هل الموت أمر عدمي؟

طباعة

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 222 ـ 223

 

(222)

الأمر الثانى : هل الموت أمر عدمي؟


إنّ ملاحظة المعنى اللغوي ، والاستعمال القرآني للفظ الموت ، يفيد أنّ
الموت أمرٌ عدمى ، ولكنه من زاوية أُخرى ، ليس أمراً عدمياً في موت الإنسان ؛
وذلك لو فسّر الموت بقبض الملائكة الطاقات الحسية الموجودة في الإنسان ؛ فإنّه أمرٌ
وجوديٌ ، وإن كانت النتيجة أمراً عدمياً.
ويمكن جعله أيضاً من الأمور الوجودية ـ في الإنسان ، بمعنىً آخر ، وهو أنّ
الموت نافذة على الحياة الجديدة ، وانتقال من منزل إلى منزل ، وإلى ذلك لمحات في
كلام الأئمة الأطهار من أهل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ .
يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ:  « أيّها الناس ، إنّا
خُلقنا وإيّاكم للبقاء ، لا للفناء لكنكم من دار إلى دار تنقلون » (1) .
ويقول سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ مخاطباً
أنصاره يوم عاشوراء ـ : « صبراً بني الكرام ، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن
البؤس والضرّاء الى الجنان الواسعة ، والنعيم الدائمة ، فأيّكم يكره أن ينتقل من
سجن إلى قصر؟ » (2) .
ويمكن جعله أمراً وجودياً أيضاً ، ببيان ثالث ، وهو أنّ الموت حّد الحياة
الدنيوية ، وجدارها الذي إليه تنتهي  .
أضف إلى ذلك أنّ الموت ربما يوصف بكونه أمراً عدمياً اذا نسب إلى
الجسم ، وأمّا إذا نسب إلى الروح فلا يمكن تفسيره إلاّ بأمر وجودي ، وهو انتقالها
من مرحلة إلى مرحلة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ الإرشاد : للشيخ المفيد ، ص 127.
(2) -معاني الأخبار : للصدوق ، ص 289.
________________________________________


(223)


ولعلّه ـ لأحد هذه الوجوه ـ تعلق به الخلق في قوله سبحانه : {الَّذِي خَلَقَ
الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ } (1) .
والتقدير في قوله سبحانه ـ في تقدير حياة الإنسان ـ  :{ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ
الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) -سورة الملك : الآية 2.
(2) -سورة الواقعة : الآية60.