التحسين والتقبيح في الكتاب العزيز

طباعة

التَّحسين والتقبيح في الكتاب العزيز

إِنَّ التدبّر في آيات الذكر الحكيم يعطي أنَّه يُسَلّم استقلال العقل بالتحسين والتقبيح خارج إطار الوحي ، ثمّ يأمر بالحَسَن وينهي عن القبيح.

* * *

1 ـ قال سبحانه : ( إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (1).

2 ـ ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ) (2).

3 ـ ( يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ ) (3).

4 ـ ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّـهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ) (4).

فهذه الآيات تعرب بوضوح عن أنَّ هناك أموراً توصف بالإحسان والفحشاء والمنكر والبغي والمعروف قبل تعلّق الأمر أو النهي بها ، وأنَّ الإِنسان يجد اتّصاف الأفعال بأحدها ناشئاً من صميم ذاته ، كما يعرف سائر الموضوعات كالماء والتراب. وليس عرفان الإِنسان بها موقوفاً على تعلّق الشرع وإنّما دور الشرع هو تأكيد إدراك العقل بالأمر بالحسن والنهي عن القبيح.

أضف إلى ذلك أنَّه سبحانه يتّخذ وجدان الإِنسان سنداً لفضائه فيما تستقلّ به عقليّته :

5 ـ يقول تعالى : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (5).

6 ـ ويقول سبحانه : ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (6).

7 ـ و يقول سبحانه : ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (7).

فالتدبّر في هذه الآيات لا يَدَعُ مجالاً لتشكيك المشكّكين في كون التحسين والتقبيح من الأمور العقليّة التي يُدركها الإِنسان بالحجّة الباطنيّة من دون حاجة إلى حجّة ظاهريّة.

الهوامش

1. سورة النحل : الآية 90.

2. سورة الأعراف : الآية 33.

3. سورة الأعراف : الآية 157.

4. سورة الأعراف : الآية 28.

5. سورة ص : الآية 28.

6. سورة القلم : الآيتان : 35 ـ 36.

7. سورة الرحمن : الآية 60.

مقتبس من كتاب : [ الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 254 ـ 256