هل يجوز في حق النبي أنْ يستحي من عثمان ولا يستحي من الله ؟

طباعة

هل يجوز في حق النبي أنْ يستحي من عثمان ولا يستحي من الله ؟

انظر أخي الكريم ، ودقّق في تاريخنا ورواياتنا ، فمن أجل صناعة فضيلة لعثمان ، يصفون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بوصف لا يمكن لك أنْ تقبله على نفسك ، فهل تقبله على رسول الله ؟.

يدخل أبوبكر على رسول الله وهو جالس مع عائشة في ثوب واحد ، ثمّ يدخل عمر ويبقى رسول الله هو وعائشة معاً في ثوب يلفه عليه وعليها ، ثمّ يدخل عثمان فيصلح النبيّ حاله ووضعيته حياءً من عثمان (1). وفي رواية قال النبي لعائشة : « اجمعي عليك ثيابك » (2) ، وفي رواية : كان كاشفا عن فخذيه فغطّاهما (3) ، والتناقض واضح في الروايات ، وهو ما يدلّ على أنّها من المكذوبات على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أجل صناعة الفضائل.

ومن الملاحظ جدّاً في روايات صناعة الفضائل أو تبرير المواقف أنّها مع تعدّدها واختلاف متونها إلا أنّها وإنْ اختلفت وتعدّدت فإنّها تتّفق بالفضيلة المصنوعة لفظاً ومعنى ، ولا تختلف فيما بينها ، ولكنّها في الطعن على رسول الله تختلف ، وفي كلّ مرّة تكرّرها من جانب غير الأول.

ففي هذه الرواية مثلا تجد أنّ عبارة حيي وتستحي منه الملائكة هي العبارة الأساسيّة والغرض الرئيسي لوضع الحديث ، فيتركّز اهتمام واضع الحديث على الهدف الذي من أجله يضع الرواية ، وأمّا عبارات الرواية الأخرى فلا يركّز عليها ولا على صياغتها ، ففي هذه الرواية مرّة تقول : أنّ النبيّ كان كاشفا ساقيه ، ومرّة كان كاشفاً عن فخذيه ، ومرّة هو وعائشة في مرط واحد ، ومرّة أصلح نفسه وجمع عليه ثيابه ، ومرة قال لعائشة : اجمعي عليك ثيابك.

فقد روى أحمد في المسند عن عائشة قالت : « استأذن أبو بكر على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا معه في مرط واحد قالت : فأذن له فقضى إليه حاجته وهو معي في المرط ، ثمّ خرج ، ثمّ استأذن عليه عمر ، فأذن له ، فقضى إليه حاجته على تلك الحال ، ثمّ خرج ثمّ استأذن عليه عثمان ، فأصلح عليه ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ، ثمّ خرج. فقالت عائشة : فقلت له : يا رسول الله ، استأذن عليك أبو بكر فقضى إليك حاجته على حالك تلك ، ثمّ استأذن عليك عمر فقضى إليك حاجته على حالك تلك ، ثم استأذن عليك عثمان فكأنّك احتفظت. فقال : إنّ عثمان رجل حيي ، وإنّي لو أذنت له على تلك الحال خشيت أنْ لا يقضي إليَّ حاجته » (4).

وروى أحمد في المسند عن يحيى بن سعيد بن العاص أنّ سعيد بن العاص أخبره أنّ عائشة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعثمان حدّثاه أنّ أبا بكر استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ، ثمّ انصرف فاستأذن عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ، ثمّ انصرف ، ثمّ جاء عثمان ، ثمّ استأذن عليه ، فجلس وقال لعائشة : اجمعي عليك ثيابك. فقضى إليه حاجته ، ثمّ انصرف ، فقالت عائشة : يا رسول الله ، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إنّ عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته. قال ليث : وقال جماعة الناس : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعائشة : ألا أستحي ممّن تستحي منه الملائكة » (5).

الهوامش

1. أنظر مسند أحمد 6 : 167 ، المصنّف لعبدالرزاق 11 : 232 ، صحيح ابن حبّان 15 : 334.

2. أنظر مسند أحمد 1 : 71 ، 6 : 155 ، صحيح مسلم 7 : 117.

3. انظر صحيح مسلم 7 : 116 ، صحيح ابن حبّان 15 : 336.

4. مسند أحمد 6 : 167 ، وأنظر المصنّف لعبدالرزاق 11 : 232 ، صحيح ابن حبّان 15 : 334.

5. أنظر مسند أحمد 1 : 71 ، 6 : 155 ، وأنظر القصّة من دون الزيادة الأخيرة في صحيح مسلم 7 : 117.

مقتبس من الكتاب : [ نهج المستنير وعصمة المستجير ] / الصفحة : 164 ـ 166