تفسير زيارة عاشوراء : وَلَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ

طباعة

وَلَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ ..

الشرح : المراد من ابن مرجانة هو ابن زياد ، وذكره باللعن بعد ذكر آل زياد وبني اُميّة وهو يشمله ـ كما مرّ في التحقيق السابق ـ لخصوصيّة له في قتل سيّد الشهداء ، واحتمل المجلسي عليه الرحمة أنّ إفراده بالذكر لخبث مولده فلا يشمله حينئذٍ لفظ آل زيادٍ وبني اُميّة ، وقد قلنا أنّ هذين الفرعين من بني اُميّة جميعاً أبناء سفاح ولغير رشدة ، وإذا كان هذا هو الوجه فينبغي ذكر آحادهم ولا يقتصر الأمر على ابن زياد وحده ، ونسبته إلى مرجانة لمزيد انتقاصه وذمّه ليعلم مع حال أبيه حال اُمّه كذلك.

وكانت مرجانة من الزواني المعروفات وقد اُشير إليها في الأشعار كما يقول في هذا الشعر سراقة الباهلي ، ولنعم ما قال :

لعن الله حيث حلّ زياداً

 

وابنه والعجوز ذات البعول (1)

وقال جماعة : المراد من العجوز ذات البعول مرجانة ، وظاهر العبارة المرويّة في رجال الشيخ الكشّي في ترجمة ميثم التمّار رضي الله عنه « يقتله العتلّ الزنيم ابن الأمة الفاجرة » (2) هذا وإن كانت الإشارة يمكن أن تدلّ على سميّة وربّما كانت أظهر من جهة.

وفي خطبة عاشوراء المرويّة في الاحتجاج : ألا وإنّ الدعيّ بن الدعيّ قد ركّز بين اثنين ... (3). وهذه العبارة صريحة بأنّ ابن زياد ولد الزنا أيضاً (4) مثل أبيه ، وسوف تسمع رأي أبناء العامّة في ابن الزنا بأنّه أكثر نجابة (5) ، والحقّ يقال : إنّه لا أحد بعد الثاني أنجب من ابن زياد .

ولد ابن زياد ظاهراً في سنة ثمانٍ وعشرين أو تسع وعشرين بعد الهجرة ، وجمع له العراقان وهو ابن الثانية والثلاثين أي في سنة ستّين من الهجرة ، وكان أوّل وال يحوز في ولايته خراسان وآذربيجان والبحرين وعمّان والهند وغالب الممالك الإيرانيّة ، ويقال : إنّ والده زياداً سبقه إلى ذلك. وفي عام واحد وستّين شرع في قتل الحسين أرواحنا له الفداء.

وفي كتاب العقد الفريد أنّ عدد جيش الكوفة في عهد زياد كان ستّين ألف مقاتل ، ومن هنا يمكن العلم بما ورد في الأخبار المعتبرة من أنّ عدد الخارجين على الحسين كانوا ثلاثين ألفاً ولا غرابة في ذلك ؛ لأنّ الجيش الذي قوامه ستّون ألفاً يمكن تعبئة ثلاثين ألفاً منه في مدّة وجيزة علاوة على ما يقال من أنّ ابن زياد يومها كان يستعدّ لقتال أهل الديلم ولكن طرأت وقعة كربلاء أثناء ذلك فحوّلت وجهه إليها دون بلاد الديلم ، وبناءاً على هذا لا استبعاد في كثرة الجنود وتتابعها ، فلعنة الله عليه وعلى جنوده.

وفي سنة سبع وستّين هجريّة ـ وكان عمره تسعاً وثلاثين عاماً ـ وصل إلى دركات الجحيم بيد واسطة الرحمة الإلۤهيّة والنعمة اللامتناهيّة إبراهيم بن الأشتر رضي الله عنهما ، وتوجد في المقتل المنسوب إلى أبي مخنف واقعة عجيبة عن كيفيّة قتله ، ولمّا كانت الحكاية مستبعدة أعرضت عنها مع أنّه لا غرض معتدّ به في هذه التفاصيل.

ومن العجايب أنّ قتله صادف يوم عاشوراء ، ولمّا حملوا رأسه إلى الإمام السجّاد فاُدخل عليه وهو يتغدّى ، فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام : اُدخلت على ابن زياد لعنه الله وهو يتغدّى ورأس أبي بين يديه ، فقلت : اللهمّ لا تمتني حتّى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدّى ، فالحمد لله الذي أجاب دعوتي (6) كما فعل المخذول برأس الإمام المظلوم المبارك عليه وعلى جدّه وأبيه واُمّه وأبنائه أفضل الصلاة والتحيّة والسلام ما هدر حمام وهمر ركام .. .

الهوامش

1. خالف شيخنا الجليل الطبري حيث قال : وكانت مرجانة امرأة صدق فقالت لعبيدالله حين قتل الحسين عليه السلام : ويلك ماذا صنعت وماذا ركبت .. الخ [ تاريخ الطبري 5 : 484 ]. ( المترجم )

2. ليأخذنّك ... رجال الكشّي 1 : 85 رقم 140. ( هامش الأصل ) جرى تطبيق ذلك. ( المترجم )

3. بحار الأنوار 45 : 9 ط بيروت. ( هامش الأصل ) 45 : 7. ( المترجم )

4. يريد الإمام بالدعيّ استلحاقه بقريش ولكن نسبة الدعوة إلى عبيدالله هو ما قصده المؤلّف. ( المترجم )

5. إنّ الأحاديث الواردة في خبث ولد الزنا كثيرة ، وفيها عناوين :

منها : إنّ لولد الزنا علامات أحدها بغضنا أهل البيت . راجع سفينة البحار ، ذيل زنىٰ.

ومنها : ولد الزنا شرّ الثلاثة . راجع جامع الاُصول لابن الأثير عن أبي هريرة 8 : 79 الحديث 5924 ولكنّ بعض العامّة يكذّبون ذلك ويقولون :

كذب الروافض ويلهم فيما ادّعوا

 

في قولهم ابن الزنا لا ينجب

هذا ابن خطّا الأمير وإنّه

 

أزكى البريّة والأنام وأطيب

تجارب السلف ، تصنيف هندوشاه صاحب نخجواني : 20 طبع بهمّة مير سيّد حسن روضاتي ابن العلّامة السيّد محمّد علي الروضاتي.

وقال ميرزا حسن ابن الحكيم الصمداني في كتاب ( الشمع واليقين ) في معرفة الحقّ واليقين [ بما يرجع إلى ] قال القطب الشيرازي الشافعي في كتاب نزهة القلوب ، نسب معاوية ... . ( المحقّق )

6. بحار الأنوار 45 : 336. ( هامش الأصل ) و 45 : 335. ( المترجم )

مقتبس من كتاب : [ شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 380 ـ 382