حبيب بن مظاهر الأسدي رضي الله عنه

طباعة

حبيب بن مظاهر الأسدي رضي الله عنه

يا حبيب بن مظاهر

عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين عليهم السلام (1).

وروى الطريحي في منتخبه مرسلاً قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يوماً مع جماعة من أصحابه مارّاً في بعض الطرق وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق ، فجلس النبيّ عند صبيّ منهم وجعل يقبّل ما بين عينيه ويلاطفه ثمّ أقعده في حجره وهو مع ذلك يكثر تقبيله ، فقال له بعض الأصحاب : يا رسول الله ، ما نعرف هذا الصبي الذي قد شرّفته بتقبيلك وجلوسك عنده وأجلسته في حجرك ولا نعلم من أين هو ؟

فقال النبيّ : يا أصحابي ، لا تلوموني فإنّي رأيت هذا الصبيّ يوماً يلعب مع الحسين ورأيته يرفع التراب من تحت أقدامه ويمسح به وجهه وعينيه مع صغر سنّه فأنا من ذلك اليوم بقيت أُحبّ هذا الصبي حيث أنّه يحبّ ولدي الحسين فأحببته لحبّ الحسين وفي يوم القيامة أكون شفيعاً له ولأبيه ولأُمّه كرامة له ، ولقد أخبرني جبرئيل أن يكون هذا الصبي من أهل الخير والصلاح ويكون من أنصار الحسين في وقعة كربلاء (2).

وفي مخزن البكاء لملّا صالح البرغاني بعد نقل رواية الطريحي هذه أثر مصرع حبيب عليه السلام فإنّه قال : نقل عن بعض الثقات أنّ هذا الصبي هو حبيب بن مظاهر ، ونقل نحواً من ذلك في التحفة الحسينيّة وينبغي أن لا يكون عمر حبيب يومذاك أقلّ من خمسة عشر عاماً لأنّ صاحب رياض الشهادة يقول حبيب رجل وسيم ، كامل الصفات وكان عمره في واقعة الطفّ خمساً وسبعين عاماً ، ويبعد أن يعبّر عن ابن الخامسة عشر بلفظ صبي.

فضائل حبيب ..

في رجال الكشّي بسنده عن فضيل بن الزبير قال : مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجل بني أسد فتحدّثا حتّى اختلف أعناق فرسيهما ثمّ قال حبيب : لكأنّي بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطّيخ عند دار الرزق قد صلب في حبّ أهل بيت نبيّه عليه السلام ويبقر بطنه على الخشبة. فقال ميثم : وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان يخرج لنصر ابن نبيّه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة ، ثمّ افترقا. فقال أهل المجلس : ما رأينا أحداً أكذب من هذين.

قال : فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري فطلبهما فسال أهل المجلس عنهما ، فقالوا : افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا ، فقال رُشيد : رحم الله ميثماً نسي : ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مأة درهم ، ثمّ أدبر. فقال القوم : هذا والله أكذبهم فقال القوم : هذا والله (3) ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على باب دار عمرو بن حريث وجيء برأس حبيب بن مظاهر وقد قتل مع الحسين عليه السلام ورأينا كلّ ما قالوا .. (4).

وقال الكشّي في رجاله أيضاً : وكان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام ولقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم ، وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيابون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله إن قتل الحسين ومنّا عين تُطرف ، حتّى قُتلوا حوله (5).

أين الحماة حماة آل محمّد

 

بالطفّ أين شبابهم وكهول

صرعى بلا كفن على وجه الفلا

 

رضّتهم بالحافرات خيول

أجسادهم تسفي عليهنّ الصبا

 

ورؤوسهم تلهو بهنّ شمول

أين الحبيب حبيب بن مظاهر

 

من رأسه للمبغضين مثيل

أين ابن قين من غدا غرض الردى

 

ونجيعه دون الإمام هطول

أين ابن عوسجة الطريح على الثرى

 

أو أين حرّ في دم مغسول

كلّ مضى لسبيله ظامي الحشا

 

كلّ لدى نهر الفرات جديل

ماتوا عطاشى بالطفوف وبعدهم

 

لي ما حييت بكائهم وعويل

وروى الكشّي أيضاً ، فقال : ولقد مزح حبيب بن مظاهر الأسدي (مع برير سيّد القرّاء) (6) فقال له زيد بن حصين الهمداني (7) وكان يقال له سيّد القرّاء : يا أخي ، ليس هذه بساعة ضحك ، قال : فأيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور ، والله ما هو إلّا أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم فنعانق الحور العين (8).

وقال الكشّي بعد نقله هذا الخبر : نقلته من كتاب مفاخرة الكوفة والبصرة (9).

وفي أعيان الشيعة المجلّد العشرين ، يقول في ترجمة حبيب : أبو القاسم استشهد مع الحسين عليه السلام بكربلاء سنة 61 ... كان عمره 75 سنة وكان يحفظ القرآن كلّه وكان يختمه في كلّ ليلة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر (10) وكان يسكن الكوفة واتخذها منزلاً ، واشترك في حروب أمير المؤمنين الثلاثة وكان من خواصّه وحملة علومه.

وفي رواية عليّ بن الحكم : حبيب من أصفياء أمير المؤمنين عليه السلام ومنهم عمرو ابن الحمق ومحمّد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمّار ورُشيد الهجري وحبيب بن مظاهر الأسدي.

وفي مجالس المؤمنين للقاضي نورالله : حبيب بن مظاهر الأسدي محسوب من أكابر التابعين ، ثمّ حكى عن كتاب روضة الشهداء ما ترجمته : إنّه تشرّف بخدمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسمع منه أحاديث وكان معزّزاً مكرّماً بملازمة حضرة المرتضى ... (11).

أنا حبيب وأبي مظاهر فارس هيجاء وليث قسور

أخبار حبيب في واقعة كربلاء وشهادته عليه السلام

كان حبيب بن مظاهر من الذين كتبوا إلى الحسين عليه السلام مع كاتبه في بيت سليمان ابن صرد الخزاعي حتّى قدم الكوفة مسلم بن عقيل وفي بيت المختار اجتمع حوله الشيعة للبيعة منهم عابس بن شبيب (12) الشاكري ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك منهم ، وإليه أُحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأُجيبنّكم إذا دعوتم ولأُقاتلنّ معكم عدوّكم ، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله. فقام حبيب بن مظاهر (الفقعسي) فقال : رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ، ثمّ قال : وأنا والله الذي لا إله إلّا هو على مثل ما هذا عليه .. (13).

أقول : لا أستحضر الآن بخلدي المصدر الذي عثرت على الرواية التالية فيه وهي أنّ الحسين عليه السلام لمّا نزل كربلاء كتب كتاباً إلى محمّد بن الحنفيّة وآخر إلى الكوفة ، وكتب كتاباً خاصّاً إلى حبيب بن مظاهر وفيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن عليّ إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي ، أمّا بعد ، فقد نزلنا كربلاء وأنت تعلم قرابتي من رسول الله فإن أردت نصرتنا فاقدم إلينا عاجلاً ... ولكن كيف وصلت هذه الرسالة إلى حبيب ، علم ذلك عند الله ، لأنّ الطرق جميعها مأخوذة بالرصد والعدوّ قد أحاط بهم.

وعلى كلّ حال ، فقد بلغ الرسول بيت حبيب وكان حبيب قد استخفى خوفاً من عدوّ الله ابن زياد عند قومه وكان على المائدة مع أهله .. فغصّت زوجته بلقمتها فقالت : أرى أنّ خبراً عاجلاً سيردنا ، وإذا بالرسول قد أقبل عليهم وناول حبيباً كتاب الحسين عليه السلام ، فقالت زوجه : ما هذا الكتاب يا حبيب ؟! فقال : دعوة من الإمام الحسين يطلب نصرتي إيّاه ، فلم يمض طويل وقت حتّى أحاطت عشيرته خبراً بمضمون الكتاب فداروا به حتّى يعلموا خفاياه ، وهل هو عازم على الخروج إلى الحسين أو لا ؟ فطمأنهم على عدم لحوقه بالحسين وقال لهم : أنا شيخ كبير فما أصنع للحسين عليه السلام.

فلمّا وثقت عشيرته منه قالت له زوجه : أيطلبك ابن رسول الله وأنت تتقاعد عن نصره ، فما جوابك يوم القيامة جدّه ؟ فأجابها وكان يتّقي حتّى زوجه : أخاف من ابن زياد أن يهدم داري وينهب مالي ويأسرك ! فقالت تلك المرأة اللبوئة : أجب الحسين وليهدم ابن زياد دارنا ولينهب مالنا وليأسروني ، خف الله يا حبيب ، كيف لا تلبّي نداء الحسين وقد دعاك إلى نصرته ؟!

فبالغ حبيب في التقيّة : ألا تريني أيّتها المرأة وأنا شيخ عاجز ، لا أستطيع الكرّ والفرّ وحمل السيف. فألّم قوله المرأة وأغضبها فراحت تبكي بحرقة وتسكب الدموع وحسرت عن رأسها ورمت قناعها على رأس حبيب وقالت : أقم أنت بين النساء ، ثمّ تنفّست الصعداء وقالت : يا أبا عبدالله ، ليتني كنت رجلاً فأقدم عليك وأبذل نفسي بين يديك.

فلمّا شاهد حبيب منها هذا المشهد ووثق بعزمها وإخلاصها وعرضها على محك الحقّ ، فاطمأنّ بالاً منها ، فقال : كُفّي أيّتها المرأة ولأنعمنّك عيناً ، وسوف أصبغ بياض شيبي بدم نحري في نصرة الحسين عليه السلام ، ثمّ ترك البيت ليبحث عن منفذ يخرجه من طوق الكوفة فرأى سوق الحدّادين قائماً على قدم وساق فعلم أنّ جند ابن زياد يعدّ العدّه ويضرب الأسنّة ويسقي السهام سمّاً ويجلو السيوف ويضع الحدوات للخيل ، تقتل ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فتأوّه حبيب ولمح مسلماً عن قرب واقفاً على حانوت عطّار يشتري خضاباً ، فقال له حبيب : أما علمت يا مسلم بأنّ مولانا الحسين عليه السلام حلّ بأرض كربلاء ، أفلا نذهب لنصرته ؟

واستعدّ مسلم للهرب من الكوفة ، فاستدعى حبيب غلامه وأعطاه جواده وقال : اشتمل على هذا السيف من تحت ثيابك واخرج من الجادة الفلانية وانتظرني هناك في مكان عيّنه حبيب له ، وإن تعرّضت للسؤال فقل إنّي ذاهب إلى المزرعة ، فأطاع الغلام ما أمره به حبيب.

وأخذ حبيب يسلك طرقاً خفيّة غير مسلوكة للوصول إليه حتّى إذا دنا منه ألفاه يخاطب الجواد فيقول : أيّها الفرس ، إن تأخّر مولاي فسوف أعلو متنك وأطير إلى نصرة الحسين ، فارتعد قلب حبيب من قول غلامه وجرت الدموع من عينيه وقال : يا أبا عبدالله ، بأبي أنت وأمّي ، لك الفداء ، العبيد تتمنّى نصرتك فويل للأحرار الذين تقاعسوا عن نصرك ، ثمّ استولى على ظهر الفرس وقال للعبد : أنت حرّ لوجه الله ، اذهب حيث شئت من فجاج الأرض ، فوقع الغلام على قدميه يقبّلهما وقال : لا تحرمني يا سيدي من هذا الفضل ، خذني معك فإنّي أُريد أن أسخو بنفسي مع الحسين ، فرضي حبيب بذلك فأردفه خلفه وتوجّه نحو الطفّ ، فأقبل الأصحاب عليه يحيّونه ، فقالت العقيلة : ما الخبر ؟! وما الذي شغل أصحابنا ؟ فقالوا : قدم حبيب لنصرتكم ، فقالت تلكم المخدّرة ، بلّغوا حبيباً سلامي ، ولمّا بلغه السلام حثى على رأسه قبضة من التراب وقال : من أنا حتّى تسلّم عليَّ ابنة أمير العرب الكبرى .. (14).

وفي البحار وغيره : إنّ حبيباً لمّا ورد أرض كربلاء أقبل إلى الحسين عليه السلام فقال : يابن رسول الله ، هاهنا حيّ من بني أسد بالقرب منّا ، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك فعسى الله أن يدفع بهم عنك ؟ قال : قد أذنت لك ، فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكّراً حتّى أتى إليهم فعرفوه أنّه من بني أسد ، فقالوا : ما حاجتك ؟ فقال : إنّي قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم ، أتيتكم أدعوكم إلى نصرة ابن بنت نبيّكم فإنّه وعصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من ألف رجل ، لن يخذلوه ولن يسلّموه أبداً ، وهذا عمر بن سعد قد أحاط به أنتم قومي وعشيرتي ، وقد أتيتكم بهذه النصيحة فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا به شرف الدنيا والآخرة ، فإنّي أُقسم بالله لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله محتسباً إلّا كان رفيقاً لمحمّد صلّى الله عليه وآله في علّيّين.

قال : فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له عبدالله بن بشر ، فقال : أنا أوّل من يجيب إلى هذه الدعوة ، ثمّ جعل يرتجز ويقول :

قد علم القوم إذا تواكلوا

 

وأجحم الفرسان إذ تثاقلوا (15)

إنّي شجاع بطل مقاتل

 

كأنّني ليث عرين باسل

ثمّ تبادر رجال الحيّ حتّى التأم منهم تسعون رجلاً فأقبلوا يريدون الحسين عليه السلام وخرج رجل في ذلك الوقت من الحيّ حتّى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال ، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له الأزرق فضمّ إليه أربعمائة فارس ووجّه نحو حيّ بني أسد ، فبينما أُولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين عليه السلام في جوف الليل إذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضاً واقتتلوا قتالاً شديداً ، وصاح حبيب بن مظاهر بالأزرق : ويلك ما لك ولنا ، انصرف عنّا ودعنا يشقى بنا غيرك ، فأبى الأزرق أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنّه لا طاقة لهم بالقوم فانهزموا راجعين إلى حيّهم ، ثمّ إنّهم ارتحلوا في جوف الليل خوفاً من ابن سعد أن يبيّتهم ، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام فخبّره بذلك ، فقال عليه السلام : لا حول ولا قوّة إلّا بالله ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) (16).

وذكر أبو جعفر الطبري كما سبق في ترجمة أبي ثمامة بعد أن بعث كثيراً بن عبدالله الشعبي ، قال : فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرّة ، ألق حسيناً فسله ما جاء به وماذا يريد ؟ قال : فأتاه قرّة بن قيس فلمّا رآه الحسين مقبلاً قال : أتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة وهو ابن أُختنا ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي ، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد.

قال : فجاء حتّى سلّم على الحسين وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه له ( ولمّا أراد العودة إلى صاحبه ) قال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّه ، أنّى ترجع إلى القوم الظالمين ، انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك الله بالكرامة وإيّانا معك. فقال له قرّة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي (17) فأعرض هذا الشقي عن الجنّة وذهب إلى نار جهنّم.

قال العلّامة بحر العلوم :

قد بايعوا السبط طوعاً منهم ورضاً

 

وسيّروا صحفاً بالنصر تبتدروا

أقبل فإنّا جميعاً شيعة تبع

 

وكلّنا ناصر والكلّ منتصر

أقبل وعجّل قد اخضرّ الجناب وقد

 

زهت بنضرتها الأزهار والثمر

لا رأى للناس إلّا فيك فأت ولا

 

تخش اختلافاً ففيك الأمر منحصر

فآثموه إذا لم يأتهم فأتى

 

قوماً لبيعتهم بالنكث قد خفروا

قوماً يقولون لكن لا فعال لهم

 

ورأيهم في قديم الدهر منتشر

فعاد نصرهم خذلاً وخذلهم

 

قتلاً له بسيوف للعدى ادّخروا

يا ويلهم من رسول الله كم ذبحوا

 

ولداً له وكريمات له أسروا

وكذلك لمّا خطبهم الإمام الحسين عليه السلام صاح به الشمر : أنا أعبد الله على حرف إن كنت أدري ما تقول ، فأجابه حبيب : والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا أشهد أنك صادق ما تدرى ما يقول ، قد طبع الله على قلبك (18) ، وجعل عليه غشاوة غضبه فلست تدري ما يقول ، إنّما أنت بهيمة.

وكذلك عصر يوم التاسع ( تاسوعاء ) عندما حمل العسكر على خيام الحسين عليه السلام ، قال للحسين قمر بني هاشم عليهما السلام : يا أخي ، إنّ القوم دنوا من الخيام ، فقال : اذهب إليهم وانظر ما الذي يريدون ، فأقبل عليهم ومعه حبيب بن مظاهر وزهير بن القين وجماعة من الأصحاب ، فأخبروهم أنّ خبراً عاجلاً جائهم من عبيدالله بن زياد بعرض البيعة ليزيد عليهم فإن أبوا عاجلوهم الحرب ، فقال لهم أبو الفضل : لا تعجلوا حتّى آتيكم بالجواب ، فقصد أبو الفضل المخيّم ووقف قبالتهم الأصحاب ، فقال حبيب لزهير : كلّم القوم ، فقال زهير عليه السلام : بل أنت كلّمهم ، فقال حبيب : معاشر القوم ، « أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرّيّة نبيّه عليه السلام وعترته وأهل بيته وعبّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً » (19).

فقال له عزرة بن قيس : إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت ، فقال له (20) بما يأتي في ترجمته.

وفي الدمعة الساكبة ذكر حكاية هلال بن نافع وسوف نذكرها في ترجمته إن شاء الله ، إلى أن يقول عن الحوراء زينب عليها السلام أنّها لأخيها الحسين عليه السلام : أخي ، هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم فإنّي أخشى أن يسلموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة ، فبكى عليه السلام وقال : أما والله لقد نهرتهم وبلوتهم وليس فيهم إلّا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن أُمّه.

فلمّا سمع هلال ذلك بكى رقّة ورجع وجعل طريقه على منزل حبيب بن مظاهر ، فرآه جالساً وبيده سيف مصلت ، فسلّم عليه وجلس على باب الخيمة ، ثمّ قال له : ما أخرجك يا هلال ؟ فحكيت له ما كان ، فقال : أي والله لولا أمره لعاجلتهم وعالجتهم هذه الليلة بسيفي ، ثمّ قال هلال : يا حبيب ، فارقت الحسين عليه السلام عند أُخته وهي في حال وجل ورعب وأظنّ أنّ النساء أفقن وفارقنها في الحسرة والزفرة ، فهل لك أن تجمع أصحابك وتواجههنّ بكلام يسكن قلوبهنّ ويذهب رعبهنّ فلقد ... منها ما لا قرار لي مع بقائه ، فقال له : طوع إرادتك.

فبرز حبيب ناحية وهلال إلى جانبه وانتدب أصحابه فتطالعوا من منازلهم (21) فلمّا اجتمعوا قال لبني هاشم : ارجعوا إلى منازلكم لا سهرت عيونكم ، ثمّ خطب أصحابه وقال : يا أصحاب الحميّة وليوث الكريهة ، هذا هلال يخبرني الساعة بكيت وكيت ، وقد خلّف أُخت سيّدكم وبقايا عياله يتشاكين ويتباكين ، أخبروني عمّا أنتم عليه ، فجرّدوا صوارمهم ورموا عمائمهم ، وقالوا : يا حبيب ، أما والله الذي منّ علينا بهذا الموقف لئن زحف القوم لنحصدنّ رؤوسهم ولنلحقنّهم بأشياخهم أذلّاء صاغرين ، ولنحفظنّ وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وآله في أبنائه وبناته. فقال : هلمّوا معي ، فقام يخبط الأرض وهم يعدون خلفه حتّى وقف بين أطناب الخيم ونادى : يا أهلنا ، يا سادتنا ويا معاشر حرائر رسول الله ، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلّا في رقاب من يبتغي السوء فيكم ، وهذه أسنّة غلمانكم أقسموا أن لا يركضوها إلّا في صدور من يفرّق ناديكم.

فقال الحسين عليه السلام : أُخرجن عليهم يا آل الله ، فخرجن وهنّ ينتدبن وهنّ يقلن : حاموا أيّها الطيّبون ، نحن الفاطميّات ، ما عذركم إذا لقينا جدّنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وشكونا إليه ما نزل بنا ، وقال أليس حبيب وأصحاب حبيب كانوا حاضرين يسمعون وينظرون ؟ فوالله الذي لا إله إلّا هو لقد ضجّوا ضجّة ماجت منها الأرض واجتمعت لها خيولهم وكان لها جولة واختلاف وصهيل حتّى كأنّ كلّاً ينادي صاحبه وفارسه .. (22).

وكذلك حضر حبيب مع الإمام عليه السلام على جسد مسلم بن عوسجة ، وبه رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة ( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) (23) ودنا منه حبيب بن مظاهر ، فقال : عزّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، ابشر بالجنّة ، فقال له مسلم قولاً ضعيفاً ، فقال له حبيب : لولا أنّي أعلم أنّي في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين. قال : بل أنا أُوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين عليه السلام ـ أن تموت دونه ، فقال : أفعل وربّ الكعبة ( إن شاء الله ) ( ولأنعمنّك عيناً ) (24).

وكذلك عندما استمهلوهم للصلاة وقد ذكرنا حوار حبيب عليه السلام مع الحصين بن نمير لعنه الله في ترجمة أبي ثمامة ، ولمّا فرغوا من الصلاة قال حبيب للإمام الحسين عليه السلام : يابن رسول الله ، لقد حان الوقت للقدوم على جدّك رسول الله صلّى الله عليه وآله فإن كانت لك حاجة إلى جدّك فمرني بتبليغها.

وفي مهيّج الأحزان ، قال الإمام عليه السلام لحبيب عليه السلام : أنت ذكرى جدّي وأبي وقد أخذك المشيب فكيف أرضى بدخولك ميدان القتال ؟ فبكى حبيب وقال : أُريد أن ألقى جدّك وقد ابيضّ وجهي عنده وأكون عند أبيك وأخيك معدوداً من أنصارك.

مقتل حبيب بن مظاهر رضي الله عنه

مقتل حبيب رضي الله عنه

حبيب بن مظاهر خاص معبود

 

که از طفلى رفيق شاهدين بود

بمقتل تافت خورشيد اميدش

 

شعاع مهر هر موى سفيدش

سلاح آراست بر اندام لاغر

 

مرخّص شد ز شاه هفت کشور

هجوم آورد چون آن قوم نارى

 

نمود از تيغ غازى برق بارى

بضرب تيغ خود پيرى تهمتن

 

سر شصت و دو کس برداشت از تن

بدن مجروح و خون از تن روان شد

 

ز فرط ضعف بى تاب وتوان شد

ز پشت زين بخاک گرم افتاد

 

چه سبزه فرش ره شد سرو آزاد

مباراة الشعر بالعربيّة :

خصّ الإله حبيباً بالكرامات

 

وزاده رفعة فوق السماوات

منذ الصبا صحب الأطهار مغتبطاً

 

بحبّهم إنّه أزكى السجيّات

وأشرقت شمسه في أرض مصرعه

 

فشيبه النور يجلو المدلهمّات

واستأذن السبط أن ينحو بهيكله

 

جحافلاً لينال الفوز في الآتي

أعطاه مولاه إذناً في القتال فلم

 

يكن سوى الأسد الضاري على الشاة

وسلّ صارمه بالنار مضطرماً

 

كما تدفّق مصباح بمشكاة

أردى من الخصم ستّيناً وأتبعهم

 

اثنين أوردهم نهر المنيّات

حتّى هوى فوق أرض الطفّ منجدلاً

 

يلقى من الله آلاف التحيّات

فجائه السبط يبكيه ويندبه

 

والحزن جمر بأضلاع زكيّات

ينعى الحبيب بقول كلّه حرق

 

حبيب أوقدت أحشائي وآهاتي

ويقول ابن الأثير في الكامل : كان حبيب بن مظاهر على ميسرة أصحاب الحسين عليه السلام.

وفي ناسخ التواريخ : إنّ الحصين بن نمير الملعون دخل ميدان الحرب يرتجز ويدعو حبيباً للمبارزة ، فودّع الإمام عليه السلام وحمل على جيش الأعداء كأنّه شعلة نار ، فضرب الحصين بن نمير على خرطومه فقطع أنفه ، فوقع من هول الضربة إلى الأرض من على ظهر فرسه ، فأراد حبيب أن يجهّز عليه فحمل أصحابه على حبيب فاستنقذوه ، فحمل حبيب عليهم كالليث الغضبان يحمل على قطيع الثعالب فجدّل الأبطال وخاض الأهوال مع كبر سنّه وشدّة عطشه حتّى قتل منها اثنين وستّين رجلاً وأرسلهم إلى نار الله الموصدة ، وصاح فيهم صيحة الأسد الباسل ، وأخذ يرتجز ويقول :

أنا حبيب وأبي مظاهر

 

فارس هيجاء وليث قسور

وأنتم عند العديد أكثر

 

ونحن أعلى حجّة وأظهر

وأنتم عند الوفاء أغدر

 

ونحن أوفى منكم وأصبر

وفي يميني صارم مذكّر

 

وفيكم نار الجحيم تسعر (25)

بالفارسيّة ..

ببين اخلاص اين پير هنرمند

 

چه خواهد کرد در راه خداوند

رجز خواند نسب فرمود و آنگاه

 

مبارز خواست از آن قوم گمراه

چنان رزمى نمود آن پير هُشيار

 

که بر نام آوران تنگ آمدى کار

سر شمشير آن پير جوان مرد

 

همى مرد از سر مرکب جدا کرد

به تيغ تيز در آن رزم پيکار

 

فکند از آن جماعت جمع بسيار

مباراته بالعربيّة :

انظر إلى إخلاص شيخ حاذق

 

أخلص بالقلب لربّ خالق

يردّد الأرجاز في ساح الوغى

 

كالفحل يلقى الخصم بالشقاشق

وكلّ فارس يلاقي سيفه

 

كأنّما هوى به من حالق

وسيفه الحتف لهم بل القضا

 

وهل إلى فتق القضا من راتق

أفنى بسيفه الجموع منهم

 

وجال فيهم بموت صاعق

صال بسيفٍ في مضاء حدّة

 

أشدّ هولاً من خضمّ دافق

فقلّب الميمنة على الميسرة مع ضعف الشيخوخة ، وهجم عليهم كالسيل المنحدر وهو يرتجز ويقول :

أُقسم لو كنّا لكم أعدادا

 

أو شطركم ولّيتم الأكتادا (26)

يا شرّ قوم حسباً من عادا

 

وشرّهم قد عملوا أندادا

فطعنه بديل بن صريم التميمي بحربته فوقع على الأرض فأراد أن يقوم فعاجله الحصين بن نمير لعنه الله الذي ينتظر منه غرّة بضربة انتقاماً لنفسه من ضربة حبيب التي سبقت ، ثمّ ترجّل من فرسه واحتزّ رأسه وقال لبديل : أنا شركتك بقتله فادفع إليّ رأسه ، فقال التميمي : وهذا لا يكون ، فقال له الحصين لعنه الله : أعطنيه أُعلّقه في رقبة جوادي وأدور فيه بالعسكر حتّى يعلم الناس بقتله ثمّ أدفعه لك لتنال به جائزتك من عبيدالله بن زياد فلا حاجة لي بها ، فأعطاه الرأس وعلّقه برقبة الجواد وطاف به في جوانب العسكر ، وكان غرضه من ذلك أن يراه الناس ويعلموا أنّه قاتل حبيب ، ثمّ عاد وأعطى الرأس إلى التميمي لعنهما الله.

وفي البحار : فهدّ مقتله الحسين عليه السلام (27).

وفي بعض العبارات : بان الانكسار في وجه الحسين من قتل الحبيب ، وقال عليه السلام : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي.

وفي مقتل أبي مخنف قال : لمّا قتل حبيب بان الانكسار في وجه الحسين وقال : لله درّك يا حبيب لقد كنت فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة.

وجاء في نفس المهموم : فلمّا رجع ( قاتل حبيب ) إلى الكوفة أخذ الآخر رأس حبيب فعلّقه في لبان فرسه ، ثمّ أقبل إلى ابن زياد في القصر فبصر به ابنه القاسم بن حبيب وهو يومئذٍ قد راهق ، فأقبل مع الفارس لا يفارقه كلّما دخل القصر دخل معه وإذا خرج خرج معه ، فارتاب به فقال : ما لك يا بنيّ تتبعني ؟! قال : لا شيء ، قال : بلى يا بنيّ أخبرني ، قال : إنّ هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتّى أدفنه ؟ قال : يا بنيّ ، لا يرضى الأمير أن يدفن وأنا أُريد أن يثيبني الأمير على قتله ثواباً حسناً. قال الغلام : ولكن الله لا يثيبك على ذلك إلّا أسوأ الثواب ، أما والله لقد قتلته خيراً منك وبكى ، فمكث الغلام حتّى إذا أدرك لم يكن له همّة إلّا اتّباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه ، فلمّا كان زمن مصعب بن الزبير وغزى مصعب « باجميرا » (28) دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرّته فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتّى برد (29).

لهفي لركب صُرّعوا في كربلا

 

كانت بهم آجالهم متدانيه

نصروا ابن بنت نبيّهم طوبى لهم

 

نالوا بنصرته مراتب عاليه

* * *

طهرت نفوسهم لطبيب أُصولها

 

فعناصر طابت لهم وحجور

ما اشتاقهم للموت إلّا دعوة

 

الرحمن لا ولدانها والحور

* * *

بيض الوجوه كريمة أحسابهم

 

شمّ الأُنوف من الطراز الأوّل

يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم

 

لا يسألون عن السواد المقبل (30)

* * *

قوم إذا اقتحم العجاج رأيتهم

 

شمساً وخلت وجوههم أقمارا

وإذا الصريخ دعاهم لملمّة

 

بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا

* * *

بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة

 

يجرّعها كأس المنيّة مترف

وهم خير من تحت السماء بأسرهم

 

وأكرم من فوق السماء وأشرف

تذنيبٌ فيه رؤيً صادقة (31)

كتب العلّامة النوري في دار السلام ، فقال : أخبرني الشيخ جعفر التستري رحمه الله قال : لمّا أنهيت الطلب للعلوم الدينيّة وآن أوان النشر والانتاج والإنذار ، عدت إلى وطني الذي ألفته وشرعت في إرشاد الناس وهدايتهم وتبليغ الأحكام الدينيّة ، وبما أنّي لم أتمرّس على الصناعة المنبريّة فقد كنت في شهر رمضان أعظ الناس من تفسير الصافي وكذلك في أيّام الجمع من على المنير ، وفي أيّام عاشوراء أقرأ كتاب روضة الشهداء لملّا حسين الكاشفي ، فلم يكن يحصل ما أُريد من الوعظ المفيد والإنذار الجيّد والبكاء المطلوب ، حتّى مرّ عليَّ وأنا على هذه الحالة سنوات عدّة ، ولمّا هلّ علينا المحرّم قلت في نفسي : إلى كم أنا ثابت لا أحول ولا أزول عن ملازمة الكتاب ، وفي التعزية وذكر المصاب أفزع إلى الكتاب فأقرأ فيه المصيبة ، فعزمت على إحداث التغيير ولكن لم تسعف الحال ولم آت بشيء يرضيني ، ومِن ثمّ ساءت خلقي واعترتني كآبة لذلك وأحسست بقلبي الكسير وطبعي الشرس.

فرأيت في عالم النوم أنّي في كربلاء وكأنّي في اليوم الذي نزل فيه الحسين بكربلاء ، ورأيت مضارب الحسين عليه السلام في ناحية من الأرض والعساكر في ناحية أُخرى وهي مستعدة للنزال ، فدخلت خباء سيّد الشهداء عليه السلام وسلّمت عليه فاستدعاني وأجلسني إلى جنبه وراح يداعبني ، ثمّ التفت إلى حبيب وقال له : شيخ جعفر اليوم ضيفنا والماء لا يوجد عندنا ولكن جئنا بالسويق ، فأقبل به حبيب ومعه ملعقة فتناولت منه ملاعق وانتبهت من نومي ، ففتح الله عليَّ من بركة تلكم الأكلات وتعلّمت جانباً من الإشارات وأخبار المصائب واللطائف والكنايات ، ووقفت على أسرارها فلم يسبقني بعد ذلك أحد ، وكلّما مرّت الأيّام يزداد نشاط العقل في هذا المجال حتّى بلغت غايتي ونلت مرامي (32).

الهوامش

1. راجع : رجال الطوسي : 60 و 93 و 100. قال العسقلاني في الإصابة : حبيب بن مظاهر بن رئاب ابن الأشتر بن حجوان بن فقعس ـ هذا ما ذكره المؤلّف وهو يختلف مع ما في الإصابة إذ سمّاه « حتيت » واقتصر على فقعس ونسبه إلى كندة ، هذا في الإصابة ج 2 ص 142 ، وقال : له إدراك ، وعمّر حتّى قتل مع الحسين بن عليّ ، ذكره ابن الكلبي مع ابن عمّه ربيعة بن حوط بن رئاب ، وسيأتي في حرف الراء إن شاء الله. ولمّا ترجم لربيعة لم يزد على ذكر اسم حبيب بن مطهر ـ بالطاء ـ بن رئاب ، ولم يذكر النسب الذي ساقه المؤلّف حيث قال .. ـ. ( المترجم ) ابن طريف بن عمرو بن قيس بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي ، كان صحابيّاً له إدراك وعمّر حتّى قتل مع الحسين يوم الطفّ مع ابن عمّه ربيعة بن خوط بن رئاب المكنّى ابا ثور الشاعر الفارس ، ذكره ابن الكلبي في كتابه ، وقال المرزباني : ربيعة بن خوط بن رئاب أدرك حياة النبيّ صلّى الله عليه وآله وحضر يوم ذي قار ثمّ نزل الكوفة وكان بها إلى أن جاء الحسين عليه السلام من مكّة إلى العراق حتّى نزل بكربلاء ثمّ خرج ربيعة بن خوط من الكوفة وجاء إلى الحسين مع ابن عمّه حبيب بن مظاهر ، وكان حبيب معه إلى أن قتل بين يديه في الحملة الأُولى مع من قتل من أصحاب الحسين ، انتهى.

فظهر من كلام العسقلاني أنّه من الصحابة إلّا أنّ صاحب الاستيعاب وأُسد الغابة لم يذكراه في الصحابة. وفي زيارة الناحية : « السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي ».

وقال العلّامة في الخلاصة : حبيب بن مُظَهّر ـ بضمّ الميم وفتح الظاء المعجمة وتشديد الهاء والراء أخيراً ( ص 132 ) على وزن مطهّر وهو الأصح وكان حبيب بن مظهّر من الرجال السبعين الذين نصروا الحسين عليه السلام ولقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم وهم يعرضون عليهم الأموال والأمان فيأبون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله إن قتل الحسين ومنّا عين تطرف ، لا والله لا يكون ذلك حتّى نقتل دونه. قال : فجاهدوا حتّى قُتلوا بين يديه. ( منه رحمه الله إلّا ما كان بين خطّين وأرقام الصفحات وأسماء المصادر فإنّها من المترجم )

2. منتخب الطريحي ، ص 202 و 203.

3. يحتمل أن تكون العبارة تكرّرت وسقط منها قول الراوي. ( المترجم )

4. رجال الكشّي ، ص 78.

5. نفسه ، ص 78.

6. زيادة من المؤلّف.

7. يعبّر عن هذا الشهيد بيزيد بن الحصين وذكره هنا باسم زيد وهو تصحيف وارى الاسم كلّه مصحّفاً عن برير بن حضير فما أقرب هاتين الكلمتين من يزيد وحصين.

8. رجال الكشّي ، ص 78.

9. لا توجد هذه الجملة في رجال الكشّي الذي اعتمدت عليه. ( المترجم )

10. أعيان الشيعة ، ج 4 ص 553.

11. أعيان الشيعة ، ج 4 ص 553.

12. ابن أبي شبيب ـ الطبري.

13. تاريخ الطبري ، ج 4 ص 264.

14. أرجو من القارئ الكريم أن يتوقّف في نقل مثل هذه الروايات الموضوعة فإنّها لا تحلّ لأحد روايتها إلّا على سبيل النقد والتحقيق ، والمؤلّف رحمه الله كثير التساهل في نقل مثل هذه الروايات ، شأنه شأن كثير ممّن كتب في حادثة كربلاء. (المترجم)

15. تناضلوا ، هكذا رواها المؤلّف.

16. بحار الأنوار ، ج 44 ص 386.

17. تاريخ الطبري ، ج 4 ص 311.

18. الإرشاد ، ج 2 ص 98.

19. ذكر المؤلّف هذه الفقرة في الهامش وترجمتها في المتن.

20. تاريخ الطبري ، ج 4 ص 315.

21. يتأنّق المؤلّف أحياناً في ترجمة العبارة فيضيف إليها من أدبه ما ليس منها من قبيل قوله : طلع الأصحاب كما تطلع الكواكب من أبراجها وأنا أضطرّ إلى عدم مجاراته لأنّي أنقل نصّ المصدر الذي اعتمد عليه المؤلّف وليس من حقّي التصرّف فيه. ( المترجم )

22. الدمعة الساكبة ، ج 4 ص 273 و 274.

23. الأحزاب : 23.

24. تاريخ الطبري ، ج 4 ص 331 مع اختلاف يسير وقد جعلنا ذلك بين قوسين.

25. وحرب تسعر ـ خ ل. ( منه )

26. الكتد مثل الكتف : مجمع الكتفين من الإنسان. ( منه رحمه الله )

27. بحار الأنوار ، ج 45 ص 26.

28. بضمّ الجيم وفتح الميم وياء ساكنة وراء مقصورة موضع دون تكريت ، قاله في المعجم. قال المفيد في الإرشاد : لمّا رحل ابن سعد اللعين بالرؤوس والسبايا وترك الجثث الطاهرة خرج قوم من بني أسد كانوا نزيلاً بالغاضريّة إلى الحسين وأصحابه فصلّوا عليهم ودفنوهم. وقال أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء : ودفنت بنو أسد حبيباً عند رأس الحسين حيث قبره الآن اعتناءاً بشأنه لأنّه منهم ورئيسهم. ( منه رحمه الله )

29. نفس المهموم ، ص 245 و 246 نقلاً عن الطبري ، ج 7 ص 348 و 349.

30. الشعر لحسّان بن ثابت يمدح به آل جفنة فكيف اختاره المصنّف في مدحهم وليس فيه دلالة على ذلك. ( المترجم )

31. هذا العنوان من وضع المؤلّف بالعربيّة.

32. قال العلّامة الحاج النوري قدّس سرّه بعد نقله هذه الحكاية : أمره فيما ذكره أعظم من أن يوصف ، ومقامه في هذا المضمار أعلى من أن يعرف ، وقد هجم عليه في هذه السنة التي هاجر فيها إلى النجف جلّ الفضلاء وأعاظم العلماء ، واقتبس من أنوار تحقيقاته ، وصار تحت منبره في شهر رمضان وعاشوراء ويوم الجمعة ويوم الخميس محفلاً عظيماً يغبطه سكّان الملأ الأعلى ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، اللهمّ ارزقنا منه شيئاً.

وفي ترجمته قال : العالم الجليل والمعظّم النبيل الشيخ الأعظم الرفيع الشأن اللّامع البرهان ، كشّاف حقائق الشريعة بطرائف البيان ، لم يطمثهنّ قبله إنس ولا جان ، ناموس العصر وفريد الدهر ، الفقيه النبيه والواعظ الوجيه ، الزاهد العابد الراكع الساجد صاحب الكشف والكرامات ، النور الأزهر ابن الحسين مولانا الشيخ جعفر الشوشتري طاب ثراه وجعل الجنّة مثواه ، كان من أكابر علمائنا المجتهدين وأفاخم فقهائنا المحقّقين وأعاظم أصحابنا المحدّثين ، جمع بين صناعات العلوم من معقولها .. الخ كلماته بطولها ، ولد في تستر ونشأ بها وتوفّي سنة 1333 في شهر صفر ودفن في النجف ، رضوان الله عليه.

مقتبس من كتاب : فرسان الهيجاء / المجلّد : 1 / الصفحة : 119 ـ 138