شهيد العقيدة

طباعة

شهيد العقيدة

مولاي لن تصمت تلك الدماءْ

 

كيف ؟ وقد شقّت مهاوي الفناءْ

لن يخنق الدهرُ حكاياتها

 

وإن تحدّى زحفها الأشقياء

وإن مضى الكفر الذي لم يزل

 

يلمح في طيفك سيف القضاء

يفور بالحقد ، ليخفى به

 

عن أعين الأجيال فجر الولاء

فأنت رغم الكفر اُنشودةٌ

 

تُفجّرُ الوعي بنا والفداء

* * *

غمامةٌ تزحف عبر المدى

 

تبشّر القفر بعهد الرواء

أنت لنا اُنشودة ثَرّة

 

بالخير توري جذوة الكبرياء

تنسلّ من أعماق دهر طوى

 

ضياءه الثرّ ، ضباب البلاء

تنسلّ كي تهبط في أرضنا

 

كفّاً تهزّ النائمين الظماء

أنت لنا عبر المدى صرخةٌ

 

تفجّر الوعي بنا والفداء

* * *

من أنتَ قل لي إنّني حائرٌ

 

قد أغلق السرُّ دروبَ الذكاء

أغرقُ في الفكر ، ولكنني

 

أعيى ، وقد ضمّ شعوري العياء

هبطتَ في كونٍ يلفُّ الهوى

 

أرجاءه ، كي يستفيق الفناء

أنّی تراميتَ ترى لعنةً

 

تنشر في الدرب شراك الشقاء

كيف استقرّت فيك روح الهدی

 

لم تفترق عنك بدرب البقاء

قَدّمتَ في مذبحها كلّ ما

 

تملك ، كي تحيى بذور الرجاء

فالليل لن تنسى حكاياته

 

كيف يشقّ الصمتَ ضوءُ الدعاء

والحرب ما زالت فتوحاتُها

 

تذكر سيفاً صدَّ زحفَ العداء

أنت لنا في كل شيءٍ صدى

 

يفجّر الوعيَ بنا والفداء

* * *

لولاكَ يا مولاي لم يخترق

 

متاهةَ الليل شعاعُ السماء

سرتَ مع النور فلم يرتفعْ

 

لولاكَ في زهو الليالي لواء

غرقتَ في الرحلة حتى اختفتْ

 

في هوّة المنفى شرورُ الغباء

وعندما حطّمت أحلامها

 

وسار لله رسولُ الأخاء

تطلّعتْ من قبرها لعنةٌ

 

تحلم بالأمس دَجيَّ الفضاء

ألقتك للموت ، ليحيى لها

 

عهدٌ ، به تمسخ وجه العلاء

هيهات لن تفنى ، وهل يختفي

 

فكرٌ ، تحدّى ثورة الأغبياء

فأنت رغم الموت اُنشودة

 

تفجّر الوعيَ بنا والفداء

* * *

يا ليلةَ القدر ، ويا نغمةً

 

تهمي ، فيمتدّ بقلبي الصفاء

يا ليلة القدر وأنفاسنا

 

لم تختلج إلا بخفق الدعاء

ألمحُ ـ رغم البعد ـ في مسجدٍ

 

وجهاً له يخشع حتى البناء

يُصعَّد الآهات في زفرةٍ

 

تشقُّ كالشُهب ظلام الفضاء

في ليلة القدر ، وقد أطرقت

 

لله روحٌ ، وارتمت في البكاء

تذوب في الآهة من حبِّه

 

قد جدّدت فيها عهودَ الولاء

يشعّ نور الحق من جبهةٍ

 

ما عرفت إلا مجالي العلاء

شُلّت يدٌ تغتال طَود الهدى

 

والطهر والحبّ ، وكنز الوفاء

فليخسأ الطاغي ، ففي كفّه

 

قد هُدَّ للإيمان أقوى بناء

ومذ هوى الطود تسامتْ له

 

روحٌ ، وقد دوّى هناك النداء

تريد أن يُطفأ نور الهدى

 

هيهات ، لن يخمد منه الضياء

يا لحظة أبقت بأعماقنا

 

نزيف جرحٍ ما له من عزاء

يريدنا أن نغتدي اُمّةً

 

تحتضن الدين بظلّ الولاء

يريد أن نصمد في عالمٍ

 

للكفر في أحشائه ألف داء

يريد أن نروي بنور الهدى

 

جيلاً تهاوى في جحيم الظماء

نتبع صوت الحقّ مهما دجت

 

آفاقنا ، إذ هبّ منه النداء

فهو لنا رغم المدى صرخةٌ

 

تفجّر الوعي بنا والفداء

* شهر رمضان 1389 ألقيت في الصحن العلوي الشريف في النجف الأشرف مع موكب كليّة الفقه

مقتبس من كتاب : [ أنوار الولاء ] / الصفحة : 43 ـ 46