الشريف الرضي

طباعة

الشريف الرضي

أبوالحسن محمّد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام الشريف الرضيّ ذوالحسبين ، لقّبه بذلك الملك بهاء الدولة ، وكان يخاطبه بالشريف الأجلّ.

كان نابغة من رجالات الاُمّة ، إماماً في علم الأدب واللّغة ، وفي الطليعة من علماء الشيعة وشعرائها ومفسّريها ، مع ماكان له من علوّ الهمّة وبُعد الشاء في الكرم والفضل.

ترجمه كلٌّ من العامّة والخاصّة وأثنوا عليه ثناءاً جميلاً.

قال الثعالبيّ في اليتيمة : ابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل ، وهو اليوم أبدع أبناء الزمان وأنجب سادة العراق ، يتحلّى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وحظّ من جميع المحاسن وافر ، ثمَّ هو أشعر الطالبيّين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلّقين ، ولو قلت : إنّه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق ، وسيشهد بما اُخبر به شاهد عدل من شعره العالي القدح الممتنع عن القدح ، الّذي يجمع إلى السلامة متانة وإلى السهولة رصانة ، ويشتمل على معان يقرب جناها ويبعد مداها ، وكان أبوه يتولّى نقابة نقباء الطالبيّين ، ويحكم فيهم أجمعين ، والنظر في المظالم والحجّ بالناس ، ثمَّ ردّت هذه الأعمال كلّها إلى ولده الرضيّ المذكور في سنة 388 وأبوه حيٌّ ، ومن غرر شعره ماكتبه إلى الإمام القادر بالله أبي العبّاس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة :

عطفاً أميرالمؤمنين فإنّنا

 

في دوحة العلياء لانتفرّق

مابيننا يوم الفخار تفاوت

 

أبدا كلانا في المعالي معرق

إلّا الخلافة ميّزتك فإنّني

 

أنا عاطل منها وأنت مطوّق

وقال الباخرزيّ في دمية القصر : له صدر الوسادة بين الأئمّة والسادة ، وأنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاء : ما أنورك ، ولخضارة : ما أغزرك ! ، وله شعر إذا افتخر به أدرك به من المجد أقاصيه ، وعقد بالنجم نواصيه ، وإذا نسب انتسب الرقّة إلى نسيبه ، وفاز بالقدح المعلّى من نصيبه. إه‍.

وفي عمدة الطالب : هو ذوالفضائل الشائعة والمكارم الذائعة كانت له هيبة وجلالة وفقه وورع وتقشّف ومراعاة للأمل والعشيرة ، ولّى نقابة الطالبيّين مراراً ، وكانت إليه إمارة الحاجّ والمظالم ، كان يتولّى عن أبيه ذي المناقب ، ثمَّ تولّى ذلك بعد وفاته مستقلّاً ، وحجّ بالناس مرّات ، وهو أوَّل طالبيّ خلع عليه السواد ، وكان أحد علماء عصره ، قراء على أجلّاء الأفاضل إه‍.

قلت : جلالة قدره وعظم شأنه أعظم من أن يحويه نطاق البيان ، ومآثره وفضائله أشهر لايحتاج إلى الإطناب في المقال ، وليس من كتب التراجم إلّا وفيه إيعاز إلى لمع من محامده وتحليل من كرائم نفسيّاته وسيرته ، وهتاف إلى فضائله ومآثره ، ولايمكننا في هذا المختصر إيراد كلّ ما في التراجم من إطرائه وإكباره وتبجيله والثناء عليه ، ولنختم الكلام بذكر ما أفرغ. عن لسان الاُمّة جمعاء السيّد صدرالدين في تأسيس الشيعة قال في ص 338 : كان فصيح قريش ، وناطقة الاُدباء ، ومقدام العلماء والمبرّز على سائر الفضلاء والبلغاء ، المتقدّم ذكره في مشاهير الشعراء ، صنّف في جميع علوم القرآن ، منها كتابه المترجم بحقائق التنزيل ودقائق التأويل ، كشف فيه عن غرائب القرآن وعجائبه وخفاياه وغوامضه ، وأبان غوامض أسراره ودقائق أخباره ، وتكلّم في تحقيق حقائقه وتدقيق تأويله بما لم يسبقه أحد إليه ، ولاحام طائر فكر أحد عليه ـ إلى أن قال ـ : وبالجملة ليس الرائي كمن سمع ، إن كان هذا هو التفسير فغيره بالنسبة إليه قشر اللّباب بلاارتياب ، ولعمري إنّه الّذي يبيّن بالعيان لابالبرهان أنَّ القرآن هو الكلام المتعذّر المعوز ، والممتنع المعجز ، بعبارات تضمّنت عجائب الفصاحة وبدائعها ، وشرائف الكلام ونفائسها ، وجواهر الألفاظ وفرائدها ، يعجز والله فم البيان عن بيانها ، ويضيق صدر القول عن قيلها ، ويكلّ لسان اليراع عن تحريرها ، فليتني بباقي أجزائه أحضى ، وللتمتّع بأنوارها أبقى ، وعلى الدنيا العفا بعد فقدها ، ويالله العجب من غزارة علم هذا السيّد الشريف مع قلّة عمره في الدنيا ويأتي بمثل هذا التصنيف ، ثمَّ بالمجازات القرآنيّة ، ثمَّ بكتاب المتشابه في القرآن ، وكتاب المجازات النبويّة ـ إلى أن قال (1) ـ : ولم يزد عمره على سبع وأربعين سنة ، ولاعجب فإنّه هو القائل :

إنّي لمن معشر ان جمعوا لعلى

 

تفرّقوا عن نبيّ أووصيّ نبي

آثاره الثمينة

نهج البلاغة (2) ، خصائص الأئمّة (3) ، المجازات النبويّة (4) ، تفسير حقائق التنزيل ودقائق التأويل (5) ، تلخيص البيان عن مجاز القرآن (6) ، تعليق خلاف الفقهاء ، الحسن من شعر الحسين ، انتخب فيه شعر ابن الحجّاج ، الزيادات في شعر ابن الحجّاج ، الزيادات في شعر أبي تمام ، ديوانه السائر المطبوع. تعليقه على إيضاح أبي عليّ الفارسيّ ، مختار شعر أبي إسحاق الصابي ، ما دار بينه وبين أبي إسحاق من الرسائل شعراً ، أخبار قضاة بغداد ، سيرة والده الطاهر وغير ذلك.

أساتذته ومشايخه

1 ـ أبوسعيد الحسن بن عبدالله بن المرزبان النحويّ المعروف بالسيرافيِّ ، تتلمذ عليه النحو قبل بلوغه عشر سنين.

2 ـ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد الطبريّ الفقيه المالكيّ ، قرأ عليه القرآن وهو شابّ حدث.

3 ـ الشيخ الأكبر أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن نعمان المفيد ، قرأ عليه هو وأخوه علم الهدى المرتضى.

4 ـ أبو محمّد الشيخ الأقدم هارون بن موسى التلعكبريّ.

5 ـ أبو عليّ الحسن بن أحمد الفارسيّ النحويّ.

6 ـ أبو يحيى عبدالرحيم بن محمّد المعروف بابن نباتة صاحب الخطب.

7 ـ أبو الفتح عثمان بن جنيّ الموصليّ قرأ عليه النحو.

8 ـ أبو الحسن عليّ بن عيسى الربعي النحويّ البغداديّ قرأ عليه مختصر الجرمي وقطعة من الإيضاح لأبي عليّ الفارسيّ ومقدّمة أملاها عليه كالمدخل إلى النحو ، والعروض لأبي إسحاق الزجاجيّ والقوافي للأخفش.

9 ـ القاضي عبدالجبّار بن أحمد الشافعيّ المعتزليّ.

10 ـ أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد الكناني ، يروي عنه الحديث.

11 ـ أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح ، شيخه في الحديث.

12 ـ أبو محمّد عبدالله بن محمّد الأسديّ الاكفانيّ.

13 ـ أبو بكر محمّد بن موسى الخوارزميّ ، قرأ عليه الفقه.

14 ـ أبو عبدالله محمّد بن عمران المرزبانيّ . (7)

تلامذته والرواة عنه

يروي عنه جماعة من أعلام الطائفة وعيونها منهم :

1 ـ شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ . (10)

2 ـ الشيخ المفيد أبو محمّد عبدالرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوريّ الخزاعيّ.

3 ـ أبو بكر أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوريّ الخزاعيّ.

4 ـ القاضي أحمد بن عليِّ بن قدامة.

5 ـ السيّد أبو زيد عبدالله بن عليّ كيابكيّ ابن عبدالله بن عيسى بن زيد بن عليّ الحسيني الكجيّ الجرجانيّ.

6 ـ أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلميّ البغداديّ.

7 ـ الشيخ جعفر بن محمّد بن أحمد بن العبّاس الدوريستيّ.

8 ـ القاضيّ السيّد أبو الحسن عليّ بن بندار بن محمّد الهاشمي.

9 ـ أبو منصور محمّد بن أبي نصر محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبدالعزيز العكبريّ المعدّل.

10 ـ الشيخ أبو عبدالله محمّد بن علي الحلوانيّ.

11 ـ أبو الأعزّ محمّد بن همام البغداديّ.

12 ـ السيّدة النقيّة بنت أخيه المرتضى. (9)

ولادته ووفاته

ولد ببغداد سنة 359 ونشأ بها وتوفّي بها يوم الأحد سادس محرَّم سنة 406 ، وحضر حين وفاته الوزير فخر الملك في داره مع سائر الوزراء والأعيان والقضاة والأشراف حفاةً ومشاةً وصلّى عليه الوزير ودفن في داره في محلّة الكرخ بخطّ مسجد الانباريّين ، وكان أخوه المرتضى لم يستطع أن ينظر إلى جنازته فمضى لجزعه عليه إلى المشهد الكاظميّ ولم يشهد جنازته ولم يصلّ عليه ، ومضى إليه الوزير في آخر النهار فألزمه بالعود إلى داره ، ونقل جثمانه إلى كربلاء بعد دفنه في داره.

الهوامش

1. ثمّ ذكر مؤلّفاته الآتية.

2. طبع مكرّراً بايران والعراق ومصر ولبنان وغيرها.

3. طبع في النجف سنة 1369.

4. طبع بمصر في 1356 وببغداد في غيرها.

5. طبع الجزء الخامس منه في النجف سنة 1355.

6. طبع في إيران وفي مصر وفي بغداد سنة 1375.

7. راجع كتابه المجازات وروضات الجنّات وخاتمة المستدرك وغيرها من التراجم.

8. قد يستشكل في ذلك لانّ الشيخ الطوسي قدم العراق سنة 408 بعد وفاه السيّد بسنتين فما أدركه حتّى يروى عنه راجع المستدرك ج 3 ص 510.

9. راجع خاتمة المستدرك والروضات وأمل الامل.

مقتبس من كتاب : [ بحار الأنوار ] / المجلّد : المدخل / الصفحة : 165 ـ 169