فرق الغلاة

البريد الإلكتروني طباعة
بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج7 ، ص 10 ـ  20
________________________________________
(10)
الغلاة ليسوا من المسلمين:
قد ذكر أصحاب الفرق فرقاً للشيعة باسم الغلاة ومع أنّهم يصرّحون بأنّهم ليسوا من فرق المسلمين ولكن يذكرونها فرقاً للشيعة ويحملون أوزار الغلاة على الشيعة. والشيعة طائفة من المسلمين فكيف يصح عدّ الغلاة منهم !!.
قال البغدادي: « فأمّا غلاتهم الذين قالوا بإلهية الاَئمة وأباحوا محرّمات الشريعة وأسقطوا وجوب فرائض الشريعة كالبيانية، والمغيرية، والجناحية، والمنصورية، والخطابية، والحلولية، ومن جرى مجراهم فماهم من فرق الاِسلام وإن كانوا منتسبين إليه » (1).
وقال أيضاً: الكلام في ذلك (الفرق الاِسلامية) يدور على اختلاف المتكلمين فيمن يعد من أُمّة الاِسلام وملّته ـ إلى أن قال: ـ فإن كان على بدعة الباطنية، أو البيانية، أو المغيرية، أو المنصورية، أو الجناحية،أو السبئية، أو الخطابية من الرافضة، أو كان على دين الحلولية أو على دين أصحاب التناسخ أو على دين الميمونية، أو اليزيدية من الخوارج أو على دين الخابطية، أو الحمارية من
________________________________________
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 23ـ 24.
________________________________________
(11)
القدرية، أو كان ممن يحرّم شيئاً ممن نصّ القرآن على إباحته باسمه، أو أباح ما حرّم القرآن باسمه فليس هو من جملة أُمّة الاِسلام ـ إلى أن قال:ـ فالفرق المنتسبة إلى الاِسلام في الظاهر مع خروجها عن جملة الاَُمّة، عشرون فرقة هذه ترجمتها:
سبئية، وبيانية، وحربية، ومغيرية، ومنصورية، وجناحية، وخطّابية، وغرابية، ومفوضية، وحلولية، وأصحاب التناسخ، وخابطية، وحمارية، ومقنّعية، ورزامية، ويزيدية، وميمونية، وباطنية، وحلاّجية، وعذافرية، وأصحاب إباحة، وربما انشعبت الفرقة الواحدة من هذه الفرق أصنافاً كثيرة (1).
أقول: إنّ البحث في هذا الفصل في كتب الملل والنحل هو التحدث عن الفرق الاِسلامية ولا تكون الفرقة، إسلامية إلاّ إذا كان المقسم (الاِسلام) موجوداً فيها، فالاِسلام هو الشهادة على توحيده ورسالة نبيّه وحشر الخلق يوم المعاد، والتصديق بما جاء به النبي الاَكرم _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على وجه الاِجمال، فمن أنكر واحداً من هذه، فليس بمسلم ولا يحمل عقيدة إسلامية، وهذه الفرق التي جاء بها الاَشعري في كتاب مقالات الاِسلاميين وتبعه البغدادي في الفرق بين الفرق ليسوا من الاِسلام ولا الشيعة بشيء وإنّما هي فرق مرتدة عن الاِسلام ولايمكن الحكم عليهم بالاِسلام، فالاَولى حذف هوَلاء المرتدين عن كتب الملل والنحل، والبحث عنهم تاريخياً فقط.
لا شك أنّ هوَلاء تنزلوا من علياء الاِسلام إلى حضيض الكفر وما جرَّتهم إلى ذلك إلاّ مطامع وشهوات استهوتهم إلى هذه المقالات الباطلة ومن حسن الحظ أنّه لم تكتب عليهم حياة معروفة إنّما كانت أيّاماً قلائل قطعت معرّتَهم حمامُهم فلم يبق منهن ذكر إلاّ بين أسطر التاريخ.
على أنّ قسماً منهم قاموا بهذه الدعايات من قبل السياسات الزمنية روماً
________________________________________
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 232.
________________________________________
(12)
لتشتيت كلمة الشيعة أو المسلمين، لكن سرعان ما قلب عليهم الدهر ظهر المجنّ لما تمكنت السياسة من الحصول على غاياتها المنشودة فأُخذوا وقتلوا تقتيلاً.
هكذا يعامل مع كل عميل يعمل لصالح المستكبر. على أنّه لم يكن لمنهجهم معتنق قابل للذكر إلاّ شذاذ الآفاق أو ساقة الناس فمن مال إليهم لغاية دنيوية أو لشكوك وأوهام عرت لهم لا يتجاوز عددهم عدد الاَصابع إلاّ شيئاً طفيفاً حتى أصبح الجميع في حديث الاَمس الدابر.
والذي يتحمّل وزر ذكر هوَلاء من الفرق الاِسلامية الشيعية هو الشيخ المتكلّم الجليل الحسن بن موسى النوبختي (1) الشيعي من أعلام القرن الثالث المتوفّى حوالي عام 310هـ في كتابه «فرق الشيعة» ثم الشيخ الاَشعري (2)في كتابه «مقالات الاِسلاميين واختلاف المصلّين»، وتبعهما من جاء بعدهما كالبغدادي في «الفرق بين الفرق» (3) والاِسفرائيني في «التبصير » (4)والشهرستاني في «الملل والنحل» (5).
وإنّي لاَضن بالحبر والورق على تسطير عقائد هوَلاء وكفرياتهم الذين قضى عليهم الدهر وشرب، ولكن لاَجل إيقاف القارىَ على إجمال ما كانوا يعتقدونه نذكر أسماء الفرق مع التعريف الاِجمالي لمبادئهم حتى يقف على صدق ما قلناه.
قال الاَشعري: فمنهم الغالية وإنّما سمّوا الغالية لاَنّـهم غلوا في علي ـ عليه السلام ـ وقالوا فيه قولاً عظيماً وهم خمس عشرة فرقة:
________________________________________
(1) الحسن بن موسى النوبختي: فرق الشيعة: 36، وما بعدها.
(2) الاِمام الاَشعري: مقالات الاِسلاميين واختلاف المصلين: 5، وما بعدها.
(3) البغدادي: الفرق بين الفرق: 225، وما بعدها.
(4) الاِسفرائيني: التبصير: 123، وما بعدها.
(5) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|150، وما بعدها.

________________________________________
(13)
الاَُولى: البيانية:
وهوَلاء يزعمون أنّ أبا هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية (1) نص على إمامة بيان بن سمعان التميمي ونصبه إماماً، يقولون بأنّ اللّه عزّ وجلّ على صورة الاِنسان وأنّه يهلك كلّه إلاّ وجهه وادّعى «بيان» أنّه يدعو (كوكب) الزهرة فتجيبه وأنّه يفعل ذلك بالاسم الاَعظم فقتله خالد بن عبد اللّه القسري، وقيل: إنّ كثيراً منهم يثبت لبيان بن سمعان، النبوة (2).
وقال النوبختي: فكان «بيان» تبّاناً يتبن التبن في الكوفة وأخذه خالد بن عبد اللّه القسري هو وخمسة عشر رجلاً من أصحابه، فشدّهم بأطنان القصب وصبّ عليهم النفط في مسجد الكوفة وألهب فيهم النار فأفلت منهم رجل فخرج بنفسه ثم التفت فرأى أصحابه تأخذهم النار فكرّ راجعاً إلى أن ألقى نفسه في النار فأُحرق معهم (3) .
أقول: إنّ البيانية ـ على فرض صحّة وجودها ـ مشتقة من القول بإمامة محمد ابن الحنفية بعد شهادة السبط الاَكبر الحسين بن علي سلام اللّه عليهما وانتقال الاِمامة منه إلى ابنه أبي هاشم، فلما مات أبو هاشم اختلفوا في وصيّه إلى أقوال فمن قائل بأنّه ابن أخيه الحسن بن علي بن محمد الحنفية، إلى آخر بأنّه أخوه علي بن محمد، وعليّ أوصى إلى ابنه الحسن فالاِمامة عندهم في بني الحنفية لاتخرج إلى غيرهم، إلى ثالث أنّه عبد اللّه بن عمرو بن الكنديّ، وأنّ الاِمامة خرجت من بني هاشم وتحرّكت روح أبي هاشم إلى عبد اللّه الكندي، إلى رابع بأنّه أوصى إلى بيان ابن سمعان التميمي (4).
________________________________________
(1) كل فرقة تنتمي إلى أبي هاشم فهي من فروع الكيسانية الممسوخة والفرق الثلاث الاَُول: البيانية، الجناحيّة، والحربية، من هذا الصنف.
(2) الاِمام الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 5 ـ 6.
(3) النوبختي: فرق الشيعة: 28، طبع بيروت، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، ولاحظ الفرق بين الفرق: 236.
(4) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|151 ـ 152.

________________________________________
(14)    
الثانية: الجناحية:
أصحاب عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر ذي الجناحين، يزعمون أنّ عبد اللّه بن معاوية كان يدّعي أنّ العلم ينبت في قلبه كما ينبت الكماة والعشب وأنّ الاَرواح تناسخت وأنّ روح اللّه جلّ اسمه كانت في آدم ثم تناسخت حتى صارت فيه، قال: وزعم أنّه ربّ وأنّه نبي فعبدته شيعته وهم يكفرون بالقيامة ويدعون أنّ الدنيا لاتفنى ويستحلّون الميتة والخمر وغيرهما من المحارم ويتأوّلون قول اللّه عزّ وجلّ: "لَيسَ عَلَى الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إذا ما اتَّقَوا") (1).
هذا ولم يذكر الاَشعري اشتقاقهم من أي فرقة ولكن جاء به النوبختي، وقال: « فرقة قالت أوصى أبو هاشم عبد اللّه بن محمد الحنفية إلى عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب الخارج بالكوفة، وهو يومئذ غلام صغير فدفع الوصية إلى صالح بن مدرك وأمره أن يحفظها حتى يبلغ عبد اللّه بن معاوية فيدفعها إليه فهو الاِمام وهو العالم بكل شيء حتى غلوا فيه وقالوا: إنّ اللّه عزّ وجلّ نور وهو في عبد اللّه بن معاوية قتله أبو مسلم في حبسه» (2)
الثالثة: الحربية:
هم أصحاب عبد اللّه بن عمر بن حرب، ويسمّون الحربية، يزعمون أنّ روح أبي هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية تحولت فيه وأنّ أبا هاشم نصّ على إمامته (3) . ويرجع جذور هذه الفرق إلى القول بإمامة محمد الحنفية ثم أبي هاشم كما تقدم.
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 6.والآية 93 من سورة المائدة.
(2) النوبختي: فرق الشيعة: 32، ولاحظ الفرق بين الفرق: 245.
(3) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 6، لاحظ الفرق بين الفرق: 243.

________________________________________
(15)
الرابعة: المغيرية:
هوَلاء أتباع المغيرة بن سعيد العجلي وكان يظهر في بدء أمره موالاة الاِمامية ويزعم أنّ الاِمامة بعد علي والحسن والحسين _ عليهم السلام _ إلى سبط الحسن محمد (المعروف بالنفس الزكية الذي توفي عام 145هـ) وزعم أنّه المهدي المنتظر، ثم إنّه أظهر مقالات فاسدة منها دعواه النبوة، دعواه علمه بالاسم الاَعظم، وزعم أنّه يحيي بها الموتى ويهزم بها الجيوش ومنها إفراطه في التشبيه وذلك أنّه زعم أنّ معبوده رجل من نور وله أعضاء وقلب ينبع منـه الحكمة ـ إلى أن قال: ـ وكان المغيرة مع ضلالاته يأمر بانتظار محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي (1).
ويظهر من النوبختي أنّه كان يقول بإمامة الاَئمة إلى أبي جعفر الباقر ـ عليهم السلام ـ (57 ـ 114هـ) فلما تـوفي أبو جعفر محمد بن علي، دعا المغيـرة إلى إمامــة محمـد بن عبـد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم وأظهر ما أظهر فبرئت منه أصحاب أبي عبد اللّه جعفر بن محمد _ عليهما السلام _ ورفضوه فزعم أنّهم رافضة وأنّه هو الذي سمّاهم بهذا الاسم وقال: إنّ خالد بن عبد اللّه القسري أخذ المغيرة فسأله عن عقائده فأقر بها ودعا خالداً إليها فاستتابه خالد فأبى أن يرجع عن قوله فقتله وصلبه (2).
الخامسة: المنصورية:
أصحاب أبي منصور، يزعمون أنّ الاِمام بعد أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين _ عليهم السلام _ أبو منصور وأنّ أبا منصور، قال: آل محمد هم السماء
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 9.
(2) النوبختي: فرق الشيعة: 63، وفيما ذكره تأمل واضح على أنّ خالد بن عبد اللّه القسري من عُمال آل أُمية، فكيف قتل من كان يدعو بالنفس الزكية الذي خرج في أوائل العباسيين وقتل عام 145هـ؟!. إلاّ أن تكون له دعوة خفيّة بعد استشهاد زيد وابنه يحيى عام 126 هـ .

________________________________________
(16)
والشيعة هم الاَرض وأنّه هو الكسف الساقط من بني هاشم تأويلاً لقوله سبحانه: " وإن يَرَوْا كِسفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَركُوم") (الطور ـ 44) وقد ذكر الاَشعري عقائدهم الفاسدة التي لا تمت صلة بالديانات الاِلهية (1).
قال البغدادي: وكفرت هذه الطائفة بالقيامة والجنّة والنار وتأوّلوا الجنّة على نعيم الدنيا والنار على محن الناس في الدنيا واستحلّوا مع هذه الضلالة خنق مخالفيهم، واستمرت فتنتهم على عادتهم إلى أن وقف يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في زمانه على عوارت المنصورية فأخذ أبا منصور العجلي وصلبه، وهذه الفرقة كالمتقدمة عليها غير معدودة من فرق الاِسلام لكفرها بالقيامة والجنّة والنار (2) .
السادسة: الخطابية المطلقه:
أصحاب أبي الخطاب بن أبي زينب، يقولون: إنّ الاِمامة في أولاد عليّ إلى أن انتهت إلى جعفر الصادق، ويزعمون أنّ الاَئمة كانوا آلهة، وكان أبو الخطاب يزعم أوّلاً أنّ الاَئمة أنبياء، ثم زعم أنّهم آلهة، وأنّ أولاد الحسن والحسين كانوا أبناء اللّه وأحباءه، وكان يقول: إنّ جعفراً إله، ولما بلغ ذلك جعفراً _ عليه السلام _ لعنه وطرده. وكان أبو الخطاب يدّعي بعد ذلك، الاِلهية لنفسه وزعم أتباعه أنّ جعفراً إله غير أنّ أبا الخطاب أفضل منه وأفضل من علي (3).
وخرج أبو الخطاب على أبي جعفر فقتله عيسى بن موسى في سبخة الكوفة، ثم إنّ الذين جاءوا بعد أبي الخطاب انقسموا إلى فرق ذكرها الاَشعري وقد عبر عن موَسس الفرقة بالخطابية المطلقة لتتميز عن الفرق اللاحقة.
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 9 ـ 10.
(2) البغدادي: الفرق بين الفرق: 243.
(3) البغدادي: الفرق بين الفرق: 247.

________________________________________
(17)
السابعة: الخطابية المعمرية:
يزعمون أنّ الاِمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له «معمر» وعبدوه كما عبدوا أبا الخطاب. قال: واستحلّوا الخمر والزنا واستحلّوا سائر المحرمات ودانوا بترك الصلاة (1) وقد لعنه الاِمام الصادق _ عليه السلام _ وسيأتيك نصه.
الثامنة: الخطابية البزيعية:
أصحاب بزيع بن موسى يزعمون أن جعفر بن محمد _ عليه السلام _ هو اللّه، وزعموا أن كل ما يحدث في قلوبهم وحي، وأنّ كل موَمن يوحى إليه، وزعموا أنّ منهم من هو خير من جبرئيل وميكائيل وأن أحدهم إذا بلغت عبادته، رفع إلى الملكوت (2) .
التاسعة: الخطابية العميرية:
أصحاب عمير بن بيان العجلي، وهذه الفرقة تكذب من قال منهم: إنّهم لا يموتون ويزعمون أنّهم يموتون ولا يزال خَلَفٌ منهم في الاَرض أئمة أنبياء وعبدوا جعفراً كما عبده اليعمريون وزعموا أنّه ربّهم وقد كانوا ضربوا خيمة في كناسة الكوفة ثم اجتمعوا إلى عبادة جعفر فأخذ يزيد بن عمر بن هبيرة« عمير بن البيان» فقتله في الكناسة وحبس بعضهم (3).
العاشرة: الخطابية المفضلية:
لاَنّ رئيسهم كان صيرفياً يقال له المفضل يقولون بربوبية جعفر كما قال
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 11، الرازي: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: 87، البغدادي: الفرق بين الفرق: 248.
(2) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 12، النوبختي: فرق الشيعة: 43.
(3) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 12، النوبختي: فرق الشيعة: 44.

________________________________________
(18)
غيرهم من أصناف الخطابية وانتحلوا النبوة والرسالة وإنّما خالفوا في البراءة من أبي الخطاب لاَنّ جعفراً أظهر البراءة منه(1).
الحادية عشرة:
من أصناف الغالية يزعمون أنّ روح القدس هو اللّه عزّ وجلّ وكانت في النبي ثم في علي ثم في باقي الاَئمة الاثني عشر، ولم يذكر الاِمام الاَشعري اسم موَسس الفرقة كالفرقة التالية (2).
الثانية عشرة:
يزعمون علياً هو اللّه، ويكذبون النبي ويشتمونه ويقولون: إنّ علياً وجَّه بهِ ليبين أمره فادّعى الاَمر لنفسه (3) .
الثالثة عشرة:
هم أصحاب «الشريعي» يزعمون أنّ اللّه حلَّ في خمسة أشخاص في النبي وفي علي والحسن وفي الحسين وفي فاطمة فهوَلاء آلهة عندهم وليس يطعن أصحاب الشريعي على النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ... (4) .
الرابعة عشرة: السبائية:
أصحاب عبد اللّه بن سبأ، يزعمون أنّ علياً لم يمت وأنّه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملاَ الاَرض عدلاً كما ملئت جورا(5) .
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 13، البغدادي: الفرق بين الفرق: 250.
(2)3ـ4ـ5ـ الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 14، 15، 16، ولاحظ في الوقوف على عقائد هذه الفرق كتب أصحاب المقالات والملل والنحل، وكأنّ المتأخرين عن الاَشعري عمدوا إلى تحرير ما ذكره، ولانطيل المقام بذكر المصادر.

________________________________________
(19)
وقد تعرفت في الجزء السادس على أنّ عبد اللّه بن سبأ على النحو الذي يذكره أصحاب التواريخ والمقالات أُسطورة تاريخية.
الخامسة عشرة: المفوضة:
يزعمون أنّ اللّه عزّ وجلّ وكّل الاَُمور وفوّضها إلى محمّد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأنّه أقدره على خلق الدنيا فخلقها ودبرها وأنّ اللّه لم يخلق من ذلك شيئاً، ويزعمون أنّ الاَئمة ينسخون الشرائع ويهبط عليهم الملائكة... (1).
ونحن بدورنا نعلّق على هذه الفرق التي ذكروها فرقاً للشيعة وبالتالي فرقاً للاِسلام بأمرين:
الاَوّل: من المظنون جداً ـ أنّ هذه الفرق على فرض التأكد من وجودها في عصورها ممّا صنعتها يد السياسة الاَثيمة لتشويش سمعة الاَئمة الطاهرين ـ عليهم السلام ـ بين المسلمين ومحق روعتهم، وقد استعانت في ذلك، برجال كانوا غامرين في حبّ التصدر والفخفخة، وجنون العظمة، ولما كانت دعوتهم على خلاف العقل والنقل، والفطرة الاِنسانية، لم يُقم المجتمع الاِسلامي لهم وزناً ولم يعيشوا إلاّ أيّاماً قلائل وقد قامت أئمة أهل البيت بدورهم على إيقاظ الاَُمّة عند استفحال الفساد وتبرّأوا من أصحاب هذه المقالات وعقائدهم. وسيوافيك كلامهم في حقّ هوَلاء الغلاة فانتظر.
الثاني: نحن نعاتب المشايخ: النوبختي والاَشعري والبغدادي والاِسفرائيني، والشهرستاني والرازي وغيرهم من كتّاب تاريخ العقائد، وأصحاب المقالات، حيث نسبوا هوَلاء إلى الشيعة مع تصريحهم بأنّهم غلاة كفار، لايمتّون إلى الاِسلام والمسلمين بصلة، وأقلُّ، كلمة يمكن أن يقال في حقهم إنّ الجنون
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين:16.
________________________________________
(20)
والمجون، وحب الجاه والمقام أسفت بهوَلاء إلى هوة المذلة واللعنة ثم الفناء المطلق فليس لاَحد أن يطعن الشيعة بانتماء هوَلاء إليهم، فما أحسن قول القائل:
غيري جنى وأنّا المعاقب فيكم * فكأنّني سبابة المتندِّم
"قُلْ هذِهِ سَبِيلي أدعُوا إلى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أنا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبحانَ اللّهِ وَما أنا مِنَ المُشرِكِين") (يوسف ـ 108) .
وليس انتماوَهم إلى الشيعة إلاّ كانتماء النصارى القائلين بالتثليث إلى المسيح _ عليه السلام _ وهل يوَخذ البريء بجرم المعتدي؟!. لا واللّه.
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية