حديث الثّقلين

طباعة

حديث الثّقلين

روى أصحاب الصحاح والمسانيد عن النبي الأكرم أنّه قال : « يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ».

و قال في موضع آخر : « إنّي تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ». وغير ذلك من النصوص المتقاربة.

و قد صدع بها في غير موقف ، تارة بعد انصرافه من الطائف ، وأخرى يوم عرفة في حجّة الوداع ، وثالثة يوم غدير خمّ ، ورابعة على منبره في المدينة ، وأخرى في حجرته المباركة في مرضه والحجرة غاصّة بأهله.

و لا يشكّ في صحّة الحديث إلّا الجاهل به أو المعاند ، فقد روي بطرق كثيرة عن نيف وعشرين صحابياً (1).

إنّ الإمعان في الحديث يعرب عن عصمة العترة الطاهرة ، حيث قورنت بالقرآن الكريم ، وأنّهما لا يفترقان ، ومن المعلوم أنّ القرآن العظيم ، كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فكيف يمكن أن يكون قرناءُ القرآن وأعداله ، خاطئين فيما يحكمون ويبرمون ، أو يقولون ويحدّثون. فعدم الإفتراق إلى يوم القيامة ، آية كونهم معصومين فيما يقولون ويروون.

أضف إلى ذلك أنّ الحديث ، يعدّ المتمسّك بالعترة غير ضالّ ، بقوله : « لن تضلّوا ». فلو كانوا غير معصومين من الخلاف والخطأ ، فكيف لا يضلّ المتمسّك بهم ؟.

نعم ، ورد في بعض النصوص مكان كتاب الله وعترتي ، كتاب الله وسنّتي (2). وهو على فرض صحّته ، حديث آخر لا يزاحمه ، على أنّه حديث واحد ، وهذا الحديث متواتر نقله أعلام الأئمّة ، وأساتذة الحديث والتاريخ والسيرة ، ولا يعلم حقيقة ذلك إلّا من راجع مصادر الحديث (3). فيقدّم عليه في كلّ حال.

الهوامش

1. وكفى في ذلك أنّ دار التقريب بين المذاهب الإسلاميّة قامت بنشر رسالة جمعت فيها مصادر الحديث ونذكر من طرقه الكثيرة ما يلي : صحيح مسلم ، ج 7 ، ص 122 ، سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 207 ، مسند أحمد ، ج 3 ، ص 17 و 26 و 59. و ج 4 ، ص 366 و 371. و ج 5 ، ص 182 و 189.

و قد قام المحدّث الكبير السيّد حامد حسين الهندي بجمع طرق الحديث ونقل كلمات الأعاظم حوله ونشره في ستّة أجزاء وهو من أجزاء كتابه الكبير العبقات.

2. الصواعق المحرقة ، ص 89.

3. وراجع أيضاً في الوقوف على مصادر الحديث ، غاية المرام للسيّد البحراني ، ص 417 ـ 434.

مقتبس من كتاب : [ الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل ] / المجلّد : 4 / الصفحة : 105 ـ 106