أسئلة و أجوبة حول الرجعة

طباعة

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 295 ـ 297

 

(295)

أسئلة و أجوبتها


السؤال الأوّل : كيف يجتمع إعادة الظالمين مع قوله سبحانه:  { وَحَرَامٌ عَلَى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} (3) ؛ فإنّ هذه الآية تنفي رجوعهم بتاتاً ، وحشر
لفيف من الظالمين يخالفها؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
(3) - سورة الأنبياء : الآية 95 .
________________________________________


(296)


والجواب : إنّ هذه الآية مختصة بالظالمين الذين أهلكوا في هذه الدنيا و رأوا
جزاء عملهم فيها ، فهذه الطائفة لا ترجع ، وأمّا الظالمون الذين رحلوا عن الدنيا
بلا مؤاخذة ، فيرجع لفيف منهم ليروا جزاء عملهم فيها ، ثمّ يُردّون إلى أشد
العذاب في الآخرة أيضاً.  فالآية لا تمت إلى مسألة الرجعة بصلة.
السؤال الثاني : إنّ الظاهر من قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ
قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ
وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (1) ، نفي الرجوع إلى الدنيا بعد مجي الموت.
والجواب : إنّ الآية تحكي عن قانون كلّي قابل للتخصيص في مورد دون
مورد ، والدليل على ذلك ما عرفتَ من إحياء الموتى في الأمم السالفة ، فلو كان
الرجوع إلى هذه الدنيا سنة كليةً لا تتبعض ولا تتخصص ، لكان عودها إلى الدنيا
مناقضاً لعموم الآية.
وهذه الآية ، كسائر السنن الإلهية الواردة في حق الإنسان ، فهي تفيد أنّ
الموت بطبعه ليس بعده رجوع ، وهذا لا ينافي الرجوع في مورد أو موارد لمصالح
عُليا.
السؤال الثالث : إنّ الاستدلال على الرجعة مبني على جعل قوله سبحانه :
{ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} ، حاكياً عن
حادثة تقع قبل القيامة ، ولكن من الممكن جعلها حاكية عن الحادثة التّي تقع عند
القيامة ، غير أنّها تقدمت على قوله سبحانه : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ } ، وكان
طبع القضية تأخيرها عنه ، والمراد من الفوج من كل أُمّة هو الملأ من الظالمين
و رؤسائهم؟
والجواب : أوّلا : إنّ تقديم قوله : { وَيَوْمَ نَحْشُرُ... } ، على فرض
كونه حاكياً عن ظاهرة تقع يوم القيامة ، على قوله : { وَيَوْمَ يُنفَخُ } ، ليس إلاّ
إخلال في الكلام ، بلا مسوّغ   .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة المؤمنون : الآيتان 99 ـ 100.
________________________________________


(297)


وثانياً : إنّ ظاهر الآيات أنّ هناك يومين ، يومُ حشر فوج من كل أُمة ،
ويوم نفخ في الصور ، وجعل الأوّل من متمّمات القيامة ، يستلزم وحدة اليومين ،
وهو على خلاف الظاهر (1).


* * *


ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - و إذا أحطت خُبراً بما ذكرناه، يتبين لك سقوط كثير ممّا ذكره الآلوسي في تفسيره عند البحث عن
الآية . لاحظ تفسيره : ج 20، ص 26.