قصة التوراة الحاضرة

البريد الإلكتروني طباعة

قصة التوراة الحاضرة

بنو إسرائيل هم الأسباط من آل يعقوب كانوا يعيشون أولاً عيشة القبائل البدويين ثم أشخصهم الفراعنة إلى مصر وكانوا يعامل معهم معاملة الأسراء المملوكين حتى نجاهم الله بموسى من فرعون وعمله.

وكانوا في زمن موسى يسيرون مسير الحيوة بالإمام وهو موسى وبعده يوشع عليهما السلام ثم كانوا برهة من الزمان يدبر أمرهم القضاة مثل إيهود وجدعون وغيرهما.

وبعد ذلك يشرع فيهم عصر الملك وأول الملوك فيهم شاؤل وهو الذي يسميه القرآن الشريف بطالوت ثم داود ثم سليمان.

ثم انقسمت المملكة وانشعبت القدرة ومع ذلك ملك فيهم ملوك كثيرون كرحبعام وإبيام ويربعام ويهوشافاط ويهورام وغيرهم بضعة وثلثون ملكاً.

ولم تزل تضعف القدرة بعد الانقسام حتى تغلبت عليهم ملوك بابل وتصرفوا في اورشليم وهو بيت المقدس ، وذلك في حدود سنة ستمأة قبل المسيح ، وملك بابل يومئذ بخت نصر ( بنو كد نصر ) ثم تمردت اليهود عن طاعته فأرسل إليهم عساكره فحاصروهم ثم فتحوا البلدة ، ونهبوا خزائن الملك ، وخزائن الهيكل ( المسجد الأقصى ) وجمعوا من أغنيائهم وأقويائهم وصناعهم ما يقرب من عشره آلاف نفساً وساروا بهم إلى بابل ، وما أبقوا في المحل إلا الضعفاء والصعاليك ، ونصب بخت نصر « صدقيا » وهو آخر ملوك بني إسرائيل ملكاً عليهم ، وعليه الطاعة لبخت نصر.

وكان الأمر على ذلك قريباً من عشر سنين حتى وجد صدقيا بعض القوة والشدة ، واتصل بعض الاتصال بواحد من فراعنة مصر فاستكبر وتمرد عن طاعة بخت نصر.

فأغضب ذلك بخت نصر غضباً شديداً فساق اليهم الجيوش وحاصر بلادهم فتحصنوا عنه بالحصون ، وتمادى بهم التحصن قريباً من سنة ونصف حتى ظهر فيهم القحط والوباء.

وأصر بخت نصر على المحاصرة حتى فتح الحصون ، وذلك في سنة خمسمأة وست وثمانين قبل المسيح ، وقتل نفوسهم ، وخرب ديارهم وخربوا بيت الله ، وأفنوا كل آية وعلامة دينية ، وبدلوا هيكلهم تلاً من تراب ، وفقدت عند ذلك التوراة والتابوت الذي كانت تجعل فيه.

وبقي الأمر على هذا الحال خمسين سنة تقريباً وهم قاطنون ببابل وليس من كتابهم عين ولا أثر ، ولا من مسجدهم وديارهم إلا تلال ورياع.

ثم لما جلس كورش من ملوك فارس على سرير الملك ، وكان من أمره مع البابليين ما كان ، وفتح بابل ودخله أطلق اسراء بابل من بني اسرائيل ، وكان عزرا المعروف من المقربين عنده فأمّره عليهم ، وأجاز له أن يكتب لهم كتابهم التوراة ، ويبني لهم الهيكل ، ويعيدهم إلي سيرتهم الاولى وكان رجوع عزرا بهم إلى بيت المقدس سنة أربعمأة وسبعة وخمسين قبل المسيح ، وبعد ذلك جمع عزرا كتب العهد العتيق وصححها ، وهي التوراة الدائرة اليوم (1).

وأنت ترى بعد التدبر في القصة أن سند التوراة الدائرة اليوم مقطوعة غير متصلة بموسى عليه السلام إلا بواحد ( وهو عزرا ) ، لا نعرفه أولا ، ولا نعرف كيفية اطلاعه وتعمقه ثانياً ، ولا نعرف مقدار أمانته ثالثاً ، ولا نعرف من أين أخذ ما جمعه من أسفار التوراة رابعاً ، ولا ندري بالاستناد إلى أي مستند صحح الأغلاط الواقعة أو الدائرة خامساً.

وقد أعقبت هذه الحادثة المشئومة أثراً مشئوماً آخر وهو إنكار عدة من باحثي المؤرخين من الغربيين وجود موسى وما يتبعه ، وقولهم : إنه شخص خيالي كما قيل نظيره في المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ، لكن ذلك لا يسع لمسلم فإن القرآن الشريف يصرح بوجوده عليه السلام وينص عليه.

الهوامش

1. مأخوذة من قاموس الكتاب المقدس تأليف مستر هاكس الأمريكاني الهمداني ومآخذ اخرى من التواريخ.

مقتبس من كتاب : الميزان في تفسير القرآن / المجلّد : 3 / الصفحة : 308 ـ 310

 

أضف تعليق

الأنبياء عليهم السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية