مناقب الزهراء عليها السلام وخصائصها
1 ـ عصمتها من الأرجاس :
أخرج مسلم في الصحيح عن عائشة ، قالت : خرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم غداةً وعليه مرط مرحّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء عليّ فأدخله ، ثم قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (1). وأخرج الترمذي وغيره عن أُم سلمة : أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جلّل علىٰ الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ، وقال : « اللهمّ أهل بيتي وحامتي اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ». قالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا رسول الله ؟ فقال : « إنّكِ علىٰ خير » (2). ولا ريب أن إذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم.
2 ـ فرض مودّتها :
روي أنه لمّا نزل قوله تعالىٰ : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (3).
قيل : يا رسول الله ، من هم قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم ؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « عليّ وفاطمة وابناهما » (1).
3 ـ المباهلة بها :
أجمع المفسرون والمحدّثون وكتّاب السيرة أنّ فاطمة وبعلها وبنيها عليهم السلام كانوا المعنيين في قوله تعالىٰ : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) (5) الذي نزل علىٰ أثر مناظرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لوفد نصارىٰ نجران ؛ إذ دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام للمباهلة بهم ، وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » (6) فـ ( أبناءنا ) الحسن والحسين و ( نساءنا ) فاطمة و ( أنفسنا ) رسول الله وعلي عليهم السلام ، فكانت بضعة الرسول هي التي تفرّدت من بين نساء الاُمّة بشرف الاصطفاء الإلهي لهذه المنزلة العظيمة.
4 ـ إنّها مع الحقّ أبداً :
عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لفاطمة : إنّ الله يغضب لغضبك ويرضىٰ لرضاك » (7). فإذا كان غضبها موافقاً لغضب الله في جميع الأحوال وكذلك رضاها ، فهذا يعني أن رضاها وغضبها يوافق الموازين الشرعية في جميع الأحوال ، وأنها لا تعدو الحق في حالتي الغضب والرضا ، وفي ذلك دليل ساطع علىٰ عصمتها عليها السلام يضاف لما تقدّم في آية التطهير.
5 ـ بضعة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وشجنة منه :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّما ابنتي فاطمة بضعة مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها » (8).
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني » (9).
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّما فاطمة شجنة مني ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها » (10).
هذه الأحاديث وغيرها التي وردت بألفاظ مختلفة ومعانٍ متقاربة ، فيها دليل آخر علىٰ عصمة فاطمة عليها السلام ، ذلك لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم معصوم عن الذنب والخطأ والهوىٰ ، ولا يرضىٰ أو يغضب إلّا لرضا الله سبحانه وغضبه ، وعليه فلا يمكن القول بأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم يغضب لغضب بضعته ، إلّا إذا قلنا بعصمتها عن الذنب والخطأ.
وقد استدلّ أعلام الإمامية بهذا الحديث علىٰ عصمة فاطمة عليها السلام ، قال الشيخ المفيد رحمه الله : ( فلولا أنّ فاطمة عليها السلام كانت معصومة من الخطأ ، مبرّأة من الزلل ، لجاز منها وقوع مايجب أذاها به بالأدب والعقوبة ، ولو وجب ذلك لوجب أذاها ، ولو جاز وجوب أذاها ، لجاز أذىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والأذىٰ لله عزّ وجل ، فلمّا بطل ذلك ، دلّ علىٰ أنّها كانت معصومة ) (11).
وقال السيد المرتضىٰ رحمه الله : ( هذا يدلّ علىٰ عصمتها ؛ لأنّها لو كانت ممن يقارف الذنوب ، لم يكن من يؤذيها مؤذياً له صلّى الله عليه وآله وسلّم علىٰ كلّ حال ، بل كان متىٰ فعل المستحقّ من ذمّها وإقامة الحدّ عليها ـ إن كان الفعل يقتضيه ـ ساراً له صلّى الله عليه وآله وسلّم ومطيعاً ) (12).
حكاية موضوعة :
لقد اقترن حديث البضعة المتقدم بحكاية موضوعة لا تتناسب مع جلالة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقدسية أهل بيته عليهم السلام ، افتعلها أعداؤهم للنيل منهم والحطّ من منزلتهم العظيمة في نفوس المسلمين بغضاً وحسداً لما آتاهم الله تعالىٰ من فضله الكريم ، وفيما يلي نورد بعض ألفاظ تلك الحكاية الموضوعة والمتناقضة.
روىٰ البخاري ومسلم باسنادهما عن المسور بن مخرمة ، قال : إنّ علياً عليه السلام خطب بنت أبي جهل ، فسمعت بذلك فاطمة ، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالت : « يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل ». فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسمعته حيث تشهّد يقول : « أما بعد ، أنكحت أبا العاص بن الربيع ، فحدثني وصدقني ، وأنّ فاطمة بضعة مني ، وإنّي أكره أن يسوءها (13) ، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجلٍ واحد » فترك عليّ الخطبة (14).
وفي حديث آخر عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ فاطمة منيّ ، وإنّي أتخوف أن تفتن في دينها » ، قال : ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس ـ يعني أبا العاص ـ فأثنىٰ عليه في مصاهرته إياه فأحسن ، قال : « حدثني فصدقني ، ووعدني فأوفىٰ لي ، وإنّي لست أُحرم حلالاً ولا أُحلّ حراماً ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبداً » (15).
رأي أهل البيت عليهم السلام :
وقد أنكر أهل البيت عليهم السلام أصل هذه الحكاية ، ونسبوها إلىٰ وضع أعدائهم ، ومن ذلك ما رواه الشيخ الصدوق رحمه الله بالاسناد عن علقمة ، عن الصادق عليه السلام ـ في حديث ـ قال علقمة : يا بن رسول الله ، إنّ الناس ينسبوننا إلىٰ عظائم الاُمور ، وقد ضاقت صدورنا.
فقال عليه السلام : « يا علقمة ، إنّ رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، فكيف تسلمون ممّا لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه عليهمالسلام ... وما قالوا في الأوصياء أكثر من ذلك ... ألم ينسبوا سيد الأوصياء عليه السلام إلىٰ أنّه أراد أن يتزوّج ابنة أبي جهل علىٰ فاطمة عليها السلام ، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شكاه علىٰ المنبر إلىٰ المسلمين ، فقال : إنّ عليّاً يريد أن يتزوج ابنة عدوّ الله علىٰ ابنة نبي الله ، ألا إنّ فاطمة بضعة منّي ، فمن أذاها فقد آذاني ، ومن سرّها فقد سرّني ، ومن غاظها فقد غاظني » (16).
وذكر الإمام الصادق عليه السلام في حديث آخر قصة هذا الحديث ، مبيّناً كيفية وضعه واختلاقه ، كونه سعاية من أحد الأشقياء المبغضين لأهل البيت عليهم السلام ليؤذي فاطمة عليها السلام ويوقع بزعمه بين الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلي عليه السلام ، وقد رواه الشيخ الصدوق مسنداً في ( العلل ) (17).
آراء أعلام الطائفة وغيرهم :
وأثبت كثير من أعلام الطائفة وغيرهم بطلان هذه الحكاية من وجوه عديدة ، ومخالفتها لصحيح النقل وقطعي السُنّة وحكم العقل وثوابت العلاقة الالهية بين النبي ووصيه وبضعته الزهراء ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، وفيما يلي نذكر بعض ما جاء عنهم :
أولاً : قال السيد المرتضىٰ رحمهالله : هذا خبر باطل موضوع .. ذكره الكرابيسي (18) طاعناً به علىٰ أمير المؤمنين « صلوات الله عليه » ، ومعارضاً بذكره لبعض ما يذكره شيعته من الأخبار في أعدائه ، وهيهات أن يشتبه الحق بالباطل ، ولو لم يكن في ضعفه إلّا رواية الكرابيسي له واعتماده عليه ، وهو من العداوة لأهل البيت عليهم السلام والمناصبة لهم والازراء علىٰ فضائلهم ومآثرهم علىٰ ما هو مشهور ، لكفىٰ.
على أنّ هذا الخبر قد تضمّن ما يشهد ببطلانه ويقضي بكذبه ، من حيث ادعي فيه أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذمّ هذا الفعل وخطب بانكاره علىٰ المنابر ، ومعلوم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لو كان فعل ذلك علىٰ ما حكي ، لما كان فاعلاً لمحظور في الشريعة ؛ لأنّ نكاح الأربع علىٰ لسان نبينا محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم مباح ، والمباح لا ينكره الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ويصرّح بذمّه ، وبأنّه متأذٍ به ، وقد رفعه الله عن هذه المنزلة ، وأعلاه عن كل منقصة ومذمّة ، ولو كان صلّى الله عليه وآله وسلّم نافراً من الجمع بين بنته وبين غيرها بالطباع التي تنفر من الحسن والقبيح ، لما جاز أن ينكره بلسانه ، ثمّ ما جاز أن يبالغ في الانكار ، ويعلن به علىٰ المنابر وفوق رؤوس الأشهاد ، ولو بلغ من إيلامه لقلبه كل مبلغ ، فما اختص به من الحلم والكظم ، ووصفه الله به من جميل الأخلاق وكريم الآداب ، ينافي ذلك ويحيله ويمنع من إضافته إليه وتصديقه عليه ، وأكثر ما يفعله مثله صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا الأمر ، إذا ثقل عليه ، أن يعاتب سرّاً ، ويتكلم في العدول عنه خفياً ، علىٰ وجه جميل ، وبقول لطيف ...
فوالله إنّ الطعن علىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بما تضمّنه هذا الخبر الخبيث أعظم من الطعن علىٰ أمير المؤمنين عليه السلام ، وما صنع هذا الخبر إلّا ملحد قاصد للطعن عليهما ، أو ناصب معاند لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع علىٰ أصوله بالقدح والهدم.
علىٰ أنّ لا خلاف بين أهل النقل أنّ الله تعالىٰ هو الذي اختار أمير المؤمنين عليه السلام لنكاح سيدة النساء ( صلوات الله وسلامه عليها ) وأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ردّ منها جلّة أصحابه وقد خطبوها ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّي لم أزوّج فاطمة علياً حتىٰ زوجها الله إياه في سمائه » ونحن نعلم أنّ الله سبحانه لا يختار لها من بين الخلائق من يغيرها ويؤذيها ويغمّها ، فإنّ ذلك من أدلّ دليل علىٰ كذب الراوي لهذا الخبر.
وبعد فإنّ الشيء إنما يحمل علىٰ نضائره ، ويلحق بأمثاله ، وقد علم كلّ من سمع الأخبار أنّه لم يعهد من أمير المؤمنين عليه السلام خلاف علىٰ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا كان قطّ بحيث يكره ، علىٰ اختلاف الأحوال وتقلّب الأزمان وطول الصحبة ، ولا عاتبه صلّى الله عليه وآله وسلّم علىٰ شيءٍ من أفعاله ، مع أنّ أحداً من أصحابه لم يخل من عتاب علىٰ هفوة ونكير ، لأجل زلّة ، فكيف خرق بهذا الفعل عادته ، وفارق سجيّته وسنته ، لولا تخرّص الأعداء وتعدّيهم (19).
ثانياً : ذكر ابن أبي الحديد هذا الخبر ضمن الأحاديث الموضوعة في ذمّ علي أمير المؤمنين عليه السلام من قبل المنحرفين عنه ، حيث نقل عن شيخه أبي جعفر الأسكافي أنه قال : إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين علىٰ رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم علىٰ ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم : أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة ابن الزبير ، وأما أبو هريرة فروىٰ الحديث الذي معناه أنّ علياً عليه السلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله ... والحديث مشهور في رواية الكرابيسي.
قال ابن أبي الحديد : وعندي أنّ هذا الخبر ـ لو صحّ ـ لم يكن علىٰ أمير المؤمنين عليه السلام فيه غضاضة ولا قدح ؛ لأنّ الاُمّة مجمعة علىٰ أنه لو نكح ابنة أبي جهل مضافاً إلىٰ نكاح فاطمة عليها السلام لجاز ؛ لاَنّه داخل تحت عموم الآية المبيحة للنساء الأربع ، فابنة أبي جهل المشار إليها كانت مسلمة ؛ لأنّ هذه القصة كانت بعد فتح مكة وإسلام أهلها طوعاً وكرهاً ، ورواة الخبر موافقون علىٰ ذلك (20).
ثالثاً : وأتمّ ما جاء في ردّ هذا الخبر الباطل بالأدلة القطعية ، هو ما حققه السيد علي الميلاني في دراسته الخاصة بخطبة علي عليه السلام لابنة أبي جهل ، حيث ذكر أولاً أغلب مظانّ الخبر ومتونه ، وناقش في طرقه وأسانيده وأحوال رواته علىٰ ضوء كلمات أعلام الجرح والتعديل ، فأسقط طرقه المرسلة ، ففي رواته من لم يلق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يدركه ، كسويد بن غفلة وعروة بن الزبير وعامر الشعبي ، كما أسقط طرقه الضعيفة بالمدلسين والوضاعين والضعفاء كعبيد الله بن تمام ، وزكريا بن أبي زائدة ، ويزيد بن هارون وغيرهم.
ثم بين أنّ سنده المتصل والمعتمد في كتب الصحاح ، هو خبر المسور ابن مخرمة ، قد وقع فيه المعاندون لأهل البيت عليهم السلام ممن كانوا يناصبونهم العداء ، أمثال الزهري الذي يعدّ من أشهر المنحرفين عن علي وأهل بيته عليهمالسلام ، فقد كان يجالس عروة بن الزبير وينالان من أمير المؤمنين عليه السلام (21) فضلاً عن أنّه من عمال بني أُمية ومشيّدي سلطانهم ، وفيه أيضاً ابن أبي مليكة ، وهو قاضي عبد الله بن الزبير ومؤذّنه.
أما راوي الخبر وهو المسور بن مخرمة ، فكان أيضاً من مبغضي أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو من أعوان عبد الله بن الزبير ، وكان الأخير لا يقطع دونه أمراً ، وقُتِل المسور معه في رمي الكعبة بالمنجنيق ، وتولّىٰ ابن الزبير غسله ، فضلاً عن أنه كان إذا ذكر معاوية صلّىٰ عليه ، وكانت الخوارج تغشاه وتعظّمه ، وأمثال هؤلاء لا تقبل روايتهم مطلقاً ولا كرامة ، فكيف لو كانت في القدح بأمير المؤمنين عليه السلام.
ومن جانب آخر أنّ المسور بن مخرمة قد ولد بعد الهجرة بسنتين ، وتوفّي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعمره ثمان سنين ، فإن كان سمعه بعد الفتح ، فان عمره عند الحادثة ست أو سبع سنين ، مما يزيد الأمر وضوحاً في اختلاق الخبر.
أمّا من حيث متن الخبر وألفاظه ودلالاته ، فقد ناقشها علىٰ ضوء القواعد المقررة في علم الحديث ، وما ذكره المحققون من شرّاح الأخبار ، فكشف عن تناقض ألفاظه بشكل يتعذّر معه الجمع بينها (22) ، كما بيّن الاختلاف في معاني تلك الألفاظ وتحيّر شُرّاح الخبر واضطراب كلماتهم في بيانها ، وعدم توفقهم إلىٰ تقديم وجه معقول للجمع بين دلالاتها المختلفة مع شدة حرصهم وتمحّلهم في ذلك ، وعليه لمّا كانت الحال هذه والقضية واحدة دلّ هذا علىٰ تهافت الخبر وتناقضه ، وحمق واضعه وسخف المروجين له وانحرافهم.
ثمّ خرج أخيراً بعدة نتائج علىٰ صعيد استقراء سند الحديث ودلالته ، منها تناقض مدلول الخبر مع قطعي السُنّة وواقع الحال ، وعدم تناسبه وشأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته ( صلوات الله عليهم ) من عدّة وجوه ، ومنها أن الخبر موضوع من قبل آل الزبير المعروفين بعدائهم السافر لأهل البيت عليهم السلام ، فقد كان من رواته عبد الله بن الزبير ، وهو الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام : « ما زال الزبير رجلاً منّا أهل البيت حتىٰ نشأ ابنه المشؤوم عبد الله » (23).
قال ابن أبي الحديد : كان عبد الله بن الزبير يبغض عليّاً وينتقصه ، وينال من عرضه (24). وقال أيضاً : كان عبد الله بن الزبير من المنحرفين عن علي المبغضين له ... وكان سبّاباً فاحشاً ، يبغض بني هاشم ، ويلعن ويسبّ علي ابن أبي طالب (25).
ومنهم أخوه عروة بن الزبير وجماعة من المحيطين بآل الزبير من أعوانهم وأنصارهم ممن قدّمنا ذكرهم آنفاً (26).
ثم إنّه لا بدّ من الاشارة إلىٰ أنّ حديث البضعة مخرّج من طرق صحيحة دون ذكر لهذه الحكاية المختلقة ، كما قدّمناه أولاً ، ممّا يدلّ علىٰ أن لواضعي هذا الخبر الزائف مقترناً بحديث البضعة المتّفق عليه ، أغراضاً خبيثة وباطلة ، تستهدف الطعن في النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام ، وصرف الانظار عن اُولئك الذين أغضبوا فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم وظلموها حقّها واغتصبوا نحلتها ، وهجموا علىٰ دارها واسقطوا محسنها ، فآذوا بذلك قلب المصطفىٰ صلى الله عليه وآله وسلّم ولم يحفظوه في ذريته ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (27) فودّعت فاطمة عليها السلام الحياة وهي غضبىٰ عليهم ، فباءوا بغضب من الله تعالىٰ ورسوله ، واستحقوا شديد العقاب.
ولقد صفّق أعداء أهل البيت عليهم السلام لهذا الخبر الباطل ، وأبانوا عن أغراضهم المريضة التي لا تنطلي علىٰ ذي حجىٰ ، منذ عهد شاعر البلاط العباسي ابن أبي حفصة وحتىٰ شرّاح الحديث المتأخرين مروراً بابن تيمية (28) مجدّد مذاهب النصب والعداء لآل المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فهذا ابن أبي حفصة يقول في قصيدته التي يمدح بها الرشيد ويبالغ في ذمّ أمير المؤمنين عليه السلام والنيل من ولد فاطمة عليها السلام :
علي أبوكم كان أفضل منكم |
أباهُ ذوو الشورىٰ وكانوا ذوي الفضلِ |
|
وساء رسول الله إذ ساء بنته |
بخطبته بنت اللعين أبي جهلِ (29) |
فردّ عليه كثير من أعلام الشعراء ، منهم السيد مهدي بحر العلوم رحمهالله في قصيدة طويلة منها :
وقد جاء تحريم النكاح لحيدرٍ |
على فاطم فذا الرواة له تملي |
|
فإن كان حقّاً فالوصيّ أحقّ من |
تجنّب محظوراً من القول والفعل |
|
وإن لم يكن حقاً وكان محلّلاً |
له كلّ ما قد حلّ من ذاك للكل |
|
فما كانت الزهراء ليسخطها الذي |
به الله راضٍ حاكم فيه بالعدل |
|
ولا كان خير الخلق من لا يهيجه |
سوىٰ غضب لله يغضب من جهلِ (30) |
وقال بعض شرّاح الحديث : أصحّ ما تحمل عليه هذه القصة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حرّم علىٰ علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل ؛ لأنّه علّل بأن ذلك يؤذيه ، وأذيته حرام بالاتفاق (31).
وليت شعري هل إنّ عليّاً عليه السلام ما كان يعلم بتلك الحرمة وهو باب مدينة العلم ؟ ! أو إنّه يعلم بها فارتكب محرماً ؟ ! وقد أبىٰ الله تعالىٰ إلّا أن يطهّر أهل هذا البيت ويعصمهم من كلِّ رجس وذنب.
صورة أُخرىٰ للخبر :
وروي هذا الخبر بصورة اُخرىٰ في مصادر العامة ، قال السيوطي : أخرج الشيخان عن المسور بن مخرمة ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول وهو علىٰ المنبر : « إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن ، ثم لا آذن ، إلّا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم ، وإنّي لست أحرّم حلالاً ، ولا أُحلّل حراماً ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبنت عدو الله أبداً ».
وفي رواية : « فإنّما فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها ، وأنا أتخوف أن تُفتَن في دينها » (32).
وعلىٰ تقدير صحة هذا الخبر ، فليس فيه أدنىٰ قدح في أمير المؤمنين عليه السلام ، ولو تأذّت الزهراء عليها السلام فإنّما كان ذلك بسبب بني هشام بن المغيرة الذين استأذنوا في نكاح ابنتهم لأغراض في أنفسهم ؛ لأنّهم كانوا أشدّ الناس عداوةً لأهل البيت عليهم السلام ، فقد روي عن أبي سعيد : أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو أُميّة ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم » (33).
ولعلّ المسألة لا تعدو كونها استئذان بني هشام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا الأمر ، فأسخطه ذلك ولم يأذن لهم ، فتوهّم البعض أنه كان ذلك الاستئذان بسبب الخطبة لها من علي عليه السلام ، ثم أضاف إليه بعض المغرضين والمبغضين أشياء اُخرى ، ويؤيد ذلك حديث الإمام الصادق عليه السلام الذي أشرنا إليه بعد ذكر الصورة الاُولىٰ من الخبر (34).
وأخيراً نُذكّر بما مرّ من أقوال أمير المؤمنين عليه السلام ، وهي القول الفصل في ذلك ، كقوله عليه السلام : « والله ما أغضبتها ولا أكرهتها علىٰ أمرٍ حتىٰ قبضها الله عزَّ وجلّ » (35).
6 ـ سيدة نساء العالمين :
عن عائشة قالت ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « يا فاطمة ، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الاُمّة ، وسيدة نساء المؤمنين » (36).
وعن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « حسبك من النساء أربع سيدات نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران » (37).
وعن ابن عباس : قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا رسول الله ، أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « ذاك لمريم بنت عمران ، فأمّا ابنتي فاطمة ، فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ... » (38).
وعن المفضل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أخبرني عن قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في فاطمة : « إنّها سيدة نساء العالمين » أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال عليه السلام : « ذاك لمريم ، كانت سيدة نساء عالمها ، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين » (39).
7 ـ سيدة نساء أهل الجنة :
عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ هذا ملك نزل ، لم ينزل الأرض قطّ قبل هذه الليلة ، استأذن ربّه أن يسلّم عليّ ويبشّرني بأنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » (40).
وعن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « أفضل نساء أهل الجنة : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون » (41).
وعن الحسن بن زياد العطار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة » أسيدة نساء عالمها ؟ قال عليه السلام : « ذاك لمريم ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين » (42).
8 ـ أحبّ الناس إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :
عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان أحبّ النساء إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة ، ومن الرجال علي بن أبي طالب (43).
وعن أُسامة بن زيد ـ في حديث ـ قال : سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أي أهل بيتك أحبّ إليك ؟ قال : « أحبّ أهلي إليّ فاطمة » (44).
وعن جميع بن عمير ، قال : دخلت مع عمتي علىٰ عائشة ، فسألت : أي الناس كان أحبّ إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ قالت : فاطمة. فقيل : ومن الرجال ؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً (45).
وعنه ، قال : دخلت مع أُمّي علىٰ عائشة ، فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي عليه السلام فقالت : تسألني عن رجلٍ والله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من علي ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من امرأته (46).
9 ـ أول من يدخل الجنّة :
عن علي عليه السلام ، قال : « أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين. قلت : يا رسول الله ، فمحبّونا ؟ قال : من ورائكم » (47).
وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أول شخص يدخل الجنة فاطمة ، مثلها في هذه الاُمّة كمثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل » (48).
10 ـ غضّ الأبصار لمرورها علىٰ الصراط :
عن علي عليه السلام قال : « قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا كان يوم القيامة قيل : يا أهل الجمع ، غضّوا أبصاركم حتىٰ تمرّ فاطمة بنت محمد ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان ، أو حمراوان » (49).
وعن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إذا كان يوم القيامة نادىٰ منادٍ من بطنان العرش : يا أهل الجمع نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتىٰ تمرُّ فاطمة بنت محمد علىٰ الصراط » قال : « فتمرُّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع » (50).
قال البشنوي الكردي :
وقف الندا في موضع عبرت |
فيه البتول عيونكم غضّوا |
|
فتمرّ والأبصار خاشعة |
وعلى بنان الظالم العضُّ |
|
تسودُّ حينئذٍ وجوههم |
ووجوه أهل الحقّ تبيضُّ (51) |
11 ـ جلالة بعثتها عليها السلام يوم القيامة :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « تبعث الأنبياء يوم القيامة علىٰ الدوابّ ، ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر ، ويبعث صالح علىٰ ناقته ، وأُبعث علىٰ البراق ، خطوها عند أقصىٰ طرفها ، وتبعث فاطمة أمامي » (52).
وعنه أيضاً ، في حديث آخر بنحو ما تقدم إلّا أن فيه : « ... وتبعث فاطمة والحسن والحسين علىٰ ناقتين من نوق الجنة ، وعلي بن أبي طالب علىٰ ناقتي ، وأنا علىٰ البراق » (53).
وعن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إذا كان يوم القيامة حُملتُ علىٰ البراق ، وحملت فاطمة علىٰ ناقتي القصواء » (54).
وعن بريدة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أنا أُبعث علىٰ البراق ، يخصّني الله به من بين الأنبياء ، وفاطمة علىٰ العضباء » (55).
12 ـ تكثير الطعام في بيتها عليها السلام
ومن كرامات الزهراء عليها السلام التي تدلُّ علىٰ فضلها ومنزلتها عند الله تعالىٰ ، تكثير الطعام في بيتها ، وقد رواه جابر وحذيفة بن اليمان وأبي سعيد بألفاظ مختصرة ومطولة (56).
ومن ذلك ما أخرجه أبو يعلىٰ عن جابر ، قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أقام أياماً لم يطعم طعاماً حتىٰ شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهنّ شيئاً فأتىٰ فاطمة عليها السلام فقال : « يا بنية ، هل عندك شيء آكله فإنّي جائع ؟ » فقالت : « لا والله » فلمّا خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت : « والله لأوثرن بهذا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علىٰ نفسي ومن عندي » وكانوا جميعاً محتاجين إلىٰ شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فرجع إليها فقالت له : « بأبي أنت وأُمّي ، قد أتىٰ الله بشيءٍ قد خبأته لك » فقال : « هلمي يا بنية بالجفنة » ، فكشفت عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله تعالىٰ ، وقدمته إلىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فلما رآه حمد الله وقال : « من أين لك هذا يا بنية ؟ » قالت : « يا أبتِ هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب » فحمد الله ، ثم قال : « الحمدُ لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها الله رزقاً فسئلت عنه قالت : هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب » (57).
13 ـ إنحصار ذرية الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بنسلها عليها السلام
إنحصرت ذرية الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بفاطمة عليها السلام ، فقد تزوج خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وأنجبت له القاسم وعبد الله وهو الطيّب أو الطاهر ، وفاطمة ، وفي غيرهم خلاف. وتزوج بعد خديجة أربع عشرة امرأة ، دخل باثنتي عشرة منهنّ ، وتوفي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعنده تسع ، ولم يولد له منهنّ ، إلّا مارية القبطية ، فقد ولدت له إبراهيم ومات طفلاً ، أما أولاد خديجة فماتوا صغاراً.
وبناءً علىٰ أنّ زينب ورقية وأم كلثوم ، بنات خديجة من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنّ زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع قبل الإسلام ، وولدت له بنتاً ، وهي أُمامة ، تزوجها الإمام علي عليه السلام بعد فاطمة عليها السلام بوصية منها ، ولم ترزق أولاداً ، وتزوج رقية ابن عمّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عتبة بن أبي لهب ، وتزوّج أمّ كلثوم أخوه عتيق بن أبي لهب ، وطلّقهما النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد الإسلام من عتبة وعتيق ، فتزوج عثمان ابن عفان رقية ، وولدت منه ذكراً ، وهو عبد الله ، ومات في السنة السادسة من عمره ، فتزوج بعدها اختها أم كلثوم ولا عقب لها ، وتوفيت زينب ورقية وأم كلثوم في حياة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولم يبق له من الولد إلّا فاطمة ، ولا عقب له إلّا منها.
وعليه فإنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا عقب له من الصلب ، لكنّه لم يحرم من الذرية والنسل ، بل لقد دلّ القرآن الكريم علىٰ أنّ الحسن والحسين عليهما السلام هما ابناه حقيقة ، فقد اتفقت كلمة المفسرين علىٰ أنّ المراد بقوله تعالىٰ في آية المباهلة : ( أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) الحسن والحسين عليهما السلام (58).
قال الرازي : هذه الآية دالة علىٰ أنّ الحسن والحسين كانا ابني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وَعَدَ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يدعو أبناءه ، فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونا ابنيه ، وممّا يؤكّد هذا قوله تعالىٰ في سورة الأنعام : ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) إلىٰ قوله : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ ) (59) ومعلوم أنّ عيسى عليه السلام إنّما انتسب إلىٰ إبراهيم عليه السلام بالاُمّ لا بالأب ، فثبت أنّ ابن البنت قد يسمّىٰ ابناً (60).
وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال : « ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا » (61) مشيراً إلىٰ الحسن والحسين عليهما السلام.
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ الله عزَّ وجل جعل ذرية كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله عزَّ وجل جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب » (62).
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لكلِّ بني أب عصبة ينتمون إليها إلّا ولد فاطمة ، فأنا وليهم ، وأنا عصبتهم ، وهم عترتي خلقوا من طينتي » (63).
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « كل بني آدم ينتمون إلىٰ عصبتهم إلّا ولد فاطمة ، فإنّي أنا أبوهم ، وأنا عصبتهم » (64).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن الحنفية : « يا بني أنت ابني ، وهذان ابنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم » (65). مشيراً إلىٰ الحسن والحسين عليهما السلام.
ولا يتنافىٰ ذلك مع قوله تعالىٰ : ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) (66) ذلك لأنّه أراد البالغين من الرجال في ذلك الوقت (67) ، ولقد كان له صلّى الله عليه وآله وسلّم أولاد ذكور ، وهم إبراهيم والقاسم وعبد الله ، ولم يبلغ أحد منهم مبلغ الرجال ، وكذلك شأن أولاد فاطمة عليها السلام.
ونلمس من خلال انحصار ذرية الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بفاطمة عليها السلام مسألتين مهمتين :
الاُولىٰ : إذا لم يكن للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أبناء ولا أبناء أبناء ولا نسل ولا ذرية إلّا من فاطمة عليها السلام ، كان من المحتّم وبحكم الطبيعة البشرية أن تنحصر عاطفته الأبوية بأولاد فاطمة عليها السلام ، وأن يهتمّ بتربيتهم وتعليمهم ، وقد شاءت الارادة الربانية أن يستأثر الحسن والحسين عليهما السلام بذلك الاهتمام ، وأن يكونا بمثابة ابنيه ، وقد عبّر صلّى الله عليه وآله وسلّم عن تلك الاُبوة وهذه البنوّة بعبارات شتّىٰ غير ما قدّمنا ، منها قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « الحسن والحسين ابناي ، من أحبّهما أحبّني ، ومن أحبّني أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة » (68). وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما » (69) وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما » (70) وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ ابنيّ هذين ريحانتاي من الدنيا » (71).
وكان من ثمار اهتمام الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بالحسن والحسين عليهما السلام وتربيتهما ، أن تكون أخلاقهما وشمائلهما وسيرتهما تعبيراً صريحاً ومصداقاً حقيقياً لأخلاق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وشمائله وسيرته ومكارم أخلاقه ، وأن يكون لهما من علمه وحلمه وشجاعته وكرمه وزهده وصبره ما لم يكن لأحد بعد أبيهما أمير المؤمنين عليه السلام.
روىٰ الطبراني بالاسناد عن علي عليه السلام ، قال : « من أراد أن ينظر إلىٰ وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من رأسه إلىٰ عنقه فلينظر إلىٰ الحسن ، ومن أراد أن ينظر إلىٰ ما دون عنقه إلىٰ رجله فلينظر إلىٰ الحسين ، اقتسماه » (72).
وعن زينب بنت أبي رافع : أتت فاطمة عليها السلام بالحسن والحسين إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في شكواه التي توفي فيها فقالت : « يا رسول الله ، هذان ابناك ، ورّثهما شيئاً ». فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أما الحسن فإنّ له هديي وسؤددي ، وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي » (73).
ولا ريب أن حبّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم للحسن والحسين عليهما السلام واهتمامه بهما والحثّ علىٰ محبتهما ، ليس هو وليد التعلّق العاطفي والعلاقة الأبوية وحسب ، بل لما أتاهما الله من فضله وحباهما من كرامته ، ومن هنا أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم الناس بالتمسك بهما كقادة رساليين للاُمّة من بعد أبيهما علي المرتضىٰ عليه السلام ، تماماً كما أمرهم بالتمسك بالكتاب الكريم بنصّ حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ، ونصّ علىٰ إمامتهما صراحة بقوله : « ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا » وجعلهما حجّة علىٰ الناس أجمعين.
وعليه يجب أن نخصّهما بالولاء ، وأن نؤمن إيماناً صادقاً أنّ عداءهما أو جحود فضلهما هو عداء وجحود لرسالة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وسُنّته ، وأن حبّهما والتمسك بهما يضمن سعادة الدارين ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربّي ، فليوالِ عليّاً من بعدي ، وليوالِ وليه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهماً وعلماً ، فويلٌ للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي » (74).
الثانية : إنّ إنحصار ذرية الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بابنته فاطمة عليها السلام فيه إشارة واضحة إلىٰ كرامة المرأة في تعاليم الإسلام السامية ، وردّ علىٰ المفاهيم الجاهلية التي كانت تحطّ من قيمتها ، وتقلّل من شأنها ، وتهضم حقوقها ، فكان بعضهم يئد البنات وهنّ في المهد ، وقد عبّر القرآن الكريم عن رفضه لهذه العادة المقيتة بقوله : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) (75). وكانوا لا يورّثون المرأة ، ويتشاءمون إذا ولد لهم الإناث ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) (76) ، وكانوا يقولون إنّ أولاد البنات لا يكونوا ذرية ، وشاعرهم يقول :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعدِ |
فكان انحصار نسب سيد الكونين المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم بابنته فاطمة عليها السلام إيذاناً بإبطال ذلك المفهوم الجاهلي البغيض.
ويستفاد من كلام بعض المفسرين في تفسير قوله تعالىٰ : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) (77) أن المراد بالكوثر ذرية الزهراء عليها السلام فهي الوسيلة لكثرة أولاد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وبقاء نسله ، وهو من أعظم بركاتها.
قال الرازي في القول الثالث من تفسير الآية : الكوثر أولاده صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قالوا : لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً علىٰ من عابه صلّى الله عليه وآله وسلّم بعدم الأولاد ، فالمعنىٰ أنه يعطيه نسلاً يبقون علىٰ مرّ الزمان ، فانظر كم قُتِل من أهل البيت ، ثمّ العالم ممتلئ منهم ، ولم يبقىٰ من بني أُمية في الدنيا أحد يُعبا به ، ثم اُنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والرضا والنفس الزكية وأمثالهم (78).
وقال الآلوسي : ( إِنَّ شَانِئَكَ ) أي مبغضك .. ( هُوَ الْأَبْتَرُ ) الذي لا عقب له ، حيث لا يبقىٰ منه نسل ولا حسن ذكر ، وأمّا أنت فتبقىٰ ذريتك ، وحسن صيتك ، وآثار فضلك إلىٰ يوم القيامة ... وفيها دلالة علىٰ أنّ أولاد البنات من الذرية (79).
وقال ابن حجر الهيتمي في الآيات الواردة في أهل البيت عليهم السلام : الآية الثانية عشرة : قوله تعالىٰ : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) (80) قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين : إنّ هذه الآية نزلت في المهدي. وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبوي ، وحينئذٍ في الآية دلالة علىٰ البركة في نسل فاطمة وعلي عليهما السلام ، وأن الله ليخرج منهما طيباً ، وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة.
ثم قال معقّباً علىٰ دعاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ عليه السلام حين زوّجه فاطمة عليها السلام : « اللهمّ إني أُعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم » ما نصّه : وقد ظهرت بركة دعائه صلّى الله عليه وآله وسلّم في نسليهما ، فكان منه من مضىٰ ومن يأتي ، ولو لم يكن في الآتين إلّا الإمام المهدي لكفىٰ (81).
الهوامش
1. صحيح مسلم 4 : 1883 / 2424 . وتفسير الرازي 8 : 80 . والآية من سورة الأحزاب : 33 / 33.
2. سنن الترمذي 5 : 351 / 3205 و 5 : 663 / 3787 وص 669 / 3871. وروي حديث الكساء في مسند أحمد 4 : 107 و 6 : 292 و 304 . ومصابيح السنة 4 : 183. ومستدرك الحاكم 2 : 416 و 3 : 148 . وتفسير الطبري 22 : 6 و 7. وتاريخ بغداد 9 : 126 و 10 : 278. وأُسد الغابة 2 : 12 و 4 : 29. والمعجم الكبير / الطبراني 9 : 25 / 8295 ، 23 : 249 و 281 و 327 و 334 و 333 و 337 و 396.
3. سورة الشورىٰ : 21 / 23.
4. الكشاف / الزمخشري 4 : 219 . ومستدرك الحاكم 3 : 172 . وتفسير الرازي 27 : 166.
5. سورة آل عمران : 3 / 61.
6. راجع : صحيح مسلم 4 : 1871 . وسنن الترمذي 5 : 225 / 2999 . ومصابيح السُنّة : 4 : 183 / 4795. وتفسير الرازي 8 / 81. وتفسير الزمخشري 1 : 368. وتفسير القرطبي 4 : 104. والكامل في التاريخ 2 : 293. ومسند أحمد ا : 185. ومستدرك الحاكم 3 : 150. والدر المنثور / السيوطي 2 : 232 ـ دار الفكر.
7. المعجم الكبير 22 : 401 / 1001. ومستدرك الحاكم 3 : 154 وقال : هذا صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وأُسد الغابة 5 : 522. وذخائر العقبىٰ : 39. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 52. ومجمع الزوائد 9 : 203 ، وقال : رواه الطبراني وإسناده حسن. والصواعق المحرقة : 175 ـ باب 11 ـ فصل 1 ـ المقصد 3. وصحيفة الإمام الرضا عليه السلام 90 / 23. وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 46 / 76. ومعاني الأخبار : 302 / 2. وأمالي المفيد : 94 / 4. وإتحاف السائل / المناوي : 65 وقال : رواه الطبراني باسناد حسن.
8. المعجم الكبير 22 : 404 / 1010 و 1011. وسنن البيهقي 7 : 64 و 10 : 201 . ومشكاة المصابيح / التبريزي 3 : 1732. وفيض القدير 4 : 241. وحيلة الأولياء 2 : 40. والصواعق المحرقة : 190. والاصابة 4 : 378. ومصابيح السُنّة 4 : 85. ورواه ابن شاهين في فضائل فاطمة عليها السلام : 42 / 21. والكنجي في كفاية الطالب : 365 ولفظه : « إنما فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها ، ويغضبني ما أغضبها ».
9. المعجم الكبير 22 : 404 / 1012 . وصحيح البخاري ـ كتاب المناقب 5 : 92 / 209. ومصابيح السنة 4 : 185 / 4799. وإتحاف السائل 57. والجامع الصغير 2 : 208.
10. المعجم الكبير 22 : 404 / 1014 ، وفيه : « يغضبني ما أغضبها ، ويبسطني ما يبسطها ». ومستدرك الحاكم 3 : 154 . وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . ومجمع الزوائد 9 : 203 . وإتحاف السائل : 58.
11. الفصول المختارة : 56 ـ دار الأضواء.
12. الشافي / السيد المرتضىٰ 4 : 95 ـ مؤسسة الصادق ـ طهران . وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 123. وشرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 272.
13. في صحيح مسلم : يفتنوها.
14. صحيح البخاري 5 : 95 / 222 ـ كتاب المناقب . وصحيح مسلم 4 : 1903 / 96 ـ كتاب فضائل الصحابة.
15. صحيح البخاري 4 : 185 / 19 ـ كتاب الجهاد والسير. وصحيح مسلم 4 : 1903 / 95 ـ كتاب فضائل الصحابة.
16. أمالي الصدوق : 165 / 163 المجلس 22.
17. علل الشرائع 1 : 185 ـ باب 148 / 2.
18. هو أبو علي الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي ، المتوفىٰ سنة 248 هـ ، من أصحاب الشافعي والرواة عنه ، ويقال إنه من جملة مشايخ البخاري صاحب الصحيح . قال الأزدي : ساقط لا يراجع إلىٰ قوله ، وقال ابن حبان : كان ممن يحسن الفقه والحديث ، ولكن أفسده قلّة عقله.
ونقل ابن أبي حاتم عن الخولاني قال : إنّ أحمد بن حنبل رمىٰ الكرابيسي بالجهمية ، وعن مسلم بن قاسم في ( الصلة ) ، قال : كان الكرابيسي غير ثقة في الرواية.
وقال ابن النديم : كان الكرابيسي من المجبرة . . وله من الكتب كتاب الإمامة ، فيه غمز علىٰ علي عليه السلام.
وروىٰ الخطيب بالاسناد عن أبي البختري قال : سمعت الكرابيسي يقول : ما خصّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً بفضيلة إلّا وقد شركه فيها فلان وفلان وجُليبيب ، قال : فرأيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في النوم ، فسمعته يقول : كذب ، ما هو كهم ، ولا محلّه كمحلّهم ، ولا منزلته كمنزلتهم . راجع تاريخ بغداد 8 : 66. وميزان الاعتدال 1 : 544. ولسان الميزان 2 : 303. وأنساب السمعاني 5 : 42. وفهرست ابن النديم : 270.
19. تنزيه الأنبياء / السيد المرتضىٰ : 167 ـ 169 ، منشورات الرضي ـ قم ، ونقله الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي 2 : 276 ـ 279 ، منشورات عزيزي ـ قم.
20. شرح نهج البلاغة 4 : 64.
21. شرح نهج البلاغة 4 : 102.
22. راجع في هذه الحكاية صحيح البخاري 7 : 65 / 159 . وصحيح مسلم 4 : 1902 / 2449. وسنن الترمذي 5 : 698 / 3869. ومستدرك الحاكم 3 : 158. ومسند أحمد 4 : 5 و 326 و 328. والمصنف / ابن أبي شيبة 12 : 128. وفتح الباري 6 : 161 و 7 : 68 و 8 : 152 و 9 : 268 ـ 270. وكنز العمال 13 : 677. ومجمع الزوائد 9 : 203. وإتحاف السائل : 58 ـ 59. وشرح ابن أبي الحديد 4 : 65 لترىٰ مدىٰ الاختلاف والتفاوت في ألفاظها والتناقض في مدلولها.
23. نهج البلاغة / صبحي الصالح : 555 / 453.
24. شرح ابن أبي الحديد 4 : 61.
25. شرح ابن أبي الحديد 4 : 79.
26. خطبة علي عليه السلام ابنة أبي جهل / السيد علي الميلاني : 5 ـ 80 ـ مركز الغدير ـ قم.
27. سورة التوبة : 9 / 61.
28. راجع : منهاج السنة 2 : 170.
29. راجع القصيدة في شرح ابن أبي الحديد 4 : 65.
30. نقلها السيد جعفر بحر العلوم في تحفة العالم 1 : 241 ـ 250 ، طهران ، وهي تقع في 300 بيت. وراجع هامش تلخيص الشافي 2 : 278.
31. راجع : فتح الباري 9 : 268.
32. الثغور الباسمة : 36 . وصحيح البخاري 7 : 65 / 159 ـ كتاب النكاح. وصحيح مسلم 4 : 1902 / 93. وسنن الترمذي 5 : 698.
33. كنز العمال 11 : 169 / 31074.
34. راجع : علل الشرائع / الصدوق 1 : 185 ـ باب 148 / 2.
35. كشف الغمة / الاربلي 1 : 363. ومناقب الخوارزمي : 247.
36. مستدرك الحاكم 3 : 156 وقال : هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا ، إتحاف السائل : 71.
37. الإصابة 4 : 378. وتهذيب التهذيب 12 : 441. والبداية والنهاية 2 : 55. وروي عن أنس بلفظ « حسبك من نساء العالمين أربع ... » في المعجم الكبير 22 : 402 / 1003. والبداية والنهاية 2 : 55. ومصابيح السُنّة 4 : 202 / 4850. ومسند أحمد 3 : 135. ومستدرك الحاكم 3 : 157 و 158. وسنن الترمذي 5 : 703 / 3878 ـ كتاب المناقب. وروي عن أنس أيضاً بلفظ « خير نساء العالمين ... » في المعجم الكبير 22 : 402 / 1004. وتاريخ بغداد 7 : 184 و 9 : 404. وتفسير الطبري 3 : 180. واُسد الغابة 5 : 437. وتهذيب التهذيب 12 : 441. والاستيعاب 4 : 377 . والبداية والنهاية 2 : 55.
38. أمالي الصدوق : 575 / 787.
39. معاني الأخبار : 107 / 1.
40. سنن الترمذي 5 : 660 / 7381 . ومستدرك الحاكم 3 : 151 ، رواه بطريقين ، وقال في الثاني منهما : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . وجامع الاصول 10 : 82 / 6661. وذخائر العقبىٰ : 129. ومسند أحمد 5 : 391. وكنز العمال 12 : 96 / 34158 و 102 / 34192 و 13 : 640 / 37617. وحلية الأولياء 4 : 190. والمعجم الكبير 22 : 403 / 1006. ومجمع الزوائد 9 : 201. والخصائص : 34 ـ مطبعة التقدم ـ القاهرة . وإتحاف السائل : 28. والصواعق المحرقة : 191 الباب 11 الفصل 3.
41. البداية والنهاية 2 : 55. والمعجم الكبير 22 : 407 / 1019. ومسند أحمد 1 : 293 و 316 و 322. ومستدرك الحاكم 2 : 497. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، و 3 : 160 و 185. والإصابة 4 : 378. والاستيعاب 4 : 376. واُسد الغابة 5 : 437. وروي عن عائشة وبلفظ « سيدات نساء أهل الجنة ... » في مستدرك الحاكم 3 : 185. وكنز العمال 12 : 144 / 34406.
42. أمالي الصدوق : 187 / 196.
43. مستدرك الحاكم 3 : 155. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وسنن الترمذي 5 : 698 / 3868. والاستيعاب 4 : 378. وذخائر العقبىٰ : 35.
44. المعجم الكبير 22 : 403 / 1007. ونحوه في سنن الترمذي 5 : 678 / 3819. والصواعق المحرقة : 191 باب 11 فصل 3. وتاريخ بغداد 9 : 62. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 56.
45. المعجم الكبير 22 : 403 / 1008. ومستدرك الحاكم 3 : 157. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وسنن الترمذي 5 : 701 / 3874. واُسد الغابة 5 : 522. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 57. وذخائر العقبىٰ : 35. والاستيعاب 4 : 378.
46. مستدرك الحاكم 3 : 154 وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
47. مستدرك الحاكم 3 : 151. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وذخائر العقبىٰ : 123. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 45 ـ 46.
48. الفردوس / الديليمي 1 : 38 / 81. وكنز العمال 12 : 110 / 34234. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 76.
49. المعجم الكبير 22 : 400 / 999. ومستدرك الحاكم 3 : 153 نحوه وقال : هذا حديث صحيح الإسناد علىٰ شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وص 161 مثله وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وإتحاف السائل / المناوي : 72. وكفاية الطالب / الكنجي : 364.
50. الصواعق المحرقة : 190 باب 11 فصل 3. وإتحاف السائل / المناوي : 73. ومناقب ابن شهرآشوب 3 : 326. وكشف الغمة / الاربلي 1 : 457.
51. مناقب ابن شهرآشوب 3 : 327.
52. مستدرك الحاكم 3 : 152 ، وقال : هذا حديث صحيح علىٰ شرط مسلم ولم يخرجاه. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 55.
53. كنز العمال 11 : 758 / 33689. وتاريخ بغداد 3 : 141.
54. كنز العمال 11 : 654 / 33164. وميزان الاعتدال 3 : 315. ولسان الميزان 4 : 399.
55. تاريخ دمشق / ابن عساكر 10 : 327.
56. راجع : تفسير البيضاوي 1 : 158 ـ دار الكتب العلمية. والبداية والنهاية / ابن كثير 6 : 115. وفضائل فاطمة عليها السلام / ابن شاهين : 36 / 14. وذخائر العقبىٰ : 45 . وكفاية الطالب : 367. وتفسير فرات : 83 ـ طهران. وكشف الغمة / الاربلي 1 : 469. أمالي الطوسي : 614 ـ 615 / 1271 و 1272. والثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : 296 / 252. والخرائج والجرائح / الراوندي 2 : 533. ومهج الدعوات / ابن طاووس : 6.
57. الدر المنثور / السيوطي 2 : 186. والبداية والنهاية 6 : 115.
58. تقدّمت تخريجاته في أول هذا الفصل.
59. سورة الأنعام : 6 / 84.
60. تفسير الرازي 8 : 81.
61. مجمع البيان / الطبرسي 2 : 763 عند تفسير الآية 61 من سورة آل عمران و 8 : 566 عند تفسير الآية 40 من سورة الأحزاب . ومناقب ابن شهرآشوب 3 : 394.
62. المعجم الكبير 3 : 44 / 2630. وتاريخ بغداد 3 : 317.
63. كنز العمال 12 : 98 / 34168.
64. تاريخ بغداد 11 : 285.
65. بحار الأنوار 45 : 349.
66. سورة الأحزاب : 33 / 40.
67. راجع : مجمع البيان / الطبرسي 8 : 566.
68. مستدرك الحاكم 3 : 166 وصححه علىٰ شرط الشيخين.
69. الصواعق المحرقة / الهيتمي : 191 باب 11 فصل 3.
70. الصواعق المحرقة / الهيتمي : 191 / باب 11 فصل 3.
71. الصواعق المحرقة / الهيتمي : 191 باب 11 فصل 3 . وصحيح البخاري 5 : 102 / 241.
72. المعجم الكبير 3 : 95 / 2769 و 2770.
73. الاصابة 4 : 316. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 105. وكفاية الطالب / الكنجي : 424. والارشاد / المفيد 2 : 7. والخصال / الصدوق : 77 / 122.
74. شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 9 : 170 / 12 . وحلية الأولياء / أبو نعيم 1 : 86.
75. سورة التكوير : 81 / 8 ـ 9.
76. سورة النحل : 16 / 58.
77. سورة الكوثر : 108 / 1.
78. تفسير الرازي 32 : 124.
79. روح المعاني / الآلوسي 30 : 247.
80. سورة الزخرف : 43 / 61.
81. الصواعق المحرقة / ابن حجر : 162 ـ 163 ، الفصل الأول ، الباب (11).
مقتبس من كتاب : سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام / الصفحة : 87 ـ 113