عيد الغدير
غديركَ لا صوبُ الغمام ولا البحرُ |
ونهجك لا زيدٌ هناك ولا عمرو |
|
ولائي لكم زادي إذا صفرتْ يدي |
كفاني به فخراً فما بعده فخرُ |
|
يقولون لي غاليتَ في الحبّ فاتّئدْ |
فربّ هوىً غالى بإظهاره الشعر |
|
عذولي مهلاً أنّ في القلبِ جذوةً |
تزيد ضراماً كلما كبر العمر |
|
رضعتُ الهوى في المهد بل إنّ فطرتي |
تلقّتْ عهود الحبّ مذ وُجــد « الذرّ » |
|
مقيم بروحي ضاربٌ متجذّرٌ |
وهيهات ، لا يخبو وإن ضمّني القبر |
|
شفيعي في يوم الجزاء وأنّه |
صحيفة أعمالي سيشهدُها الحشر |
|
كتبتُ بها سطرين ، سطراً لحبّهم |
وتبرئتي من مبغضيهم لها سطر |
|
هما كلُّ زادي في المعاد ومُنيتي |
فإنّ يدي من كلّ مكرمة صفر< |
* * *
ذكرتكَ سيفاً ما استكان لغمده |
إلى أن قضى الإيمان أن يُشهر الصبر |
|
تحدّى جنون الجاهلية هادماً |
كياناً بناه الجهل والبغيُ والنكر |
|
فاشعل حقد الجاهليين سيفُه |
ففي كلّ قلبٍ من لظى حقده جمر |
|
نفوسٌ أبت أن تُبصر النور فانبرت |
تحاربه ، حتى يدوم لها عمر |
|
فنازلها بالحرف والسيف « حيدرٌ » |
هصورٌ على وقع الأسنّة يفترُّ |
|
وما قام دين الله إلا بسيفه |
كما شهدت في فضل عزمته « بدر » |
|
فسل صحف التاريخ من قدَّ « مرحباً » |
ومن قد هوى من وقع صارمه « عمرو » |
|
ولمّا مضى عهد الرسول تحرّكت |
نفوسٌ تلظّى في ضغائنها الثأر |
|
ولمّا تعالتْ بالجهاد وبالدما |
صروح الهدى وانهار من عرشه الكفر |
|
أتت عصبةٌ لم تعرف الحقّ إنّما |
لإبليس في توجيهها النهي والأمر |
|
رأت أمةً لا زال في المهد وعيها |
وحكماً بناه السيف والدم والذكر |
|
أتت بقناع الدين تسرقُ مجده |
وفي عمقها الأحقادُ والبغي يجترُّ |
|
وكان لها تحت « السقيفة » غدرةٌ |
ستبقى تثير الشرّ ما بقي الدهر |
|
تناست بها عهد « الغدير » وكم لها |
عهودُ ولاءٍ كان دافعها المكر |
|
ومنذ قديم وهي تُحكم خِطّةٌ |
فقد آمنت لفظاً ولم يؤمن السرُّ |
|
وأصلُ ضلالِ الناس للحشر قولةٌ |
« بأنّ رسول الله أدركه الهجر » |
|
وشادت ببطش السيف والمكر عرشها |
ليُسكتَ صوتَ الحقّ في مهده الغدر |
|
وكانت طواغيتُ الخلافات بعدها |
وراثةَ عرشٍ شادَه المكر والقهر |
|
ولو عملوا « بالنصّ » حقّاً ، وآمنوا |
بعهد رسول الله ما نجم الشر |
|
ولو سلّموا حكم الهدى « لوصيّه » |
لكانت عصورٌ ملؤها النورُ والطهر |
* * *
يريدون إطفاء الولاء ببغيهم |
ولكن سيبقى في المدى نوره الثرُّ |
|
خلاص الورى دنيا واُخرى بظلّه |
وعقبى سواه العار والنار والخسر |
|
حملتُ لكم قلبي دليلاً فإنّه |
وحبّكم لا لن يحوّله هجر |
|
طرقتُ بكفِّ الشوق أبواب عطفكم |
طويلاً فلم يُكشف لعاشقكم ضرُّ |
|
تحمّلتُ ما تعيا الجبال بحمله |
نوائب تغتال الفؤاد وتجترّ |
|
ففي كل شبر للشقاء جهنّمٌ |
ومن ألمي في كل ثانية دهر |
|
وكيف يخوض التيه خطوٌ ممزّقٌ |
ومن يتمنّى قربكم دربه وعر |
|
اُحاول أن أنسى فاهرب فترة |
عن الوعي لكن لن يغيب لكم ذكر |
|
فبيني وبين الوجد سرٌّ معذّبٌ |
ومهما قسى دهري فلن يكشف السر |
|
لقد آمنت نفسي بأنّ ولاءكم |
طريق الهدى حقاً وبغضكم كفر |
* ذي الحجة 1403
مقتبس من كتاب : [ أنوار الولاء ] / الصفحة : 38 ـ 40