراً ، ويقول عليه السلام : « إنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يقل : « إنّكنّ لَصُويحبات يوسف » إلّا إنكاراً لهذه الحال ، وغضباً منها لأنّها وحفصة تبادرتا إلىٰ تعيين أبويهما ، وأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب » (15).

فهذه صور منسجمة ومتماسكة لاتُبقي أثرا للاستفادة من هذا النصّ أو تلك الواقعة ، ويمكن أن يضاف إليها ملاحظات أُخر ذات قيمة لايُستهان بها :

منها : الاختلاف الشديد والتعارض بين روايات هذه الواقعة ، وقد صرّح بهذا ابن حجر العسقلاني ، ثمّ حاول التوفيق بينها بعد جهد (16).

ومنها : ملاحظة بعض نقّاد الحديث أنّ هذا الحديث لم يصحّ إلّا من طريق عائشة ، لذا لم تقم حجّته (17).

ومنها : أنّ ابن عبّاس قد طعن هذا الحديث طعناً عبقريّاً لم يتنبّه له الرواة ، إذ كانت عائشة تقول في روايتها لهذا الحديث : « خرج النبيّ يتهادىٰ بين رجلين ، أحدهما الفضل بن العبّاس » ولاتذكر الرجل الآخر ، فلمّا عرض أحدهم حديثها علىٰ عبد الله بن عبّاس ، قال له ابن عبّاس : فهل تدري مَن الرجل الذي لم تُسَمِّ عائشة ؟

قال : لا.

قال ابن عبّاس : هو عليّ بن أبي طالب ، ولكن عائشة لاتطيبُ نفساً له بخير (18) !.

الإثارة السادسة : أثبت جلُّ أصحاب التاريخ والسِيَر أنّ أبا بكر كان أيّام مرض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الأخير هذا ، مأموراً بالخروج في جيش أُسامة ، وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يشدّد كثيراً بين الآونة والأُخرىٰ علىٰ التعجيل في إنفاذ هذا الجيش .. فكيف ينسجم هذا مع الأمر بتقديمه في الصلاة ؟! ناهيك عن قصد الإشارة إلىٰ استخلافه !

لقد أدرك ابن تيميّة مابين الأمرين من منافاة وتعارض صريحين ، فنفىٰ نفياً قاطعاً كون أبي بكر ممّن سُمّي في بعثة أُسامة (19) !!

لكنّ مثل هذا النفي لاينقذ الموقف ، خصوصا وأنّ ابن تيميّة لم يقدّم برهاناً ولا شبهةً في إثبات دعواه ، فيما جاء ذِكر أبي بكر في مَن سُمّي في ذلك الجيش في مصادر عديدة وهامّة ، أصحابها جميعاً من القائلين بصحّة تقدّم أبي بكر (20).

أمّا نفي ذلك ، أو تحرّج بعض المؤرّخين عن ذِكره ، فإنّما مرجعه إلىٰ الاختيار الشخصي في مساندة المذهب ، لاغير ، حين أدركوا بيقين أنّ شيئاً ممّا استدلّوا به علىٰ إمامته سوف لايتمّ لو كان أبو بكر في مَن سُمّي في جيش أُسامة ، إذ هو مأمور بمغادرة المدينة المنوّرة أيّام وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، تحت إمرة أُسامة بن زيد الشابّ ابن الثماني عشرة سنة (21) !.

نصوص أُخر :

لم يقف القائلون بالنصّ عند النصّ المتقدّم ، بل رجعوا إلىٰ مارأوا فيه نصّاً جليّاً علىٰ الخلافة ، لكنّها في الحقيقة نصوص تثير علىٰ نفسها بنفسها شكوكاً كثيرة لاتُبقي احتمالاً لصحّتها ، شكوكاً تثيرها الأسانيد والمتون معاً .. وأهمّ هذه النصوص :

١ ـ أنّ امرأة سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئاً ، فأمرها أن ترجع إليه ، فقالت : يارسول الله ، أرأيتَ إنْ جئتُ فلم أجدك ؟ ـ كأنّها تُريد الموت ـ فقال : « فإن لم تجديني فأتي أبا بكر » (22).

وهذا الحديث متّحد عند الشيخين في سلسلة واحدة ، وهي : إبراهيم ابن سعد ، عن أبيه ، عن محمّد بن جُبير بن مطعم ، عن أبيه جُبير بن مطعم : أنّ أمرأةً سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ..

فلم يروه من الصحابة إلّا جُبير بن مطعم ، ولم يروه عن جُبير إلّا ولده محمّد ، ولم يروه عن محمّد غير سعد ـ وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف ـ ولم يروه عن سعد غير ولده إبراهيم ! ثمّ أخذه الرواة عن إبراهيم بن سعد !

مناقشة الإسناد : نظرة واحدة في هذا الإسناد ، بعيداً عن التقليد ، تُحبط الآمال التي يمكن أن تُعقد عليه :

فجبير بن مطعم : من الطلقاء ، وهو صاحب أبي بكر ، تعلّم منه الأنساب وأخبار قريش (23) ، وكانت عائشة تُسمّىٰ له وتُذكر له قبل أن يتزوّجها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (24) ، وذكره بعضهم في المؤلّفة قلوبهم. وكان شريفاً في قومه بني نوفل وهم حلفاء بني أُميّة في الجاهليّة والإسلام. وهو أحد الخمسة الّذين اقترحهم عمرو بن العاص علىٰ أبي موسى الأشعري للمشورة في التحكيم ـ وهم : جبير بن مطعم ، وعبدالله بن الزبير ، وعبدالله بن عمرو بن العاص ، وأبو الجهم بن حذيفة ، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة ـ وكلّهم مائل عن عليّ عليه السلام ، فابن الزبير وعبد الرحمن بن الحرث كانا في أصحاب الجَمل الّذين قاتلوا عليّاً في البصرة ، وعبدالله بن عمرو مع أبيه عمرو بن العاص في أصحاب معاوية ، وجبير وأبو الجهم من مسلمة الفتح هواهما مع بني أُميّة (25) !.

محمّد بن جبير بن مطعم : وهو القائل لعبد الملك بن مروان وقد سأله : هل كنّا نحن وأنتم ـ يعني أُميّة ونوفل ـ في حلف الفضول (26) ؟ فقال له محمّد بن جُبير بن مطعم : لا والله يا أمير المؤمنين ، لقد خرجنا نحن وأنتم منه ، ولم تكن يدنا ويدكم إلّا جميعاً في الجاهليّة والإسلام (27) !.

وقد اعتزل محمّد عليّاً والحسن عليهما السلام في حربهما مع معاوية ، فلمّا تمّ الصلح كان محمّد ممثَّلاً في وفد المدينة إلىٰ معاوية للبيعة (28).

وأمّا سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : فقد كان قاضياً لبعض ملوك بني أُميّة علىٰ المدينة (29).

وأمّا ولده إبراهيم بن سعد : فهو صاحب العُود والغناء ، كان يعزف ويغنّي ، جاءه أحد أصحاب الحديث ليأخذ عنه ، فوجده يغنّي ، فتركه وانصرف ، فأقسم إبراهيم ألّا يحدّث بحديث إلّا غنّىٰ قبله ! وعمل والياً علىٰ بيت المال ببغداد لهارون الرشيد (30).

هذا النصّ ، الذي جاء بهذه السلسلة الوحيدة ، هو الذي رأىٰ فيه ابن حزم وغيره نصّاً جليّاً علىٰ خلافة أبي بكر (31) ! غير أنّ الجرجاني والتفتازاني لم يذكراه ، فيما ذكرا نصوصاً كثيرة أضعف منه سنداً ، وأقلّ منه دلالة (32) !.

مناقشة المتن : وخطوة أُخرىٰ إلىٰ الأمام في التحقيق تضعنا أمام صورة أكثر وضوحاً حيث تُرينا كيف حلّ هذا الحديث محلّ الحديث الصحيح الوارد في عليّ عليه السلام بعين هذا المتن !

لمّا حضر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قالت صفيّة أُمّ المؤمنين : يا رسول الله ، لكلّ امرأةٍ من نسائك أهل تلجأ إليهم ، وإنّك أجليت أهلي ، فإنْ حَدَثَ حَدَثٌ فإلىٰ مَن ؟

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إلىٰ عليّ بن أبي طالب ». أخرجه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح (33).

إنّ الظروف السياسية الغالبة منذ وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وحتّىٰ عصر تدوين جوامع الحديث ، هي السبب الوحيد في ظهور الحديث الأوّل ودخوله في كتب الشيخين وغيرهما دون الحديث الثاني !

٢ ـ قالت عائشة : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه : « ادعي لي أبا بكر أباك ، وأخاكِ ، حتّىٰ أكتب كتاباً ، فإنّي أخاف أن يتمنّىٰ متمنٍّ ويقول قائل : أنا أوْلىٰ ، ويأبىٰ الله والمؤمنون إلّا أبا بكر » (34).

أسند مسلم هذا الحديث كما يلي : عبيدالله بن سعيد ، عن يزيد بن هارون ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة.

فقد ظهر إبراهيم بن سعد في هذا الحديث أيضاً ، وهو صاحب الحديث المتقدّم ، صاحب العود والغناء ، صاحب هارون الرشيد.

أمّا الزهري وعروة وعائشة فهم من أشدّ الناس ميلاً وانحرافاً عن عليّ عليه السلام ، وموقفهم من الخلافة ومن عليّ عليه السلام خاصّة وبني هاشم عامّة معروف جدّاً !

وأورده البخاري من طريق آخر ينتهي أيضاً إلىٰ عائشة ، فهي وحدها رأس هذا الحديث في جميع طرقه !

ولعلّ أقوىٰ مايُثار هنا : أنّ هذه الأحاديث قد رواها الشيخان ، فكيف يمكن طعنها والشكّ فيها ؟!

وما أيسر الجواب لمن تجرّد للحقيقة دون سواها ، الحقيقة التي كشف عنها النقاب مؤرّخون وأئمّة لاشك في وثاقتهم وصدقهم :

ـ قال نفطويه في تاريخه : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة اختُلِقت في أيّام بني أُميّة تقرّباً إليهم في مايظنّون أنّهم يُرغِمون به أُنوف بني هاشم !

ـ وقال المدائني في كتابه في الأحداث : فرُوِيَتْ أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة ، لا حقيقة لها .. حتّىٰ انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلىٰ الديّانين الّذين لايستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنّون أنّها حقّ ، ولو علموا أنّها باطلة مارووها ولا تديّنوا بها !

ـ وقال الإمام الباقر عليه السلام : « حتّىٰ صار الرجل الذي يُذكر بالخير ، ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً ، يحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض مَن قد سلفَ من الولاة ، ولم يخلق الله تعالىٰ شيئاً منها ، ولا كانت وقعت ، وهو يحسب أنّها حقّ لكثرة من رواها ممّن لم يُعرف بالكذب ولابقلّة ورع » (35) !

فليس بمستنكَرٍ إذن أن تنفذ هذه الأخبار إلىٰ الصحيحين وغيرهما .. فمن أين يأتي الاستنكار وهم مارووها إلّا وهم يعتقدون صحّتها ؟!

وهذا الحديث بالذات ممّا شهد المعتزلة بأنّ البكريّة وضعته في مقابل الحديث المرويّ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه : « ائتوني بدواةٍ وبياض أكتب لكم كتاباً لاتضلّوا بعده أبداً » فاختلفوا عنده ، وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله (36) !.

وممّا يشهد لهذا القول ، بل يجعله يقيناً لا شكّ فيه ، ماثبت عن ابن عبّاس في وصف اختلافهم عند النبيّ الذي حال دون كتابة ذلك الكتاب ، فقد كان ابن عبّاس يصف هذا الحديث بأنّه « الرزيّة ، كلّ الرزيّة » ويذكره فيقول : « يوم الخميس ، وما يوم الخميس ! قالوا : وما يوم الخميس ؟! قال : اشتدّ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجعه فقال : « ائتوني أكتب لكم كتاباً لاتضلّوا بعدي » فتنازعوا ، وماينبغي عند نبيٍّ تنازع ! وقالوا : ماشأنهُ ! أهَجَر ؟ استفهموه !!. فقال : « دعوني ، فالذي أنا فيه خير » قال ابن عبّاس : إن الرزيّة كلّ الرزيّة ماحال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب ، من اختلافهم ولغطهم ». ويبكي حتّىٰ يبلّ دمعُه الحصىٰ (37).

فلو كان الأمر كما وصفه الحديث المنسوب إلىٰ عائشة « يأبىٰ الله والمؤمنون إلّا أبا بكر » لم تكن ثمّة رزيّة يبكي لها ابن عبّاس كلّ هذا البكاء ويتوجّع كلّ هذا التوجّع.

إنّ بكاء ابن عبّاس وتوجّعه الشديد لهذا الحديث لهو دليلٌ لاشيء أوضح منه علىٰ أنّ الذي أراده النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من ذلك الكتاب لم يتحقّق ، بل تحقّق شيء آخر غيره لم يكن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أراده ولا أشار إليه أدنىٰ إشارة.

وتزداد هذه الحقيقة رسوخاً حين ندرك أنّ ابن عبّاس هو واحد من سادة بني هاشم الّذين لم يبايعوا لأبي بكر إلّا بعد ستّة أشهر (38) !.

فمع هذه الثوابت لايبقىٰ احتمال لصحّة الحديث المنسوب إلىٰ عائشة !

٣ ـ حديث : « اقتدوا باللَّذَين مِن بعدي ، أبي بكر وعمر ».

أخرجه الترمذي وابن ماجة (39) ، واعتمده كثيرون في إثبات النصّ علىٰ أبي بكر وعمر ، أو في إثبات صحّة خلافتهما (40).

لكنّ ابن حزم استهجن كثيراً الاستدلالَ بهذه الرواية ، وعدّه عيباً يترصّدُ أمثالَه الخصوم ، فقال مانصّه : « ولو أنّنا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً ، أو أبلسوا أسفاً ، لاحتججنا بما روي « اقتدوا باللَّذَين من بعدي أبي بكر وعمر » ولكنّه لايصحّ ، ويُعيذنا الله من الاحتجاج بما لايصحّ » (41).

٤ ـ نصوص أُخر نُسبت إلىٰ عليّ عليه السلام ، إمعاناً في سدّ الثغرات ، وقطع الطريق علىٰ الخصم ، استبعد المحبّ الطبري صحّة شيءٍ منها لتخلّف عليٍّ عن بيعة أبي بكر ستّة أشهر ، ونسبته إلىٰ نسيان الحديث في مثل هذه المدّة أمر بعيد (42).

وهذا حقٌّ يؤيّده ما اشتهر عن عليّ عليه السلام من ذِكر حقّه في الخلافة (43).

هذه جملة مااعتمدوه من النصوص الحديثيّة في النصّ علىٰ أبي بكر وتقديمه.

ثانياً ـ نصوص من القرآن الكريم :

١ ـ قوله تعالىٰ : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ ) (44).

قالوا : الخطاب هنا للصحابة ، فوجب أن يوجد في جماعة منهم خلافة يتمكّن بها الدين ، ولم يوجد علىٰ هذه الصفة إلّا خلافة الخلفاء الأربعة ، فهي التي وعد الله بها (45). حتّىٰ صرّح بعضهم بأنّ الآية نازلة فيهم ، أو في أبي بكر وعمر خاصّةً (46).

وهذا الاستدلال ضعّفه المفسّرون بأمرين :

الأوّل : إنّ المراد في هذه الآية هو « الوعد لجميع الأُمّة في ملك الأرض كلّها تحت كلمة الإسلام ، كما قال عليه الصلاة والسلام : « زُوِيَتْ لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ مُلك أُمّتي مازُوِيَ لي منها » ». وأنّ « الصحيح في هذه الآية أنّها في استخلاف الجمهور ، واستخلافهم هو أن يملّكهم البلاد ويجعلهم أهلها ..

ألا ترى إلىٰ إغزاء قريش المسلمين في أُحد وغيرها ، وخاصّةً الخندق ، حتّىٰ أخبر الله تعالىٰ عن جميعهم فقال : ( إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا ) (47). ثمّ إنّ الله ردّ الكافرين لم ينالوا خيراً ، وأمّن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ ). وقوله : ( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم .. وهكذا كان الصحابة مستضعَفين خائفين ، ثمّ إنّ الله تعالىٰ أمّنهم ومكّنهم وملّكهم ، فصحّ أنّ الآية عامّة لأُمّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم غير مخصوصة ، إذ التخصيص لايكون إلّا بخبر ممّن يجب له التسليم ، ومن الأصل المعلوم التمسّك بالعموم » (48).

والثاني : ماذكروه في سبب نزول الآية ، فإنّه منطبق تماماً علىٰ ماذُكر آنفاً ، لايُساعد علىٰ تخصيصها في الخلفاء الأربعة أو بعضهم ، وإنْ كان فيه مايفيد تخصيصها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه (49).

ففي رواية البراء ، قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد.

وفي رواية أبي العالية ، يصف حال أصحاب الرسول وهم خائفون ، يُمسون في السلاح ويُصبحون في السلاح ، فشكوا ذلك إلىٰ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأنزل الله الآية ، فأظهر الله نبيّه علىٰ جزيرة العرب ، فأمنوا ووضعوا السلاح.

ومثلها رواية أُبيّ بن كعب ، وقوله في رواية ثانية عنه : لمّا نزلت علىٰ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) الآية ، بشّر هذه الأُمّة بالسَنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب (50).

أمّا رواية عبد بن حُميد عن عطيّة ففيها تخصيص آخر مخالف للتخصيص المذكور في الخلفاء الأربعة ، إذ قال عطيّة : هم أهل بيتٍ هاهنا ! وأشار بيده إلىٰ القِبلة (51).

وفي هذا عطف علىٰ ماذهب إليه غالب مفسّري الشيعة من أنّ المراد بالّذين آمنوا وعملوا الصالحات هنا : النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام. وأنّ هذه الآية تبشّر بالمهدي الموعود من أهل البيت ودولته (52).

فمع هذا القول ، أو مع ظهور ما تقدم من إفادتها العموم ، لا يبقىٰ وجه للتمسّك بها هنا.

٢ ـ قوله تعالىٰ ( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا ) (53). فقد جعل الداعي مفترض الطاعة ، والمراد به أبو بكر وعمر وعثمان ، فوجبت طاعتهم بنصّ القرآن ، وإذ قد وجبت طاعتهم فرضاً فقد صحّت إمامتهم وخلافتهم (54).

والصحيح الذي يوافق تاريخ نزول الآية الكريمة ، ويوافق الوقائع ، هو ماذكره الرازي من أنّ الداعي هو النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (55) ، إذ كانت الآية المذكورة نازلة في الحديبيّة بلا خلاف ، وهي في سنة ستّ للهجرة ، وبعدها غزا النبيّ هوازن وثقيف وهم أُولو بأس شديد ، في وقعة حنين الشهيرة وذلك بعد فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة ، وفتح مكّة هو الآخر دعوة إلىٰ قتال قوم أُولي بأس شديد قاتَلوا الإسلام وأهله حتّىٰ أظهره الله عليهم في الفتح ، ثمّ كانت غزوة مؤتة الشديدة ، ثمّ غزوة تبوك وهي المعروفة بجيش العسرة ، التي استهدفت محاربة الروم علىٰ مشارف الشام ، ثمّ دعاهم مرّةً أُخرىٰ لقتال الروم في جيش أُسامة الذي جهّزه وأمر بإنفاذه وشدّد علىٰ ذلك في مرضه الذي توفّي فيه.

فكيف يقال إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يَدْعُهُم إلىٰ قتال بعد نزول الآية ؟!

ولأجل الفرار من هذا المأزق ذهبوا إلىٰ آية سورة التوبة النازلة في المخلَّفين : ( فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ ) (56).

قال ابن حزم بعد أن ذكر هذه الآية مانصّه : وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شكّ التي تخلّف فيها الثلاثة المعذورون الّذين تاب الله عليهم في سورة براءة ، ولم يغزُ عليه السلام بعد غزوة تبوك إلىٰ أن مات. وقال تعالىٰ أيضاً : ( سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ ) (57) فبيّن أنّ العرب لايغزون مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد تبوك (58) !.

وهذا أوّل التهافت ! فالآية الثانية ، آية سورة الفتح ، نزلت في الحديبيّة سنة ستّ للهجرة بلا خلاف ، أيّ قبل تبوك بثلاث سنين ! ويتّضح التهافت جليّاً حين يواصل القول مباشرةً : « ثمّ عطف سبحانه وتعالىٰ عليهم إثر منعه إيّاهم من الغزو مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وغلق باب التوبة فقال تعالىٰ : ( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) فأخبر تعالىٰ أنّهم سيدعوهم غير النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلىٰ قومٍ يقاتلونهم أو يُسلمون » (59).

وهكذا قلب ترتيب الآيات ، فقدّم آية التوبة النازلة بعد تبوك سنة تسع ، وأخّر آية الفتح النازلة في الحديبيّة سنة ستّ ، ليتّفق له مايريد !!

وهذا هو الخطأ الأوّل ، فكيف يكون مانزل سنة تسع من الهجرة مقدَّماً علىٰ مانزل سنة ستّ ؟!

وأمّا الخطأ الثاني فليس بأقلّ ظهوراً من الأوّل : فآية سورة الفتح النازلة في الحديبيّة في السنة السادسة قد جاء فيها الإخبار عن وقوع الدعوة ، وتعليق الثواب والعقاب بالطاعة والعصيان منهم ، فنصّ الآية يقول : ( سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ .. ) وقد وقعت الدعوة منه صلّى الله عليه وآله وسلّم حقّاً في حُنين ومؤتة وتبوك.

أمّا آية سورة التوبة في المخلَّفين المنافقين فقد أغلقت عليهم طريق التوبة ومنعت خروجهم مع النبيّ ومع غيره أيضاً ، إذ كيف يدعوهم أبو بكر أو عمر إلىٰ جهاد الكفّار وهم قد شهد عليهم الله ورسوله بالكفر والموت علىٰ الضلال ؟! فقال تعالىٰ في تلك الآية نفسها : ( فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ * وَلا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) (60).

وهذا صريح في حكم الله تعالىٰ عليهم بالكفر وقت نزول الآيات ، وأنّهم يموتون علىٰ الكفر والضلال ، وأكّد ذلك بقوله في الآية التالية مباشرة : ( وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) (61).

فهؤلاء إذن المقطوع بكفرهم وموتهم علىٰ الكفر ، غير أُولئك الّذين ذكرتهم سورة الفتح ووعدتهم بالثواب إنْ هم استجابوا للداعي !

ثمّة التفاتة هامّة جدّاً ، وهي : أنّه في ذات الواقعة التي نزلت فيها الآية الأُولىٰ : ( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا .. ) أيّ في الحديبيّة ذاتها ، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لوفد قريش : « يا معشر قريش ، لَتنتهنَّ أو لَيبعثنَّ اللهُ عليكم من يضرب رقابكم بالسيف علىٰ الدين ، قد امتحن قلبه علىٰ الإيمان » قالوا : من هو يا رسول الله ؟ فقال أبو بكر : من هو يا رسول الله ؟ وقال عمر : من هو يا رسول الله ؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « خاصف النَعل » وكان قد أعطىٰ عليّاً نعلاً يخصفها.

أخرجه الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة (62).

ونحو هذا تماماً قاله النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لوفد ثقيف ، قال : « لَتُسلمُنَّ أو لأبعثنَّ عليكم رجلاً منّي ـ أو قال : مثل نفسي ـ ليضربنّ أعناقكم ، وليسبينّ ذراريكم ، وليأخذنّ أموالكم » قال عمر : فو الله ماتمنّيت الإمارة إلّا يومئذٍ ، فجعلتُ أنصب صدري رجاء أن يقول : هو هذا. فالتفتَ إلىٰ عليٍّ فأخذ بيده وقال : « هو هذا ، هو هذا » (63).

ونحوه ما أخبر به النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه واقعٌ بعده ، فقال : « إنّ منكم من يقاتل علىٰ تأويل القرآن كما قاتلتُ علىٰ تنزيله » فاستشرف له القوم ، وفيهم أبو بكر وعمر ، فقال أبو بكر : أنا هو ؟ قال : « لا ». قال عمر : أنا هو ؟ قال : « لا ، ولكن خاصف النعل » وكان عليٌّ يخصف نعل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (64).

وهذه نصوص اجتمعت صراحةً علىٰ نفي وإثبات :

نفت صراحةً أن يكون الداعي أبو بكر أو عمر ..

وأثبتت صراحةً أنّ الداعي بعد الرسول هو عليّ !

وبعد وجود هذه النصوص الموثّقة المتضافرة فلا مسوِّغ للرجوع إلىٰ مداخلات المتكلّمين.

الإتّجاه الثاني : النصوص الصحيحة الحاكمة

نصوص أيقن بها طائفة من الصحابة ، علىٰ رأسهم عليّ ، يقيناً لا يسمح أن يتسرّب إلىٰ مدلولها شكّ .. يقيناً دفع عليّاً عليه السلام أن يردّ بدهشة علىٰ من دعاه لتعجيل البيعة بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قائلاً : « ومن يطلب هذا الأمر غيرنا » (65) ؟!.

لكنّ تسارع الأحداث تلك الأثناء ، وإحكام القبضة ، لم يتركا لشيء من تلك النصوص موقعاً يرتجىٰ ، أمّا حين تحقّقت بارقة أمل يوم اجتماع الأصحاب الستّة للشورىٰ ولم يُبَتّ في الأمر بعد ، فلم يتوانَ عليٌّ عليه السلام عن التذكير بطائفة منها (66).

وبعد أن تمّت له البيعة كانت الأذهان أكثر استعداداً للإصغاء ، وأوسع فسحةً للتأمّل .. فبالغ في التذكير ببعضها ، نصّاً أو دلالةً ، حتّىٰ امتلأت بها خطبه الطوال والقصار ، وكان لايخلو تذكيره أحياناً من تقريع ، ظاهر .. أو خفيّ !

وبواحد من مواقفه نستهلّ هذه الطائفة من النصوص :

١ ـ « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » :

خطب عليٌّ عليه السلام في الناس ، فقال : أنشدُ الله مَن سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خُمّ : « مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » لَما قام فشهد !

فقام اثنا عشر بدرياً ، فقالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خُمّ : « ألستُ أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم » ؟ قلنا : بلىٰ ، يا رسول الله.

قال : « فمَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عادا » (67).

وحديث غدير خمّ لم يرد في مسند أحمد أكثر منه طُرُقاً إلّا حديثاً واحداً (68) !. أمّا في كتاب « السُنّة » لابن أبي عاصم ـ ٢٨٧ هـ ـ وتاريخ ابن كثير ، فلا يضاهيه حديث (69) !!. ورواه غيرهم بأسانيد صحيحة ، كالترمذي وابن ماجة ، والنسائي ، وابن أبي شيبة ، والحاكم (70). ونَصَّ الذهبي علىٰ تواتره (71).

لكن بعد هذا جاء دور المتكلّمين ، فبذلوا جهودا مضنيةً في تأويله وصرفه عن معناه ، بل تجريده من كلّ معنىً !!

فحين رأوا أنّ الإقرار بدلالته علىٰ الولاية العامّة يفضي إلىٰ إدانة التاريخ وتخطئة كثير من الصحابة ، ذهبوا إلىٰ تأويله بمجرّد النصرة والمحبّة ، فيكون معنىٰ الحديث : يا معشر المؤمنين ، إنّكم تحبّونني أكثر من أنفسكم ، فمن يحبّني يحبّ عليّاً ، اللّهمّ أحبّ من أحبّه ، وعادِ من عاداه (72) !.

وحين رأوا أنّ جماعة من الصحابة قد عادَوه وحاربوه ، ومنهم : عائشة وطلحة والزبير ، وأنّ آخرين قد أسّسوا دينهم ودنياهم علىٰ بغضه ، ومنهم : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة ومروان وعبد الله بن الزبير .. ذهبوا إلىٰ حقّ هؤلاء في الاجتهاد مقابل ذلك النصّ ، فهم معذورون وإن أخطأوا ، بل مأجورون أجراً واحداً لأجل اجتهادهم (73) !!.

وهكذا أصبح الخروج علىٰ نصوص الشريعة حتّىٰ في مثل تلك الطرق السافرة ، اجتهاداً يُثاب صاحبه ، وليس بينه وبين الآخر الذي تمسّك بالشريعة وقاتل دونها إلاّ فرق الأجر ! فالذي قاتل الشريعة له نصف أجر الذي قاتل دونها !!

لقد كان الأوْلىٰ بهم أن يتابعوا سُنّة الرسول ، ويوقِّروا نصّه الشريف الثابت عنه ، بدلاً من إفراطهم في متابعة الأمر الواقع الذي ظهر فيه اختلاف كثير ..

فالحقّ أنّ هذا نصٌّ صريح في ولاية عليٍّ عليه السلام ، لا يحتمل شيئاً من تلك التأويلات التي ما كانت لتظهر لولا الانحياز للأمر الواقع ومناصرته.

وممّا يزيد في ظهور هذا النصّ نصوص أُخرىٰ تشهد له وتبيّنه ، كما نرىٰ في النصوص الآتية :

٢ ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ عليّاً منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ». حديث صحيح (74).

٣ ـ ومثله قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في عليّ : « إنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي .. إنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي » يكرّرها (75).

٤ ـ ومثله قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ : « أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي ». أو : « أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة » (76).

وبعد اليقين بصحّة هذه الأحاديث ، لايمكن أن تفسّر بحسب ظاهرها فتدين الواقع التاريخي !

فلمّا أرادوا تفسير الولاية هنا أيضاً بالنصرة والمحبّة ، نظير ما في قوله تعالىٰ : ( وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (77) ، صدمهم قوله : « بعدي » الذي لا يمكن أن يتشابه معناه !

ولمّا كانت قدسيّة الرجال أعظم من قدسيّة النصّ ، رغم ثبوت صحّته عندهم ، شهروا سيف التكذيب ، فقالوا : إسناده صحيح مع نكارة في متنه لشذوذ كلمة « بعدي » !

ولمّا أرادوا البرهان علىٰ هذه النكارة والشذوذ فمن اليسير جدّاً أن يرموا بها « شيعيّاً » ورد في إسناد بعضها (78) !.

لكن من البديهي أنّ مثل هذا البرهان الأخير يحتاج إلىٰ توثيق ، خصوصاً إزاء حديث يرِد بأسانيد صحيحة متعدّدة ، فكيف وثّقوه ؟!

ليتّهم لم يوثّقوه ، ليتّهم تركوه مجازفةً كمجازفات الكثير من أصحاب الأذواق !!

قالوا في توثيقه : يؤيّده أنّ الإمام أحمد روىٰ هذا الحديث من عدّة طرق ليست في واحدة منها هذه الزيادة (79) !

إنّها مقالةُ مَن لايخشى فضيحة التحقيق !!

فالنصوص الثلاثة التي ذكرناها لهذا الحديث ، وفي جميعها كلمة « بعدي » جميعها في مسند أحمد (80) !

وأغرب من هذا أنّ المحقّق الذي ينقل قولهم المتقدّم ويعتمده ، يخرّج بعضها علىٰ مسند أحمد نفسه (81) !!.

ومرّة أُخرىٰ ينهار ذلك البرهان وتوثيقه أمام الحديث الذي رواه أحمد في مسنده وفيه : « أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي » (82) ، وليس في إسناده واحد من أُولئك « الشيعة » الّذين اتُّهِموا به ! بل اتّفق علىٰ صحّته الحاكم والذهبي والألباني (83) !

إنّ هذه الدلائل ليست فقط تثبت صحّة قوله « بعدي » ، إنّما تثبت أيضاً أنّ الرواية التي وردت في مسند أحمد أو غيره وليس فيها كلمة « بعدي » إنّما قام « بتهذيبها » أنصار التاريخ الّذين نصروه حتّىٰ في أوج انحرافه عن السُنّة ..

كيف لا ؟! وهي إدانة صريحة لمساره المنحرف الذي صار عقيدةً يتديّنون بها ، ويضلِّلون مَن خالفهم فيها !

٥ ـ الحديث الذي غاب عن « السنن » وأظهره أصحاب التاريخ والتفسير :

« إنّ هذا أخي ، ووصيّي ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا » (84).

فإذا كان الذي دهش قريشاً في جاهليّتها هو أن يؤمر أبو طالب بأن يسمع لابنه ويطيع (85) ، فقد دهشها بعد الإسلام أن يؤمر كلّ الصحابة بذلك !

قال ابن كثير : ذكروا في إسناد هذا الحديث عبد الغفّار بن القاسم ، وهو كذّاب ، شيعي ، اتّهمه عليّ بن المديني بوضع الحديث ، وضعّفه الباقون (86).

لكنّ أبو مريم ، عبد الغفّار بن القاسم ، قد حفظ له التاريخ غير ما ذكر ابن كثير !

حفظ لنا خلاصة سيرته ، وصلته بالحديث ، ومنزلته فيه ، ثمّ حفظ علّة تركهم حديثه :

قال ابن حجر العسقلاني : « كان ـ أبو مريم ـ ذا اعتناء بالعلم وبالرجال .. وقال شعبة : لم أرَ أحفظ منه .. وقال ابن عديّ : سمعتُ ابن عقدة يثني علىٰ أبي مريم ويُطريه ، ويجاوز الحدّ في مدحه ، حتّىٰ قال : لو ظُهر علىٰ أبي مريم مااجتمع الناس إلىٰ شعبة » (87) !!.

إذن لأمرٍ ما لم يُظهَر علىٰ أبي مريم ! قال البخاري : عبد الغفّار بن القاسم ليس بالقويّ عندهم .. حدّث بحديث بُرَيدة « عليٌّ مولى مَن كنتُ مولاه » (88) !.

لكنّ حديث بريدة هذا قد أخرجه ابن كثير نفسه من طريق آخر وصفه بأنّه إسناد جيّد قويّ ، رجاله كلّهم ثقات (89) !.

ذلك هو أبو مريم !

٦ ـ خلاصة وصيّة النبيّ لأُمّته في حفظ رسالته : « ألا أيُّها الناس ، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تاركٌ فيكم الثَقَلَين : أوّلهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به .. وأهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي » (90).

ـ « إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلىٰ الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّىٰ يردا علَيَّ الحوض .. فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (91).

ـ « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، وأهل بيتي .. » (92).

تلك خلاصة رسالة السماء .. ومفتاح المسار الصحيح الذي أراده النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لشريعته.

وهذا كلام لا يختلف في فهمه عامّيٌّ وبليغ .. فمن أين يأتيه التأويل ؟!

إنّه لو قُدِّر أن تتحقّق الخلافة لعليٍّ أوّلاً ، لَما ارتاب أحد في هذا النصّ الصريح الصحيح .. لكنّ اختلاف المسار الجديد عنه ، وتقديس الرجال ، هما وراء كلّ ما نراه من ارتياب وتجاهل لنصّ لا شيء أدلّ منه علىٰ تعيين أئمّة المسلمين ، خلفاء الرسول !!

إنّ أغرب ما جاء في « تعطيل » هذا النصّ قولٌ متهافتٌ ابتدعه ابن تيميّة حين قال : « إنّ الحديث لم يأمر إلّا باتّباع الكتاب ، وهو لم يأمر باتّباع العترة ، ولكن قال : أُذكّركم الله في أهل بيتي » (93) !.

فقط وفقط ، ولا كلمة واحدة !!

ولهذا القول المتهافت مقلِّدون ، والمقلِّد لا يقدح في ذهنه ما يقدح في أذهان البسطاء حتّىٰ ليعيد علىٰ شيخه السؤال : أين الثقل الثاني إذن ؟! أين الخليفة الثاني إذن ، والنبيّ يقول « الثقلين .. خليفتين » ؟! ومَن هذان اللذان لن يفترقا حتّىٰ يردا الحوضَ معاً ؟!

« كتاب الله » و « عترتي أهل بيتي » إنّهما المحوران اللذان سيمثّلان محلّ القُطب في مسار الإسلام الأصيل غدا بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وليس بعد هذا الحديث ، وحديث غدير خمّ ، ما يستدعي البحث عن نصوص أُخر لمن شاء أن يؤمن بالنصوص ..

الخطاب الجامع .. مفترق الطرق :

في حديث صحيح ، جمع الخطاب وأوجز :

قال الصحابي زيد بن أرقم : لمّا دفع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجّة الوداع ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحاتٍ فقُمِمْن (94) ، ثمّ قال : « كأنّي دُعيتُ فأجبتُ ، وإنّي تارك فيكم الثَقَلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ! فإنّهما لن يفترقا حتّىٰ يردا علَيَّ الحوض ».

ثمّ قال : « إنّ الله مولاي ، وأنا وليّ كلّ مؤمن » ثمّ أخذ بيد عليّ رضي الله عنه ، فقال : « مَن كنتُ وليّه فهذا وليّه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ».

قال أبو الطفيل : قلتُ لزيد : سمعتَه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟!

قال : نعم ، وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه بأُذنيه (94).

هذا الخطاب ، علىٰ نحو مائة ألف من المسلمين شهدوا حجّة الوداع ، وعند مفترق طرقهم إلىٰ مدائنهم ، لم يعِشِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعده إلّا نحو ثمانين يوماً (95) ، ليكون هذا الخطاب ذاته بعد اليوم الثمانين مفترق الطرق بين المسلمين ، وحتّىٰ اليوم !!

ثمانون يوماً لا تكفي لنسيانه !!

ودواعي الذكرىٰ التي أحاطت به لا تسمح بتناسيه !!

لكن لم يحدّثنا التاريخ أنّ أحداً قد ذكره في تلك الأيّام الحاسمة التي ينبغي ألّا تعيد الأذهان إلىٰ شيء قبله ، فهو النصّ الذي يملأ ذلك الفراغ ، ويسكن له ذلك الهيجان ، وتنقطع دونه الأمانيّ ، أو فرص الاجتهاد ..

« إنّي يوشك أن أُدعى فأُجيب ..

وإنّي تارك فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ..

مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه .. ».

والعهدُ ، بعدُ ، قريبٌ ، جدُّ قريب ..

فإذا وجدنا اليوم من لم يؤمن بالنصّ علىٰ خليفة النبيّ ، فليس لأنّ النبيّ لم يَقُلْه ، بل لأنّ الناس يومئذٍ لم يذكروه !!

٧ ـ « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

حديث متواتر لا خلاف فيه (95) ، لكنّ الكلام في تأويله ، وما أغنانا عن التأويل الذي ما أبقى من النصّ إلّا حروفه !!

غريب جدّاً ما ذهب إليه المتأوَّلون من أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يَقُلْهُ إلّا تطييباً لخاطر عليٍّ وترغيباً له في البقاء في المدينة لمّا أرجف به المنافقون وقالوا : خلّفك مع النساء والصبيان ! وليس فيه من تشابه المنزلتين إلّا القرابة (96) !.

غريب في نسبة هذه الاغراض إلىٰ حديث نبويّ ظاهر ، إلىٰ حديث النبيّ الذي لا يقول إلّا حقّاً ، ومع عليٍّ بالذات ، ربيب النبيّ وبطل الملاحم !!

وغريب في تناسي القرآن ، وكأنّ القرآن لم يذكر شيئاً من منزلة هارون من موسى !!

وغريب في الغفلة عمّا يضفيه هذا التأويل إلىٰ عليّ وسعد وابن عبّاس ، علىٰ الأقلّ ، من سذاجة في التفكير وقصور في الفهم !!

ألم يكن عليٌّ يعرف قرابته من رسول الله قبل ذلك اليوم ؟!

أم كان سعد لم يتمنّ إلّا هذه القرابة وهو يقول : سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول في عليٍّ ثلاث خصال لئن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حمر النعم ، سمعته يقول : « إنّه منّي بمنزلة هارون من موسىٰ إلّا أنّه لا نبيّ بعدي .. » (97) ؟! فهل فهم منه القرابة ، لا غير ؟!

أم كان ابن عبّاس لا يريد إلّا القرابة حين يذكر لعليٍّ عشر خصال ليست لأحدٍ من الناس ، فيعدّ فيها هذا الحديث (98) ؟! فهل كان النبيّ ليس له ابن عمّ إلّا عليّ ؟!

لقد كان لابن عبّاس من قرابة النبيّ مثل ما لعليّ عليه السلام فكلاهما ابن عمّه صلّى الله عليه وآله وسلّم !! ويساويهما في هذه القرابة كلّ أولاد أبي طالب وأولاد العبّاس وأولاد أبي لهب !

ولا يخفىٰ أيضاً أنّ قرابة عليٍّ للرسول ليست كقرابة هارون لموسىٰ ، فليست هي المعنيّة في النصّ قطعاً ..

وغريب أن يخفىٰ علىٰ هؤلاء ما هو ظاهر لمن هو دونهم : فقوله : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ظاهر في عمومه واستيعابه جميع مصاديق تلك المنزلة ، ومن هنا استثنىٰ النبوّة ، فقال : « إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي » فلمّا استثنىٰ النبوّة فقد نصّ علىٰ ثبات المصاديق الأُخر ، وهي : الوزارة والخلافة.

فلو لم يرد النصّ إلّا في غزوة تبوك ، لَما أفاد ذلك تخصيصه بتلك الغزوة مادام الحديث نصّاً في العموم.

ولقد ورد هذا النصّ نفسه في غير غزوة تبوك أيضاً ، كما رواه ابن حبّان وغيره في خبر المؤاخاة في السنة الأولىٰ من الهجرة النبوية (100).

٨ ـ « يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ».

متواتر ، لانزاع فيه (101) !.

أهل البيت أوّلاً :

يقول ابن تيميّة : إنّ بني هاشم أفضل قريش ، وقريش أفضل العرب ، والعرب أفضل بني آدم ، كما صحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله في الحديث الصحيح : « إنّ الله اصطفىٰ بني إسماعيل ، واصطفىٰ كنانة من بني إسماعيل ، واصطفىٰ قريشاً من كنانة ، واصطفىٰ بني هاشم من قريش » ..

ويمكن أن يضاف إلىٰ هذا كثير :

أ ـ « اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً » عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين ، ولا أحد سواهم ذلك حين نزل قوله تعالىٰ ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (102) فأدار عليهم الكساء وقال فيهم قوله المتّفق عليه هذا (103) !.

ب ـ « نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : أنا ، وحمزة ، وعليّ ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهديّ » (104).

ج ـ « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » (105).

د ـ « المهديّ من عترتي ، من وُلْد فاطمة » (106).

فلم يبق في الأمر أدنى غموض ، بعد تقديم بني هاشم الصريح ، وتقديم أهل البيت خاصّة علىٰ سائر بني هاشم ، وصراحة النصوص المتقدّمة ، لا سيّما الغدير والولاية والثقلين ، وببساطة كبساطة هذا الدين الحنيف ، وبعيداً عن شطط التأويل بُعد هذا الدِين عن التعقيد والتنطُّع ، تبدو عندئذٍ كم هي ظاهرةٌ إمامة اثني عشر سيّدا من سادة أهل البيت عليهم السلام .. وتحديداً : أوّلهم عليّ ، فالحسن ، فالحسين ، وآخرهم المهديّ عليه السلام.

ومن لحظ الاضطراب الشديد والتهافت الذي وقع فيه شرّاح الصحاح عند حديث الخلفاء الاثني عشر (107) ، ازداد يقيناً في اختصاص سادة أهل البيت بهذا الحديث ، دون سواهم.

وقد اهتدىٰ إلىٰ هذا المعنىٰ بعض من شرح الله صدره للإسلام من أهل الكتاب لمّا رأوا في أسفارهم الخبر عن اثني عشر إماماً يكونون بعد النبيّ العظيم من وُلْد إسماعيل (108) ، فناقضهم ابن كثير ، نقلاً عن شيخه ابن تيميّة ، ليجعل هؤلاء العظماء هم الخلفاء الّذين يعدّون فيهم معاوية ويزيد ومروان وعبد الملك وهشام ، أو الّذين لا يدرون من هُم (109).

وأهل البيت أوّلاً :

لو لم يكن ثمّة نصّ في الإمامة ، وكان للأُمّة أن تُرشّح لها أهلها ، وبعد ما تقدّم في تفضيل بني هاشم ، وأهل البيت خاصّة ، فهم الأوْلىٰ بالإمامة بلا منازع.

وأهل البيت أوّلاً :

لو كانت الخلافة محصورة في قريش ، إمّا لنصّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أو لقول المهاجرين في السقيفة ، « أنّ قريشاً أولياؤه وعشيرته » ، « وقومه أوْلىٰ به » ، « وهيهات أن يجتمع سيفان في غمد » ، « ولا تمتنع العرب أن تولّي أمرها مَن كانت النبوّة فيهم ».

وأخيراً : « فمَن ينازعنا سلطان محمّد ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلّا مُدلٍ بباطلٍ ، أو متجانف لإثمٍ ، أو متورّط في هَلَكة » (110) ؟!.

فإنّ هذا كلّه لا يرشّح أحداً قبل بني هاشم ، فإذا كان قومه أوْلىٰ به فلا ينازعهم إلّا ظالم ، فما من أحد أوْلىٰ به من بني هاشم ، ثمّ أهل البيت خاصّة !

فبنو هاشم ، دون سواهم من بطون قريش ، هم المعنيّون بآية الإنذار في بدء الدعوة النبويّة : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (111).

وبنو هاشم هم المعنيّون بالمحاصرة في شعب أبي طالب ثلاث سنين ، وليس معهم إلّا بني المطّلب ، أمّا بطون قريش الأُخر ، تَيم وعديّ وأُميّة ومخزوم وزهرة وغيرها ، فهم الّذين تحالفوا علىٰ محاصرة عشيرة محمّد الأقربين ، بني هاشم وبني المطّلب !!

فهل خفي هذا علىٰ أحد ، لو خفيت عليه النصوص ؟!

فالذي جادل في النصوص ودَفَعها بأنّها لو صحّت ، أو لو أفادت الخلافة ، لَما خفيت علىٰ عظماء الصحابة وجمهورهم .. عليه أن يقف أمام هذه الحقيقة ، كيف خفيت عليهم ؟!

سلوك النبيّ في ابلاغ إمامة عليّ :

عمليّاً كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يمارس إعداد عليّ لخلافته ، ومنذ بدء الدعوة ، ويُظهر لصحبه وللناس أنّه ينصبه لذلك ، عملاً مشفوعاً بالقول أحياناً ، مصرحاً بين الحين والحين بأنّ ذلك من الله تعالىٰ وبأمره ..

منذ البدء ، نشأ عليٌّ في بيت النبيّ يتبعه اتّباع الظلّ ، حتّىٰ بُعث صلّى الله عليه وآله وسلّم فكان عليٌّ أوّل من آمن به مع زوجته خديجة (112) ..

وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يخرج إلىٰ البيت الحرام ليصلّي فيه ، فيصحبه عليٌّ وخديجة فيصلّيان خلفه ، علىٰ مرأىً من الناس ، ولم يكن علىٰ الأرض من يصلّي تلك الصلاة غيرهم (113) ..

وكان عليٌّ يصف أيّامه تلك ، فيقول : « وقد علمتم موضعي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حِجره وأنا ولد ، يضمّني إلىٰ صدره .. وكان يمضغُ الشيء ثمّ يُلقمنيه ، وما وجد لي كذبةً في قول ، ولا خَطلةً في فِعل .. ولقد كنتُ أتّبعه اتّباع الفصيل أثَرَ أُمّه ، يرفعُ لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَماً ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنةٍ بحِراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة .. » (114).

ويوم أنذر عشيرته الأقربين ، رفع شأن عليٍّ عليهم جميعاً ، وخصّه بمنزلة لا يشركه فيها غيره.

ويوم هجرته إلىٰ المدينة ، اختار عليّاً يبيت في فراشه ، ثمّ يؤدّي ماكان عند النبيّ من أمانات ، ثمّ يهاجر بمن بقي من نساء بني هاشم.

ثمّ اختصّه بمصاهرته في خير بناته سيّدة نساء العالمين (115) ، بعد أن تقدّم لخطبتها أبو بكر ثمّ عمر فردّهما صلّى الله عليه وآله وسلّم (116) ! وقال لها : « زوّجتك أقدم أُمّتي سلماً ، وأكثرهم علماً ، وأعظمهم حلماً » (117).

وآخىٰ بين المهاجرين والأنصار ، ثمّ اصطفىٰ عليّاً لنفسه فقال له : « أنت أخي في الدنيا والآخرة » ، أو : « أنت أخي وأنا أخوك » (118). فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيّد المرسلين وإمام المتّقين ورسول ربّ العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد ، وعليّ بن أبي طالب ، أخوَين (119).

وفي سائر حروبه كان لواؤه صلّى الله عليه وآله وسلّم أو راية المهاجرين بيد عليٍّ عليه السلام (120).

وفي خيبر بعث أبا بكرٍ براية ، فرجع ولم يصنع شيئاً ، فبعث بها عمر ، فرجع ولم يصنع بها شيئاً ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لأُعطينَّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، لا يخزيه الله أبداً ، ولا يرجع حتّىٰ يفتح عليه » فدعا عليّاً ودفع إليه الراية ودعا له ، فكان الفتح علىٰ يديه (121).

وفي عبارة بعضهم : بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتّىٰ رجع إليه ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّىٰ النتهىٰ إليه (122) .. وفي عبارة بعضهم : فعاد يُجبِّن أصحابه ويجبّنونه (123) !.

ويقول صلّى الله عليه وآله وسلّم لأصحابه : « إنّ منكم من يقاتل علىٰ تأويل القرآن كما قاتلتُ علىٰ تنزيله » فيستشرفون له ، كلٌّ يقول : أنا هو ؟ وفيهم أبو بكر وعمر ، فيقول : « لا ، لا ، لكنّه عليّ » (124).

ويبعث أبا بكر بسورة براءة أميراً علىٰ الحجّ ، ثمّ يبعث خلفه عليّاً فيأخذها منه ، فيعود أبو بكر إلىٰ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيقول : أحَدَث فيَّ شيءٌّ ، يارسول الله ؟!

فيقول صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا ، ولكنّي أُمرتُ ألّا يبلّغ عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » (125) !.

وكان لبعض الأصحاب أبواب شارعة في المسجد ، فقال لهم : « سدّوا هذه الأبواب ، إلّا باب عليّ » (126).

وكان الصحابة عنده في المسجد ، فدخل عليٌّ ، فلمّا دخل خرجوا ، فلمّا خرجوا تلاوموا ! فرجعوا ، فقال لهم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم ، بل الله أدخله وأخرجكم » (127).

ودعاه يوم الطائف يناجيه ، فقال بعضهم : لقد طال نجواه مع ابن عمّه !!

فقال لهم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « ما أنا انتجيته ، ولكنّ الله انتجاه » (128).

في حجّة الوداع أشركه في هديه ، دون غيره من أصحابه أو ذوي قرباه (129).

وفيها خطب خطبته الشهيرة في عليٍّ وأهل البيت عليهم السلام بغدير خمّ ، وتقدّم نصّها آنفاً.

وخصّه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مدّة حياته الشريفة بمنزلةٍ ليست لأحد ! خصّه بساعةٍ من السحر يأتيه فيها كلّ ليلة (130).

وإذ نزل قوله تعالىٰ : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ) (131) كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يأتي باب عليٍّ صلاة الغداة كلّ يوم ، ويقول : « الصلاة ، رحمكم الله ، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا » (132).

وحين يُتوَفّىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخصُّ عليّاً بميراثه دون عمّه العباس ، فسُئل وُلْدُ العبّاس عن ذلك فقالوا : إنّ عليّاً كان أوّلنا به لحوقاً ، وأشدّنا به لصوقاً (133).

وغير هذا كثير ، وقد عرفه الصحابة في حياة الرسول ..

الصحابة والمعرفة بالتعيين :

سمع الصحابة وشهدوا نصوص النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وسلوكه في نصب عليٍّ عليه السلام وتعيينه لخلافته مباشرةً ، فأدركوا ذلك ووعوه ، حتّىٰ ظهر في أقوال بعضهم ، وظهر عند آخرين قولاً وعملاً.

فاشتهر عن بعضهم تمنّيه أن لو كانت له واحدة من تلك الخصال التي خُصَّ بها عليٌّ عليه السلام ، كما عُرف ذلك عن : عمر بن الخطّاب ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر (134).

واشتهر عن آخرين متابعتهم له حتّىٰ عُرفوا في ذلك العهد بشيعة عليّ ، منهم : أبو ذرّ ، وعمّار ، وسلمان ، والمقداد (135).

بل كان عامّة المهاجرين والأنصار لا يشكّون في أنّ عليّاً عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (136).

وأبو بكر سمع بنفسه قول ابنته عائشة لرسول الله بصوت عال : « والله لقد علمتُ أنّ عليّاً أحبّ إليك من أبي » ! فأهوىٰ إليها ليلطمها ، وقال : يا ابنة فلانة ، أراكِ ترفعين صوتك علىٰ رسول الله (137).

قال معاوية بن أبي سفيان في رسالته إلىٰ محمّد بن أبي بكر ، وهي الرسالة التي أشار إليها الطبري ثمّ قال : كرهتُ ذِكرها لأُمور لا تحتملها العامّة (138) ! ، قال فيها معاوية مخاطباً محمّد بن أبي بكر : « قد كنّا وأبوك معنا في حياة نبيّنا نرىٰ حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا ، وفضله مبرَّزاً علينا » (139).

وشهيرةٌ كلمة عمر بن الخطّاب يوم غدير خمّ : « هنيئاً لك يابن أبي طالب ، أصبحتَ مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (140).

علما أنّ هذه الكلمة « مولىٰ » و « وليّ » لم تُعرف لأحد من الصحابة إلّا لعليٍّ عليه السلام في جملة من الأحاديث النبويّة الشريفة كما تقدّم آنفاً.

بل في القرآن أيضاً : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (141).

قال الآلوسي : غالب الأخباريّين علىٰ أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب (142) ، وعليه شِبهُ إجماعٍ لدىٰ المفسِّرين (143) ، وطائفة من أصحاب الحديث (144).

وهذا كلّه كان يعرفه الصحابة من المهاجرين والأنصار خاصّة لقربهم من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ومن قول محمّد بن أبي بكر في رسالته إلىٰ معاوية ، يصف عليّاً عليه السلام : « وهو وارث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّه ، وأبو وُلْده ، أوّل الناس له اتّباعاً ، وأقربهم به عهداً ، يخبره بسرّه ، ويُطلعه علىٰ أمره » (145).

وعبد الله بن عبّاس ، حبر الأُمّة ، يصفه أيضاً لمعاوية ، فيسميّه « سيّد الأوصياء » (146).

والحسن السبط عليه السلام خطب خطبته الأُولىٰ بعد وفاة أبيه فذكر : « عليّاً خاتم الأوصياء » (147).

وخزيمة بن ثابت ، ذو الشهادتين ، يصفه لعائشة ، فيقول :

وصيّ رسول الله من دون أهلِه

 

وأنتِ علىٰ ما كان مِن ذاكَ شاهِدَهْ (148)

وهكذا ثبت لقب « الوصي » لعليٍّ عليه السلام عن عدد من الصحابة غير من ذكرنا ، منهم : أبو ذر الغفاري ، وحذيفة بن اليمان ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وحُجر بن عَدي ـ حجر الخير ـ وأبو الهيثم بن التيّهان وغيرهم (149).

فكما عرفوه « وليّاً » عرفوه « وصيّاً » أيضاً ، وذو الشهادتين حين أدلىٰ ، في حديثه المتقدّم ، بشهادتيه علىٰ أنّ عليّاً وصيّ النبيّ ، لم يقف عند هذا الحدّ ، بل ألزم عائشة أيضاً الشهادة علىٰ ذلك.

إذن لم يكن لقب « الوصيّ » محدَثاً كما صوّره بعض الدارسين الّذين أغفلوا شهادة التاريخ ثمّ أسقطوا نزعاتهم الشخصيّة علىٰ المفاهيم ، وعلىٰ التاريخ كلّه ، فصوّروا « الوصيّ » وكأنّه من صنع اليهود ، ومنهم انتقل إلىٰ المسلمين (150) ، عن طريق عبد الله بن سبأ المزعوم أو غيره (151) ، أو هو من صنع الشيعة ابتدعه هشام بن الحكم ـ ١٩١ هـ ـ ولم يكن معروفاً قبله لا من ابن سبأ ولا من غيره (152) ! ، فالأشعار والنصوص المتقدّمة المحفوظة عن الصحابة سبقت ميلاد هشام بن الحكم بنحو ثمانين سنة !

كلّا ، بل ذاك ممّا عرفه الصحابة أو بعضهم لعليٍّ ، وحفظه تاريخهم ، لهم أو عليهم !

ربّما يقال إنّ في تلك المصادر نزعة شيعيّة ، والشيعة ليس من حقّهم أن يساهموا في كتابة التاريخ ، بل ليس من حقّهم أن يكتبوا تاريخهم الخاصّ أيضاً !

لكن هل يقال هذا في ابن حجر العسقلاني ؟!

ففي شرحه لصحيح البخاري يُثبت ابن حجر أنّ « الشيعة » كانوا يتداولون أحاديث الوصيّة ، فنهضت عائشة في مواجهة ذلك التيّار بحديثها الذي أثبته البخاري ، تقول فيه إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا نزل به الموت ورأسه علىٰ فخذي غُشِيَ عليه ثمّ أفاق ، فقال : « اللّهمّ الرفيق الأعلىٰ » فكانت آخر كلمة تكلّم بها « اللّهمّ الرفيق الأعلىٰ ».

قال العسقلاني نقلاً عن الزهري في ما يرويه عن جماعة من أهل العلم فيهم عروة بن الزبير : كأنّ عائشة أشارت إلىٰ ما أشاعته الرافضة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصىٰ إلىٰ عليٍّ بالخلافة وأن يوفي ديونه (153) !.

لكن لا العسقلاني ولا الزهري ولا جماعة أهل العلم يشاءون أن يتقدّموا في التحقيق خطوة واحدة إلىٰ الأمام ، لأنّ الخطوة اللاحقة سوف تنفض أيديهم ممّا وضعه فيها حديث عائشة !

فالسيّدة أُمّ سَلَمة أقسمت علىٰ كذب الحديث المرويّ عن عائشة ، حين أقسمت أنّ آخر الناس عهداً بالنبيّ هو عليّ بن أبي طالب ! قالت : « والذي أحلف به ، إنْ كان عليٌّ لأقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، عُدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم غداةً بعد غداة يقول : « جاء عليّ » ؟ مراراً ، فجاء بعد ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنتُ من أدناهم إلىٰ الباب ، فأكبّ عليه عليٌّ ، فجعل يُسارّه ويناجيه ، ثمّ قُبض صلّى الله عليه وآله وسلّم من يومه ذاك وكان أقرب الناس به عهداً » (154).

فالصحابة كانوا يعرفون ذلك وإنْ أنكرته عائشة ، فدخل حديثها صحيح البخاري دون حديث أُمّ سلمة الذي كان رجاله من رجال الصحيح !

والحوارات التي أدارها عمر بن الخطّاب مع ابن عبّاس هي الاُخرىٰ حوارات كاشفة عن هذا المعنىٰ :

ففي أحدها : يكشف عمر عن معرفته بذلك فيقول : « لقد كان النبيّ يَربَع في أمره وقتاً ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه ، فمنعتُ من ذلك ، إشفاقاً وحيطةً علىٰ الإسلام ! وربِّ هذه البَنيّة لا تجتمع عليه قريش أبداً ».

أمّا ابن عبّاس فيؤكّد أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد نصّ علىٰ عليٍّ ، وأنّه سمع ذلك من عليٍّ والعبّاس (155).

وفي أُخرىٰ : يؤكّد عمر إرادة قريش ، فيقول : كرهت قريش أن تجتمع فيكم النبوّة والخلافة فتجخفوا جخفاً (156) ، فنظرتْ قريش لنفسها فاختارت !!

لكنّ ابن عبّاس يحمل علىٰ هذه الحجّة حملاً عنيفاً ، متسلّحاً بآي القرآن هذه المرّة ، فيقول : « أمّا قولك : كرهت قريش ! فإنّ الله تعالىٰ قال لقوم : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (157).

وأمّا قولك : إنّا كنّا نجخف ! فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ، لكنّا قوم أخلاقنا مشتقّة من أخلاق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي قال له الله تعالىٰ : ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (158) وقال له : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ) (159).

وأمّا قولك : فإنّ قريشاً اختارت ! فإنّ الله تعالىٰ يقول : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ ) (160).

وقد علمتَ يا أمير المؤمنين أنّ الله اختار من خَلقه لذلك مَن اختار ! فلو نظرتْ قريش من حيث نظر الله لها لَوُفِّقَت وأصابت » !!

ولهذا الحوار مصادره المهمّة أيضاً (161).

وهذه هي نظريّة النصّ في إطارها التامّ : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ ) ، وإنّ الله اختار مِن خلقه لهذا الأمر مَن اختار ..

والحوار الطويل الذي أداره عثمان أيّام خلافته مع ابن عبّاس ، يكشف عن وضوح تامّ لهذه القضيّة ، إذ يختم عثمان حديثه بقوله : « ولقد علمتُ أنّ الأمر لكم ، ولكنّ قومكم دفعوكم عنه ، وآختزلوه دونكم » !

فأكّد ابن عبّاس هذا المعنىٰ في جوابه ، وذكر العلّة فيه كما يراها ، ويرىٰ أنّها لم تكن خفيّةً أيضاً علىٰ عثمان ، فيقول : « أمّا صَرفُ قومِنا عنّا الأمرَ فعن حسدٍ قد والله عرفتَه .. » (162).

هذا كلّه وكثير غيره عرفه الصحابة ، وحفظه التاريخ ، لهم أو عليهم !

فحقَّ إذن لقائل أن يقول : إنّ غالبية المسلمين حين توفّي النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كانوا مع الاتّجاه الذي يمثّله عليٌّ بن أبي طالب وأصحابه ، لأنّ النبيّ كان زعيم هذا الاتّجاه (163).

لقد كان عامّة المهاجرين والأنصار لا يشكّون في أنّ عليّاً هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

النصّ في حديث عليّ :

واضح جدّاً في قراءة تلك الحقبة من التاريخ أنّ عليّاً عليه السلام هو أكثر مَن تبنّىٰ إظهار النصوص والإشارات الدالّة علىٰ اختياره من الله لخلافة الرسول ، أو النصّ عليه بالاسم.

فكلماته دالّة علىٰ ثبوت الخلافة له بعد الرسول بلا فصل ، وأنّ انتقال الخلافة إلىٰ غيره كان بغير حقّ ، بل استئثار وغلَبَة ، بل كلماته نصوص صريحة في هذه المعاني كما سنرىٰ هنا.

في حقّه خاصّة :

عليّ عليه السلام هو الذي أعاد إلىٰ الأذهان أحاديث نبويّةً تبرز حقّه في الخلافة بلا منازع ، لم يكن مأذوناً بها أيّام الخلفاء ، إذ منعوا من الحديث إلّا ما كان في فريضة ، يريدون بها الأحكام وفروع العبادات :

١ ـ فقد جمع الناس أيّام خلافته فخطبهم خطبته المنقولة بالتواتر ، يناشد فيها أصحاب رسول الله مَن سمع منهم رسولَ الله بغدير خمّ يخطب فيقول : « مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه » إلّا قام فشهد (164).

٢ ـ وعليٌّ هو الذي أعاد نشر حديث آخر يقدّمه علىٰ أبي بكر وعمر خاصّة ، إذ أخبر النبيّ أنّ مِن أصحابه مَن يقاتل بعده علىٰ تأويل القرآن كما قاتل هو صلّى الله عليه وآله وسلّم علىٰ تنزيله ، فتمنّىٰ أبو بكر أن يكون هو ذلك الرجل ، فلم يصدّق النبيّ أُمنيّته ، بل قال له « لا » ! فتمنّى ذلك عمر لنفسه فلم يكن أحسن حظّاً من أبي بكر ، ثمّ قطع النبيّ الأمانيّ كلّها حين أخبرهم أنّه عليٌّ ، لا غير (165) !.

هذه الأحاديث وغيرها وإنْ رُويت عن غيره إلّا أنّ روايتها عنه امتازت بكونها خُطَبا علىٰ جمهور الناس ، لا حديثاً لواحد أو لبضعة نفر ، وهذا أبلغ في التأكيد علىٰ حقّه الثابت له ، وأيقن بأنّ كثيراً من الصحابة كانوا يعرفونه ولا يجهلونه !

٣ ـ وعليٌّ جدّد التذكير أيضاً بما يبرز حقّه فوق أبي بكر خاصّة ، حين ذكّر الناس بقصة أخذه بسورة براءة من أبي بكر ! روىٰ النسائي بإسناد صحيح عن عليٍّ عليه السلام : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث ببراءة إلىٰ أهل مكّة مع أبي بكر ، ثمّ أتبعه بعليٍّ فقال له : « خذ الكتاب فامض به إلىٰ أهل مكّة » قال : فلحقته فأخذتُ الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال : يا رسول الله ، أَنَزَلَ فيَّ شيء ؟! قال : « لا ، إنّي أُمرت أن أُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي » (166).

وفي كلّ واحد من هذه الأحاديث ردٌّ علىٰ مَن يقول إنّ عليّاً لم يذكر شيئاً يدلّ علىٰ أحقّيّته في الخلافة ! هذا ولمّا ندخل بعد رحاب « نهج البلاغة ».

٤ ـ خطبته الشقشقيّة التي حظيت دائماً بمزيد من التوثيق (167) ، وهي من أكثر كلماته المشهورة وضوحاً ودلالة وتفصيلاً :

« أما والله لقد تقمّصها فلان ، وإنّه لَيعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقىٰ إليَّ الطير ..

فسدلتُ دونها ثوباً ، وطويت عنها كَشحاً ، وطفقتُ أرتئي بين : أن أصولَ بيدٍ جذّاء ، أو أصبر علىٰ طخيةٍ عمياء ! .. فرأيتُ أنّ الصبر علىٰ هاتا أحجىٰ ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نَهْبا !

حتّىٰ مضىٰ الأوّل لسبيله ، فأدلىٰ بها إلىٰ فلان بعده ..

فيا عجباً ! بينا هو يستقيلها (168) في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته !!

لشدَّ ما تشطّرا ضَرعيها ! ..

فصبرتُ علىٰ طول المدّة ، وشدّة المحنة .. حتّىٰ إذا مضى لسبيله جعلها في جماعةٍ زَعَم أنّي أحدهم ! فيالله وللشورىٰ ! متىٰ اعترضَ الريبُ فيَّ مع الأوّل منهم حتّىٰ صرتُ أُقرن إلىٰ هذه النظائر ؟! .. » (169).

إذن أبو بكر أيضاً كان يعلم أنّ محلّ عليٍّ من الخلافة محلَّ القطب من الرحىٰ !

وقد يبدو هذا في منتهىٰ الغرابة لمن أَلِفَ التصوّر القدسي لتعاقب الخلافة ، ذاك التصوّر الذي صنعه التاريخ وفق المنهج الذي قرأناه في البحوث المتقدّمة ، ومن هنا استنكروه ، كما استنكروا سائر كلامه في الخلافة ، وقبله استنكروا جملة من الحديث النبوي الشريف الذي يصدم تلك القداسة !

لكنّ الحقيقة ، كلّ الحقيقة ، أنّك لو تلمّست لذلك التصوّر القدسي شاهداً من الواقع مصدّقاً له لعدت بلا شيء.

لم يألف التاريخ الإصغاء لعليّ !!

التاريخ الذي أثبت ، بما لا يدع مجالاً لشبهة ، أنّ عليّاً لم يبايع لأبي بكر إلّا بعد ستّة أشهر ، صمّ آذانه عن سماع أيّ حجّةٍ لعليٍّ في هذا التأخّر !

تناقضٌ لم يستوقف أحداً من قارئي التأريخ !

وكيف يستوقفهم علىٰ عيوب نفسه ، وهو وحده الذي صاغ تصوّراتهم وثقافتهم ؟!

٥ ـ من كلام له بعد الشورىٰ ، وقد عزموا علىٰ البيعة لعثمان :

« لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري ، ووالله لأُسلِّمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن فيها جَورٌ إلّا علَيَّ خاصّة ؛ التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (170).

٦ ـ « وقد قال قائل : إنّك علىٰ هذا الأمر يابنَ أبي طالب لحريص.

فقلتُ : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخصّ وأقرب ، وإنّما طلبتُ حقّاً لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه !

فلمّا قرّعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبَّ كأنّه بُهِتَ لا يدري مايجيبني به » (171) !!.

والقائل إمّا سعد بن أبي وقّاص يوم الشورىٰ علىٰ قول أهل السُنّة ، أو أبو عبيدة بعد يوم السقيفة علىٰ قول الشيعة ، وأيّاً كان فهذا الكلام مشهور يرويه الناس كافّة كما يقول المعتزلي السُنّي ابن أبي الحديد (172).

٧ ـ « اللّهمّ إنّي أستعديك علىٰ قريش ومَن أعانهم ، فإنّهم قطعوا رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا علىٰ منازعتي أمراً هو لي ، ثمّ قالوا : ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه وفي الحقّ أن تتركه » (173) !.

٨ ـ « أمّا بعد .. فإنّه لمّا قبض الله نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قلنا : نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقّنا طامع ، إذ انبرىٰ لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا ، فصارت الإمرة لغيرنا .. ».

هذه هي مقدّمة خطبته في المدينة المنوّرة في أوّل إمارته ولمّا يمض علىٰ إمارته أكثر من شهر (174) !.

في أهل البيت :

مثل ما ظهر هناك من وضوح وتركيز في استعراض حقّه خاصّة ، يظهر هنا في شأن أهل البيت في جملة من كلماته :

١ ـ « لا يُقاسُ بآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من هذه الأُمّة أحد .. هم أساس الدِين ، وعماد اليقين .. ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصيّة والوراثة .. » (175).

فبعد ذِكر حقّ الولاية ، هذا واحد من مواضع يذكر فيها الوصيّة تصريحاً أو تلميحاً (176) ، ثمّ هو الموضع الأكثر صراحةٍ في نسبة الوصيّة إلىٰ نفسه وأهل البيت ، مع هذا فهو الموضع الذي أهمله الدكتور محمّد عماره وهو يستقصي هذه المفردة في كلام عليٍّ ، أو غفل عنه ، لأجل أن يقول : « إنّنا لا نجد في خطب عليٍّ وكلامه ومراسلاته ـ التي ضمّها نهج البلاغة ـ وصفه بهذا اللفظ » !

هذا كلّه لأجل أن يدعم مقالةً حلّق فيها بدءاً حين نسب كلمة « وصيّ » في الحديث النبوي « أنت أخي ووصيّي » إلىٰ صنع الشيعة الّذين وضعوها بدلاً من كلمة « وزيري » (177) ! مع أنّ الرواية السُنّية للحديث لم تعرف غير كلمة « وصيّي » (178) !.

٢ ـ « إنّ الأئمّة من قريش ، غُرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح علىٰ سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم » (179).

وقد وقفنا قبلُ علىٰ طائفة من النصوص الصحيحة التي اصطفت بني هاشم من قريش وقدّمتهم عليهم ، وطائفة من الوقائع وأحداث السيرة التي قدّمت بني هاشم علىٰ سواهم ، فلا تحتجّ قريش بحجّة إلّا وكان بنو هاشم أوْلى بها.

٣ ـ « أين تذهبون ؟! وأنّىٰ تؤفكون ؟! والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يُتاه بكم ؟!

وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ؟!

فأنزِلوهم بأحسن منازل القرآن ، ورِدُوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها الناس ، خذوها عن خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلىٰ من بلي منّا وليس ببالٍ » (180).

استنكار لاذع ، وأسف علىٰ هؤلاء الناس الّذين تركوا عترة نبيّهم ، رغم وضوح الدلائل علىٰ لزوم اتّباعهم !

٤ ـ « إنّا سنخُ أصلاب أصحاب السفينة ، وكما نجا في هاتيك من نجا ، ينجو في هذه مَن ينجو ، ويلٌ رهينٌ لمن تخلّف عنهم .. وإنّي فيكم كالكهف لأهل الكهف ، وإنّي فيكم باب حطّة ، مَن دخل منه نجا ومن تخلّف عنه هلك ، حجّةٌ من ذي الحجّة في حجّة الوداع : « إنّي تركت بين أظهركم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » » (181).

٥ ـ « انظروا أهل بيت نبيّكم ، فالزموا سَمْتَهم ، واتّبعوا أثَرهم ، فلن يخرجوكم من هدىً ، ولن يعيدوكم في ردىٰ .. فإنْ لَبَدوا فالبدوا ، وإنْ نهضوا فانهضوا .. ولا تسبقونهم فتضلّوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا » (182).

٦ ـ « .. ألم أعمل فيكم بالثَقَل الأكبر ، وأتركَ فيكم الثَقَل الأصغر » (183) ؟!.

الثَقل الأكبر : القرآن الكريم ، والثَقل الأصغر : الحسن والحسين عليهما السلام.

٧ ـ « المهديّ منّا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة » ، مسند أحمد ، عن عليٍّ عليه السلام (184).

٨ ـ « المهديّ منّا ، من وُلْد فاطمة » ، السيوطي عن عليٍّ عليه السلام (185).

وهكذا تقسّمت كلمات عليٍّ هذه بين حديث نبويّ بحرفه أو بمضمونه ، وبين وصف أو تقييم لحدثٍ تاريخيّ حاسم ، وليس في هذا كلّه علىٰ الإطلاق ما يشذّ عن وقائع التاريخ في صغيرة ولا كبيرة.

خلاصة اليقين بحقّ علي :

وإنّ تلك الكثرة من الأدلّة الرصينة لا تدع للناظر إليها بعين الانصاف مجالاً للريب في حقّ علي في الخلافة ..

لقد أيقن جميع المنصفين بحقّه في الخلافة يقيناً من موقعه الممتاز عند الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن حياته الخالصة في الإسلام ، وكذلك كان هو .. فلقد كان في حياة الرسول يقول : « إنّ الله يقول : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (186) واللهِ لا ننقلب علىٰ أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، واللهِ لئن مات أو قُتل لأُقاتِلنَّ علىٰ ما قاتل عليه حتّىٰ أموت ، والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه ، فمن أحقّ به منّي » (187) ؟!.

لكنّه « أراده حقّاً يطلبه الناس ، ولا يسبقهم إلىٰ طلبه » (188).

الهوامش

1. شرح المواقف ٨ : ٣٦٥.

2. شرح المواقف ٨ : ٣٦٥.

3. الفصل ٤ : ١٠٩.

4. المذاهب الإسلاميّة : ٣٧.

5. صحيح البخاري ـ باب غزوة خيبر / ٣٩٩٨ ، صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد والسِيَر ٣ : ١٣٨٠ / ٥٢ ، السنن الكبرىٰ ـ للبيهقي ـ ٦ : ٣٠٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣١.

6. نهج البلاغة : ٩٧ الخطبة ٦٧ ، واُنظر : الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ـ : ١١.

7. مسند أحمد ٤ : ٢٤٨ ـ ٢٥١ ، صحيح مسلم : الطهارة ـ باب المسح علىٰ الناصية والعمامة ، سنن أبي داود : المسح علىٰ الخفّين / ١٤٩ و ١٥٢ ، سنن ابن ماجة : / ١٢٣٦ ، سنن النسائي : الطهارة / ١١٢.

8. أُنظر : ابن الجوزي ، آفة أصحاب الحديث : ٩٩.

9. صحيح البخاري : كتاب الأحكام / ٦٧٥٤.

10. سيرة أبن هشام ٤ : ٢٧٢ ، البداية والنهاية ٤ : ٣١٢.

11. أبو الفرج ابن الجوزي ، آفة أصحاب الحديث ـ الباب الأوّل ، والثاني ، والثالث.

12. فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ : ١٢٣.

13. ابن الإسكافي ، المعيار والموازنة : ٤١ ـ ٤٢.

14. مسند أحمد ١ : ٣٥٦ ، وأخرجه الطبري في تاريخه ٣ : ١٩٦ ولم يذكر فيه قول أُمّ الفضل.

15. ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٩ : ١٩٧.

16. فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ : ١٢٢ ـ ١٢٣.

17. المعيار والموازنة : ٤١.

18. عبد الرزّاق ، المصنّف ٥ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٢ : ١٢٣.

19. ابن تيميّة ، منهاج السُنّة ٣ : ٢١٣.

20. الطبقات الكبرىٰ ٤ : ٦٦ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨ : ١٢٤ ، تهذيب تاريخ دمشق ٢ : ٣٩٥ و ٣ : ٢١٨ ، مختصر تاريخ دمشق ٤ : ٢٤٨ رقم ٢٣٧ و ٥ : ١٢٩ رقم ٥٦ ترجمة أُسامة بن زيد وأيّوب بن هلال ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧٧ ، تاريخ الخميس ٢ : ١٧٢ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٥٩ و ٢٢٠ و ٩ : ١٩٧.

21. الطبقات الكبرىٰ ٤ : ٦٦.

22. أخرجه البخاري ومسلم في باب فضائل أبي بكر ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧ : ١٤ ـ ١٥ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ : ١٥٤ ، وانظر : تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ٩٠ رقم ٥٦.

23. ترجمة جبير بن مطعم في : سير أعلام النبلاء ٣ : ٩٥ رقم ١٨ ، الإصابة ١ : ٢٢٦ رقم ١٠٩٢.

24. ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٤ : ٢٢.

25. راجع تراجمهم في : الاستيعاب ، وأُسد الغابة ، والإصابة ، ومختصر تاريخ دمشق ، وسير أعلام النبلاء.

26. حلف الفضول : حلف جمع بني هاشم وزُهرة وتَيم ، اجتمعوا عند عبد الرحمن بن جدعان فتحالفوا جميعاً علىٰ دفع الظلم واسترداد الحقّ من الظالم وإعادته إلىٰ صاحبه المظلوم.

27. الأغاني ١٧ : ٢٩٥.

28. أُنظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ : ٩٨.

29. تاريخ بغداد ٦ : ٨٣ ، الأغاني ١٥ : ٣٢٩.

30. تاريخ بغداد ٦ : ٨١ ـ ٨٦ ، الأعلام ١ : ٤٠.

31. الفصل ٤ : ١٠٨. واُنظر أيضاً : تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ٩٠ ـ ٩١ رقم ٥٦ ، نظام الخلافة بين أهل السُنّة والشيعة : ٣٩.

32. أُنظر : الجرجاني ، شرح المواقف ٨ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، التفتازاني ، شرح المقاصد ٥ : ٢٦٣ ـ ٣٦٧.

33. مسند أحمد ٦ : ٣٠٠ ، مجمع الزوائد ٩ : ١١٣.

34. صحيح البخاري ـ كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف ٦ / ٦٧٩١ ، صحيح مسلم ـ باب فضائل أبي بكر ٥ / ٢٣٨٧ والنصّ منه.

35. ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٣ ـ ٤٦.

36. ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٩.

37. صحيح البخاري ـ كتاب المرضىٰ ـ باب ١٧ / ٥٣٤٥ وفيه أن الذي اعترض علىٰ الرسول هو عمر ، صحيح مسلم ـ كتاب الوصيّة / ١٥ و ٢١ و ٢٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٢٤ ، السيرة النبويّة ـ للذهبي ـ : ٣٨٤ ، البداية والنهاية ٥ : ٢٤٨.

38. السنن الكبرىٰ ٦ : ٣٠٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٨ ، مروج الذهب ٢ : ٣١٦ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣١ ، جامع الأُصول ٤ : ٤٨٢.

39. سنن الترمذي ـ مناقب أبي بكر ٥ / ٣٦٦٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٩٧.

40. شرح المواقف ٨ : ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ : ٢٦٦ ، تثبيت الإمامة : ٩٢ رقم ٥٩.

41. الفصل ٤ : ١٠٨.

42. الرياض النضرة : ٤٨ ـ ٤٩.

43. سيأتي في هذا البحث.

44. النور ٢٤ : ٥٥.

45. شرح المواقف ٨ : ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ : ٢٦٥.

46. تفسير القرطبي ١٢ : ١٩٥.

47. الأحزاب ٣٣ : ١٠ و ١١.

48. تفسير القرطبي ١٢ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ، تفسير الشوكاني « فتح القدير » ٤ : ٤٧. وأُنظر أيضاً : الميزان في تفسير القرآن ١٥ : ١٦٧.

49. كما تقدّم في آخر الكلام المنقول عن القرطبي ، وهو ماذهب إليه محمّد جواد مغنية في تفسيره الكاشف ٥ : ٤٣٦.

50. الدر المنثور ٦ : ٢١٥ ـ ٢١٦.

51. الدر المنثور ٦ : ٢١٦.

52. مجمع البيان ٤ : ١٥٢ ، الميزان ١٥ : ١٦٦ ـ ١٦٧ ، الإفصاح في الإمامة : ١٠٢.

53. الفتح ٤٨ : ١٦.

54. الفصل ٤ : ١٠٩ ـ ١١٠ ، شرح المواقف ٨ : ٣٦٤ ، شرح المقاصد ٥ : ٢٦٦.

55. تفسير الرازي ٢٨ : ٩٢ ـ ٩٣.

56. التوبة ٩ : ٨٣.

57. الفتح ٤٨ : ١٥.

58. الفصل ٤ : ١٠٩.

59. الفصل ٤ : ١٠٩.

60. التوبة ٩ : ٨٣ ـ ٨٤.

61. التوبة ٩ : ٨٥.

62. سنن الترمذي ٥ / ٣٧١٥ ، سنن النسائي ٥ / ٨٤١٦ ، كتاب الخصائص بتخريج الأثري / ٣٠ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ ٧ / ١٨.

63. أخرجه : عبد الرزّاق ، المصنّف ١١ : ٢٢٦ / ٢٠٣٨٩ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ فضائل عليّ ـ ٧ / ٢٣ و ٣٠ ، النسائي ، السنن ـ كتاب الخصائص ـ / ٨٤٥٧ ، ابن عبد البرّ ، الاستيعاب ٣ : ٤٦.

64. مسند أحمد ٣ : ٨٢ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ : ٤٦ رقم ٦٨٩٨ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ فضائل عليّ ـ ٧ / ١٩ ، المستدرك ٣ : ١٢٣ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٩٨.

65. الإمامة والسياسة : ١٢.

66. أُنظر : الاستيعاب ، بحاشية الإصابة ٣ : ٣٥ ، شرح نهج البلاغة ٦ : ١٦٧ ـ ١٦٨.

67. مسند أحمد ١ ، ٨٤ و ٨٨ و ١١٨ و ١١٩ ـ مرّتان ـ ، سنن النسائي ـ كتاب الخصائص ـ / ٨٥٤٢ ، البداية والنهاية ٥ : ٢٢٩ ـ ٢٣٢ و ٧ : ٣٨٣ ـ ٣٨٥ من نحو عشرين طريقاً.

68. أخرج أحمد حديث الغدير من تسع عشرة طريقاً ، المسند ١ : ٨٤ و ٨٨ و ١١٨ ـ ثلاث مرّات ـ و ١١٩ ـ مرّتان ـ و ١٥٢ و ٣٣١ ، و ٤ : ٢٨١ و ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٢ ـ مرّتان ـ و ٥ : ٣٤٧ و ٣٥٨ و ٣٦١ و ٣٦٢ و ٤١٩.

ولا يضاهيه إلّا حديث « مَن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار » فقد خرّجه من نحو ٢٥ طريقاً.

69. أُنظر : البداية والنهاية ٥ : ٢٢٨ ـ ٢٣٣ و ٧ : ٣٨٣ ـ ٣٨٦ ، فقد خرّجه من نحو ٤٠ طريقاً ، بما فيها طرق حديث المناشدة المتقدّمة.

70. سنن الترمذي ٥ / ٣٧١٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ١١٦ و ١٢١ ، الخصائص ـ للنسائي ، بتخريج الأثري ـ / ٨٠ و ٨٢ ـ ٨٥ و ٩٠ و ٩٥ و ١٥٣ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ باب فضائل عليّ ـ ٧ / ٩ و ١٠ و ٢٩ و ٥٥ ، المستدرك ٣ : ١٠٩ ـ ١١٠.

71. أُنظر : البداية والنهاية ٥ : ٢٣٣.

72. الآلوسي ، روح المعاني ٦ : ١٩٥ وما بعدها.

73. أُنظر : الفصل في الملل والنحل ٤ : ١٦١ و ١٦٣ ، البداية والنهاية ٧ : ٢٩٠ ، الباعث الحثيث : ١٨٢.

74. مسند أحمد ٤ : ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٧١٢ ، الخصائص ـ للنسائي بتخريج الأثري ـ / ٦٥ و ٨٦ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ فضائل عليّ ـ ٧ / ٥٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ : ٤١ / ٦٨٩٠.

75. مسند أحمد ٥ : ٣٥٦ ، الخصائص ، بتخريج الأثري : / ٨٧.

76. مسند أحمد ١ : ٣٣١ ، الخصائص ، بتخريج الأثري : / ٢٣ ، المستدرك ٣ : ١٣٤.

77. التوبة ٩ : ٧١.

78. علماً أنّ التشيّع في مصطلحهم : هو تفضيل عليٍّ علىٰ عثمان ، لا غير ، والطعن علىٰ ملوك بني أُميّة !

79. أُنظر : أبا إسحاق الأثري ، في تخريجه الحديث ٦٠ من كتاب « الخصائص ».

80. مسند أحمد ١ : ٣٣١ ، ٤ : ٤٣٨ ، ٥ : ٣٥٦. وقد ذكرناها في تخريج النصوص كلٌّ في محلّه.

81. الأثري ، كتاب « الخصائص » للنسائي ، / ٨٧.

82. مسند أحمد ١ : ٣٣١ من حديث ابن عبّاس.

83. المستدرك ٣ : ١٣٣ ـ ١٣٤ وتلخيصه ، للذهبي في الصفحة ذاتها ، كتاب السُنّة لابن أبي عاصم ـ بتخريج الألباني ـ : ٥٥٢.

84. تاريخ الطبري ٢ : ٢١٧ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٦٢ ـ ٦٤ ، السيرة الحلبية ١ : ٤٦١ ، شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢١٠ و ٢٤٤ وصحّحه ، مختصر تاريخ دمشق ـ لابن عساكر ـ ، ابن منظور ١٧ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، تفسير البغوي « معالم التنزيل » ٤ : ٢٧٨ ، تفسير الخازن ٣ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ نقلاً عن سيرة ابن إسحاق ، المنتخب من كنز العمّال ـ بهامش مسند أحمد ـ ٥ : ٤١ ـ ٤٢.

85. حين قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك لعلي ، قام الناس يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع !

86. البداية والنهاية ٣ : ٣٨ ـ ٣٩.

87. لسان الميزان ٤ : ٤٢ رقم ١٢٣.

88. لسان الميزان ٤ : ٤٣.

89. البداية والنهاية ٥ : ٢٢٨.

90. صحيح مسلم ٤ / ٢٣٠٨ من عدّة طرق.

91. سنن الترمذي ٥ / ٣٧٨٨ ، مسند أحمد ٣ : ١٧.

92. مسند أحمد ٥ : ١٨٢ و ١٨٩.

93. منهاج السُنّة ٤ : ٨٥ ، الفرقان بين الحقّ والباطل : ١٣٩.

94. أيّ : كُنِسْنَ.

95. أخرجه : النسائي ، السنن ٥ / ٨٤٦٤ ، الأثري ، تخريج خصائص علي عليه‌السلام / ٧٦ وذكر له عدّة مصادر منها : مسند أحمد ١ : ١١٨ ، البزّار / ٢٥٣٨ ـ ٢٥٣٩ ، وابن أبي عاصم : ١٣٦٥ ، والحاكم ، المستدرك ٣ : ١٠٩ ، وأخرجه ابن كثير ، البداية والنهاية ٥ : ٢٢٨ وقال : قال شيخنا الذهبي : هذا حديث صحيح ، وأخرجه اليعقوبي ، التاريخ ٢ : ١١٢.

96. كانت خطبة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في غدير خمّ يوم ١٨ ذي الحجّة سنة ١٠ ه‍ ، ووفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم ٢ أو ١٢ ربيع الأوّل من سنة ١١ هـ ، حسب اليعقوبي والطبري والكليني ، أو ٢٨ صفر ، حسب الطبرسي.

95. مسند أحمد ١ : ١٧٣ و ١٧٥ و ١٨٢ و ١٨٤ و ٣٣١ ، صحيح البخاري ـ فضائل علي ـ / ٣٥٠٣ ، صحيح مسلم ـ فضائل علي ـ / ٢٤٠٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ـ فضائل عليّ ـ ٧ : ٤٩٦ / ١١ ـ ١٥.

96. ابن حزم ، الفصل ٤ : ٩٤ ، ابن تيميّة ، منهاج السُنّة ٤ : ٨٧ ـ ٨٨.

97. صحيح مسلم ـ فضائل علي ـ / ٣٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ح ٩ و ١٠ و ٤٣ و ٥٢ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ / ١٥.

98. مسند أحمد ١ : ٣٣١ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ٢٣ ، المستدرك ٣ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ـ ويأتي لاحقاً.

99. السيرة النبويّة ، لابن حبّان : ١٤٩ ، وصحّحه سبط ابن الجوزي ، تذكرة الخواصّ : ٢٣ نقله عن الإمام أحمد في المناقب ، وقال : رجاله ثقات.

