كفر قتلة الحسين عليه‌ السلام ، وثواب اللعن عليهم ، وشدّة عذابهم

طباعة

كفر قتلة الحسين عليه‌ السلام ، وثواب اللعن عليهم ، وشدّة عذابهم

١ ـ ن ، لى : ماجيلويه ، عن علي ، عن أبيه ، عن الريان بن شبيب ، عن الرضا عليه‌ السلام قال : « يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبي وآله ، فالعن قتلة الحسين عليه‌ السلام ، يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه‌ السلام فقال متى ما ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً » الخبر (1).

٢ ـ أقول : قد أوردنا في باب ما وقع في الشام عن ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة عن الفضل ، عن الرضا عليه‌ السلام قال : « من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسين عليه‌ السلام وليلعن يزيد وآل زياد يمحوا الله عزّ وجلّ بذلك ذنوبه ولو كانت كعدد النجوم » (2).

٣ ـ ن : بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌ السلام قال : قال رسول الله (ص) : « إنّ قاتل الحسين بن علي عليهما‌ السلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكس في النار ، حتّى يقع في قعر جهنّم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه ، وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم ، مع جميع من شايع على قتله ، كلّما نضجت جلودهم بدل الله عزّ وجلّ عليهم الجلود ـ غيرها ـ حتّى يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من حميم جهنّم ، فالويل لهم من عذاب النار » (3).

صح : عنه عليه‌ السلام مثله.

٤ ـ ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله (ص) : « إنّ موسى بن عمران عليه‌ السلام سأل ربّه عزّ وجلّ فقال : يا ربّ إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى لو سألتني في الأوّلين والآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي فانّي أنتقم له من قاتله » (4).

صح : عنه عليه‌ السلام مثله.

٥ ـ ن : باسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌ السلام قال : « قال النبي (ص) يقتل الحسين شرّ الاُمّة ويتبرّأ من ولده من يكفر بي ».

٦ ـ ل : حمزة العلوي ، عن أحمد الهمداني ، عن يحيى بن الحسن ، عن محمّد بن ميمون ، عن عبد الله بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهم‌ السلام قال : « قال رسول الله (ص) : ستّة لعنهم الله وكلّ نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذّب بقدر الله ، والتارك لسنّتي ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله ، والمتسلّط بالجبروت ليذلّ من أعزّه الله ويعزّ من أذلّه الله ، والمستأثر بفيء المسلمين المستحلّ له ».

أقول : قد مضى مثل هذا الخبر بأسانيد متعدّدة في باب القضاء والقدر (5).

٧ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن أبي فاختة قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌ السلام : إنّي أذكر الحسين بن علي عليهما‌ السلام فأيّ شيء أقول إذا ذكرته ؟ فقال : قل صلّى الله عليك يا أبا عبدالله ! تكرّرها ثلاثاً الخبر ».

٨ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن زياد القندي ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن عيص بن القاسم قال : « ذكر عند أبي عبدالله قاتل الحسين بن علي عليهما‌ السلام فقال بعض أصحابه : كنت أشتهي أن ينتقم الله منه في الدنيا فقال : كأنّك تستقلّ له عذاب الله ، وما عند الله أشدّ عذاباً وأشدّ نكالاً ».

٩ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن هاشم ، عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌ السلام قال : « قال رسول الله (ص) : إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلّا بقتل الحسين بن علي ويحيى ابن زكريّا عليهما‌ السلام ».

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم مثله (6).

١٠ ـ مل : محمّد بن عبد الله بن علي الناقد ، عن أبي هارون العبسي ، عن جعفر ابن حيّان ، عن خالد الربعي قال : حدّثني من سمع كعبا يقول : « أوّل من لعن قاتل الحسين بن علي عليهما‌ السلام إبراهيم خليل الرحمن ، وأمر ولده بذلك ، وأخذ عليهم العهد والميثاق ثم لعنه موسى بن عمران وأمر اُمّته بذلك ، ثمّ لعنه داود وأمر بني إسرائيل بذلك.

ثمّ لعنه عيسى وأكثر أن قال : يا بني إسرائيل العنوا قاتله ، وإن أدركتم أيّامه فلا تجلسوا عنه ، فانّ الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء ، مقبل غير مدبّر وكأنّي أنظر إلى بقعته ، وما من نبيّ إلّا وقد زار كربلا ، ووقف عليها ، وقال : إنّك لبقعة كثيرة الخير ، فيك يدفن القمر الأزهر » (7).

بيان : قوله « مقبل » الأصوب مقبلاً أيّ كشهيد استشهد معهم حالكونه مقبلاً على القتال غير مدبّر ، وعلى ما في النسخ ، صفة لقوله كالشهيد ، لأنّه في قوّة النكرة.

١١ ـ مل : محمّد الحميري ، عن الحسن بن علي بن زكريّا ، عن عمرو بن المختار ، عن إسحاق بن بشر ، عن العوام مولى قريش قال : « سمعت مولاي عمر بن هبيرة قال : رأيت رسول الله (ص) والحسن والحسين في حجره يقبل هذا مرّة ويقبل هذا مرّة ويقول للحسين : الويل لمن يقتلك » (8).

١٢ ـ مل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن زكريّا المؤمن عن أيّوب بن عبد الرحمان ، وزيد أبي الحسن وعباد جميعاً ، عن سعد الاسكاف قال : « قال أبو عبد الله عليه‌ السلام قال رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله : من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنّة عدن ، قضيب غرسه ربّي بيده ، فليتولّ عليّاً والأوصياء من بعده ، وليسلّم لفضلهم فإنّهم الهداة المرضيّون ، أعطاهم الله فهمي ، وعلمي ، وهم عترتي من لحمي ودمي إلى الله أشكو عدوّهم من اُمّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي والله ليقتلنّ ابني لانالتهم شفاعتي » (9).

١٣ ـ مل : أبي ، وجماعة مشايخي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، وابن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، عن كليب بن معاوية ، عن أبي عبد الله عليه‌ السلام قال : « كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا ، وكان قاتل الحسين عليه‌ السلام ولد زنا ، ولم تبك السماء إلّا عليهما » (10).

مل : ابن الوليد ومحمّد بن أحمد بن الحسين معاً ، عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه ، عن الحسن ، عن فضالة ، عن كليب بن معاوية مثله.

مل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن مروان ابن مسلم ، عن إسماعيل بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌ السلام مثله.

١٤ ـ مل : أبي ، وابن الوليد معاً ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن عبد الخالق ، عن أبي عبد الله عليه‌ السلام قال : « كان قاتل الحسين بن علي عليهما‌ السلام ولد زنا ، وقاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا ».

مل : محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌ السلام مثله.

١٥ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه‌ السلام قال : قاتل الحسين بن علي عليهما‌ السلام ولد زنا.

١٦ ـ مل : محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن داود الرقي قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌ السلام إذا استسقى الماء ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر ، واغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي : يا داود لعن الله قاتل الحسين عليه‌ السلام فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين ولعن قاتله ، إلّا كتب الله له مائة ألف حسنة ، وحطّ عنه مائة ألف سيئة ، ورفع له مائة ألف درجة ، وكأنّما أعتق مائة ألف نسمة ، وحشره الله يوم القيامة ثلج الفؤاد » (11).

مل : الكليني ، عن علي بن محمّد ، عن سهل ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن سعد ابن سعد مثله (12).

والظاهر اختلال نسخة المصدر ، حيث انّ الكلينى رحمه الله انّما روى الحديث في كتاب الأشربة باب النوادر تحت الرقم ٦ [ راجع ج ٦ ص ٣٩٠ ] وسنده هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن جعفر ، عمن ذكره ـ وأظنّه محمّد بن الحسين ـ.

١٧ ـ م : قال رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله : « لمّا نزلت ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ) الآية (13) في اليهود أيّ الذين نقضوا عهد الله ، وكذبوا رسل الله ، وقتلوا أولياء الله : أفلا اُنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الاُمّة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : قوم من اُمّتي ينتحلون أنّهم من أهل ملّتي ، يقتلون أفاضل ذريّتي وأطائب ارومتي ، ويبدلون شريعتي وسنّتي ، ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريّا ويحيى.

ألا وإنّ الله يلعنهم كما لعنهم ، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهديّاً من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنّم ألا ولعن الله قتلة الحسين عليه‌ السلام ومحبّيهم وناصريهم ، والساكنين عن لعنهم من غير تقيّة يسكتهم.

ألا وصلّى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة ، واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظاً وحنقاً ، ألا وإن الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته ، ألا وإن قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله.

إنّ الله ليأمر ملائكته المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين إلى الخزّان في الجنان ، فيمزجوها بماء الحيوان ، فتزيد عذوبتها وطيبها ألف ضعفها وإنّ الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين يتلقونها في الهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغساقها وغسلينها فيزيد في شدة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها يشدّد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمّد عذابهم ».

١٨ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمّد ، عن الجالموراني ، عن ابن أبي حمزة ، عن صندل عن داود بن فرقد قال : « كنت جالساً في بيت أبي عبد الله عليه‌ السلام فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر ، فنظر لي أبو عبد الله عليه‌ السلام فقال : يا داود أتدري ما يقول هذا الطير ؟ ، قلت : لا والله جعلت فداك ، قال : يدعو على قتلة الحسين عليه‌ السلام فاتّخذوا في منازلكم » (14).

١٩ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌ السلام قال : « اتّخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فانّها تلعن قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌ السلام ولعن الله قاتله » (15).

أقول : وجدت في بعض مؤلّفات المعاصرين أنّه لما جمع ابن زياد لعنه الله قومه لحرب الحسين عليه‌ السلام كانوا سبعين ألف فارس ، فقال ابن زياد : أيّها الناس من منكم يتولّى قتل الحسين وله ولاية أيّ بلد شاء ؟ فلم يجبه أحد منهم ، فاستدعى بعمر بن سعد لعنه الله وقال له يا عمر أريد أن تتولّى حرب الحسين بنفسك فقال له : اعفني من ذلك ، فقال ابن زياد : قد أعفيتك يا عمر فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الري ، فقال عمر : أمهلنا الليلة ، فقال له : قد أمهلتك.

فانصرف عمر بن سعد إلى منزله وجعل يستشير قومه وإخوانه ومن يثق به من أصحابه ، فلم يشر عليه أحد بذلك ، وكان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له : كامل وكان صديقاً لأبيه من قبله ، فقال له : يا عمر مالي أراك بهيئة وحركة فما الذي أنت عازم عليه ؟ وكان كامل كاسمه ذا رأي وعقل ودين كامل.

فقال له ابن سعد لعنه الله : إنّي قد ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحسين وإنّما قتله عندي وأهل بيته كأكلة آكل أو كشربة ماء ، وإذا قتلته خرجت إلى ملك الري ، فقال له كامل : اُفّ لك يا عمر بن سعد تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول الله ؟ اُفّ لك ولدينك يا عمر أسفهت الحقّ وضللت الهدى ، أما تعلم إلى حرب من تخرج ؟ ولمن تقاتل ؟ إنّا لله وإنا إليه راجعون. والله لو أعطيت الدنيا وما فيها على قتل رجل واحد من اُمّة محمّد لما فعلت فكيف تريد تقتل الحسين ابن بنت رسول الله عليه‌ السلام ؟ وما الذي تقول غداً لرسول الله إذا وردت عليه وقد قتلت ولده وقرّة عينه وثمرة فؤاده وابن سيّدة نساء العالمين وابن سيّد الوصيّين وهو سيّد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين وإنّه في زماننا هذا بمنزلة جدّه في زمانه ، وطاعته فرض علينا كطاعته ، وإنّه باب الجنّة والنار فاختر لنفسك ما أنت مختار وإنّي اشهد بالله إن حاربته أو قتلته أو أعنت عليه أو على قتله لا تلبث في الدنيا بعده إلّا قليلاً.

فقال له عمر بن سعد : فبالموت تخوفني وإنّي إذا فرغت من قتله أكون أميراً على سبعين ألف فارس وأتولّى ملك الري ، فقال له كامل : إنّي احدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفقت لقبوله.

اعلم أنّي سافرت مع أبيك سعد إلى الشام فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي وتهت وعطشت ، فلاح لي دير راهب فملت إليه ، ونزلت عن فرسي ، وأتيت إلى باب الدى لأشرب ماء فأشرف علي راهب من ذلك الدير وقال : ما تريد ؟ فقلت له إنّي عطشان ، فقال لي : أنت من اُمّة هذا النبي الذين يقتل بعضهم بعضاً على حبّ الدنيا مكالبة ، ويتنافسون فيها على حطامها ؟ فقلت له : أنا من الاُمّة المرحومة اُمّة محمّد صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم.

فقال إنك أشرّ اُمّة فالويل لكم يوم القيامة وقد غدوتم إلى عترة نبيّكم وتسبّون نساءه وتنهبون أمواله ، فقلت له : يا راهب نحن نفعل ذلك ؟ قال نعم وإنّك إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات والأرضون ، والبحار ، والجبال ، والبراري ، والقفار ، والوحوش ، والأطيار باللعنة على قاتله ، ثمّ لا يلبث قاتله في الدنيا إلّا قليلاً ، ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره ، فلا يدع أحداً شرك في دمه إلّا قتله وعجّل الله بروحه إلى النار.

ثمّ قال الراهب : إنّي لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيّب ، والله إنّي لو أدركت أيّامه لوقيته بنفسي من حرّ السيوف ، فقلت : يا راهب إنّي اعيذ نفسي أن أكون ممّن يقاتل ابن بنت رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله ، فقال : إن لم تكن أنت فرجل قريب منك ، وإن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار ، وإنّ عذابه أشدّ من عذاب فرعون وهامان ، ثمّ ردم الباب في وجهي ودخل يعبد الله تعالى ، وأبى أن يسقيني الماء.

قال كامل : فركبت فرسي ولحقت أصحابي ، فقال لي أبوك سعد : ما بطأك عنا يا كامل ؟ فحدثته بما سمعته من الراهب ، فقال لي : صدقت.

ثمّ إنّ سعداً أخبرني أنّه نزل بدير هذا الراهب مرّة من قبلي فأخبره أنّه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول الله ، فخاف أبوك سعد من ذلك وخشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه وأقصاك ، فاحذر يا عمر أن تخرج عليه ، يكون عليك نصف عذاب أهل النار ، قال : فبلغ الخبر ابن زياد لعنه الله ، فاستدعى بكامل وقطع لسانه فعاش يوماً أو بعض يوم ومات رحمه‌ الله.

قال : وحكي أنّ موسى بن عمران رآه إسرائيلي مستعجلاً وقد كسته الصفرة واعترى بدنه الضعف ، وحكم بفرائصه الرجف ، وقد اقشعرّ جسمه ، وغارت عيناه ونحف ، لأنّه كان إذا دعاه ربّه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة الله تعالى ، فعرفه الإسرائيلي وهو ممّن آمن به ، فقال له : يا نبي الله أذنبت ذنباً عظيماً فاسأل ربّك أن يعفو عنّي فأنعم وسار ، فلمّا ناجى ربّه قال له : يا ربّ العالمين أسألك وأنت العالم قبل نطقي به ، فقال تعالى : يا موسى ما تسألني اعطيك ، وما تريد أبلغك ، قال : ربّ إنّ فلاناً عبدك الإسرائيلي أذنب ذنباً ويسألك العفو ، قال : يا موسى أعفو عمّن استغفرني إلّا قاتل الحسين.

قال موسى : يا ربّ ومن الحسين ؟ قال له : الذي مرّ ذكره عليك بجانب الطور ، قال : يا ربّ ومن يقتله ؟ قال يقتله اُمّة جدّه الباغية الطاغية في أرض كربلا وتنفر فرسه وتحمحم وتصهل ، وتقول في صهيلها : الظليمة الظليمة من اُمّة قتلت ابن بنت نبيّها فيبقى ملقى على الرمال من غير غسل ولا كفن ، وينهب رحله ، ويسبى نساؤه في البلدان ، ويقتل ناصره ، وتشهر رؤسهم مع رأسه على أطراف الرماح ، يا موسى صغيرهم يميته العطش ، وكبيرهم جلده منكمش ، يستغيثون ولا ناصر ويستجيرون لا خافر (16).

قال : فبكى موسى عليه‌ السلام وقال : يا ربّ وما لقاتليه من العذاب ؟ قال : يا موسى عذاب يستغيث منه أهل النار بالنار ، لا تنالهم رحمتي ، ولا شفاعة جدّه ، ولو لم تكن كرامة له لخسفت بهم الأرض.

قال موسى برئت إليك اللهم منهم وممّن رضي بفعالهم ، فقال سبحانه : يا موسى كتبت رحمة لتابعيه من عبادي ، واعلم أنّه من بكا عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار.

تذنيب : قال مؤلف كتاب إلزام النواصب وغيره : إنّ ميسون بنت بجدل الكبية أمكنت عبد أبيها عن نفسها ، فحملت يزيد لعنه الله وإلى هذا أشار النسابة الكبي بقوله :

     

فان يكن الزمان أتى علينا

 

بقتل الترك والموت الوحي

فقد قتل الدعي وعبد كلب

 

بأرض الطف أولاد النبي

أراد بالدعي عبيد الله بن زياد لعنه الله فانّ أباه زياد بن سميّة كانت اُمّه سميّة مشهورة بالزنا ، وولد على فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف فادّعى معاوية أنّ أبا سفيان زنى باُمّ زياد فأولدها زياداً وأنّه أخوه ، فصار اسمه الدعي وكانت عائشة تسمّيه زياد بن أبيه لأنّه ليس له أب معروف ، ومراده بعبد كلب : يزيد بن معاوية ، لأنّه من عبد بجدل الكلبي.

وأمّا عمر بن سعد لعنه الله فقد نسبوا أباه سعداً إلى غير أبيه وأنّه من رجل من بني عذرة كان خدنا لاُمّه ، ويشهد بذلك قول معاوية لعنه الله حين قال سعد لمعاوية : أنا أحقّ بهذا الأمر منك ، فقال له : معاوية يأبى عليك ذلك بنو عذرة وضرط له ، روى ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنّة ، ويدلّ على ذلك قول السيد الحميري :

     

قد ما تداعوا زنيما ثم سادهم

 

لولا خول بني سعد لما سادوا

الهوامش

1. أمالى الصدوق المجلس ٢٧ الرقم ٥ ، وقد مرّ في باب ٣٤ تحت الرقم ٢٣. وراجع عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٣٠٠.

2. راجع عيون أخبار الرضا ج ٦ ص ٢٢ باب ٣٠ الرقم ٥٠ في حديث.

3 و 4. المصدر : ج ٢ ص ٤٧ باب ٣١ الرقم ١٧٨ و ١٧٩.

5. راجع ج ٥ ص ٨٧ و ٨٨ من الطبعة الحديثة.

6. كامل الزيارات : ص ٧٧ و ٧٨.

7. المصدر : ص ٦٧.

8. كامل الزيارات : ص ٧٠.

9. المصدر : الباب ٢٢ الرقم ٣ ، راجع ص ٦٩.

10. المصدر : ص ٧٧ وهكذا ما يليه.

11. المصدر : ص ١٠٦.

12. كذا في نسخ الكتاب حتى نسخة الأصل نسخة المؤلف قدّس سره وهكذا المصدر ص ١٠٧ : ذكر السند بلفظه بعد الحديث المتقدّم بلا فصل.

بقرينة ما في كامل الزيارات عن الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن داود الرقي.

وأمّا هذا السند المذكور في كامل الزيارات : الكليني عن علي بن محمّد ، عن سهل ابن زياد ، عن جعفر بن ابراهيم الحضرمي ، عن سعد بن سعد فانّما تراه في الكافى كتاب الأطعمة باب أكل الطين الرقم ٩ ـ راجع ج ٦ ص ٢٦٦ ـ.

ولفظ الحديث قال أعنى سعد بن سعد سألت أبا الحسين عليه‌ السلام عن الطين ، قال فقال : أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، الّا طين قبر الحسين عليه‌ السلام فانّ فيه شفاء من كلّ داء وأمناً من كلّ خوف.

ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات الباب ٩٥ تحت الرقم ٢ ص ٢٨٥ عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد الحسن الصفّار ، عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد الحديث سواء.

13. البقرة ٨٤ والخبر في المصدر ص ١٤٨ مع اختلاف يسير.

14 و 15. الكافى كتاب الدواجن باب الحمام الرقم ١٠ و ١٣ ، والحمام الراعبى جنس من الحمام جاء على لفظ النسب وليس به ، وقيل هو نسب إلى موضع لا أعرف صيغة اسمه ، كذا في اللسان ، وقال الجوهرى : الراعبى جنس من الحمام والانثى راعبية. وقال الفيروزآبادى : راعب أرض منها الحمام الراعبية ، وقال المحشي : قال شيخنا هذه الارض ـ راعب ـ غير معروفة ، ولم يذكرها البكرى ولا صاحب المراصد والذي في المجمل وغيره ، الحمامة الراعبية : ترعب في صوتها ترعيباً وذلك قوة صوتها ، وهو الصواب انتهى ، ونثل المصنف رضوان الله عليه في شرح الحديث في مرآة العقول عن حياة الحيوان للدميري انّه قال : الراعبى طائر مولد بين الورشان والحمام ، وهو شكل عجيب قاله القزوينى.

16. خفره وبه وعليه خفراً : أجاره ومنعه وحماه وأمنه.

مقتبس من كتاب : [ بحار الأنوار ] / المجلّد : 44 / الصفحة : 299 ـ 309