في ذكر معجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مع الشمس

طباعة

في بيان ظهور آياته مع الشمس

وفيه : ثلاثة أحاديث

219 / 1 ـ عن داود بن كثير الرقّي ، عن جويرية بن مسهر ، قال : لمّا رجعنا من قتال أصحاب النهروان مررنا ببابل ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « إنّ هذه أرض معذّبة ، قد عذّبت مرتين ، وقد هلك فيها مائة ألف ومائتان ، فلا يصلّي فيها نبيّ ولا وصي نبيّ ، فمن أراد (1) منكم أن يصلّي فليصلّ العصر ».

قال جويرية : فقلت : والله ، لأقلدن اليوم (2) ديني وأمانتي عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

قال : فسرنا إلى أن غابت الشمس ، واشتبكت النجوم ، ودخل وقت العشاء الآخرة ، فلمّا أن خرجنا من أرض بابل نزل صلوات الله عليه عن البغلة ، ثمّ نفض التراب عن حوافرها ، ثمّ قال لي : « يا جويرية ، انفض التراب عن حوافر دابّتك » قال : ففعلت ؛ ثمّ قال لي : « يا جويرية ، أذّن للعصر ».

قال : فقلت : ثكلتك أمّك يا جويرية ، ذهب النهار ، وهذا الليل ! فأذّنت للعصر ، فرجعت الشمس ، فسمعت لها صريراً كصرير البكرة ، حتّى عادت إلى موضعها للعصر بيضاء نقية.

قال : فصلّى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ثمّ قال : « أذّن للمغرب يا جويرية » فأذّنت ، فرأيت الشمس راجعة كالفرس الجواد ، ثمّ صلّيت المغرب ، ثمّ قال : « أذّن للعشاء الآخرة » فأذّنت ، وصلّينا العشاء الآخرة ، ثمّ قلت : وصي محمّد وربّ الكعبة ـ ثلاث مرّات ـ لقد ضلّ وهلك وكفر من خالفك.

ولقد رجعت له الشمس مرّة أخرى في عهد النبيّ صلوات الله عليه وآله وهو ما روى :

220 / 2 ـ أبو جعفر عليه السلام ، قال : « بينا النبيّ (ص) نام عشية ورأسه في حجر عليّ صلوات الله عليهما ، ولم يكن عليّ صلّى العصر ، وقد دنت المغرب ، فقال له : يا عليّ ، أصليت العصر ؟ فقال : لا . فقال النبيّ (ص) : « اللّهمّ إنّ عليّاً كان في طاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس . فعادت الشمس إلى موضعها وقت العصر ».

وقد أحسن في ذلك أبو هاشم محمّد بن إسماعيل الحميريّ ؛ والملقب بالسيّد ، قال شعراً :

     

ردّت عليه الشمس لمّا فاته

 

وقت الصلاة وقد دنت للمغرب

حتّى تبلّج نورها في وقتها

 

للعصر ثمّ هوت هوي الكوكب

وعليه قد حُبست (1) ببابل مرّة

 

أخرى وما حبست لخلق المغرب

إلّا ليوشع وله من بعده

 

ولردها (2) تأويل أمر معجب

221 / 3 ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : كنّا مع

النبيّ (ص) إذ دخل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال رسول الله (ص) : « يا أبا الحسن ، أتحب أن أريك كرامتك على الله ؟ » قال : « نعم ، بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ».

قال : « إذا كان غداً فانطلق إلى الشمس معي فإنّها ستكلمك بإذن الله تعالى ».

قال : فماجت قريش والأنصار بأجمعهم ، فلمّا أصبح صلّى الغداة ، وأخذ بيد عليّ بن أبي طالب وانطلقا ، ثمّ جلسا ينتظران طلوع الشمس ، فلمّا طلعت ، قال رسول الله (ص) : « يا عليّ ، كلّمها فإنّها مأمورة ، وإنّها ستكلمك ».

فقال عليّ عليه السلام : « السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، أيّها الخلق السامع المطيع ».

فقالت الشمس : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يا خير الأوصياء ، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت . فقال عليّ : « ماذا أعطيت ».

قالت : لم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس ، ولكن هنيئاً لك ، العلم والحكمة في الدنيا ، وأمّا في الآخرة فأنت ممّن قال الله تعالى : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (1) وأنت ممّن قال الله تعالى فيه : ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) (2) فأنت المؤمن الَّذي خصَّك الله بالإِيمان.

وروي أنّ الشمس كلّمته ثلاث مرّات .

الهوامش

1. بصائر الدرجات : 237 ، علل الشرائع : 352 / 4 ، اعلام الورىٰ : 178 ، مدينة المعاجز : 30 ، اثبات الهداة 2 : 407 / 18 مثله و 2 : 490 ح 317 باختصار.

(1) في ك ، م : شاء.

(2) في ع : الليلة.

2. أمالي المفيد : 94 / 3 ، اثبات الوصية : 130 ، قطعة منه ، مناقب المغازلي : 96 / 140 ، الطرائف في معرفة المذاهب : 84 / 117 ، مناقب الخوارزمي : 217 ، تاريخ دمشق 2 : 383 ، بالفاظ مختلفة وبطرق عديدة فراجع ملحقات احقاق الحق 5 : 521 ـ الباب 17 ـ وقد ذكره بمختلف الألفاظ وعن جماعة من أعلام القوم ، مدينة المعاجز : 31 / 44 ، اثبات الهداة 2 : 418 / 51 ، مثله.

(1) في ك ، م : ردت.

(2) في ك ، م : لحبسها.

3. أمالي الصدوق : 472 / 14 ، فضائل شاذان بن جبرائيل : 163 مثله ، فرائد السمطين 1 : 185 ، مصباح الأنوار : 313 / 126 ، مدينة المعاجز : 33 / 46 ، اثبات الهداة 2 : 500 / 373.

(1) سورة السجدة / الآية : 17.

(2) سورة السجدة / الآية : 18.

مقتبس من كتاب : [ الثاقب في المناقب ] / الصفحة : 253 ـ 256