الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام

طباعة

الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حسين مني وأنا من حسين

اسمه الحسين بن علي ، أبوه الإمام علي عليه السلام واُمّه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وكنيته أبو عبد الله ، ولقبه سيّد الشهداء.

وهو ثالث أئمّة أهل البيت عليهم السلام وثاني السبطين سيدي شباب أهل الجنّة وريحانتي المصطفى أحد أصحاب العباء.

ولد في الثالث من شعبان السنة الرابعة للهجرة في المدينة المنوّرة ، ومدّة إمامته أحد عشر عاماً من سنة 50 إلى 61 هـ.

وتقسّم حياته الشريفة إلى أربع مراحل :

1 ـ مرحلة ملازمته لجدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله ست سنوات ...

وكان النبي صلّى الله عليه وآله يؤكّد على حبّه والثناء عليه وعلى أخيه الحسن ، يدلّ على ذلك الأحاديث الكثيرة في حقّه التي ذكرنا بعضها في حياة الإمام الحسن ، ومنها قوله صلّى الله عليه وآله : « حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً » (1) وهذا يعني أنّ بقاء رسالته بالإمام الحسين وتضحيته في كربلاء حتى قيل « إنّ الإسلام محمّدي الحدوث وحسينيّ البقاء ».

2 ـ مرحلة ملازمته لأبيه وأخيه الحسن عليه السلام :

وهي أربعون عاماً شارك في أكثر أحدائها ومواقفها وحروب أبيه ، وكان عوناً لأخيه الحسن خلال إمامته.

3 ـ مرحلة إمامته حتى شهادته :

وهي إحدى عشر عاماً ، وأهم أحداث هذه المرحلة بل في التاريخ كلّه واقعة كربلاء ، والحديث عنها لا تتسع لها هذه الصفحات إلا أنّنا نشير إلى محاور هذه الواقعة وهي ثلاثة :

عوامل الثورة الحسينية.

1 ـ أحداثها.

2 ـ نتائجها ومعطياتها.

ويلخّص المحور الأوّل : بأنّ الإمام عليه‌السلام رأى بأنّ الإسلام قد تعرض لخطر التحريف والإبادة بفعل الأساليب والمخطّطات الاُموية المعادية للإسلام التي ذكرنا بعضها في حياة الإمام الحسن عليه السلام والشواهد عليها كثيرة ، ولا يمكن إنقاذ الدين إلا بتضحيته بنفسه وبأهل بيته وأنصاره.

وأمّا الحديث عن أحداث الواقعة الأليمة فهي كثيرة ابتداء من محاصرته في وادي كربلاء هو وأهل بيته وأصحابه ومنعهم من الماء واستشهادهم بتلك الصورة المؤلمة ؛ وأخذ أطفاله ونسائه أسارى من بلد إلى بلد.

وغيرها من الأحداث الكثيرة المؤلمة ، التي لا زالت تثير لوعة المسلمين وتألّمهم ورفضهم لمن ساهم فيها ومن سار على سيرتهم.

وأمّا نتائجها فإنّ ثورة الإمام الحسين عليه السلام ودمه ودماء أصحابه المقدسة كانت سدّاً منيعاً بوجه محاولات الإبادة والتحريف للإسلام الأصيل ، فإنّها هزّت الوعي الإسلامي لدى المسلمين آنذاك وأيقظتهم على الأخطار المحدقة بالإسلام والمسلمين ، حتى انبثقت ثورات كثيرة تحمل شعار يا لثارات الحسين ، ولا زالت ثورة الحسين تهزّ المسلمين وتوقظهم ، ومصدر إلهام لكلّ الثوار والأحرار والمصلحين حتى لغير المسلمين وشبحاً مخيفاً للجريمة والطغيان ، كما أنّ مآتمه وإحياء ذكره مدارس إسلامية وتربوية لها الكثير من الآثار الفاعلة للإسلام والمسلمين ، وفي بقاء الإسلام الأصيل ومبادئ أهل البيت عليهم السلام ونشرها وترسيخها ، لذلك شجّع عليها وشارك فيها أئمتنا الأطهار عليهم السلام والأصحاب والعلماء والمؤمنون عبر التاريخ ، من أجل معطياتها المهمّة ، ولذلك خافها الطغاة والمنحرفون ، ولكن لن يتمكّنوا من إطفاء نورها مهما بذلوا من جهود.

وقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء في العاشر من المحرم 61 هـ وعمره الشريف 57 عاماً ودفن هناك ، ومرقده الشريف كعبة للمؤمنين والثائرين والسائرين على هداه.

ومن أقواله ما قاله حول فلسفة ثورته : « وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدي صلّى الله عليه وآله ، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومن ردّ عليَّ هذا أصبر حتی يقضی الله بيني وبين القوم ، وهو خير الحاكمين » (2).

وفي كتاب له إلی رؤساء الأخماس بالبصرة : « وأنا أدعوكم إلى كتاب الله ، وسنّة نبيه ، فإنّ السنة قد اُميتت والبدعة قد اُحييت ، فإن تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرشاد ».

وقال حين مسيره إلى كربلاء « خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلی يوسف ، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا » (3).

« ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلی الباطل لا يتناهي عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، فإنّي لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما » (4).

إن الإسلام محمّدي الحدوث وحسيني البقاء

الهوامش

1. الإرشاد 2 : 127.

2. بحار الأنوار 44 : 330.

3. بحار الأنوار 44 : 367.

4. مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف : 26.

مقتبس من كتاب : أنوار الولاء / الصفحة : 57 ـ 60