عظمة البسملة وانّها ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
هناك كثير من الروايات وردت في فضل البسملة ، نذكر بعض منها للفائدة :
الرواية الأولى : في هذا الباب نريد نبحث عن فضل هذه الآية المباركة ، وما أدراك من آية عظيمة ـ أي البسملة ـ ، فهي أعظم آية موجودة في القرآن الكريم : « اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ باسمِكَ الأعظَمِ » : أي الشيء هو الأعظم ، البسملة.
نحن نعتقد بهذا الأمر ونستطيع أن نثبت لك بأن البسملة هي ولاية أمير المؤمين صلوات الله عليه ، لماذا أقول ذلك ؟ لأن قد ذكرتُ هذه الرواية تكراراً ومراراً ، ولا زلت أذكر هذه الرواية لما فيها من عظمة وفائدة ، وهي منقولة في كتب الفريقين ، وهي : أن كل ما في هذا الكون من علوم جُمع في القرآن ، وكلّ ما في القرآن جُمع في سورة الحمد ، وكلّ ما في سورة الحمد جُمع في بسم الله الرحمن الرحيم ، وكلّ ما في البسملة جُمع في باء البسملة ، وكلّ ما في الباء جُمع في النقطة ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا النقطة التي هي تحت الباب (1).
لذا عندنا مستحب في الصلاة ويجب عند البعض أن تجهر بالبسملة (2) ، يعني تجهر بولاية علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه السلام ، هذه هي فلسفة الجهر بالبسملة في الصلاة ، فإذا سألك أحد عن هذا الأمر وقال لك لماذا يستحب أو يجب الجهر بالبسملة في الصلاة ؟ هذا أحد الأجوبة ، يعني يجب عليك أن تجهر بولاية أمير المؤمنين عليه السلام أي تصيح ولا تخفت بهذا الأمر ، فسورة الحمد في صلاة الظهر يجب أن تخفتها ولكن البسملة تعلنها تجهر بها أم تخفتها عليك أن تجهر بها وان كانت السورة اخفاتيّة ، يعني تجهر وتصيح أنا علوي ولا تخاف من أيّ شيء ، فقل أنا محب لعلي بن أبي طالب عليه السلام وأنا من الفدائين له ، أي أجهر بالولاية ولا تخاف.
الجماعة أبناء العامّة عرفوا ذلك ، ومعاوية عليه الهاوية عرف بالموضوع ، لذا أوّل من حذف البسملة من الحمد هو معاوية بن أبي سفيان ، وسمّوا هذا الأمر سنّة معاوية ، سنّة الخليفة معاوية (3).
والإمام يشير إلى هذه القضيّة ويقول : قاتلهم الله لماذا سرقوا هذه الآية ؟ لماذا لم تجهروا بهذه الآية وتقولون جهرها بدعة ؟ فأيّ بدعة تدعون ، هذه سنّة من سنن رسول الله صلّى الله عليه وآله أن تجهر بالبسملة ، إلّا أنّهم سرقوها وقالوا بأنّ الجهر بها بدعة.
1 ـ قال جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام : ما لهم ـ قاتلهم الله ـ عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله ، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها ! وهي بسم الله الرحمن الرحيم. (4)
2 ـ أنها أكرم آية عن أبي حمزة الثمالي صاحب الدعاء أبي حمزة :
عن أبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ عليه السلام قال : سرقوا أكرم آيةٍ في كتاب الله ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ). (5)
3 ـ تيجان السور :
رُوي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : البسملة تِيجان السُّوَر. (6)
السورة كالملك وتاج هذا الملك البسملة.
4 ـ أقرب إلى الإسم الأعظم :
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها. (7)
هل تفرّق بين السواد والبياض لا يوجد هناك فاصل بينهما إذا تريد إسم الأعظم ، فأبحث عنه في البسملة ، وإذا دعيت به على مغالق أبواب السماء ومغالق أبواب الأرض فانفتحت بالرحمة (8).
الهوامش
1. ينابيع المودّة « للقندوزي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 212 / الناشر : دار الأسوة / الطبعة : 2 :
واعلم أنّ جميع أسرار الله ـ تعالى ـ في الكتب السماوية ، وجميع ما في الفاتحة في البسملة ، وجميع ما في البسملة في باء البسملة ، وجميع ما في باء البسملة في النقطة التي تحت الباء.
قال الإمام علي رضي الله عنه : أنا النقطة التي هي تحت الباء.
2. العروة الوثقى « للسيد اليزدي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 133 / الناشر : مكتبة آية الله العظمى السيستاني :
[ 1512 ] مسألة 20 : يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح والركعتين الأولتين من المغرب والعشاء ، ويجب الإِخفات في الظهر والعصر في غير يوم الجمعة ، وأما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة بل في الظهر أيضاً على الأقوى.
[ 1513 ] مسألة 21 : يستحب الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة.
الرسالة السعديّة « للعلامة الحلّي » / الصفحة : 103 / الناشر : دار الصفوة / الطبعة : 1 :
اختلف المسلمون هنا
فذهبت طائفة : اِلى انّه يجب قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ). في اَوّل الحمد واَوّل كُلّ سورة.
وذهبت طائفة اُخرى : الى انّه لا يجب
والاوّل : اَصحّ !!
لأنّ يقين البراءة يحصل به ، فانّ مَن قراَها صحّت صلاته اجماعاً ؛ ومَن تركها في اَحد الموضعين ، صحّت صلاته عند بعضهم ، وبطَلت عند الباقين ؛ فتعيّن قراءتها في الموضعين ، لِيَحصلَ الخروج عن هذه التكليف ، بالاِجماع.
3. الغدير « للشيخ الأميني » / المجلّد : 10 / الصفحة : 201 ـ 202 / الناشر : دار الكتاب العربي / الطبعة : 4 :
أنَّ معاوية قدم المدينة فصلّى بهم فلم يقرأ ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع ، فناداه المهاجرون حين سلّم والأنصار : أن يا معاوية ؛ سرقت صلاتك ؟ أين بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ؟ وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت ؟ فصلّى بهم صلاة اُخرى ، فقال : ذلك فيما الذي عابوا عليه.
وأخرجه من طريق أنس صاحب « الانتصار » كما في البحر الزخّار 1 : 249.
قال الأميني : تنمّ هذه الأحاديث عن أنّ البسملة لم تزل جزئاً من السورة منذ نزول القرآن الكريم ، وعلى ذلك تمرّنت الاُمّة ، وانطوت الضمائر ، وتطامنت العقائد ، ولذلك قال المهاجرون والأنصار لمّا تركها معاوية : انَّه سرق ولم يتسنّ لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئيَّة حتى إلتجأ إلى إعادة الصَّلاة مكلّلة سورتها بالبسملة ، أو انَّه إلتزم بها في بقيَّة صلواته ، ولو كان هناك يومئذ قولٌ بتجرّد السورة عنها لاحتجَّ به معاوية لكنّه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأموييّن الذين اتّبعوه بعد تبيّن الرشد من الغيّ.
4. مجمع البيان في تفسير القرآن « للطبرسي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 21 / الناشر : دار العلوم / الطبعة : 1.
5. البرهان في تفسير القرآن « للسيد هاشم البحراني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 97 / الناشر : مؤسسة البعثة.
6. الجامع لأحكام القرآن ـ التفسير القرطبي ـ « للقرطبي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 92 / الناشر : دار إحياء التراث العربي.
7. البرهان في تفسير القرآن « للسيد هاشم البحراني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 99 / الناشر : مؤسسة البعثة.
8. بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : 87 / الصفحة : 103 / الناشر : وفاء / الطبعة : 1 :
« إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرَّحمة ، انفتحت ، وإذا دعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت » لا يخفى ما في الفقرتين من الاستعارات اللّطيفة واللّطائف البديعة اللّفظيّة والمعنويّة ، قال الكفعمي : الضّمير في « به » راجع إلى الاسم الأعظم ، والمغالق جمع مغلاق وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح ، ويقال : للمغلاق أيضاً الغلق ، وفتح المغالق هنا مجاز أو المراد أنَّ بهذا الاسم يستفتح الأغلاق ، ويستمنح الأعلاق ، وهو السبيل الموصل إلى المسؤول ، والدَّليل الدّال على المأمول والمضايق جمع مضيق والمعنى أنَّ هذا الاسم يفتح الفرج في المضايق ويثبت القدم في المزالق.