تشييع جنازة الإمام الحسن عليه السلام

طباعة

تشييع جنازة الإمام عليه السلام

تولى الإمام الحسين عليه السلام مهمّة تغسيل الجسد الطاهر لأخيه الحسن عليه السلام وهكذا تكفينه ولفّه ، وبعدها حملت جنازة الإمام الحسن عليه السلام إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ولمّا وصلوا المسجد اعترض مروان طريق الجنازة للحيلولة دون الدخول بها إلى المسجد ، ثمّ مضى إلى عائشة يحرضها على منع دفن الإمام الحسن عليه السلام عند جدّه ، فجاءت عائشة على بغلة لتمنع دفن الإمام عليه السلام ، فدنا عبد الله بن عباس منها وزجرها وقال لها : يوم على الجمل ويوم على البغل ، أو قال هو أو غيره :

     

تجملت تبغلت

 

وإن عشت تفيلت

فلم تنتهر ، بل قامت بتهييج بني أميّة ، فأقدموا على رشق جنازة الإمام عليه السلام بالسهام ، حتّى أنّنا نقرأ في الزيارة المنقولة عن الإمام الحجّة عجّل الله فرجه الشريف ـ « يا مواليّ فلو عاينكم المصطفى وسهام الأمّة معرفة في أكبادكم ورماحهم مشرعة في نحوركم وسيوفهم مولعة في دمائكم وأنتم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته وشهيد فوق الجنازة قد اشتبكت بالسهام أكفانه .. » (1).

فجرّد بنو هاشم السيوف لمواجهة سهام بني أميّة ، لو لا تدخل الإمام الحسين عليه السلام الذي التزم بوصيّة أخيه الإمام الحسن عليه السلام ، ثمّ أمر الحسين عليه السلام بأن تحمل الجنازة إلى البقيع ، فمالوا بالجنازة نحو البقيع. وقد اجتمع الناس لجنازته حتّى ما كان البقيع يسع أحداً من الزحام وقد بكاه الرجال والنساء سبعاً ، واستمرّ نساء بني هاشم ينحبن عليه شهراً ، وحدّت نساء بني هاشم عليه (2).

وقبل أو يوارى الجثمان الطاهر للإمام الحسن عليه السلام دنا منه أخوه محمّد بن الحنفية ونعاه قائلاً : رحمك الله يا أبا محمّد ، فوالله لئن عزّت حياتك لقد هدّت وفاتك ، ونعم الرّوح ، روح عمّر به بدنك ونعم البدن ، بدن ضمه كفنك ، لم لا يكون كذلك وأنت سليل الهدى ، وحلف أهل التقوى ، ورابع أصحاب الكساء ، غذتك كفّ الحق ، وربيت في حجر الإسلام ، وأرضعتك ثديا الإيمان ، فطب حيّاً وميّتاً ، فعليك السلام ورحمة الله وإن كانت أنفسنا غير قالية لحياتك ولا شاكّة في الخيار لك (3). وحينما وضع الإمام الحسين عليه السلام جسد أخيه الحسن عليه السلام في لحده أنشأ يقول :

أأدهن رأسي أم تطيب محاسني

 

ورأسك معفور وأنت سليب

بكائي يطول والدموع غزيرة

 

وأنت بعيد والمزار قريب

غريب وأطراف البيوت تحوطه

 

ألا كلّ من تحت التراب غريب

فليس حريب من أصيب بماله

 

ولكنّ من وارى أخاه حريب

فسلام عليك يا أبا محمّد يوم ولدت ويوم جاهدت وبلغت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّاً ..

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ...

الهوامش

1. معالي السبطين ، الحائري ، ص 37.

2. البداية والنهاية ، ابن كثير : ج 8 ، ص 44.

3. تاريخ اليعقوبي ، المجلّد الثاني ، ص 225.

مقتبس من كتاب : [ الإمام الحسن .. القائد والأسوة ]