100. صحيح البخاري ـ الأحكام / ٨٤٦١ ، صحيح مسلم ـ الإمارة ـ / ١٨٢١ و ١٨٢٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٨ و ٤٠٦ ، سنن أبي داود / ٤٢٨٠ ، سنن الترمذي ـ كتاب الفتن ٤ / ٢٢٢٣ ، مصابيح السُنّة ٤ / ٤٦٨٠. لذا فإنّ

قول الدكتور النشّار ، في نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ١ : ٤٤٨ و ٢ : ٢١٨ : ( إنّ فكرة ١٢ خليفة لا وجود لها في الإسلام ) إنّما هي كبوة فارس !

101. الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

102. صحيح مسلم ـ فضائل الصحابة ـ / ٢٤٢٤ ، سنن الترمذي / ٣٢٠٥ و ٣٧٨٧ و ٣٨٧١ ، مسند أحمد ٤ : ١٠٧ و ٦ : ٢٩٢ و ٣٠٤ ، مصابيح السُنّة ٤ : ١٨٣ / ٤٧٩٦ ، أسباب النزول : ٢٠٠ ، وسائر كتب التفسير عند هذه الآية من سورة الأحزاب.

103. سنن ابن ماجة ٢ / ٤٠٨٧.

104. مسند أحمد ٣ : ٣ و ٦٢ و ٦٤ و ٨٠ و ٨٢.

106. سنن أبي داود / ٤٢٨٤ ، تاريخ البخاري ٣ : ٣٤٦ ، مصابيح السُنّة / ٤٢١١.

107. أُنظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ : ١٨٠ ـ ١٨٣ ، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ١٥ : ٢١٢ ـ ٢١٣ ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٢ : ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، البداية والنهاية ٦ : ٢٧٨ ـ ٢٨١.

108. العهد القديم ـ سفر التكوين ـ إصحاح ١٧ : آية ٢٠.

109. أُنظر : البداية والنهاية ٦ : ٢٨٠.

110. أُنظر : الإمامة والسياسة : ١٢ ـ ١٦ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

111. الشعراء ٢٦ : ٢١٤.

112. الطبقات الكبرىٰ ٣ : ٢١ ، سيرة ابن هشام ١ : ٢٢٨ ، كتاب الأوائل : ٩١ ـ ٩٣ ، البدء والتاريخ ٤ : ١٤٥ ، السيرة النبويّة ، ابن حبّان : ٦٧ ، جوامع السيرة ، ابن حزم : ٤٥ ، السيرة النبويّة ، الذهبي : ٧٠ ، الإصابة ٤ : ٢٦٩.

113. مسند أحمد ١ : ٢٠٩ ، المستدرك ٣ : ١٨٣ وتلخيصه للذهبي ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ٢ و ٣ ، تاريخ الطبري ٢ : ٣١١ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٠٣.

114. نهج البلاغة ـ شرح صبحي الصالح ـ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ خطبة ١٩٢.

115. الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١٢٧ و ١٢٨ و ١٢٩.

116. الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١٢٠.

117. مسند أحمد ٥ : ٢٦.

118. مسند أحمد ١ : ٢٣٠ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٧٢٠ ، مصابيح السُنّة ٤ / ٤٧٦٩ ، الطبقات الكبرىٰ ٣ : ٢٢ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٧١ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ : ٢٠٩.

119. سيرة ابن هشام ٢ : ١٠٩.

120. الإصابة ٢ : ٣٠ ترجمة سعد بن عبادة.

121. المصنّف ، لابن أبي شيبة ـ فضائل علي ـ ٧ / ١٧ ، سنن النسائي ٥ / ٨٤٠٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١٤ وصحّحه ، المستدرك ٣ : ٣٧ وصحّحه ووافقه الذهبي ، سيرة ابن هشام ٣ : ٢١٦ ، تاريخ الطبري ٣ : ١٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢١٩ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٧٣.

122. ابن أبي شيبة ، المصنّف ٧ : ٤٩٧ / ١٧ فضائل علي.

123. الحاكم والذهبي ، المستدرك ٣ : ٣٧ وتلخيصه.

124. مسند أحمد ٣ : ٨٢ ، صحيح ابن حبّان ٩ : ٤٦ / ٦٨٩٨ ، المصنّف ، لابن أبي شيبة ـ فضائل عليّ ـ ٧ / ١٩ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٩٨.

125. مسند أحمد ١ : ٣ و ٣٣١ و ٣ : ٢١٢ و ٢٨٣ و ٤ : ١٦٤ و ١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٧١٩ ، سنن النسائي ٥ / ٨٤٦١ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ٢٣ و ٧٢ و ٧٣ وصحّحها جميعاً ، البداية والنهاية ٧ : ٣٧٤ و ٣٩٤ ، تفسير الطبري ١٠ : ٤٦.

126. مسند أحمد ١ : ٣٣١ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٧٢٢ ، الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ٢٣ و ٤١ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٧٤ و ٣٧٩ ، فتح الباري ٧ : ١٣ ، الإصابة ٤ : ٢٧٠.

127. الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ٣٨.

128. سنن الترمذي ٥ / ٣٧٢٦ ، مصابيح السُنّة ٤ / ٤٧٧٣ ، جامع الأُصول ٩ / ٦٤٩٣ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٦٩.

129. الكامل في التاريخ ٢ : ٣٠٢ ، وأُنظر حجّة الوداع في سائر كتب السنن المفصّلة.

130. الخصائص ـ بتخريج الأثري ـ / ١١٢ و ١١٣ ، وخرّجه علىٰ النسائي وابن ماجة وابن خزيمة من وجوه.

131. طه ٢٠ : ١٣٢.

132. تفسير القرطبي ١١ : ١٧٤ ، تفسير الرازي ٢٢ : ١٣٧ ، روح المعاني ١٦ : ٢٨٤ والنصّ عنه.

133. السنن الكبرىٰ ٥ : ١٣٩ / ٨٤٩٣ و ٨٤٩٤.

134. منهاج السُنّة ٣ : ١١ ـ ١٢ ، المستدرك ٣ : ١٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٠ ، الصواعق المحرقة : ١٢٧ باب ٩ فصل ١ ، تاريخ الخلفاء : ١٦١.

135. أبو حاتم الرازي : كتاب الزينة : ٢٥٩ تحقيق عبد الله سلّوم السامرّائي ، محمّد كرد علي : خطط الشام ، تاريخ ابن خلدون ٣ : ٢١٤ ـ ٢١٥.

136. الاستيعاب ٣ : ٥٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٢٤ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣٥ ، شرح نهج البلاغة ٦ : ٢١.

137. أخرجه النسائي بإسناد صحيح في السنن الكبرىٰ ٥ : ١٣٩ / ٨٤٩٥.

138. تاريخ الطبري ٤ : ٥٥٧.

139. مروج الذهب ٣ : ٢١ ، وقعة صِفّين : ١١٨ ـ ١٢٠ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ١٨٨. وللرسالة تتمّة تأتي في محلّها من بحث لاحق.

140. مسند أحمد ٤ : ٢٨١ ، تفسير الرازي ١٢ : ٤٩ ـ ٥٠ ، سبط ابن الجوزي ، تذكرة الخواصّ : ٢٩ ـ ٣٠.

141. المائدة ٥ : ٥٥.

142. روح المعاني ٦ : ١٦٧.

143. معالم التنزيل ـ للبغوي ـ ٢ : ٢٧٢ ، الكشّاف ١ : ٦٤٩ ، تفسير الرازي ١٢ : ٢٦ ، تفسير أبي السعود ٢ : ٥٢ ، تفسير النسفي ١ : ٤٢٠ ، تفسير البيضاوي ١ : ٢٧٢ ، فتح القدير ـ للشوكاني ـ ٢ : ٥٣ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ١١٤ ، لباب النقول ـ للسيوطي ـ : ٩٣.

144. أخرجه : عبد الرزّاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والخطيب في « المتفّق والمفترق ». أُنظر : فتح القدير ـ للشوكاني ـ ٢ : ٥٣.

145. مروج الذهب ٣ : ٢١ ، وقعة صِفّين : ١١٨ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ١٨٨.

146. مروج الذهب ٣ : ٨.

147. مجمع الزوائد ٩ : ١٤٦.

148. شرح نهج البلاغة ١ : ١٤٣ ـ ١٥٠.

149. تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧١ ، وقعة صفين : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ٨١ ـ ٨٢ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٤٣ ـ ١٥٠ ، فصل « ما ورد في وصايا عليّ من الشِعر » أورد فيه أربعا وعشرين مقطوعةً للصحابة والتابعين ، ثمّ قال : والأشعار التي تتضمّن هذه اللفظة كثيرة جدّاً ، تجلّ عن الحصر ، وتعظم عن الإحصاء والعدّ.

وأُنظر أيضاً : الكامل ـ للمبرّد ـ ٢ : ١٧٠ ـ ١٧١ في رثاء عليّ بن أبي طالب.

150. د. مصطفى حلمي ، نظام الخلافة : ١٥٧.

151. كما نقله الكشّي في رجاله ، ترجمة عبد الله بن سبأ.

152. د. محمّد عمارة ، الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلاميّة : ١٥٥.

153. فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ : ١٢٢.

154. مسند أحمد ٦ : ٣٠٠ ، وصحّحه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١١٢.

155. شرح نهج البلاغة ١٢ : ٢١ عن أحمد بن أبي طاهر في « تاريخ بغداد ».

156. الجخف : التكبّر.

157. سورة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤٧ : ٩.

158. سورة القلم ٦٨ : ٤.

159. سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٥.

160. سورة القصص ٢٨ : ٦٨.

161. تاريخ الطبري ٤ : ٢٢٣ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٦٣ ـ ٦٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ : ٥٣ ـ ٥٤.

162. أخرجه الزبير بن بكّار في « الموفّقيّات » ، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٩ : ٩.

163. أحمد عبّاس صالح ، مجلّة « الكاتب » القاهريّة ـ يناير ١٩٦٥ م ، وعنه محمّد جواد مغنية ، الشيعة في الميزان : ٤٣١.

164. تقدّم مع مصادره ، راجع صفحة ٩١.

165. سنن الترمذي ٥ / ٣٧١٥ ، السنن الكبرىٰ ـ للنساني ـ ٥ / ٨٤١٦. وقد تقدّم.

166. سنن النسائي ٥ : ١٢٨ / ٨٤٦١.

167. نقل ابن أبي الحديد عن بعض مشايخه قوله : والله لقد وقفتُ علىٰ هذه الخطبة في كتب صُنِّفت قبل أن يُخلق الرضي بمائتي سنة « والشريف الرضي هو الذي جمع خطب الإمام علي عليه السلام ورسائله في نهج البلاغة » ! ثمّ قال : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديّين من المعتزلة « مولده سنة ٢٧٩ هـ ووفاته سنة ٣١٧ ، علماً أنّ الشريف الرضي وُلد سنة ٣٦٠ هـ ». شرح نهج البلاغة ١ / ٦٩.

ونقلها سبط ابن الجوزي من مصادر غير التي اعتمدها الشريف الرضي ، فقال : خطبة أُخرىٰ وتعرف بالشقشقيّة ، ذكر بعضها صاحب « نهج البلاغة » وأخلَّ بالبعض ، وقد أتيتُ بها مستوفاة ، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عبّاس .. تذكرة الخواصّ : ١٢٤.

وأسندها الراوندي ـ ٥٧٣ هـ ـ في شرحه إلىٰ الحافظ ابن مردويه ، عن الطبراني ؛ بإسناده إلىٰ ابن عبّاس. منهاج البراعة ١ : ١٣١ ـ ١٣٢.

168. إشارة إلىٰ قول أبي بكر : أقيلوني ، أقيلوني.

169. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : الخطبة ٣.

170. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١٠٢ الخطبة ٧٤.

171. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : نهج البلاغة : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.

172. شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ : ٣٠٥.

173. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.

174. شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ : ٣٠٧ عن المدائني.

175. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٤٧ الخطبة ٢.

176. أُنظر : نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : الخطبة ٨٨ و ١٨٢.

177. د. محمّد عمارة ، الخلافة ونشأة المذاهب الإسلاميّة : ٣٣ و ١٥٧ ـ ١٥٨.

178. معالم التنزيل ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٧٨ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢١٧ ، تفسير الخازن ٣ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢١٠ ، ٢٤٤ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٥ : ٤١ ـ ٤٢.

179. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٢٠١ الخطبة ١٤٤.

180. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١١٩ الخطبة ٨٧.

181. تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢.

182. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١٤٣ الخطبة ٩٧.

183. نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١١٩ الخطبة ٨٧.

184. مسند أحمد ١ : ٨٤.

185. السيوطي ، مسند فاطمة : ٩٤ / ٢٢٤. المطبعة العزيزيّة ـ حيدر آباد ـ الهند ـ ط ١ ـ ١٤٠٦ ه‍ ، ١٩٨٦ م ، تصحيح الحافظ عزيز بيك مدير لجنة أنوار المعارف بحيدر آباد.

186. آل عمران ٣ : ١٤٤.

187. المستدرك ٣ : ١٢٦ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٤ وقال : رجاله رجال الصحيح.

188. العقّاد ، فاطمة الزهراء والفاطميّون.

مقتبس من كتاب : [ خلافة الرسول صلّى الله عليه وآله بين الشورى والنصّ ] / الصفحة : 67 ـ 128