السؤال :
هل تسمية الأشخاص بعبد الحسين وعبد الأمير وعبد الزهراء وأمثالها جائز عقائديّاً ؟ وما هو حكمها الفقهي ؟
الجواب :
التسمية بعبد الحسين وعبد الزهراء وعبد الرسول ونحو ذلك جائزة ، إذ ليس المقصود من العبوديّة هو المخلوقيّة أو تأليه المعصومين عليهم السلام بل المراد خضوع الطاعة لهم والخدمة احتراماً لهم كما أمر بذلك القرآن الكريم : ( أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) [ النساء : 59 ].
هذا مع أنّ العبوديّة في القرآن المجيد والفقه على أقسام :
منها : عبوديّة المخلوقيّة وهي مضافة لله تعالى خاصّة.
ومنها : عبوديّة للطاعة ، ومنها : عبوديّة ملك المنفعة ، وهو الذي يسمّى ملك الرقبة في كتب الفقه عند جميع المذاهب الإسلاميّة ، وأطلقوا على ذلك الباب الفقهي اسم كتاب العبيد والإماء وبيعهم وشراؤهم ، وهم الكفّار الذين يؤسرون ويُغنمون ، فيقال : هذا عبد فلان ، وغلام وجارية فلان ، وأشار إليه القرآن الكريم : ( عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ ) [ النحل : 75 ]. فالمملوكيّة ههنا ليس بمعنى الملك التكويني للخالق على مخلوقه بل هو الملك الإعتباري التخويلي ، وهو ملك المنفعة المسمّى بملك الرقبة . فلم يستشكل أحد من المسلمين في قراءه هذه الآية ونظيرها من الآيات الواردة في العبيد ، ولا استشكل أحد من الفقهاء في كتابة كتاب العبيد والإماء ؟! وليس إلّا ؛ لأنّ استعمال العبوديّة على معان وأقسام مختلفة لا بمعنى المخلوقيّة.
التعليقات
نفس عبدالمسيح عند النصارى
واين انتم عن قوله تعالى
قال تعالى :
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
أي فلما رزقهما ولدا صالحا جعلا لله شريكا بأن سمياه عبدالحارث ... فتعالى الله عما يشركون ( وتشركون )
وقوله
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ (كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ) وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ.ال عمران79
وقوله
﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠]
وقوله
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ (٢٣)﴾ [النجم
وقال
قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ
الله يهديكم ياعباد الموتى
نعم اذا اضيف العبد الى الله تعالى ، فينطبق على العبوديّة ، لانّ الله تعالى أهل للعبادة ، وإلّا فالمعنى نفس المعنى أيّ المملوك لله تعالى ، لكن المملوك لله تعالى يجب ان يطيعه ويعبده ، لانّ حق الله تعالى عليه هو العبادة ، بخلاف ما لو اضيف العبد الى شخص ، فانّه بمعنى المملوك الذي ينبغي ان يطيع مولاه ولا يتضمن معنى العبوديّة ، لانّ حقّ المولى على العبد اذا كان انساناً ، هو الاطاعة دون العبادة.
فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ونحن نتعجّب ممّن يذكر هذه الآيات في مقام الإستدلال على مدّعاه ، فانّ المراد من قوله ويعبدون من دون الله امّا الاعتقاد بالالوهيّة غير الله أو العبادة والخضوع والخشوع ، فهل الذي يسمّى ولده عبد الحسين يريد ان يقول انّ ولدي يعبد الحسين ويعتقد بربوبيّته أو يصلّي ويسجد ويركع له ؟
وبعبارة اخرى العبد له معانٍ ، منها العبد الذي يشتريه الإنسان ويستخدمه ، فالمراد من بعد الحسين هذا المعنى بأن يجعل شخص نفسه عبداً وخادماً للحسين عليه السلام فهو نفس المعنى الذي ورد في الآية ( عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ ) [ النحل : 75 ] ، فهل هذا المملوك يعبد مولاه ويعتقد الوهيّته ؟!
وإليك النصوص الآتية :
1 ـ روى ابن سعد عن عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم ان يملي علي أحاديث فقال انّ الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فناشد الناس ان يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ... [ الطبقات لابن سعد 5 / 188 ].
