الرزية كلُّ الرزية

طباعة

الرزية كلُّ الرزية :

لم يكن موقف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من خلافة الإمام عليٍّ عليه السلام يوم غدير خُمٍّ آخر المواقف التي صرَّح فيها بأنَّه الوصي من بعده ، بل حينما اشتدَّ به مرضه وعلم بما ستقع به أُمَّته من الاختلاف من بعده ، أراد أن يصرِّح بها ؛ فقال : « ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لا تضُّلون بعده أبداً » ثُمَّ أُغمي عليه ، وقام أحدهم ليلتمس الدواة والكتف ، فقال عمر : ارجع فإنَّه يهجر ـ أو غلبه الوجع ـ حسبنا كتاب الله !!

فما زال يمنع منها حتىٰ كثر التنازع ؛ فغضب النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخرجهم من عنده ، فقال ـ بعد أن عرضوا عليه الدواة والكتف ـ : « دعوني ، فالذي أنا فيه خير ».

هنا كان يتوجَّع ابن عبَّاس ويقول : « يوم الخميس ، وما يوم الخميس ! » ثُمَّ بكىٰ حتَّىٰ بلَّ دمعه الحصىٰ. فقيل له ـ والرواية عن سعيد بن جُبير ـ : يا ابن عبَّاس، وما يوم الخميس ؟

قال : « اشتدَّ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجعه ، فقال : « ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلُّون بعدي » فتنازعوا ، وما ينبغي عند نبيٍّ تنازع ، وقالوا : ما شأنه ، أهَجَر ؟ استفهموه ! قال : « دعوني ، فالذي أنا فيه خير » ». فكان ابن عبَّاس يقول : « إنَّ الرزية كلَّ الرزية ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم » (1).

الهوامش

1. ذكرت بعدَّة صيغ في كلٍّ من : صحيح مسلم ـ كتاب الوصية ٣ : ١٢٥٧ / ١٦٣٧ ، مسند أحمد ١ : ٢٢٢ ، مسند أبي يعلىٰ ٤ : ٢٩٨ / ٢٤٠٩ البداية والنهاية ٥ : ٢٠٠ ، الطبقات الكبرىٰ ٢ : ١٨٨ ، صحيح البخاري ـ كتاب المرضىٰ ٧ : ٢١٩ / ٣٠ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٨٢ ، إعلام الورىٰ ١ : ٢٦٥ ، تاريخ ابن خلدون ٢ : ٤٨٥ تحقيق الأستاذ خليل شحادة وسهيل زكار ، الملل والنحل ـ المقدِّمة الرابعة : ٢٩.

مقتبس من كتاب : [ الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ ] / الصفحة : 109 ـ 110