نصّ حديث الدار

طباعة

نصّ حديث الدار

موضوع بحثنا في هذه الليلة حديث الإنذار أو حديث الدار.

لمّا نزل قوله تعالى ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (1) دعا رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم رجال عشيرته ، ودعاهم إلى الإسلام ، وهذا الخبر وارد في كتب التاريخ ، في كتب السيرة ، في كتب التفسير ، وفي الحديث أيضاً.

قبل كلّ شيء ، أقرأ لكم نصّ الحديث عن تفسير البغوي المتوفى سنة ٥١٠ هـ ، يقول البغوي :

روى محمّد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) دعاني رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم فقال : يا علي ، إنّ الله يأمرني أن أُنذر عشيرتي الأقربين ، فضقت بذلك ذرعاً ، وعرفت أنّي متى أُباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمتُّ عليها ، حتّى جاءني جبرئيل فقال لي : يا محمّد إلّا تفعل ما تؤمر يعذّبك ربّك ، فاصنع لنا صاعاً من طعام ، واجعل عليه رِجل شاة ، واملا لنا عسّاً من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أُبلّغهم ما أُمرت به.

ففعلت ما أمرني به ، ثمّ دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعبّاس وأبو لهب.

فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته ، فجئتهم به ، فلمّا وضعته ، تناول رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم جذبة من اللحم ، فشقّها بأسنانه ، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة ، ثمّ قال : خذوا باسم الله ، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء حاجة ، وأيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم.

ثمّ قال : إسقِ القوم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعاً ، وأيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلمّا أراد رسول الله أن يكلّمهم بدره أبو لهب فقال : سحركم صاحبكم ، فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم.

فقال في الغد : يا علي ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، فتفرّق القوم قبل أنْ أُكلّمهم ، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثمّ اجمعهم ، ففعلت ثمّ جمعت ، فدعاني بالطعام فقرّبته ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا وشربوا ، ثمّ تكلّم رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم فقال : يا بني عبد المطّلب ، إنّي قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أنْ أدعوكم إليه ، فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟

فأحجم القوم عنها جميعاً.

فقلت وأنا أحدثهم سنّاً : يا نبيّ الله ، أكون وزيرك عليه.

قال : فأخذ برقبتي وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا.

فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أنْ تسمع لعلي وتطيع (2).

الهوامش

1. سورة الشعراء : ٢١٤.

2. معالم التنزيل ٤ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ـ طبعة دار الفكر ـ بيروت ـ ١٤٠٥ هـ.

مقتبس من كتاب : [ حديث الدار ] / الصفحة : 9 ـ 11