فاطمة الزهراء سلام الله عليها

البريد الإلكتروني طباعة

فاطمة الزهراء سلام الله عليها

بسم الله الرحمن الرحيم إنّا أعطيناك الكوثر

اسمها فاطمة ، وكنيتها اُمّ أبيها ، وأشهر ألقابها الزهراء والبتول والصدّيقة ، ولدت بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة بعد المبعث بخمس سنين.

أبوها رسول الله صلّى الله عليه وآله ، واُمّها خديجة ، وخديجة أوّل امرأة أسلمت ، وأفضل أزواج الرسول صلّى الله عليه وآله وعن ابن عباس قال خطّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أربع خطط في الأرض وقال : « أتدرون ما هذا ». قلنا الله ورسوله أعلم فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « أفضل نساء الجنّة أربعة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، ومريم ابنة عمران وآسية ابنة مزاحم زوجة فرعون » (1).

وتقسّم حياة الزهراء إلى مرحلتين : مرحلة الرسول صلّى الله عليه وآله ومرحلة ما بعد الرسول صلّى الله عليه وآله.

عاشت مع أبيها ثمانية أعوام في مكة ، وعشرة في المدينة وأقامت بعد الرسول صلّى الله عليه وآله أربعين أو خمسة وسبعين أو تسعين يوماً.

وفي الثامنة من عمرها هاجرت إلى المدينة مع مجموعة من النساء المسلمات سمّين بـ « الفواطم ».

مناقبها :

ورد في فضلها أحاديث عن الرسول صلّى الله عليه وآله من الفريقين ، منها ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (2) ، وهذا النص ورد في غيره من الصحاح والكتب.

وكذلك قوله صلّى الله عليه وآله : « إنّ الله عزّ وجلّ يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها » ، وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر : « إنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة ، وإذا قدم من سفر كان أوّل الناس به عهداً فاطمة » ، وروي مثله في مسند أحمد بن حنبل ، وروى أيضاً عن عائشة أنّها قالت : « ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً من فاطمة برسول الله صلّى الله عليه وآله ، وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسها » (3) ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وفي الاستيعاب بسنده عن عائشة : ما رأيت أحداً أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولّدها صلّى الله عليه وآله (4).

والقرآن الكريم وإن لم يذكر اسمها صريحاً ، إلا أنّ بعض آياته تتحدّث عن أهل البيت عليهم السلام ومنهم فاطمة ، وقد اختصّت بعضها بها ، نشير لبعض هذه الآيات : منها : آية التطهير : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) والآية الشريفة باتفاق المفسّرين نزلت في علي وفاطمة وابنيهما وهي تدلّ على عصمتهم.

كما أنّ المراد من « أنفسنا » الإمام علي عليه السلام ، ومن « أبنائنا » الحسن والحسين عليهما السلام.

ومنها : آية المودّة : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) ، حيث فرض المودة لهم جزاء إتعابه في رسالته ، ولكن ماذا فعلوا بأهل بيته من بعده ؟

وآية الإطعام : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا ) ، وآية الكوثر : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ، حيث نزلت في فاطمة عليهما السلام وأنّها الكوثر ، أي الخير الكثير ، حيث إنّ سلالتها تملأ الدنيا.

وخطبها أشراف العرب ، ولكن الرسول صلّى الله عليه وآله زوّجها بالإمام علي عليه السلام ، فعن أنس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله غشيه الوحي ، فلمّا أفاق : « قال جاءني جبرئيل من عند صاحب العرش وأمرني أن اُزوّج فاطمة من علي » (5) ، وكان مهرها خمسمأة درهم ، وهو مهر السنّة وهي تبلغ ثلاثمأة وخمسين مثقالاً من الفضّة.

وقال في الاستيعاب : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لها : « زوجتك سيّداً في الدنيا والآخرة ، وأنّه لأوّل أصحابي إسلاماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً » (6).

وأما جهازها عند زفافها فكان متواضعاً جدّاً كما نقله التاريخ.

ومن أخلاقها : الزهد والعبادة ، قال الحسن البصري : « ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة » (7) ، وكانت تعمل في البيت حيث كان علي عليه السلام يستقي ويحتطب ، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز وترقع ، وكانت من أحسن الناس وجهاً.

وعن علي عليه السلام حول فاطمة عليها السلام : « إنّها استقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها » (8).

وعن حياتها الزوجيّة ، قال علي عليه السلام : « فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلَّ ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان » (9).

وبعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله لقيت فاطمة الكثير من المصائب والمحن ، اُضيفت لتألّمها على فراق أبيها ، منها غصب فدك منها ، بعد أن أنحلها الرسول صلّى الله عليه وآله في حياته ، وغصب الخلافة من زوجها عليه السلام ، وحرمان الأجيال والتاريخ من نور الهداية الإلهية ، والهجوم على دارها وإحراقها وإسقاط جنينها وغيرها الكثير من الحوادث المؤلمة التي ذكرت في مختلف المصادر ، ولا شكّ بأنّ هذه المصائب أثّرت فيها واستشهدت بسبب هذه المحن والجروح التي أصابتها وهي في الثامنة عشر من عمرها.

وأمّا مدفنها فهو مجهول ، لدفنها ليلاً ، استنكاراً ممّن أغضبوها ، أمّا في بيتها عند قبر الرسول صلّى الله عليه وآله ، أو في مقبرة البقيع ، أو بين المنبر وقبر الرسول صلّى الله عليه وآله في المسجد على اختلاف الروايات.

لذلك فإنّ كلّ من أغضبها يصدق عليه قول الرسول صلّى الله عليه وآله : « من أغضبها فقد أغضبني » (10) ، وفي الصحاح وغيرها من مصادر أهل السنة ، أنّها رحلت وهي واجدة أو غاضبة على البعض ، ولست أدري أنّ من أغضب الرسول صلّى الله عليه وآله والله تعالى هل يستحقّ حكومة المسلمين ، وهل تكون مذاهبه حقّة ، ثم إنّ من لم يتمسّك بالقرآن والعترة كيف تكون آراؤه وحكمه على حقّ ، وقد قال الرسول صلّى الله عليه وآله : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً » (11).

وممّا أثر عن الزهراء عليها السلام خطبتان كبيرتان إحداهما بمحضر المهاجرين والأنصار ، والاُخرى بمحضر من نسائهم ، وسعت في هاتين الخطبتين على توضيح الحقيقة الإسلامية ، واستثارة المسلمين لتصحيح الإعوجاج ، وما سيترتّب على غصب الخلافة من صراعات وحروب مدمرة وحكومات ظالمة وانحرافات وغيرها ، وأنّى للآذان الصمّاء أن تسمع الحقيقة ، فمن حكمها قولها عليها السلام تشرح أسرار التشريع الإسلامي :

« .... جعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ، ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحج تشييداً للدين ، والعدل تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وأماناً من الفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، وذلاً لأهل الكفر والنفاق والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ... » (12).

سيرة فاطمة الزهراء عليها السلام

الهوامش

1. الخصال : 206.

2. صحيح البخاري 4 : 210.

3. الاستيعاب 4 : 1896.

4. نفس المصدر.

5. ينابيع المودة : 175.

6. الاستيعاب : 1895.

7. مناقب آل أبي طالب 3 : 119.

8. علل الشرائع 2 : 366.

9. بحار الأنوار 43 : 133.

10. صحيح البخاري 4 : 210.

11. تحف العقول : 458.

12. بحار الأنوار 29 : 223.

مقتبس من كتاب : [ أنوار الولاء ] / الصفحة : 15 ـ 19

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية