في البرزخ وحيوة الروح بعد الموت

البريد الإلكتروني طباعة

في البرزخ وحيوة الروح بعد الموت

في تفسير القمي عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا ، وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله فيقول : والله إني كنت عليك لحريصاً شحيحاً ، فما لي عندك ؟ فيقول : خذ مني كفنك ، ثم يلتفت إلى ولده فيقول : والله إني كنت لكم لمحباً ، وإني كنت عليكم لحامياً ، فماذا لي عندكم ؟ فيقولون : نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها ، ثم يلتفت إلى عمله فيقول : والله إني كنت فيك لزاهداً ، وإنك كنت عليّ لثقيلا ، فماذا عندك ؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ، ويوم حشرك ، حتى أعرض أنا وأنت على ربك ، فإن كان لله ولياً أتاه أطيب الناس ريحاً وأحسنهم منظراً ، وأزينهم رياشاً ، فيقول : بشر بروح من الله وريحان وجنة نعيم ، قد قدمت خير مقدم ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنة ، وإنه ليعرف غاسله ، ويناشد حامله أن يعجله. فإذا دخل قبره أتاه ملكان ، وهما فتّانا القبر ، يحبران أشعارهما ، ويحبران الأرض بأنيابهما ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، فيقولان له : من ربك ، ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ فيقول : الله ربي ، ومحمد نبيي ، والإسلام ديني ، فيقولان : ثبتك الله فيما تحب وترضى ، وهو قول الله : يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا الآية ، فيفسحان له في قبره مد بصره ، ويفتحان له باباً إلى الجنة ، ويقولان : نم قرير العين نوم الشاب الناعم ، وهو قوله : أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقراً وأحسن مقيلا.

وإذا كان لربه عدواً فإنه يأتيه أقبح خلق الله رياشاً ، وأنتنه ريحاً ، فيقول له أبشر بنزل من حميم ، وتصلية جحيم ، وإنه ليعرف غاسله ، ويناشد حامله أن يحبسه ، فإذا أدخل قبره أتيا ممتحناً القبر ، فألفيا عنه أكفانه ثم قالا له ، من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ فيقول : لا أدري فيقولان له : ما دريت ولاهديت ، فيضربانه بمرزبة ، ضربة ما خلق الله دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلان ، ثم يفتحان له باباً إلى النار ، ثم يقولان له : نم بشر حال ، فيبوء من الضيق مثل ما فيه القنا من الزّج ، حتى أن دماغه يخرج من بين ظفره ولحمه ، ويسلط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهوامّها تنهشه حتى يبعثه الله من قبره ، وأنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر.

وفي منتخب البصائر عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا يسئل في القبر إلا من محض الإيمان محضاً ، أو محض الكفر محضاً فقلت له : فسائر الناس ؟ فقال : يلهى عنهم.

وفي أمالي الشيخ عن ابن ظبيان قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال : ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم ؟ قلت : يقولون في حواصل طيور خضر فقال : سبحان الله ، المؤمن أكرم على الله من ذلك ! إذا كان ذلك أتاه رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، ومعهم ملائكة الله عز وجل المقربون ، فان أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد ، وللنبي بالنبوة ، والولاية لأهل البيت ، شهد على ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والملائكة المقربون معهم وإن اعتقل لسانه خص الله نبيِّه بعلم ما في قلبه من ذلك ، فشهد به ، وشهد على شهادة النبي : علي وفاطمة والحسن والحسين ـ على جماعتهم من الله أفضل السلام ـ ومن حضر معهم من الملائكة فإذا قبضه الله إليه صير تلك الروح إلى الجنة ، في صورة كصورته ، فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.

وفي المحاسن عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ذكر الأرواح ، أرواح المؤمنين فقال : يلتقون ، قلت : يلتقون ؟ قال : نعم يتسائلون ويتعارفون حتى إذا رأيته قلت : فلان.

وفي الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب ، ويستر عنه ما يكره ، وإن الكافر ليزور أهله ، فيرى ما يكره ، ويستر عنه ما يحب ، قال : منهم من يزور كل جمعة ، ومنهم من يزور على قدر عمله.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : أن الأرواح في صفة الأجساد في شجر من الجنة ، تعارف وتسائل ، فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول : دعوها ، فإنها قد أقبلت من هول عظيم ثم يسئلونها ما فعل فلان ، وما فعل فلان ، فإن قالت لهم : تركته حياً ارتجوه ، وإن قالت لهم : قد هلك ، قالوا : قد هوى هوى.

اقول : والروايات في باب البرزخ كثيرةٌ ، وإنما نقلنا ما فيه جوامع معنى البرزخ ، وفي المعاني المنقولة روايات مستفيضة كثيرة ، وفيها دلالة على نشأة مجردة عن المادة.

مقتبس من كتاب : الميزان في تفسير القرآن / الجزء : 1 / الصفحة : 362 ـ 364

 

أضف تعليق

البرزخ

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية

تسعة + سبعة =