وعن عبدالرحمن بن عوف قال : ما مات عمر بن الخطاب إلى أصحاب رسول الله (ص) فجمعهم في الآفاق عبدالله بن حذيفة و ابا الدرداء وأباذر وعقبة بن خالد فقال : ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله (ص) في الافاق. قالوا : تنهانا. قال : لا اقيموا عندي لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن اعلم نأخذ عنكم و نرد عليكم فما فارقوه حتى مات. [ كنز العمال 5 / 231 ].
وعن قرظة بن كعب قال : « خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر إلى صرار ـ موضع بالمدينة ـ ثم قال : انكم أتدرون لم مشيتُ معكم ؟ قلنا : أردت أن تشيعنا و تكرمنا. قال : وان مع ذلك لحاجة خرجت لها انكم لتأتون بلدة لأهلها دوي كدوي النحل فلا تدوهم بالأحاديث عن رسول الله وأنا شريككم. قال قرظة : فما حدثت بعده حديثاً عن رسول الله ».
وفي رواية اخرى : « انكم لتأتون اهل قرية لها دويّ كدويّ النحل فلا تصدوهم بالأحاديث لتشغلوهم جوّدوا القرآن واقلوا الرواية عن رسول الله (ص) وأنا شريككم. فلما قدم قرظة قالوا : حدثنا. قال : نهانا عمر ». [ مستدرك الحاكم 1 / 102 ].
(ولكن المنافقين لا يفقهون)
قال ابن قتيبه : « وكان أبو هريره يقول رسول الله كذا وانّما سمعه من الثقة عنده فحكاه ». [ تأويل مختلف الحديث ص 50 ].
روى أحمد بن أبي هريره : « أن يأجوج ومأجوج لحيفرون السدّ كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذين عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً فيعودون ». قال ابن كثير : « لعلّ أبا هريرة تلقاه من كعب الأحبار فانّه كان كثير ما يجالسه ويحدثه فحدث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة انه مرفوع فرفعه ... ». [ تفسير ابن كثير ج 3 / 104 ].
قال يزيد بن هارون : « سمعت شعبه يقول : أبو هريرة يدلّس أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله ولا يميّز هذا من هذا ». رواه ابن عساكر راجع علوم مصطلح لصبحي الصالح ، البداية والنهاية.
وقال رشيد رضا في كلامه حول كعب الاحبار ووهب بن منبه ... « بل أكثر ما روي عن أبي هريره من الأحاديث المرفوعة لم يسمعه من النبي » [ شيخ المضيره / 150 ].
وثانياً : على فرض صحّة هذا الحديث وأمثاله يحمل على اُمور أخلاقيّة وانّه لا ينبغي للمخلوق ان يتشبه بالخالق ويصّرح بعبوديّته شخص له فلا يقول : ( عبدي فلان ) بل يقول : ( فتاي ) مثلاً ولا يدلّ على حكم مولوي شرعي وهو حرمة هذه العبارة كيف ولو اشترى عبداً ثم باعه هل يفتي أحد من الفقهاء بحرمة ان يقول بعتك عبدي فلان أو يقول المشتري اشتريت عبدك فلان ؟! وهل تكون المعاملة باطلة ؟ لانّه ارتكب المنهي عنه شرعاً ؟
تدعون اتباعهم ثم تتبعون أهواءكم!!
قال الله تعالى:
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
وكذلك لشدّة حبّ الوالدين للنبي محمّد صلّى الله عليه وآله يسمّون ولدهم بعبد محمّد أيّ انّه بمنزلة المملوك لمحمّد صلّى الله عليه وآله ، وهل في ذلك اشكال شرعي أو عرفي ؟! فهذا نوع من اظهار الحبّ والمودّة والاحترام والتعظيم للنبي وآله ، وقد أمرنا الله تعالى باظهار المودّة لأهل البيت ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) ، ومن المعلوم أنّ أهل البيت لا يحتاجون الى اظهار المودّة لأنفسهم حتّى يسمّى أحدهم ولده بعبد الحسين مثلاً.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة