كيف يكون صفات الله تعالى عين ذاته
السؤال : إنّ صفات الله تعالى هي عين ذاته ، أي أنّها ليس عارضة على ذاته جلّ وعلا ، فكيف يكون ذلك ؟
من المعروف إنّ صفات الله تعالى هي عين ذاته ، أي أنّها ليس عارضة على ذاته جل وعلا ، فيمكننا القول أنّ الله هو الحي ، الله هو القادر، وهو الرحيم وغيرها من الصفات ، وعلى الرغم من اختلاف مفاهيم هذة الصفات إلا أنّها تعتبر جميعا ذاتاً لله تعالى ، فكيف يكون ذلك . ؟ إذا قلنا أنّ كل صفة هي ذات الله ، وهم مجموعة كبيرة من الصفات ، فسوف يكون هناك أكثر من ذات ، وهذا غير معقول .
هناك الكثير من الأشخاص الذين يخافون دراسة العقائد ؛ لأنّ هذا العلم صعب ، ومن سلكه قد يفكر في أشياء محرمة تذهب به إلى الكفر… فبمإذا تنصحون هؤلاء الأشخاص ؟
الجواب : من سماحة الشيخ هادي العسكري
بحسب الأدلة الثابتة والبراهين القاطعة يمكن للعقل البشري أن يدرك أصل وجود الله وتحقق ذاته ، ولا يمكن للذهن البشري ولا يستطيع أن يتصور ذاته وكيفيته سبحانه . فانت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء إلا بأنّه فضاء ، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك ، وهي موجودة ، وهذه تدل على أنّ العقل يدرك ويجزم ، ولكن الذهن يعجز عن التصور، فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالى ، فهو أحرى بالعجز عن تصور ذاته سبحانه.
واحسن وصف ، وابلغ بيان ما وصفه به أمير البيان علي عليه السلام من النهج : لا تراه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مبائن ، متكلم لا برؤية ، مريد لابهه ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بحاسّة ، رحيم لا يوصف برقّة ، تعنوا الوجوه لعظمته ، وتجب القلوب من مخافته .
التعليقات
لو مثلا قلنا أن الصفات ليست عين الذات سيكون مثلا العلم إذا قلنا ليست عين ذاته فمعناه أنها زائدة على ذاته أي أنه سبحانه كان موصوفة بعكس العلم ثم علم فالصفة صفة زائدة على الذات
أوّلاً : لقد وقع الخلط بين المفهوم والمصداق ، فان مفهوم العلم يغاير مفهوم الحياة أو القدرة ، لكن هذه الأمور المختلفة مفهوماً قد تجتمع في مصداق واحد ، حتّى في غير الله سبحانه وتعالى ؛ فيكون شخص واحد عالماً وقادراً وحيّاً ومن المعلوم انّ العالم هو زيد مثلاً ، وفي نفس الوقت هو قادر وحيّ ، فاختلاف مفاهيم هذه الصفات ـ والمعنى اللغوي والعرفي لها ـ لا ينافي اتّحادها في شخص واحد ، فيكون العالم عين القادر والحيّ في عالم الوجود الخارجي.
ثانياً : هذه المفاهيم تعبّر عن مراتب خاصّة من الوجود بناء على إصالة الوجود ، وبناء على ذلك لا يمكن تصوّرها في واجب الوجود الذي هو بسيط من جميع الجهات ، إذ هو خالق الوجود بجميع مراتبه ، فلا يمكن ان يكون محدوداً بمرتبة أو مراتب خاصّة من الوجود.
وعليه فاطلاق العلم أو القدرة أو الحياة وغيرها من صفات الذات على الله تعالى ليس كاطلاقه على غيره من الممكنات ، فالانسان العالم ذات ثبت له العلم ، والقادر ذات ثبت له القدرة ، وهذا المعنى لا يعقل في حقّ الله تعالى ذاته هو العلم والقدرة والحياة ، وليست هذه الصفات زائدة على ذاته ، لأنّه يستلزم التركيب ، والمركّب ناقص يحتاج إلى أجزائه ، ولا يعقل تصوّر النقص والحاجة في واجب الوجود.
الجواب 2 :
وقع الخلط أيضاً بين صفات الذات وصفات الأفعال ؛ فانّ بعض الصفات تعدّ صفة للذات ، كالعلم والحياة والقدرة ، ولكن بعض الصفات تنتزع من الفعل ، وهذه الصفات غير موجودة قبل صدور الفعل كالضرب ؛ فانّ الإنسان يتّصف بالضارب حينما يصدر منه الضرب وقبله ليس ضارباً ، وصفة الخالقيّة والرازقيّة والمدبّرية من صفات الفعل التي تنتزع بعد صدور الفعل ؛ فلا يعقل اتّصاف الله تعالى بالخالقيّة قبل ان يخلق ، وبالرازقيّة قبل ان يرزق ، ومثل هذه الصفات لا يلزم ان تكون أزليّة ، كما لا يلزم ان يكون ما تتعلّق بها أزليّاً ، بخلاف العلم والقدرة والحياة التي تكون من صفات الذات ، أي يقتضيها الذات بنفسه ، من دون ان تنتزع من فعل أو عمل صادر من الذات.
ثمّ انّ الله تعالى لا يحتاج الى ان يسمّى بالخالق او بفالق الحبّ والنوى ، أو حتّى بأن يسمّى بالله أو الرحمن أو الرحيم أو القادر أو الحكيم ونحو ذلك ، وأن الله تعالى لم يخلق الخلق لكي يسمّى بالخالق ، بل حتّى لم يخلقهم لكي يعبد أو يطاع ، إذ لا يمكن فرض احتياج الله تعالى إلى شيء ، فان المفتقر والمحتاج وجوده ناقص محدود ، يستحيل ان يخلق جميع الأشياء ، حتّى الأشياء التي لا تحتاج الى ما يحتاج اليه ؛ فالانسان مثلاً لا يحتاج إلى ان يسمّى بالخالق أو فالق الحبّ والنوى ، فاذا كان الله تعالى محتاجاً الى ذلك ، فكيف يخلق هذا الانسان الذي ليس محتاجاً الى ما يحتاج اليه الله تعالى.
نعم ، نحن نحتاج الى ان نعرف بان الله تعالى خالق ورازق وعالم وحكيم ونحو ذلك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « انّ الله تعالى خلق الخلق غنيّاً عن طاعتهم وآمناً من معصيتهم لأنّه لا تنفعه طاعة من أطاعه ولا تضرّه معصيته من عصاه ».
وأمّا قوله : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56 ] ؛ فليس المراد منه ان الله خلق الخلق لحاجة يفتقر اليها وهي عبوديتهم ، بل المراد ما خلقت الجنّ والإنسان إلّا لغرض وحكمة ، فلا يكون الخلق عبثاً ولغواً ، بل خلقتهم لكي يصلوا الى الكمال والسعادة الدنيويّة والاُخرويّة ، بسبب العبادة والإطاعة وامتثال الأحكام الإلهيّة.
أ-"الصفات" هي عبارة عن مفاهيم عقلية منطقية مثلها مثل مفاهيم أخرى كالمنطق والعدالة والعقل وغيرها, هي ليست أجساماً مادية ولا أشياء حقيقية بل تصورات في الذهن, فكيف يكون القول بأنها قديمة وأن الله مركب منها وغيرها؟ وقد قالت الأشاعرة أن ذات الله قديمة وصفاته قديمة فالتركيب لا يوجب الحدوث إذاً؟
ب-فهمت معنى كون صفاته جل جلاله هي عين ذاته بمعنى أن المفاهيم تتعدد إلا أن المصداق واحد, لكن ماهو معنى القول "صفات الله زائدة على ذاته" الذي يتبناه الأشاعرة وأهل السنة؟ جزاكم الله بكل خير وعسى الله ألا يحرمنا من علمكم
ثانيا:الأشاعرة يقولون صفات الله هي عين ذاته الوهابية هم من ينكرون ذلك و غيرهم من الفرق الضالة هذه أكذوبة أشاعوها عنا مثل عباد القبور ولا أحد منا يعبد القبور يفترون علينا ليسقطونا لكن الله ولي المؤمنين
نعم ، العلم والقدرة والحياة والارادة ونحو ذلك من صفات الذات ، تكون قديمة وأزليّة ، وهي عين ذاته ؛ لأنّه لو كانت هذه الصفات مغايرة للذات وعارضة على ذاته ، لزم ان يكون الله تعالى مركباً من الذات والصفة التي هي غير ذاته ، والتركيب يستلزم النقص والافتقار والحاجة ؛ لان كل مركب يحتاج في وجوده الى محقّق اجزائه ، والله تعالى غني على الاطلاق ، ولا يفتقر في وجوده الى شيء ، وإلّا لم يكن واجب الوجود ، بل كان ممكن الوجود ، لابدّ ان يفاض عليه وجود جزئه من قبل غيره.
ثانياً : الأمر بالعكس تماماً حيث انّ صفات الله تعالى لو كانت مغايرة لذاته كان معنى قولنا « الله قادر » « الله عالم » انّ الله تعالى شيء عرض عليه العلم أو القدرة أو الحياة ، فيلزم أن يكون الله تعالى جسماً تعرض عليه الصفات. أمّا لو قلنا بان صفات الله عين ذاته فمعناه انّ الله تعالى ليس مركباً من الجسم والصفات العارضة عليه ، وبما ان الصفات ليست من مقولة الجسم فما هو عينها أيضاً لا يكون جسماً ، فالله تعالى هو واجب الوجود الذي ليس له حدّ ولا نهاية وبسيط من جمع الجهات.
فليس لوجود الله حدّ ولا نهاية ولا يمكن ان يقال الله تعالى وجود يعرض عليه العلم والقدرة والحياة ، إذ يصير بذلك محدوداً بل العلم والقدرة والحياة هو عين ذلك الوجود البسيط الذي ليس له حدّ ولا نهاية ، وبعبارة اخرى إذا كانت صفات الله تعالى مغاية لذاته لزم التركيب بأن يكون الله تعالى مركباً من الذات والصفات المغايرة لذاته العارضة عليه ، والمركب يحتاج في وجوده وتحقّقه إلى تحقّق أجزاءه ، والله تعالى غني على الإطلاق ولا يحتاج إلى شيء ، مضافاً أن الذات تكون ناقصة إذ يكون كمالها بزيادة الصفات وعروضها عليها ، والعقل يحكم بان واجب الوجود وعلّة العلل وخالق الكائنات لا يمكن ان يكون ناقصاً ، إذ كيف يوجد الناقص الكامل ، ففي مرثية الذات يكون الله فاقداً للعلم والقدرة مثلاً فكيف يوجد العالم والقادر.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة