البراءة من المشركين

طباعة

البراءة من المشركين

كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة ، وكانت سنّة العرب في الحج أنّه من دخل مكّة وطاف البيت في ثيابه لم يحلّ له امساكها ، وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف ، فكان من وافىٰ مكّة يستعير ثوباً ويطوف فيه ثم يردّه ، ومن لم يجد عارية ولاكراءً ولم يكن له إلّا ثوب واحد طاف بالبيت عرياناً.

فجاءت امرأة من العرب حسناء جميلة فطلبت ثوباً عارية أو كراءً فلم تجده ، فقالوا لها : إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدّقي بها ، فقالت : كيف أتصدّق وليس لي غيرها ؟ فطافت بالبيت عريانة ، وأشرف لها الناس ، فوضعت احدى يديها على قبلها والاُخرى على دبرها ، وقالت شعراً :

اليوم يبدو بعضه أو كلّه

 

فما بدا منه فلا أحلّه

فلما فرغت من الطواف ، خطبها جماعة ، فقالت : إنّ لي زوجاً. وكانت سيرة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قبل نزول سورة البراءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ، ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده ، فكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لا يقاتل أحداً قد تنحّىٰ عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة البراءة ، وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الذين قد عاهدهم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يوم فتح مكّة إلى مدة ، منهم : صفوان بن اُميّة وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزّ وجلّ : ( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ثمّ يقتلون حيثما وجدوا بعد.

هذه أشهر السياحة : عشرين من ذي الحجة ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من ربيع الآخر.

فلمّا نزلت الآيات من سورة البراءة دفعها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر ، فلمّا خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال : يا محمّد لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك.

فبعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في طلب أبي بكر ، فلحقه بالروحاء وأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال : يا رسول الله أنزل الله فيّ شيئاً ؟ فقال : لا إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عني إلّا أنا أو رجل منّي (1).

هذا مجمل ما روته الشيعة حول حادثة نزول السورة وهو بنفسه جاء في كتب أهل السنّة في مصادر جمّة من حديث وتفسير ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى تفسير الطبري والسيوطي في تفسير الآية ، ولكن لإلقاء المزيد من الضوء على تلك الحادثة نبحث عن اُمور :

1 ـ لماذا لم يحجّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بنفسه في هذا العام ؟

روى المفسّرون أنّه أقبل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من تبوك فأراد الحج ، فقيل له : إنّه يحضر المشركون فيطوفون عراة ، فقال : لا أحبّ أن أحجّ حتّى لا يكون ذلك (2).

ويؤيّد ذلك قصة المرأة التي طافت بالبيت الحرام عريانة كما عرفت.

2 ـ اختلفت الرواية في عدد الآيات التي بعث النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عليّاً ( عليه السلام ) بها ليقرأها يوم الحجّ الأكبر على المشركين ويرفع الأمان عنهم.

فقد روىٰ الطبري عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا :

بعث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أبا بكر أميراً على الموسم سنة تسع وبعث علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) بثلاثين أو أربعين آية من سورة براءة فقرأها على الناس يؤجّل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض ، فقرأ عليهم براءة يوم عرفة أجّل المشركين عشرين من ذى الحجة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من ربيع الآخر (3).

وروى السيوطي في الدر المنثور قال : أخرج عبدالله بن أحمد بن حنبل في زوائد السند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي ( رضي الله عنه ) قال : لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) دعا أبا بكر ليقرأها على أهل مكّة ثمّ دعاني فقال لي : أدرك أبابكر فحيث ما لقيته فخذ الكتاب منه (4).

روى البحراني في تفسيره عن مصادر وثيقة ، روايات تنتهي إلى أبي هريرة وأنس وأبي رافع وزيد بن نفيع وابن عمر وابن عباس ـ واللّفظ للأخير : إنّه لمّا نزل ( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ) إلى تسع آيات أنفذ النبي أبا بكر إلى مكّة لأدائها ، فنزل جبرئيل وقال : إنّه لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك ، فقال النبي لعلي : إركب ناقتي العضباء وإلحق أبا بكر وخذ براءة منه (5).

والرواية الثانية والثالثة أوفق بمضمون الآيات وما يمس بالقضية لا يتجاوز الآية العاشرة وربّما تزيد قليلاً ، مضافاً إلى أنّ الرواية الاُولى فيها من الشذوذ ما لا يخفى ، وسيوافيك أنّ عليّاً ( عليه السلام ) قد قرأ يوم النحر لا يوم عرفة وأنّه رفع الأمان عن المشركين منذ يوم التلاوة وكان يوم العاشر من ذي الحجة لا العشرين منه.

وإليك الآيات العشر الواردة في شأن تلك القصة نسوقها إليك لتقف عن كثب على مضمونها وما ورد فيها حول تلك الحادثة :

قال عزّ من قائل : ( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ وَأَنَّ اللَّـهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّـهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ * اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّـهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) ( براءة / 1 ـ 10 ).

3 ـ لماذا عزل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا بكر عن مهمّة التبليغ :

قد تضافرت النصوص على أنّه لمّا نزلت عشر آيات من أوّل سورة براءة دعا النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أبا بكر ليقرأها على أهل مكّة ثّم دعا عليّاً ( عليه السلام ) فقال له : أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم ، فخرج علي ( عليه السلام ) من المدينة فلحق أبا بكر في الجحفة وأخذ الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى المدينة مستاءً فقال للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أنزل فيّ شيء ؟ قال : لا ، ولكن جبرئيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك (6).

وهناك صور اُخرى للحديث يقرب بعضها من بعض ويتّحد الكل في إفادة معنى واحد لمضمون القصّة.

قال البغوي في تفسيره : لمّا كانت سنة تسع وأراد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن يحج قيل له : إنّه يحضر المشركون فيطوفون عراة ، فبعث أبا بكر تلك السنة أميراً على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم ، ثم بعث بعده عليّاً ( كرم الله وجهه ) على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة وأمره أن يؤذّن بمكّة ومنىٰ وعرفة : أن قد برئت ذمة الله وذمّة رسوله من كلّ مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان. فرجع أبو بكر فقال : يا رسول الله بأبي أنت واُمّي أنزل في شأني شيء ؟ قال : لا ، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلّا رجل من أهلي (7).

وعند الرجوع إلى طرق وأسانيد هذه القصة في المجامع الحديثية والتفسيرية المهمّة يظهر بجلاء وجود تواتر معنوي أو إجمالي لوقوع القصة أعني استرداد الآيات من أبي بكر وتشريف أمير المؤمنين بتبليغها ونزول الوحي المبيّن بأنه لا يبلّغ عنه إلّا هو أو رجل من أهل بيته وإن اشتملت القصة على بعض الخصوصيّات التي تفرّد بها بعض الطرق والمتون (8).

و إلى تلك الفضيلة يشير شمس الدين المالكي ( ت 780 هـ ) في قصيدته :

وإنّ عليّاً كان سيف رسوله

 

وصاحبه السامي لمجد مشيّد

إلى أن قال :

وأرسله عنه الرسول مبلّغاً

 

وخصّ بهذا الأمر تخصيص مفرد

وقال هل التبليغ عنّي ينبغي

 

لمن ليس عن بيتي من القوم فاقتد (9)

وحينئذ يأتي الكلام على الوازع الذي دفع الوحي الإلهي إلى عزل أبي بكر وتنصيب عليّ ( عليه السلام ) مكانه فقد ذكرت في المقام وجوه نشير إليها :

1 ـ ما ذكره الآلوسي في روح المعاني بقوله : ليس في شيء من الروايات ما يدلّ على أنّ عليّاً ( عليه السلام ) هو الخليفة بعد رسول الله دون أبي بكر ، وقوله : « لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي » سواء كان بوحي أو جار على عادة العرب أن لا يتولّى تقرير العهد ونقضه إلّا رجل من الأقارب لتنقطع الحجّة بالكلّية (10).

ويؤاخذ عليه :

أوّلاً : بأنّ النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) برّر عزل أبي بكر بأنّه نزل جبرئيل على « أنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك » ولو كانت لما ذكره القائل مسحة من الحق لكان على النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن يقول السنّة الجارية عند العرب هي أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته ، مع إنّا نرى أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يذكره أبداً.

وثانياً : إنّ ابن كثير لم يذكر لتلك السنّة العربية مصدراً ولا خبراً عنها في أيّامهم ومغازيهم ، ولو صحّت السنّة لكانت سنّة عربيّة جاهليّة فما وزنها في الإسلام ؟ وما هي قيمتها عند النبي ؟ وهو ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان ينسخ كل يوم سنّة جاهليّة وينقض كل حين عادة قوميّة ، وقد قال يوم فتح مكّة : « ألا إنّ كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج » (11).

وثالثاً : لو افترضنا أنّ هذه السنّة كانت سنّة عربيّة محمودة فهل كان رسول الله ;ذاهلاً عنها وناسياً لها حين سلّم الآيات بيد أبي بكر وأرسله وخرج إلى طريق مكّة ؟ فعندما كان في بعض الطريق ذكر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ما نسيه أو ذكّره بعض من كان عنده بما أهمله وذهل عنه من أمر كان الواجب مراعاته ، مع أنّ هذه السنّة لو كانت رائجة لما كان للنبي ولمن حوله أن يغفلوا عنها ثم يتذكّروها ، فهل الذهول عنها إلّا كذهول المقاتل عن سلاحه والحارس عن حربته ؟

ورابعاً : إنّ عليّاً ( عليه السلام ) لم يبعث لمجرّد نقض العهد وحده ، وإنّما بلّغ أحكاماً لم تكن داخلة في ضمن العهد ، فقال : « يا أيّها الناس لا يحجّ بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله عهد فهو له إلى مدّته ... الخ » (12).

وبالجملة فلم تكن رسالة الإمام علي ( عليه السلام ) مقصورة على مجرّد تلاوة طائفة من سورة براءة بل تعدّت إلى تبليغ أحكام قرآنية اُخرى نزل بها جبرئيل عن الله سبحانه على رسوله حيث اخبر فيها بأنّه « لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ».

هذا هو التبرير الذي إرتآه ابن كثير وجنح إليه الآلوسي في تفسيره.

وهناك زمزمة اُخرى تفوّه بها صاحب المنار واستحسنها شلتوت في تفسيره حيث قال الأوّل : « إنّ الصدّيق كان مظهراً لصفة الرحمة والجمال وكان عليّ أسد الله ومظهر جلاله ، ولأجل ذلك فوّض إليه نقض عهد الكافرين الذي هو من آثار الجلال وصفات القهر ، فكان هناك عينين فوّارتين يفور من أحدهما صفة الجمال ومن الاُخرى صفة الجلال في ذلك المجمع العظيم الذي كان انموذجاً للحشر ومورداً للمسلم والكافر » (13).

وصاحب المنار عندما ينقله عن بعض أهل السنّة يعود فينتقده بقوله : « ولا يخفى حسنه لو لم يكن في البين تعليل النبي فإنّه علّل تبليغ علي نبذ العهود عنه بكونه من أهل بيته وهو ينافي أن تكون النكتة المذكورة علّة ، فهو لا يأبىٰ أن تكون حكمة ».

وصاحب المنار وإن أتى ببعض الحق ولكن غفل عن البعض الآخر وهو إنّ أهل بيت النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يكونوا منحصرين في عليّ وحده ، بل كانوا عدّة كثيرة كعمّه العباس وأبناء أبي طالب كطالب وعقيل وغيرهم ، فلماذا ـ يا ترى ـ اختار عليّاً وحده من دونهم ؟

والحق أن يقال : إنّ عزل أبا بكر ونصب عليّ مكانه لم يكن إلّا لأمر سياسي وديني يتلخّص في الأمر التالي : وهو إنّ نقض وإبرام المواثيق والعهود من الاُمور الحكومية التي يمارسها الحاكم المدني أو الشرعي ولا يحق لغيره التدخّل فيها ، فالنبي الأكرم نوّه بعمله هذا إلى أنّ الإنسان اللائق بهذه المهام في حياته ـ وبطريق أولى بعد وفاته ـ هو علي بلا منازع ، الذي هو منه (14) فهو اللائق والمسؤول بحكم النيابة عن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) للتصدّي لشؤون الخلافة والحكومة ولا يختصّ شأن علي بالاُمور السياسية وحده بل هو المبلّغ لأحكام شرعيّة لم يبلّغه النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لأجل ظروف قاسية فهو الزعيم للاُمة في الاُمور السياسية والشرعية. ومن العجب العجاب ما يرى من تساهل الرواة والمؤرّخون في نقل هذه الفضيلة ، ونسوق إليك بعض الصور المختلفة لهذه القصّة في كتب الحديث :

1 ـ ما يحكى انّ عليّاً اختصّ بتأدية براءة واُخرى تدلّ على أنّ أبا بكر شاركه فيه ، واُخرى تدلّ على أنّ أبا هريرة شاركه في التأدية ، ورجال آخرون لم يسمّوا في الروايات.

2 ـ ما يدل على أنّ الآيات كانت تسع آيات ، واُخرى عشراً ، واُخرى ستّة عشر ، واُخرى ثلاثين ، واُخرى ثلاثاً وثلاثين ، واُخرى سبعاً وثلاثين ، واُخرى أربعين ، واُخرى سورة براءة.

3 ـ ما يدلّ على أنّ أبا بكر ذهب لوجهه أميراً على الحاج ، واُخرى على أنّه رجع وأوّله بعضهم كابن كثير إنّه رجع بعد إتمام الحج ، وآخرون انّه رجع ليسأل النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن سبب عزله ، وفي رواية أنس انّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعث أبا بكر ببراءة ثمّ دعاه فأخذها منه.

4 ـ ما يدل على أنّ الحجّة وقعت في ذي الحجّة وإنّ يوم الحجّ الأكبر تمام أيّام تلك الحجّة أو يوم عرفة أو يوم النحر أو اليوم التالي ليوم النحر أو غير ذلك ، واُخرى إنّ أبا بكر حجّ في تلك السنة في ذي القعدة.

5 ـ ما يدل على أنّ أشهر السياحة تأخذ من شوال ، واُخرى من ذي القعدة واُخرى من عاشر ذي الحجّة ، واُخرى من الحادي عشر من ذي الحجّة وغير ذلك.

6 ـ ما يدل على أنّ الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم من تلك السنة ، واُخرى على أنّها أشهر السياحة تبتدئ من يوم التبليغ أو يوم النزول (15).

4 ـ مبدأ أمد الهدنة :

إنّ الله سبحانه ورسوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد رفعا الأمان عن المشركين الناقضين للعهود إلّا إنّه تمّ إمهالهم مدّة أربعة أشهر وحيث قال سبحانه : ( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ وَأَنَّ اللَّـهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّـهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( براءة / 2 و 3 ).

وأمّا مبدأ هذه الهدنة هو يوم الحجّ الأكبر الذي هو يوم الإبلاغ والإنذار.

والأوفق بسماحة الإسلام أن يبتدأ أمدها من حين الإعلان والإنذار لا من حين إنشاء الحكم الذي ربّما يتقدّم على إعلامه.

فإذا فرضنا أنّ يوم الحجّ الأكبر هو يوم النحر العاشر من ذى الحجّة كان آخر الأمد هو العاشر من ربيع الآخر.

وأمّا من جعل مبدأ الإنذار يوم العشرين من ذى القعدة فعليه تنتهي الهدنة بمرور عشرين يوماً من ربيع الأول يتوقف.

وعند ذلك يتوجّه سؤال وهو : أنّه إذا كان نهاية الأمد هو العاشر أو العشرين من ربيع الآخر فكان يجب على المسلمين الصبر حتّى ينتهي ذلك الأمر مع أنّه سبحانه يأمر بقتلهم عند انسلاخ الأشهر الحرم أي في نهاية محرّم الحرام وإطلالة شهر صفر ، قال سبحانه :

( فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( براءة / 5 ).

والجواب عن ذلك : إنّ المراد من الأشهر الحرم هي الأشهر الأربعة الواردة في الآية المتقدّمة التي حرّم الله سبحانه قتال المشركين فيها وتبتدئ من يوم النحر وتنتهي في يوم العاشر من ربيع الآخر ، واللام في الأشهر الحرم للعهد الذكري إشارة إلى الأربعة المذكورة في الآية المتقدّمة ، وليس المراد منه الأشهر الحرم المعروفة التي حرّم فيها الحرب في الإسلام وما قبله بل تمتد جذوره إلى عهد الأنبياء السالفين لأنّه سبحانه يعد التمسّك بحرمة الحرب فيها جزءاً من الدين القيّم ويقول :

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ( التوبة / 36 ).

وبذلك يظهر ضعف سائر الأجوبة التي ذكرت في المقام فلانطيل بذكرها.

5 ـ ما هي الوثيقة التي بلّغها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد تلاوة الآيات :

لقد اختلفت الروايات في بيان صورة النصّ الذي تضمّن الإنذار السماوي في هذه الحادثة وإليك صوره المختلفة :

أ ـ أن لا يدخل مكّة مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوف بالكعبة عريان ولا تدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدّته ، وفي بعض النصوص مكان مكّة لا يقرب المسجد الحرام مشرك.

ب ـ لا تدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ، ولا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه ... الخ.

ج ـ لا يقرب البيت بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا تدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ، وأن يتم كل ذي عهد عهده (16) ولكن بيان حصر استحقاق الجنّة في المسلم لم يكن شيئاً جديداً لم يعهد في صدر الرسالة ، فعدّ ذلك في سياق الوثيقة لا يخلو من غرابة وغموض.

6 ـ لماذا دفع الله سبحانه الأمان عن المشركين ؟

هذا هو السؤال الأكثر أهمّية في تفسير آيات هذه السورة وذلك إنّ الدعوة المحمدية كانت مبنيّة على أساس البراهين العقليّة والعلميّة كما كانت مبنيّة على رفع الإكراه في الدين.

قال سبحانه : ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ( البقرة / 256 ).

مع إنّا نجد في هذه الآيات ما يعلن صريحاً مجابهة المشركين بلا هوادة ويخيّرهم بين طريقين لا ثالث لهما إمّا العزوف عن الشرك والدخول تحت لواء التوحيد وإمّا ترقّب الحرب بعد انقضاء أربعة أشهر من تاريخ بدء إعلان البراءة في قوله سبحانه : ( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ).

وهذا هو الذي أثار تساؤل الكثير من المحقّقين والباحثين في العصور المتأخّرة ويمكن الجواب عنه بأحد وجهين :

1 ـ إنّ البراءة كانت مختصّة بالمشركين الذين كان لهم مع رسول الله عهد ، ولكنّهم غدروا وخانوا ونقضوه. فلأجل ذلك لم يكن بد من رفض العهد المنقوض من جانبهم ، وكانوا في كل زمن على أهبة الهجوم على المسلمين فلا يصحّ لقائد الإسلام السكوت وتركهم حتى يتآمروا على الإسلام والمسلمين وإليك تفصيل ذلك :

إنّ هذه الآيات ترفع الأمان عن الذين عاهدوهم من المشركين لأجل أنّهم لا وثوق بعهدهم بشهادة أنّهم لم يراعوا حرمة العهد ونقضوا ميثاقهم وقد أباح سبحانه في تلك الفتره إبطال العهد بالمقابل نقضاً بنقض قال سبحانه : ( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) ( الأنفال / 58 ).

فأباح إبطال العهد عند مخافة الخيانة ولم يرض مع ذلك إلّا إبلاغ النقض إليهم لئلّا يؤخذوا عن غفلة من أمرهم فيكون ذلك من الخيانة.

والدليل على أنّ ذلك الرفع لم يكن جزافاً هو أنّ الآيات استثنت المتثبين على العهد وقالت : ( إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ( التوبة / 4 ).

وقال أيضاً : ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللهِ وعِندَ رَسُولِهِ إِلّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ ) ( التوبة / 7 ).

والآيات تصرّح بأنّ استسلامهم أمام قدرة المسلمين إنّما كان لما يعانونه من ضعف وذلّة ، فلو سنحت لهم الأقدار وامتلكوا العدد والعدّة لعاودوا الهجوم على المسلمين وأبادوهم عن بكرة أبيهم وفي ذلك يقول سبحانه : ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) ( التوبة / 8 ).

وقال سبحانه في موضع آخر : ( أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( التوبة / 13 ).

فكل هذه الآيات التي تلوناها عليك وما لم نتلوه صريح في أنّ رفع الأمان كان مختصّاً بلفيف من المشركين الذين كان بينهم وبين الرسول عهد وميثاق ولكنّهم قد نقضوا تلك العهود والمواثيق فحقّت عليهم كلمة العذاب وباءوا بغضب من الله تعالى على غضب.

وأمّا الذين التزموا بمواثيقهم أو لم يكن بينهم وبين الرسول أي ميثاق وعهد وما كان يخشى منهم الخيانة والغدر والقتال للمسلمين فهؤلاء لاتشملهم هذه الآيات.

وأمّا ما هو واجب القائد الإسلامي أمام الطائفة الاُولى بعد انتهاء عهدهم أو ما هي وظيفته أمام الطائفة الثانية منهما ـ أعني من ليس له عهد بينه وبين القيادة الإسلامية ولا يتوقّع منه أيّة خيانة ـ فتفصيله وبيانه موكول إلى القسم السياسي من الفقه الإسلامي. وسنبيّن حكمه في البحث الآتي.

ثمّ إنّ في هذه الآيات دلالة صريحة على أنّ الإسلام كان يكنّ للمشركين بما فيهم الناقضون للعهود ، الشفقة والرحمة بأبعادهما المختلفة ، نسوق إليك نموذجين منها :

أ ـ إنّه إذا استجار المشرك لينظر فيما تندب إليه الدعوة الحقّة ويتبعها أن اتضحت له ، كان من الواجب إجارته حتّى يسمع كلام الله ويرفع عن بصيرته غشاوة الجهل ، وفي ذلك يقول سبحانه : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ ) ( براءة / 6 ).

وما ذلك إلّا لأنّ صرح الدعوة الإسلامية يعتمد على ركيزة تهدف إلى انتشال الناس عن الغي والضلال والانحراف والفساد ، ولازم ذلك بذل العناية المكثّفة في سبيل الوصول إلى هذه الغاية المنشودة وإن ضعف احتمال التأثير وقلّة نسبته.

ب ـ إنّ المشرك المتحرّف عن العهود والمواثيق لو أظهر التوبة والندامة وشهد على توبته قيامه بالفرائض الدينية كالصلاة والزكاة تقبل توبته ويعد في عداد المسلمين فيشمله من الحقوق ما للمسلمين ، قال سبحانه : ( فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) ( التوبة / 11 ).

هذا ما يرجع إلى توضيح هذه الآيات وبيان الأسرار التي تضمّنتها.

2 ـ نحن نفترض انّ البراءة كانت عامّة لجميع المشركين الذين يعيشون في ظل الحكومة الإسلامية وانّها لا تعترف بعد نزول هذه الآيات بدين الشرك أبداً ، وإنّما تعترف بالشرائع الإلهية الإبراهيمية. وتصوّر أنّ ذلك لا يجتمع مع حريّة الإنسان في عقيدته وفكره ، فكر خاطئ يظهر من البحث الآتي الذي عقدناه لبيان الجهاد الإبتدائي ، جهاد دفاعي في الحقيقة وهو مع صلته بالموضوع بحث قرآني مستقل.

الجهاد الإبتدائي ، جهاد دفاعي في الحقيقة

إنّ البحث عن آيات الجهاد وإن كان يحتاج إلى تأليف رسالة مفصّلة تبحث عن هذه الآيات ، وتبيّن خصوصيّاتها ونكاتها غير اننّا إستكمالاً لما ذكرناه نقف عندها وقفة قصيرة حتّى يتّضح هدف الآيات ، فنقول :

إنّ الآيات الواردة حول الجهاد وما يرتبط بها من قريب أو بعيد تنقسم إلى طوائف خمس لابدّ لكل مفسّر أن يلاحظ مجموعها قبل إتّخاذ الموقف ، وتفسيرها ، وإظهار الرأي فيها.

وإليك هذه الطوائف :

الاُولى : الآيات المطلقة التي تدعو إلى مطلق النضال والقتال ، دون أن تقيّد ذلك بقيد ، كقوله سبحانه : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) ( التوبة / 29 ).

وقوله سبحانه :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) ( التوبة / 73 ).

فالآية الاُولى تدعو إلى مطلق النضال مع أهل الكتاب ، والثانية تدعو إلى مطلق النضال مع الكفّار والمنافقين دون أن تقيّد مقاتلة هذه الطوائف والجماعات بقيد ، وتعلّق الأمر بشيء مطلق يوجب مقاتلتهم كذلك. سواء كانوا مقاتلين للمسلمين أم لا ، وسواء عارضوا الإسلام أم لا.

الثانية : الآيات التي تقيّد مقاتلة المشركين بقيد وهو قتال المسلمين والعدوان عليهم ، كقوله سبحانه :

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) ( البقرة / 190 ).

فالقتال ـ حسب هذه الآية ـ يجب إذا تعرّض المسلمون لعدوان الكفّار والمشركين ، ولا يجب قتالهم إذا لم يكونوا مقاتلين.

وربّما قيّد القتال بقيد آخر وهو تهيّؤ العدو لنقض العهد ، وهو بمعنى التعرّض لقتال المسلمين وبمثابة العدوان ، فلأجل ذلك يجب على المسلمين مقاتلتهم ومحاربتهم. يقول سبحانه ـ بعد أمره بقتال المشركين في مطلع سورة التوبة ـ :

( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ) ( التوبة / 8 ).

ويقول سبحانه :

( لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) ( التوبة / 10 ).

ويقول سبحانه :

( وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ) ( التوبة / 12 ).

إلى غير ذلك من الآيات التي توجب مقاتلة المشركين لنقضهم العهود المعقودة بينهم وبين المسلمين لأنّ نقض العهد بمثابة إعلان الحرب ، وإرادة العدوان.

إنّ ملاحظة هذه الآيات تفيد أنّ القتال لم يشرع على الإطلاق بل لأجل سبب ، وهو إرادة قتال المسلمين والعدوان عليهم ، أمّا بصورة مباشرة وأمّا عن طريق نقض عهود المسالمة ، والصلح الذي لا يعني إلّا إرادة القتال فيكون القتال هنا من باب الدفاع عن النفس.

ومن هنا تكون هذه الآيات مقيّدة لإطلاق الطائفة الاُولى.

ومن المعلوم أنّ المطلق يحمل على المقيّد ويؤخذ بكليهما حسب ما هو المقرّر في علم « اُصول الفقه ».

الثالثة : الآيات التي تدعو إلى إنقاذ المستضعفين ونجدة المظلومين وإخراجهم من ظلم الحكّام الجائرين ، ودفع الضيم عنهم.

وهذا هو أيضاً نوع آخر من الدفاع ... إذ هو دفاع عن الغير ...

والمعتدى عليه ليس الإنسان نفسه ، أو شعبه ، بل هو شعب آخر مضطهد ولا يلزم أن يكون الاعتداء متوجّهاً إلى الإنسان : شخصه أو شخصيّته ، أو قومه بل يكفي أن يكون الإعتداء على الإنسان بما هو إنسان ، فعندئذٍ يجب في منطق العقل الدفاع عن حقوق الإنسان ، لا عن حقوق الشخص وما يرتبط به فقط ، بل يكون الدفاع عن حقوق الإنسان غير المرتبط بالمقاتل من أفضل أنواع الجهاد والدفاع ، فإنّ ذلك إيثار وبذل للدم في سبيل حياة الآخرين ، وأيّ عمل أقدس من هذا. ولأجل ذلك نرى أنّ الله سبحانه يفرض على المسلمين إغاثة المضطهدين ويقول :

( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ( النساء / 75 ).

الرابعة : الآيات التي تدلّ على عدم الإكراه في الدين ، لأنّ الدين عقيدة والعقيدة لا توجد بالإكراه كقوله سبحانه :

( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ( البقرة / 256 ).

قيل إنّها نزلت في رجل من الأنصار يدعى أبا الحصين كان له ابنان فقدم تجّار الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلمّا أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصّرا ومضيا إلى الشام ، فأخبر أبو الحصين رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فأنزل الله تعالى : ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أبعدهما الله هما أوّل من كفر ، فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حين لم يبعث في طلبهما ، فأنزل الله : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... ) ( النساء / 65 ).

وقيل : كانت امرأة من الأنصار تكون مقلاتا (17) فترضع أولاد اليهود ، فجاء الإسلام وفيهم جماعة منهم فلمّا اُجليت بنو النضير إذا فيهم اُناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله ، أبنائنا واخواننا فنزلت : ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) فقال :

« خيّروا أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فأجّلوهم » (18).

وكقوله سبحانه :

( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( النحل / 125 ).

وقوله سبحانه :

( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) ( الكهف / 29 ).

وقوله سبحانه :

( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ( يونس / 99 ).

وقوله سبحانه :

( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ( الشعراء / 3 و 4 ).

إلى غير ذلك من الآيات الكاشفة عن حرّية الإعتقاد.

الخامسة : الآيات الداعية إلى الصلح والتعايش السلمي كقوله سبحانه :

( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) ( النساء / 128 ).

وقوله سبحانه :

( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) ( الأنفال / 61 ).

وقوله سبحانه :

( فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّـهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ) ( النساء / 90 ).

ومن المعلوم أنّ الصلح المذكور في الآية الاُولى هو التعايش السلمي وليس الإستسلام والتسليم للظلم والعدوان.

إنّ للملاحظ والمتتبّع لهذه الآيات التي تدور حول الجهاد والقتال من قريب أو بعيد أن يتساءل :

إذا كان الإسلام ينشد الصلح والتعايش السلمي مع الطوائف وأهل الملل الاُخرى ، كما تشهد بذلك الطائفة الخامسة ، وإذا كان الإسلام يحترم العقيدة الاُخرى ، ويمنع من إكراه أحد على تقبّل الإسلام واعتناقه كما تشهد على ذلك الطائفة الرابعة ... فكيف يمكن تفسير الآيات الحاثّة على القتال والمحاربة ؟

إنّ ملاحظة مجموع الآيات من الطوائف الخمسة تهدينا إلى الجواب الصحيح.

فإنّ القتال ـ بملاحظة الطائفة الثانية والثالثة ـ إنّما شرع لأجل الدفاع ، وهذا الدفاع ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

1 ـ الدفاع عن النفس فرداً أو شعباً.

2 ـ الدفاع عن الغير ( أي المستضعفين والمضطهدين ) فرداً أو شعباً أيضاً.

3 ـ الدفاع عن القيم الإنسانيّة ، وهو يتحقّق بالجهاد ضد الحاكم المستبد المانع عن نفوذ الدعوة الإسلامية.

توضيحه : إذا كان الحاكم مستبدّاً مانعاً عن نفوذ دعوة الأنبياء والأولياء وملهيّاً لشعبه عن التوجّه إلى القيم الرفيعة التي جاء بها الأنبياء ، ودافعاً لهم نحو العقائد الخرافية التي تعتبر سدّاً أمام السعادة الإنسانية ، فعند ذلك يجب النضال ضد هذا الحاكم ونظامه لأمرين :

1 ـ إنّ الحاكم المستبد ظالم في نظامه ، ومعتد على حقوق الشعب حيث سلب عنهم الحقوق الطبيعية وهي الحرّية في الدعوة والاستماع إليها ، فعند ذلك يكون القتال معه قتالاً مع الظالم المعتدي.

2 ـ إنّ الدفاع عن النفس والمال والشعب وما يرتبط به يعدّ جميلاً عند شعوب العالم. غير أنّ الملاك في كونه جميلاً إنّما هو لأجل كونه دفاعاً عن الحق والحقيقة ، والدفاع عن الحريّة دفاع عن الحق ، فالحاكم المستبد السالب للحريّة عن الأنبياء والشعوب يضاد عمله الحق والحقيقة فيحسن قتاله ، ومحاربته لأجل تحكيم الحق ونصرته.

ومن هنا يكون الجهاد التحريري في حقيقته جهاداً دفاعياً. لأنّ ذلك الجهاد إنّما هو لأجل إنقاذ المستضعفين الذين تعرّضوا لعدوان وظلم الظالمين أو لأجل إنقاذ القيم والحقوق والمثل الإنسانية التي وقعت عرضة لمزاحمة المستكبرين والحكام المستبدّين ، فأقاموا العراقيل في وجه الدعوة الإسلامية وسلبوا الناس حريتهم في اختيار العقيدة التي يريدونها.

وبهذا تبيّن أنّ الجهاد بأقسامه المختلفة جهاد دفاعي جوهراً ، وإن كان ينقسم حسب الإصطلاح الفقهي إلى الدفاعي والإبتدائي.

وهاهنا نكتة نلفت إليها نظر القارئ الكريم وهي أنّ الآيات الاُولى التي نزلت في تشريع الجهاد تدلّ بأوضح الوجوه إلى أنّ الدافع إلى تشريع الجهاد هو الدفاع عن المسلمين وحقوقهم ولم يشرّع لأجل التجاوز والاعتداء على حقوق الآخرين ، وإليك الآيات :

( إِنَّ اللَّـهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) ( الحج / 38 ـ 41 ).

و إليك هذه الدلالات :

1 ـ قوله سبحانه : ( لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) يدلّ بوضوح إلى أنّ الكافر المقاتل خائن ، وكل خائن معتد يجب محاربته.

2 ـ قوله سبحانه : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ ) يدلّ على أنّ المأذون في القتال مقاتَل ( بالفتح ) لا مقاتِل ( بالكسر ) فليس المسلم هو البادئ بالقتال بل الكافر هو البادئ ، فعند ذلك يعدّ قتال المسلم دفاعاً.

3 ـ قوله سبحانه : ( بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) يدلّ بوضوح على أنّ القتال لأجل رفع الظلم.

4 ـ قوله سبحانه : ( أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم ) يدلّ على كونهم مشرّدين من ديارهم بغير سبب وأي ظلم أعظم من إبعاد الإنسان عن موطنه ؟!

5 ـ قوله سبحانه : ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ ... ) يدلّ على أنّ الكافر لو ترك بحاله لهدّم البيوت المقدّسة وأماكن العبادة التي بنيت لعبادة الله سبحانه وتربية الناس وتزكيتهم ، فيجب قتاله حتى لايرتكب تلك الجريمة الأثيمة.

6 ـ قوله سبحانه : ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ ... ) يشير إلى أنّ الغاية من تمكين المسلمين في الأرض هو إحياء المثل الإنسانية وهي عبارة عن إقامة الصلاة التي هي رمز لصلة الإنسان بالله سبحانه ، وإيتاء الزكاة التي هي رمز للتعاون الإنساني ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما كناية عن إقامة النظام الصحيح والنضال ضد كل نظام فاسد.

* * *

وقد تجلّت في ضوء هذا البحث حقيقة ناصعة هي من احدى الحقائق القرآنية وهي أنّ تشريع الجهاد الإبتدائي أو التحريري لم يكن لأجل الاعتداء على حقوق الإنسان ، بل كان لأجل الدفاع عن حقوق المستضعفين ، وغيرهم. ولمّا بلغ الكلام إلى هنا ، نرى أن نخوض في فلسفة الجهاد الإسلامي بصورتيه : الدفاعي والإبتدائي والدوافع إلى تشريعه وما يجب على المجاهد من رعاية اُصول وقيم في الجهاد. وهذا بحث مستقل أتينا به لمناسبة خاصّة.

الهوامش

1. تفسير القمي : ج 1 ص 281 ـ 282.

2. تفسير الطبري ، ج 11 ص 44.

3. نفس المصدر السابق.

4. الدر المنثور : ج 10 ص 122.

5. تفسير البرهان ج 2 ص 105.

6. الدر المنثور ج 3 ، ص 209 ، كنز العمال ج 1 ص 247 ، تاريخ ابن كثير ج 5 ص 38.

7. تفسير البغوي : ج 2 ص 267.

8. وقد جمع العلّامة الأميني كافة صور الحديث بطرقه المختلفة المسندة منها والمرسلة في موسوعته الثمينة الغدير ونقله عن ثلاثة وسبعين محدّثاً ومفسّراً ومؤرّخاً لاحظ ج 6 ص 338 ـ 350.

9. نفح الطيب ج 4 ص 603.

10. روح المعاني : ج 10 ص 45 ، وقد أخذه عن تفسير ابن كثير ، ج 2 ، ص 331.

11. السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 412.

12. السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 546.

13. تفسير المنار ج 10 ص 193 ، تفسير القرآن المجيد للشيخ محمود شلتوت ص 615.

14. نظير ذلك ما ورد في آية المباهلة حيث قال سبحانه : ( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ... ) ( آل عمران / 61 ).

15. الميزان : ج 9 ص 175 ، ولاحظ تفسير الطبري ج 9 ص 42.

16. لاحظ تفسير الطبري ج 49 ص 46 ـ 47.

17. المقلات : التي لايعيش لها ولد.

18. مجمع البيان ج 2 ص 363 ـ 364.

مقتبس من كتاب : [ مفاهيم القرآن ] / المجلّد : 7 / الصفحة : 471 ـ 491