الغدير والزمن
إلى أين تبحر هذي النفوس |
ويرحل هذا السحاب الندي |
|
تنقّل عبر رفيف الظنون |
وأومأ كفّيه للموعد |
|
تنقّل عبر صحارى الضياع |
تلوح علی دربه الأسود |
|
وشقّ المتاهة عبر الحياة |
يلملم ظلّ المنى الشرد |
|
وأحلامه خلف كون الضباب |
تطِلّ كإشراقة الفرقد |
|
وجنّ المدى برياح العذاب |
تسرّب في وحشة المشهد |
|
هنا التَهَم الركب ليل الشقاء |
وأمحل فيه ظلام الغد |
|
ولمّا تثاءب جمر الجنون |
وماتت بقاياه في الموقد |
|
هنا .. وقف الركب بعد الصراع |
وأومأ كفّيه للموعد |
|
وخطّ على شرفات الزمان |
حروفا يقيم بها المهتدي |
* * *
أتسأل عن ذكريات الرسول |
وكيف تحدّى جبال المحال |
|
وثورته في لهيب المخاض |
تعال لنحيى بتلك الليال |
|
هنالك من هبّ رغم التساؤل |
ينداح في نظرات الرجال |
|
هنالك من هبّ في وعيه |
يخوض الرياح ويطوي الجبال |
|
ليمتدّ ظلّ شعاع الهدى |
ويفرش بالعطر تلك الرمال |
|
وعند ارتعاشة ليل السكون |
يقوم على همسات الخيال |
|
يُحدّق في قسمات السماء |
ويمتدّ من راحتيه ابتهال |
|
وجود يذوب بدفء الهدى |
وقلب يهيم بتلك الظلال |
|
تعال لنسأل عنه الفتوح |
تحدّى سيوف العدى والنبال |
|
يدور مع الحقّ أنّی يدور |
« علي » وللحقّ أغلى منال |
* * *
ولكنّ خلف قلوب الرجال |
تعيش بقايا عصور الشقاء |
|
فهبت لتوقظ فيها الجذور |
وتمتصَّ لعنتها ما تشاء |
|
وللشرّ ألف جحيم يشبّ |
إذا جبنت في العروق الدماء |
|
إذا الوعي تصمت أنفاسه |
إذا الاُفق يغلق عنه الضياء |
|
بني الدين ، فالجيل في غفوةٍ |
تُخدّره زعقات الغباء |
|
وقد آن للجيل أن يستفيق |
ويصرخ في الكون إنّا ظماء |
|
فملؤ الحياة ضبابٌ ثقيلٌ |
ويبحث بين الضباب الشفاء |
|
وفي كل أرضٍ تشب الشرور |
لتقذف أجيالها للفناء |
|
بني الدين .. لا الحلم عبر الشعور |
ولا الحرف يحمل صوت الرجاء |
|
لنعمل .. كفّ تبيد الشرور |
وكفّ تعبّد درب السماء |
* ألقيت في ندوة الأدب الرسالي في عيد الغدير في مسجد الهندي ذي الحجة 1387
مقتبس من كتاب : أنوار الولاء / الصفحة : 35 ـ 37