التوحيد الواحدي والتوحيد الأحدي

طباعة

السؤال :

في التوحيد أنا عندما أريد أن استدلّ على أنّه لا يوجد إله وخالق وواجب الوجود غير الله الواحد عزّ وجلّ أبدأ من التوحيد الأحدي حتّى أصل منه إلى التوحيد الواحدي ، حيث إنّ الله غنيّ كامل منزّه غير مركّب ولا محتاج ، ووجود واجب ثاني يلزم منه الحدّ والتركيب ، في النهاية أصل إلى التوحيد الواحدي والأحدي معاً بهذا الإستدلال ، فهل هذا صحيح أم عليه إشكال ؟ هل يصحّ هذا الاستدلال ؟

الجواب :

الدليل على التوحيد الأحدي أيّ عدم تركّب الصانع من جزئين هو أنّ التركّب نقص ومستلزم للاحتياج فإنّ كلّ جزء من أجزائه يحتاج إلى الجزء الآخر ، والمفروض أنّ واجب الوجود غني على الإطلاق ولا يحتاج إلى أيّ شيء.

وأمّا الدليل على التوحيد الواحدي أيّ عدم وجود شريك للباري تعالى فهو ما أشارت إليه الآية الكريمة : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا ) [ الأنبياء : 22 ] ، وقوله تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللَّـهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ) [ المؤمنون : 91 ].

ويستفاد من قول الإمام الصادق عليه السلام : « فَلَمّا رَأَيْنَا الْخَلْقَ مُنْتَظِماً وَالْفَلَكَ جارِياً وَالتَّدْبِيرَ واحِداً وَاللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَلَّ صِحَّةُ الْأمْرِ وَالتَّدْبِيرِ وَائْتِلافُ الْأَمْرِ عَلى أنَّ المُدَبِّرَ واحِدٌ » [ الأصول من الكافي / المجلّد : 1 / الصفحة : 81 / الناشر : منشورات المكتبة الإسلاميّة ، بحار الأنوار / المجلّد : 3 / الصفحة : 230 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ] ، فلو كان المدبّر لهذا الكون متعدّداً ولكلّ واحد منهما قدرة كاملة لوقع الفساد في الكون ، إذ من المحتمل إرادة كلّ منهما غير ما يريده الآخر ، فيحصل الفساد أو عدم تحقّق شيء.

ولعلّ الإستدلال في مورد السؤال يرجع إلى دليل آخر على نفي الشريك للبارى أشار إليه المجلسي في بحار الأنوار كتاب التوحيد وهو :

إنّه يلزم من تعدّد الإله وجود الفاصل المائز القديم بينهما ، ثمّ وجود الفصل أيضاً بين الثلاثة فيما بينهما ، وهكذا متسلسلاً والتسلسل باطل ، فيصدق ضد التعدّد وهي الوحدة.

وتوضيحه : أنّه لو كان التعدّد موجوداً لكان امتياز أحد الآلهتين عن الآخر بأمر خارج يحتاج إليه في الإمتياز ، فيكون الإلهان محتاجين إلى المائز والاحتياج ليس من شأن الإله ، فإن كلّ محتاج ممكن والله الغني أجلّ من الاحتياج ، فلا يكون له شريك.