في بيان ظهور آيات أمير المؤمنين في إقدار الله تعالى إيّاه على ما لم يقدر عليه غيره

البريد الإلكتروني طباعة

في بيان ظهور آياته في إقدار الله تعالى إيّاه على ما لم يقدر عليه غيره

وفيه : أربعة أحاديث

222 / 1 ـ عن المفضّل ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : « إنّ مالكاً الأشتر رضي الله عنه قال : حدّثتني نفسي أنّي أشدّ من أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فحرّك دابّته إلى ذي الكلاع الحميري فاستلبه من فوق سرجه ، ورمى به إلى فوق وتلقاه بسيفه ، فقدّه نصفين ، ثمّ قال : « يا أشتر ، أنا أم أنت ؟ » فقلت : بل أنت يا أمير المؤمنين » . (1)

223 / 2 ـ وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما رواه عن مشيخته ، عن جابر رضي الله عنه ، أنّ النبيّ (ص) دفع الراية إلى عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله يوم خيبر بعد أن دعا له ، فجعل عليّ يسرع السير ، وأصحابه يقولون له : أرفق. حتّى انتهى إلى الحصن ، فاجتذب بابه ، فألقاه في الأرض ، ثمّ اجتمع عليه سبعون رجلاً ، وكان جاهدهم أن أعادوا الباب. (2)

224 / 3 ـ وروى أبو عبد الله الجدلي ، قال : سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : « عالجت باب خيبر وجعلته مجناً لي ، وقاتلت القوم ، فلمّا أخزاهم الله وضعت الباب على حصنهم طريقاً ، ثمّ رميت به في خندقهم » فقال له رجل : لقد حملت منه ثقلاً ! فقال عليه السلام : « ما كان إلّا مثل جُنّتي التي في بدني ، في غير ذلك المقام » وقال الشاعر في ذلك :

إنّ امرأً حمل الرتاج بخيبر

 

يوم اليهود بقدرة لمؤيدُ

حمل الرتاج رتاج باب قصورها

 

والمسلمون وأهل خيبر حشدُ

فرمى به ولقد تكلّف ردّه

 

سبعون كلهم له متشدّد

ردّوه بعد مشقة وتكلّف

 

ومقال بعضهم لبعض أردد (3)

225 / 4 ـ عن سفيان الثوريّ ، عن الأوزاعيّ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حبيب بن الجهم ، قال : لمّا دخل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى بلاد صفّين نزل بقرية يقال لها صندوداء ، ثمّ أمرنا فسرنا عنها ، ثمّ عرس بنا في أرض بلقع ، فقام مالك بن أبي الحارث الأشتر ، وقال : يا أمير المؤمنين ، أتنزل الناس على غير ماء ؟! فقال : « يا مالك ، إنّ الله عزّ وجلّ سيسقينا في هذا المكان ماءً أعذب من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت ».

فتعجبنا ـ ولا عجب من قول أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ أقبل يجرّ رداءه ، وبيده سيفه ، حتّى وقف على أرض بلقع ، فقال : « يا مالك ، احفر أنت وأصحابك ».

قال مالك : فاحتفرنا ، فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة ، فيها حلقة تبرق كاللجين ، فقال لنا : « روموها » فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل ، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها ، فدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله رافعاً يده إلى السماء ، وهو يقول : « طاب طاب مريا عالم طيثو ثابوثه ( شميا كوبا جانوثا نوديثا برحوثا ) ، آمين آمين ربّ العالمين ، ربّ موسى وهارون » ثمّ اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعاً.

قال الأشتر : فظهر لنا ماء أعذب من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت ، فشربنا وسقينا ثمّ ردّ الصخرة ، وأمرنا أن نحثو عليها التراب ، ثمّ ارتحل ، وسرنا معه.

فلمّا سرنا غير بعيد ، قال : « من منكم يعرف موضع العين ؟ » فقلنا : كلنا يا أمير المؤمنين. فرجعنا وطلبنا العين ، فخفي علينا مكانها أشد خفاء ، وظننا أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد رهقه العطش فأومأنا بأطرافنا فإذا نحن بصومعة فيها راهب ، فدنونا منه ، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقلنا : يا راهب ، أعندك ماء نسقي منه صاحبنا ؟ فقال : عندي ماء ، قد استعذبته منذ يومين. فقلنا له : فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا بالأمس ؟! وحدّثناه بالأمر فدنا منّا بعد خشيته فقال : انطلقوا بنا إلى صاحبكم. فانطلقنا به ، فلمّا بصر به أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : « شمعون » ؟ قال الراهب : نعم شمعون ، هذا اسم سمّتني به أُمِّي ، ما أطلع عليه أحد ، إلّا الله تعالى ، ثمّ أنت ، فكيف عرفته ؟ قال : فأتم حتّى أتمه لك. قال : « وما تشاء يا شمعون ؟ » قال : هذه العين ما اسمها ؟ قال : « هذه العين راحوما ، وهي من الجنّة ، وشرب منها ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيّاً ، وأنا خير الوصيّين ، شربت منها ». قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الإِنجيل ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً رسول الله ، وأنّك وصي محمّد (ص).

ثمّ رحل أمير المؤمنين والراهب يقدمه ، حتّى نزل صفّين ونزل العابد والتقى الصفّان ، وكان أول من أصابته الشهادة الراهب ، فنزل أمير المؤمنين وعيناه تهملان بالدموع ، وهو يقول : « يحشر المرء مع من أحب ، الراهب معنا يوم القيامة ، ورفيقي في الجنّة ». (4)

الهوامش

1. مناقب ابن شهراشوب ٢ : ٢٩٣ .

2. مناقب ابن شهراشوب ٢ : ٢٩٥ ، قطعة منه ، ملحقات احقاق الحق ٨ : ٣٨٣ رواه عن جماعة من أعلام القوم فراجع .

3. فرائد السمطين ١ : ٢٦١ ، مثله ، ملحقات احقاق الحق ٨ : ٣٩٣.

4. أمالي الصدوق : 155 / 14 ، مناقب ابن شهراشوب 2 : 291 ، إعلام الورىٰ : 176 ، باختلاف فيه.

مقتبس من كتاب : الثاقب في المناقب / الصفحة : 257 ـ 260

 

أضف تعليق

الإمام علي عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية