المحرّضون على عثمان هم قتلته

طباعة

المحرّضون على عثمان هم قتلته

لقد مرت بنا بعض أساليب معاوية في اعلان المطالبة بدم عثمان ووقع شعار يا لثارات عثمان ، وهو الشعار الّذي استمال به أهل الشام ، ورفعته زمرة الناكثين في مكة ، وقاتلوا باسمه في حرب البصرة ، واستمر ذلك حتى أصبح قميص عثمان مضرب المثل لكلّ قضية توهم مغالطة الناس بغير الحقّ.

كما مرّت بنا في الجزء الثاني من شواهد إدانة الناكثين بدم عثمان في مواقف سنمّارية معه ، والآن إلى معرفة أدوار أهم أولئك في تلك القضية الشائكة الشائنة وبشهادة بعضهم على بعض ، وشهد شاهد من أهله ان المطالبين بدمه هم قتلة عثمان تسبيباً ، ولولا المسبّب لم ينجح السبب.

أوّلاً : طلحة والزبير وحسبنا شاهداً على إدانتهما ما رواه المدائني قال : « ولي عبد الملك علقمة بن صفوان ابن المحرّث مكة فشتم طلحة والزبير على المنبر قال لأبان ـ وهو ابن عثمان ـ : أرضيتك في المدهنَين في أمير المؤمنين عثمان ؟

قال : لا والله ولكن سؤتني ، بحسبي بليّة أن يكونا شركاء في دمه (1) » (2).

وروى البلاذري في أنسابه في حديث الزهري قال : « وكان الزبير وطلحة قد أستوليا على الأمر ومنع طلحة عثمان من أن يدخل عليه الماء العذب ، فأرسل عليّ إلى طلحة ـ وهو في أرض له على ميل من المدينة ـ أن دع هذا الرجل فليشرب من مائه ومن بئره ـ يعني بئر رومة ـ ولا تقتلوه من العطش ، فأبى فقال عليّ : لولا أني قد آليت يوم ذي خُشب أنّه إن لم يُطعني لا أرد عنه أحداً لأدخلت عليه الماء » (3).

قال ابن سيرين : « لم يكن أحدٌ من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم أشد على عثمان من طلحة » (4).

ومرّ مجمع بن جارية الأنصاري بطلحة فقال : « يا مجمع ما فعل صاحبك ؟ قال : أظنكم والله قاتليه فقال طلحة : فإن قتل فلا ملك مقرب ولا نبي مرسل » (5) ، قال جبير بن مطعم : « حُصر عثمان حتى كان لا يشرب من فقير في داره ، فدخلت على عليّ فقلت : أرضيت بهذا أن يُحصر ابن عمتك حتى والله ما يشرب إلّا من فقير في داره ؟ فقال : سبحان الله أوقد بلغوا به هذه الحال ؟ قلت : نعم ، فعمد إلى روايا ماء فأدخلها إليه فسقاه » (6).

وقال أبو مخنف وغيره : « واشتد عليه طلحة بن عبيد الله في الحصار ومنع من أن يدخل إليه الماء حتى غضب عليّ بن أبي طالب من ذلك ، فأدخلت عليه رَوايا الماء » (7).

ألم يرو عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة : « أن عثمان اخذ بيده فأسمعه كلام من على بابه ، فمنهم من يقول ما تنتظرون به ، ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع قال فبينما نحن واقفون إذ مرّ طلحة فقال : أين ابن عديس ؟ فقام إليه فناجاه طويلاً ثمّ رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحداً يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده.

فقال لي عثمان : هذا ما أمر به طلحة ، اللّهمّ اكفني طلحة فإنّه حمل عليّ هؤلاء وألّبهم عليّ والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يسفك دمه » (8).

ألم يقل سعيد بن العاص لمروان بن الحكم وهو ممّن نهضوا مع طلحة والزبير وعائشة ، وقد لقيه بذات عرق فقال : « أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل ، اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم » (9).

ألم يرو الطبري عن أبي حبيبة قال : « نظرت إلى سعد بن أبي وقاص يوم قتل عثمان دخل عليه ثمّ خرج من عنده وهو يسترجع ممّا يرى على الباب فقال له مروان : الآن تندم أنت أشعرته » (10).

ألم يقل عبد الله بن خلف لطلحة والزبير : « إنّه ليس أحد من أهل الحجاز كان منه في عثمان شيء إلّا وقد بلغ أهل العراق ، وقد كان منكما في عثمان من التخليب والتأليب ما لا يدفعه جحود ، ولا ينفعكما فيه عذر ، وأحسن الناس فيكما قولاً من أزال عنكما القتل ، وألزمكما الخذل ، وقد بايع الناس عليّاً بيعة عامة ، والناس لاقو كما غداً فما تقولان ؟ فقال طلحة ننكر القتل ونقرّ بالخذل ، ولا ينفع الإقرار بالذنب إلّا مع الندم عليه ، ولقد ندمنا على ما كان منّا.

وقال الزبير : بايعنا عليّاً والسيف على أعناقنا حيث تواثب الناس بالبيعة إليه دون مشورتنا ، لم نصب لعثمان خطأ فتجب علينا الدية ، ولا عمداً فيجب علينا القصاص.

فقال عبد الله بن خلف : عذركما أشدّ من ذنبكما » (11). « وأعيذ عثمان أن يكون قتله عليّ » (12).

وأخيراً يكفينا ما كانت تقوله بعضُ بنات أبي سفيان فيما رواه المدائني عن ابن جُعدبة قال : « مرّ عليّ بدار بعض آل أبي سفيان فسمع بعض بناته تضرب بدفّ وتقول :

ظلامة عثمان عند الزبير

 

وأوتر منه لنا طلحَة

هما سعّراهما بأجذالها

 

وكانا حقيقين بالفَضَحة

يهرّان سُرّاً هرير الكلاب

 

ولو أعلنا كانت النَبحة

فقال عليّ : قاتلها الله ما أعلمها بموضع ثارها » (13).

وسيأتي في وقائع حرب البصرة شواهد كثيرة فانتظر ما قاله مروان حين رمى طلحة بسهم فأصابه : « والله لا أطلب ثاري بعثمان بعد اليوم أبدا » ، وانتظر ما قاله محمّد بن طلحة للغلام الجهني ، إلى غير ذلك.

ونقول باختصار ما قاله ابن الطقطقي في الفخري : « وأمّا طلحة فإنّه كان من أكبر المساعدين على عثمان وهذا ما تشهد به جميع التواريخ » (14).

ثانياً : عائشة ، لقد مرت بنا جملة من أقوالها الّتي كانت تشهّر بها على عثمان ، في مواقفها مع الساخطين.

مثل قولها : « إنّ عثمان أبطل الحدود وتوعّد الشهود » (15).

وقولها وقد أطلعت شعراً من شعر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وثياباً من ثيابه ثمّ قالت : « ما أسرع ما تركتم سنّة نبيكم » (16).

قال اليعقوبي في تاريخه : « وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك إنه نقصها ممّا كان يعطيها عمر ، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنّ عثمان يوماً ليخطب إذ دلّت عائشة قميص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونادات يا معشر المسلمين هذا جلباب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يبل وقد أبلى عثمان سنته ، فقال عثمان : ربِ أصرف عني كيدهنّ إن كيدهنّ عظيم » (17).

ولم ننس قولها لمروان بن الحكم وزيد بن ثابت حين أتياها مستعطفين لها على عثمان : « يا مروان وددت والله انه في غرارة من غرائري وأني طُوقت حمله حتى ألقيه في البحر » (18).

ولا قولها لابن عباس وقد صادفها في الصلصل في طريق مكة : « فإياك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية » (19).

وكانت تؤلب عليه بمكة ، وهذا كله تقدم ذكره آنفاً.

لذلك ليس بغريب من طه حسين لو قال : « وكانت من أشد نساء النبيّ إنكاراً على عثمان » (20) ، ولا غرابة أيضاً في قول أحمد أمين : « وكانت من أكبر الشخصيات البارزة في محاربته وتأليبها الناس عليه عائشة بنت أبي بكر » (21).

ولكنها تبدّل موقفها حين بلغها بيعة الناس للإمام أمير المؤمنين عليه السلام وقد جاء في حديث الزهري : « وكانت عائشة تؤلب على عثمان فلمّا بلغها أمره وهي بمكة أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت : إني أرى عثمان سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر » (22).

قال : « وخرجت عائشة من مكة حتى نزلت بسرف فمر راكب فقالت : ما وراءك ؟ قال : قتل عثمان ، فقالت : كأني أنظر إلى الناس يبايعون طلحة وأصبعه تحسّ أيديهم. ثمّ جاء راكب آخر فقال : قتل عثمان وبايع الناس عليّاً فقالت : واعثماناه ، ورجعت إلى مكة فضربت لها قبتها في المسجد الحرام وقالت : يامعشر قريش إنّ عثمان قد قتل ، قتله عليّ بن أبي طالب ، والله لأنملة ـ أو قالت لليلة ـ من عثمان خير من عليّ الدهر كله » (23).

وفي رواية ابن قتيبه والطبري : أنّها لمّا وصلت سرف ـ موضع قرب التنعيم ـ لقيها عبيد بن أم كلاب فقالت له : مهيم ـ أي ما وراءك ؟ ـ قال : قتلوا عثمان. قالت بُعداً وسحقاً ، ثمّ قالت : ثمّ ماذا صنعوا ؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم إلى خير مجاز ، اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب.

فقالت : والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك. ردّوني ردّوني ، فانصرفت راجعة إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبنّ بدمه ، فقال لها عبيد : ولم ؟ فوالله إنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، وجرى بينهما كلام فاعتذرت إليه فقال لها عذر ضعيف يا أم المؤمنين ثمّ أنشأ يقول :

منكِ البداء ومنكِ الغَير

 

ومنكِ الرياح ومنكِ المطر

وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام

 

وقلتِ لنا إنه قد كفر

فهبنا أطعناكِ في قتله

 

وقاتله عندنا من أمر (24)

وزاد الطبري في تاريخه قوله :

ولم يسقط السقف من فوقنا

 

ولم تنكسف شمسُنا والقمر

وقد بايع الناس ذا ندرُءٍ

 

يزيل الشبا ويقيم الصَعر

ويلبس للحرب أثوابها

 

ومامن وفى مثل من قد غدر (25)

ولهذا التبدّل المفاجىء في موقفها من عثمان نقدها الأولون كما نقدها الباحثون المحدّثون وقد مر بنا كلام طه حسين وعبد الله العلائلي ولم يقصر عنهما أحمد شوقي في شعره ، وقال عبد الوهاب النجارفي كتابه تاريخ الخلفاء بعد ما ذكر بيتين من أبيات ابن أم كلاب قال : « فهؤلاء الرهط لم يقوموا للطلب بدم عثمان في الواقع ، ولكن ـ كلّ إلى حيّزه يجذب ـ وإذا صح ان طلحة كان نادماً على ما كان منه في حق عثمان فليس السبيل إلى تكفير خطيئته ان يقاتل عليّاً ، بل كان يصبر حتى تجتمع كلمة الأمة ثمّ يعمد إلى أصحاب رسول الله ويدعوهم إلى مؤتمر يديرون الرأي فيه كما يجب أن يصار إليه في امر القتلة ورؤوس المؤلبين » (26).

وقال أيضاً : « فإنّ طلحة والزبير وعائشة خرجوا ـ كما يقولون ـ للمطالبة بدم عثمان ... ولا نرى كيف فهموا أن ذلك ممكن من غير أن يكون للمسلمين إمام يرجع إليه الأمر في تحقيق هذه القضية وإقامة الحد على من يستحقه ؟ ...

وإذا كانوا لا يرون لإمامة عليّ صحة فقد كان المفهوم دعوة أهل الحل والعقد من كبار المسلمين أوّلاً للنظر في الخلافة واعطائها لمن يرضاه الناس ثمّ ينظرون بعد ذلك في إقامة الحدّ ... ولا ندري كيف غاب كلّ ذلك عنهم مع سابقتهم وفضلهم ، ولكنهم يقولون : إنّ الفتن إذا أقبلت تشابهت ، وإذا أدبرت تبيّنت » (27).

ولقد كانت تعترف هي بأنّها ممّن ألّبت على عثمان ، ألم تقل : « ليتني كنت نسياً منسياً قبل أمر عثمان فوالله ما أحببت شيئاً إلّا ومُنيت بمثله ، حتى لو أحببتُ أن يُقتل لقتلت » (28).

ألم يقل لها عمرو بن العاص : « لوددت أنّكِ كنتِ قُتلتِ يوم الجمل ، فقالت : ولِمَ لا أباً لك ؟ فقال : كنتِ تموتين بأجلك وتدخلين الجنة ، ونجعلكِ أكبر التشنيع على عليّ » (29). ولئن كان ابن العاص لم يقل لها : ونصيب بذلك ثأر عثمان منك ، أو قال ذلك ولكن الرواة ابتلعوه.

ونجد المغيرة بن شعبة صارحها بذلك فيما رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد قال : « انّ المغيرة بن شعبة دخل على عائشة فقالت له : يا أبا عبد الله لو رأيتني يوم الجمل قد أنفذت النصال هودجي حتى وصل بعضها إلى جلدي ، قال لها المغيرة : وددت والله أن بعضها كان قتلك ، قالت : يرحمك الله ولِمَ تقول هذا ؟ قال : لعلها تكون كفارة في سعيك على عثمان.

قالت : أما والله لئن قلت ذلك لما علم الله أني أردت قتله ، ولكن علم الله أني أردت أن يقاتل فقوتلت ، وأردتُ أن يُرمى فرُميت ، وأردتُ أن يُوصى فعُصيت ، ولو علم مني أنّي أردت قتلَه لقُتلت » (30).

هذه اعترافات خطيرة يجب على أنصار عثمان من الكتاب المحدثين أن يقرءوها بإمعان !!

وأخيراً كانت عائشة كما قال عمر فرّوخ : ولم تبرز عائشة في أيام أبي بكر وعمر على مسرح السياسة ، ولكن لمّا تولى عثمان ـ وكان لينا مستنيما إلى قومه بني أمية ـ رجت أن تولي مكانه اخاها محمد بن ابي بكر ، ولذلك يُروى أنّها كانت تقول : اقتلوا نعثلاً (31) فقد كفر ، ثمّ قتل عثمان ...

ولمّا انتخب عليّ خليفة وقضت عائشة في صف الذين كانوا يطالبون عليّاً بدم عثمان مرّة ، وبالاقتصاص من الّذين قتلوا عثمان مرّة ثانية ، ولا ريب أنّ عائشة هي الّتي أثارت على الإمام عليّ حرب الجمل ، وأفسدت بذلك خلافته السياسية إفساداً كاملاً (32).

وستأتي إدانة معاوية وبني أمية بدم عثمان فيما نستقبل من تاريخ التآمر والمتآمرين بدءاً من حرب الجمل وإلى صفين وما بعد صفين. فقد أجاب أبو أيوب الأنصاري معاوية على كتاب منه إليه جاء فيه : « انّ الّذي تربّص بعثمان وثبّط أهل الشام عن نصرته لأنت » (33) ، وكتب ابن عباس في جواب معاوية في أيام صفين : « فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك لقد استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك واخو عثمان الوليد بن عُقبة » (34) ، وقال له ولعمرو بن العاص في قتل عثمان : « وإنّ أحق الناس أن لا يتكلم في قتل عثمان لأنتما ، أمّا أنت يا معاوية فزيّنت له ما صنع ، حتى إذا حُصر طلب نصرك فأبطأت عنه وتثاقلت وأحببت قتله ، وتربّصت لتنال ما نلت.

وأمّا أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه ناراً ثمّ هربت إلى فلسطين ، فأقبلت تحرّض عليه الوارد والصادر ، فلمّا بلغك قتله ، دعتك عداوة عليّ إلى أن لحقت بمعاوية ، فبعتَ دينك منه بمصر فقال معاوية : حسبك يرحمك الله ، عرّضني لك ونفسه فلا جُزي خيراً » (35).

وجاء في كتاب من الإمام إلى معاوية : « أمّا بعد فوالله ما قتل ابن عمك غيرك ... » (36).

ولنترك أقوال الإمام ومن والاه ، وهلمّ بنا إلى ما دار بين عثمان وبين معاوية من مكاتبات : استنصار من عثمان وتربّص معاوية به :

روى الطبري في تاريخه قال : « فلمّا رأى عثمان ما قد نزل به ... كتب إلى معاوية : بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة ، فابعث الي مَن قبلك من مقاتلة أهل الشام على كلّ صعب وذلول.

فلمّا جاء معاوية الكتاب تربّص به ، وكره اظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد علم اجتماعهم فلمّا أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد بن كريز وإلى أهل الشام يستنفرهم و ... فان عندكم غياث فالعجل العجل ، فإنّ القوم معاجلي ... » (37).

وروى الذهبي نقلاً عن محمّد بن سعد ـ صاحب الطبقات ـ بأسانيده عن ابن عباس وابن الزبير ومسور بن مخرمة ، قالوا : « بعث عثمان المسوّر بن مخرمة إلى معاوية يعلمه انّه محصور ، ويأمره أنّ يجهز إليه جيشاً سريعاً ، فلمّا قدم على معاوية ، ركب معاوية لوقته هو ومسلم بن عقبة وابن حديج فساروا من دمشق إلى عثمان عشراً ، فدخل معاوية نصف الليل ، وقبّل رأس عثمان فقال أين الجيش ؟ قال : ما جئت إلّا في ثلاثة رهط ، فقال عثمان : لا وصل الله رحمك ، ولا أعزّ نصرك ، ولا جزاك خيراً فوالله لا أقتل إلّا فيك ، ولا ينقم عليَّ إلّا من أجلك.

فقال : بأبي أنت وأمي ، لو بعثت إليك جيشاً فسمعوا به عاجلوك فقتلوك ، ولكن معي نجائب فاخرج معي ، فما يشعر بي أحد ، فوالله ما هي إلّا ثلاث حتى نرى معالم الشام. فقال : بئس ما أشرت به ، وأبى أن يجيبه ، فأسرع معاوية راجعاً ، وورد المسوّر يريد المدينة بذي المروة راجعاً ، وقدم على عثمان وهو ذامّ لمعاوية غير عاذر له.

فلمّا كان في حصره الآخر ، بعث المسور ثانياً إلى معاوية لينجده فقال : إنّ عثمان أحسن الله به ، ثمّ غيّر فغيّر الله به ، فشددتُ عليه ، فقال : تركتم عثمان حتى إذا كانت نفسه في حُنجرته قلتم : اذهب فادفع عنه الموت ، وليس ذلك بيدي ، ثمّ أنزلني في مشربة على رأسه ، فما دخل عليّ داخل حتى قتل عثمان » (38).

وروى أيضاً عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال : « أقام عبد الله بن سعد ـ وهو ابن أبي سرح أخو عثمان لأمه ـ بعسقلان بعد قتل عثمان ، وكره ان يكون مع معاوية وقال : لم أكن لأجامع رجلاً قد عرفته إن كان ليهوى قتل عثمان » (39).

الهوامش

1. لقد غيّر ابن عبد ربه هذه الكلمة فجعلها ( حسبي أن يكونا بريئين من أمره ) العقد الفريد 4 / 304 تحـ أحمد أمين ورفاقه ، والتغيير والتحوير حرفة علماء التبرير.

2. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 618 تحـ احسان عباس.

3. نفس المصدر 4 / 582.

4. نفس المصدر / 572.

5. نفس المصدر / 65.

6. نفس المصدر / 568.

7. نفس المصدر / 561.

8. تاريخ الطبري 4 / 379 ط دار المعارف ، وتاريخ ابن الأثير 3 / 73 ط بولاق.

9. تاريخ الطبري 3 / 472 ، وابن خلدون 2 / 155.

10. تاريخ الطبري 4 / 377.

11. الإمامة والسياسة 1 / 56 ط سنة 1328 بمصر.

12. العقد الفريد 4 / 304.

13. أنساب الأشراف 1 ق 1 / 600 ، وتاريخ الفتوح لابن أعثم 2 / 272 وفيه أبيات اُخر.

14. الفخري في الأدب السلطانية والدول الإسلامية لإبن الطقطقي / 85 ط دار صادر.

15. أنساب الأشراف 1 ق 1 / 522.

16. نفس المصدر / 580.

17. تاريخ اليعقوبي 2 / 152 ط الغري 1358.

18. أنساب الأشراف 1 ق 1 / 56.

19. نفس المصدر / 565.

20. عليّ وبنوه / 29 ط دار المعارف.

21. يوم الإسلام / 75 ط دار المعارف.

22. أنساب الأشراف 1 ق 1 / 583.

23. نفس المصدر / 583 ـ 584.

24. الإمامة والسياسية 1 / 48 ط مصر 1328 ، تاريخ الطبري 4 / 459 دار المعارف.

25. تاريخ الطبري 4 / 459 دار المعارف.

26. تاريخ الخلفاء / 400 ط السلفية.

27. نفس المصدر / 412.

28. أنساب الأشراف 5 / 101.

29. الكامل للمبرّد 1 / 267 ط دار نهضة مصر.

30. العقد الفريد 4 / 296 ط محققة.

31. صيغة تحقير لعثمان.

32. تاريخ الفكر العربي الى ايام ابن خلدون / 190 ط دار العلم للملايين بيروت.

33. الإمامة والسياسة 1 / 95 ط سنة 1328 بمصر.

34. نفس المصدر 1 / 98.

35. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 95 تحـ احسان عباس ، وتاريخ الإسلام للذهبي 2 / 238 ، وسير اعلام النبلاء 3 / 49.

36. العقد الفريد 4 / 334.

37. تاريخ الطبري 4 / 368 ط دار المعارف.

38. تاريخ الإسلام 2 / 133 ط القدسي ، وسير أعلام النبلاء 2 / 606.

39. سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٢٧ ط دار الفكر ، وقارن المعرفة والتاريخ للفسوي ١ / ٢٥٤ ، ومختصر تاريخ دمشق ١١ / ٢٣١.

مقتبس من كتاب : [ موسوعة عبدالله بن عبّاس ] / المجلّد : 3 / الصفحة : 72 ـ 83