شرح زيارة عاشوراء : وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ ..

البريد الإلكتروني طباعة

وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ ..

الشرح : يمكن أن يكون الواو في مطلع الجملة للعطف ، وتكون هذه الجملة الدعائيّة معطوفة على ما سبقها من اللعائن ، وعلى هذا الوجه تكون الجملة المتضمّنة للبرائة والاستسلام والمتابعة معترضة بين العاطف والمعطوف عليه ، والنكتة المتصوّرة في وجه إقحام هذه الجملة بينهما أنّ الزائر وهو يمارس لعن الأعداء يتذكّر أعمالهم الشنيعة وآثارهم الفظيعة ، فتقلّبهم الأيّام الخوالي فيهيج وجده الكامن وشوقه الساكن فيفقد السيطرة على نفسه وهو يستعرض جرائم القوم ومنكراتهم فيظهر البرائة منهم دونما اختيار منه ، وتدركه النفرة منهم ومن أتباعهم وأشياعهم ، من هنا يخاطب الإمام المظلوم لفرط حبّه وخلوص إرادته فيحمله ذلك على عرض مسالمته الكاملة ومتابعته الشاملة مع صفاء الباطن وخلوص النيّة بين يدي ساحة الإمام المقدّسة وسدّته الرفيعة.

وينعتق من هذا الكلام الذي اندفع فجئة على لسانه مرّة اُخرى ويعدل عنه إلى الحديث الأوّل من لعن الأعداء ويعطف عليهم أولئك الذين هم أعيان الظالمين المسبّبين لهذا الخطب الفادح والرزء الجليل ، والذين لهم أثر يذكر في جريان هذه الخطوب وإعانة على حدوثها فيأخذ بلعنهم واحداً واحداً ، ويعطفهم على الأوائل لكي يشفي غيظه ويريح حنقه ويبرأ من لواعج صدره من ذكرهم بالتفصيل ، كما يمكن أن تكون الواو استئنافيّة. وعلى كلّ حال فإنّ النكتة تعود إلى ما ذكرناه تفصيلاً.

وسوف نذكر معنى الآل بعد هذا الحديث إن شاء الله .. (1).

وزياد المنصوص عليه باللعن هو والد عبيد الله لعنهما الله المعروف بزياد بن أبيه وزياد بن اُمّه وزياد بن عبيد وزياد بن سميّة ، واشتهر بعد استلحق معاوية إيّاه بابن أبي سفيان ، وعبيد وسميّة كلاهما من موالي كسرىٰ فأهداهما كسرى إلى أبي الخير بن عمر الكندي أحد أقيال اليمن ، وأشار إلى ذلك أبو بكر بن دريد في مقصورته المعروفة ، فقال :

فخامرت نفس أبي الخير جوىٰ

 

حتّى حواه الحتف فيمن قد حوىٰ

وشرح حاله في الشروح الدريديّة وغيرها ، وفي شرح الدريديّة (2) : وكان من حديثه مسيره إلى كسرى يستجيشه على قومه فأعطاه جيشاً من الأساورة فلمّا صاروا بكاظمة ونظروا إلى وحشة بلاد العرب ، فقالوا : أين نمضي مع هذا ، فعمدوا إلى سمّ فدفعوه إلى طبّاخه ووعدوه بالإحسان إليه (3) إن ألقى السمّ في طعام الملك ، ففعل ذلك ، فما استقرّ الطعام في جوفه حتّى اشتدّ وجعه ، فلمّا علم الأساورة ذلك دخلوا عليه فقالوا له : إنّك قد بلغت إلى هذه الحالة فاكتب لنا إلى الملك كسرى إنّك قد أذنت لنا في الرجوع ، فكتب لهم بذلك.

ثمّ إنّ أبا الجبر خفّ ما به فخرج إلى الطائف البليدة التي بالقرب من مكّة وكان بها الحارث بن كلدة طبيب العرب الثقفي ، فعالجه فأبرأه فأعطاه سميّة ـ بضمّ العين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء المثنّاة من تحتها وفي آخره هاء ـ وعبيداً ـ بضمّ العين المهملة تصغير عبد ـ وكان كسرى قد أعطاهما أبا الجبر في جملة ما أعطاه .. (4). وهذا يوافق ما نقله ابن عبد ربّه وابن خلّكان.

ويقول ابن الأثير في الكامل وابن خلدون في العبر : أنّ سميّة جارية لدهقان من أهل زنده رود ، أهداها للحارث بن كلدة لمّا عالجه ، والطريق الأوّل أتقن وأمتن.

وخلاصة القول : إنّ سميّة ولدت نافعاً على فراش الحارث ولكنّه نفاه ، ثمّ ولدت أبا بكرة الصحابي المعروف على فراشه ، فنفاه أيضاً ولم يعترف به ، وأعطى سميّة لعبيد ، وهؤلاء الثلاثة : زياد ونافع وأبوبكرة أولاد سميّة ومعهم شبل بن معبد الذين شهدوا على المغيرة لعنه الله بالزنا عند عمر بن الخطّاب ، وتلكّأ زياد بشهادته بتلويح من عمر ، فدرأ عن المغيرة الحدّ وأقامه على الشهود ، وهي من أشدّ المطاعن على عمر ، كما هو مذكور بالتفصيل في الأسفار الكلاميّة.

وقال في العقد الفريد : كان الزانيات من النساء في الجاهليّة ينصبن على بيوتهنّ رايات ليعرفن بذلك ويقصدهنّ الشباب ، وكان بغاة النفع من الناس يرسلون جواريهم في هذا السبيل كرهاً ليجمعن لهم الحطام الفاني والعرض الزائل وينالوا بذلك الحياة الدنيا ، وقد أشار الله تعالى في محكم كتابه المجيد بقوله : ( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ ) (5) يريد في الجاهليّة ( فَإِنَّ اللَّـهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يريد في الإسلام.

وفي مروج الذهب : وكانت سميّة من ذوات الرايات بالطائف تؤدّي الضريبة إلى الحارث بن كلدة وكانت تنزل بالموضع الذي نزل فيه البغايا بالطائف خارجاً عن الحضر في محلّة يقال لها : حارّة البغايا ...

وجاء أبو سفيان يوماً إلى أبي مريم السلولي وهو خمّار في الطائف في الجاهليّة ، فقال : أبغني بغيّاً ، فأتيته وقلت له : لم أجد إلّا جارية الحارث بن كلدة سميّة . فقال : ائتني بها على ذفرها وقذرها ( يظهر من قول أبي سفيان هذا أنّه وطأها قبل هذا اليوم ) ... ( إلى أن قال ) والله لقد أخذ بدرعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشاناً ، فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه ، فقلت : مه يا أبا سفيان ، فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها وذفر من فيها .. (6).

وولدت سميّة زياداً عام أوّل من الهجرة على فراش عبيد الله ، فكان يعرف بزياد بن عُبيد وابن اُمّه وابن أبيه وابن سميّة ، ولمّا بلغ أشدّه استكتبه أبو موسى الأشعري فأرسله عمر في حاجة فأحسن القيام بها فقدم على عمر وهو في المسجد ، فخطب بين يديه خطبة أعجب بها الحاضرون ، فقال عمرو بن العاص : لو كان قرشيّاً لساق العرب بعصاه ،

فقال أبو سفيان : اُقسم بالله أنّي أعرف الذي وضعه في رحم اُمّه.

فقيل له : من يا تُرى ؟

فقال : أنا هو !

ولمّا استخلف أمير المؤمنين ، كان زياد معروفاً بالنزاهة ولم يظهر منه خلاف وكان إدرايّاً سياسيّاً حازماً ذا فطنة وكياسة ، من ثمّ عهد إليه أمير المؤمنين بإدارة حدود فارس (7) ، وأراد معاوية خديعته فما تأتّىٰ ذلك له ، وكتب إليه يوماً يتهدّده ، فقال عقيب ذلك : « أتعجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يخوّفني بقصده إيّاي » ، وأثنى على أمير المؤمنين عليه السلام ثناءاً بليغاً فأرسل إليه أمير المؤمنين رسالة يحذّره من مكر معاوية ويأمره بالثبات على عهده إلى أن استشهد أمير المؤمنين وانقضت أيّامه عند ذلك فتح معاوية أحابيله عليه ، واستعان عليه بخبث فطرته ودنائة مولده وأوكل أمر جذبه نحوه إلى المغيرة بن شعبة وهو يومئذٍ رأس النفاق ومعدن النصب فانطلّت الحيلة على زياد واستلحقه معاوية وصيّره أخاه واعترف زياد حبّاً في الدنيا وميلاً إلى جاهها بخباثة مولده ورضي باُخوّة معاوية وأبوة أبي سفيان. وعند ذلك أقسم أبوبكرة أن لا يكلّمه لأنّه زنىّ سميّة وقدح في نسبه (8).

ولمّا استقرّ رأيهما على ذلك أرسلت إليه جويريّة بنت أبي سفيان عن أمر أخيها معاوية ، فأتاها فأذنت له وكشفت عن شعرها بين يديه وقالت : أنت أخي ، أخبرني بذلك أبو مريم .. ثمّ أخرجه معاوية إلى المسجد وجمع الناس ، فقام أبو مريم السلولي ، فقال : أشهد أنّ أبا سفيان قدم علينا بالطائف وأنا خمّار في الجاهليّة ، فقال : أبغني بغيّاً ، فأتيته وقلت له : لم أجد إلّا جارية الحارث بن كلدة سميّة ، فقال : إأتني بها على ذفرها (9) وقذرها.

فقال له زياد : مهلاً يا أبا مريم ، إنّما بعثت شاهداً ولم تبعث شائماً ، فقال أبو مريم : لو كنتم كفيتموني لكان أحبّ إليّ وإنّما شهدت بما عاينت ورأيت ، والله لقد أخذ بكُمِّ درعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشاناً ، فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه ، فقلت : مه ، يا أبا سفيان ، فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم ، لولا استرخاء من ثديها وذفر من فيها (10).

وفي رواية الكامل : فخرجت من عنده وإنّ اسكتيها لتقطر منيّاً (11).

ولولا أنّ ذلك في فضائح أعداء أهل البيت لما ذكرت هذه الجملة ، ولكنّها في فضائهم وأنا مترجمها أيضاً ..

ويقال : إنّ المتنبّي قال في حقّها :

أقم المسالح حول شفر سميّة

 

إنّ المنيّ بحلقتيها خضرم

وخلاصة الحديث : إنّ معاوية بهذه الشهادة صيّر زياداً أخاه ، وقام يونس بن عبيد فقال : يا معاوية ، قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر وقضيت أنت أنّ الولد للعاهر وأنّ الحجر للفراش مخالفة لكتاب الله تعالى وانصرافاً عن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله بشهادة أبي مريم على زنا أبي سفيان .. (12)

والحقّ أنّ هذا العار لا يمحوه الماء وهو طعن لا تجد له جواباً بأيّ كتاب ، وكان الفضل بن روزبهان التزم بالجواب على مطاعن معاوية في ردّه على نهج الحقّ وحين يبلغ الحديث إلى هذا الحدّ يقول : لم يكن معاوية بالخليفة الشرعي فلا يلزمنا الجواب عن كلّ مطاعنه . وهذه الحكاية مذكورة في جميع كتب أهل السنّة والجماعة ، ولم يردّها أحد منهم ، وذكرها الشعراء في تلك الفترة وطعنوا بها على معاوية وزياد منهم عبدالرحمن بن الحكم أخو مروان لعنه الله :

ألا أبلغ معاوية بن حربٍ

 

مغلغلة من الرجل اليماني (13)

أتغضب أن يقال أبوك عفّ

 

وترضى أن يقال أبوك زاني

فأشهد أن رحمك من زياد

 

كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد أنّها حملت زياداً

 

وصخر من سميّة غير دان

وفي زيادٍ وإخوته يقول خالد النجّاري :

إنّ زياداً ونافعاً وأبا بكرة

 

عندي من أعجب العجب

إنّ رجالاً ثلاثة خلقوا

 

من رحم انثى وكلّهم لأب

ذا قرشيّ فيما يقول وذا

 

مولىً وهذا ابن عمّه عربي (14)

وأشعار يزيد بن مفرغ جدّ السيّد الحميري في هجاء عبّاد بن زياد معروفة. وقال ابن زياد : ما آلمني شيء كما آلمني قول يزيد بن مفرّغ :

فكّر ففي ذاك إن فكّرت معتبر

 

هل نلت مكرمة إلّا بتأمير

عاشت سميّة ما عشت وما علمت

 

أنّ ابنها من قريش في الجماهير

وكان لزياد عدد من الأولاد منهم عبّاد هذا ، وكانت لحيته طويلة جدّاً ، فقال يزيد بن المفرغ يهجوه :

ألا ليت اللحى كانت حشيشاً

 

فنعلفها خيول المسلمينا

ومنهم عبيد الله لعنه الله وفي هجائهما يقول يزيد :

أعبّاد ما للؤم عنك محوّل

 

ولا لك اُمّ من قريش ولا أب

وقل لعبيدالله مالك والد

 

بحقّ ولا يدري امرئ كيف ينسب

وأشعار يزيد بن المفرّغ في هذا الباب كثيرة وهي مذكورة في مطاوي كتب الأدب والتاريخ.

وابن زياد لعنهما الله هو الذي قتل شيعة أمير المؤمنين في البصرة والكوفة وسمل أعينهم وقطّع أيديهم وأرجلهم ، وأدخل حديدة محميّة في عيونهم ، لأنّه كان يُعَدّ منهم فهو يعرفهم على أحسن وجه (15) وهو أوّل من قتل المسلمين صبراً ، ودفن عبد الرحمان بن حسّان حيّاً في حبّ أمير المؤمنين عليه السلام ، كما روى ذلك ابن خلدون وابن الأثير ، وأوّل من نال حكومة العراقين ، وأوّل من روّج سبّ أمير المؤمنين في العراقين.

وظنّ البعض أنّ قول الإمام الوارد في النهج : « سيظهر عليكم رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد وما لا يجد فاقتلوه ، ولن تقتلوه ، وإنّه سيدعوكم إلى سبّي والبرائة منّي » (16) إشارة إليه ... والأظهر الإشارة إلى معاوية.

وقالوا : دهاة العرب أربع : زياد والمغيرة بن شعبة ومعاوية وعمرو بن العاص ، كما ذكر الصلاح الصفدي في شرح لامية العجم بيتين من الشعر وفيه يذكر الشاعر أسمائهم :

من العرب العرباء قد عُدّ أربع

 

ذهاة فما يؤتىٰ لهم بشبيه

معاوية عمرو بن عاص مغيرة

 

زياد هو المعروف بابن أبيه

عليهم اللعنة ، وهؤلاء الأربعة هم أولاد زناً ، ومجتمعون على عداوة أمير المؤمنين عليه السلام. وبدع زياد وفتنه في الإسلام أكثر من أن تحصى.

قال ابن أبي الحديد : وأراد زياد أن يعرض أهل الكوفة أجمعين على البرائة من عليّ عليه السلام ولعنه ، وأن يقتل كلّ من امتنع من ذلك ، ويخرّب منزله ، فضربه الله ذلك اليوم بالطاعون فمات لا رحمه الله بعد ثلاثة أيّام وذلك في خلافة معاوية (17).

ويؤيّد ما قاله ابن أبي الحديد الخبر المروي في أمالي ( ابن ) (18) الشيخ بسند معتبر عن كثير بن الصلت قال : جمع زياد الناس برحبة الكوفة ليعرضهم على البرائة من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام والناس من ذلك في كرب عظيم ، فأغفيت فإذا أنا بشخص قد سدّ ما بين السماء والأرض ، فقلت له : من أنت ؟ فقال : أنا النقّاد ذو الرقبة ، اُرسلت إلى صاحب القصر (19). فانتبهت مذعوراً وإذا غلام لزياد قد خرج إلى الناس فقال : انصرفوا ، فإنّ الأمير عنكم مشغول ، وسمعنا الصياح من داخل القصر ، فقلت في ذلك :

ما كان منتهياً عمّا أراد بنا

 

حتّى تناوله النقّاد ذوالرقبه

فأسقط الشقّ منه ضربة ثبتت

 

كما تناول ظلماً صاحب الرحبه (20)

والظاهر أنّ الشطر الأوّل من البيت الثاني فيه إشارة إلى الطاعون ، والقصد من صاحب الرحبة أمير المؤمنين عليه السلام.

تنبيه

عدّ ابن الأثير في اُسد الغابة متبعاً أثر ابن عبد البرّ وابن مندة وأبي نعيم وأبي موسى زياداً لعنه الله من الصحابة مع أنّه لم تكن له صحبة مع النبيّ ولم يرو عنه ، لأنّه كان ابن عشر عند وفاة النبيّ وما كان في مكّة و (21) لم يأت المدينة ، ولو حدث ذلك فإنّه بالمقدار الذي رأى فيه النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وتعريف الصحابي بناءاً على القول المشهور عند أهل السنّة وهو مختار الحاجبي والعضدي والتفتازاني وابن السبكي في ( جمع الجوامع ) والجلال المحلّي في الشرح والبناني في الحاشية وغيرهم ، يصدق عليه بزعمهم ، والأكثر كما في الكتب التي ذكرناه على عدالة الصحابة المطلقة بلا فحص. وبناءاً على هذا فينبغي أن يكون زياد عادلاً سبّ أمير المؤمنين أو قتل خيار الصحابة من دون جرم ولا ذنب ، وقد روى البخاري : « من آذى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب » (22).

والآن لا بديل عن واحد من اثنين : فإمّا أن لا يكون السبّ إيذاءاً ، وإمّا أن لا يكون عليّ وأولاده وكبار الصحابة من الشيعة أولياءاً لله وتسمية سائر الصحابة المعادين لعليّ عليه السلام وأهل بيته أولياء ، لأنّهم يستدلّون بهذه الرواية في كتب اُصولهم وكلامهم على حرمة سبّ الصحابة.

مضافاً إلى ما تقدّم فإنّ الإيمان شرط في اللقاء على صدق اسم الصحابي ، أنّهم يعتبرون وهو في التاسعة مؤمناً وفي مقام إثبات سبق إسلام أمير المؤمنين على أبي بكر يقولون : لا يقبل إسلام الصبي وإنّما قبل إسلام عليّ عند ما بلغ أشدّه وكان ذلك بعد إسلام أبي بكر ، نعوذ بالله من الضلال والخذلان.

فائدة

في لعن آل زياد يدخل زياد قطعاً وذلك إمّا من باب تنقيح المناط (23) فإنّ لعن آل زياد لانتسابهم إليه ورضاهم بفعله وفعل عبيد الله فيكون زياد داخلاً في اللعن بطريق أولى أو من جهة القول بشمول لفظ « الآل » له كما ادّعاه بعض العلماء ، وسوف نشير إلى ذلك في شرح الصلوات على النبيّ وآله صلّى الله عليه وآله ، والله الموفّق.

وأولاد زياد كما ذكرهم ابن قتيبة في المعارف هم : عبد الرحمان والمغيرة وأبوسفيان ، وعبيد الله وعبد الله ، واُمّهما مرجانة ، وسلم وعثمان وعبّاد وربيع وأبو عبيدة ويزيد وعنبسة واُمّ معاوية وعمر وغصن وعتبة وأبان وجعفر وسعيد وإبراهيم ، وهؤلاء واحد وعشرون ما بين ذكر واُنثى لعنهم الله جميعاً ، آمين.

الهوامش

1. ذيل « صلّی الله عليه وآله » . ( هامش الأصل )

2. فيها : إنّه أبو الجبر ولم يذكر سميّة ولا عبيداً. [ الخطيب التبريزي ، شرح مقصورة ابن دريد ، ص 59 ]. ( المترجم )

3. إلى هنا أخذناه من هامش الخطيب : 59.

4. ابن خلّكان ، وفيات الأعيان 6 : 356.

5. النور : 33.

6. مروج الذهب 2 : 15 و 16 بتصرّف من المؤلّف. ( المترجم ) و 3 : 6 ط دار الهجرة. ( هامش الأصل )

7. لم يعهد إليه الإمام بذلك إنّما كان بفعل ابن عبّاس لأنّه والي البصرة يومئذٍ وفارس من توابعها. ( المترجم )

8. كان صرم أبي بكرة له قبل هذا التاريخ أي عندما تلجلج في الشهادة وكان أحد الشهود على المغيرة فأقسم أبوبكرة لا يكلّمه مادام حيّاً. ( المترجم )

9. الذفر : الرائحة الخبيثة.

10. المسعودي 3 : 16 ط دار الكتب العلميّة لبنان ـ 1411. ( المترجم )

11. الكامل في التاريخ 3 : 301. ( المترجم )

12. مروج الذهب 3 : 17 . ( المترجم ) والكامل لابن الأثير 3 : 442 ط بيروت . ( هامش الأصل )

13. كذا في مروج الذهب وفي شرح النهج والوفيات فقد ضاقت بما تأتي اليدان وهو أثبت على هذه الرواية وقيل أنّها ليزيد بن المفرغ فيصحّ ما ذكرناه في المتن. ( منه رحمه الله )

14. مروج الذهب 3 : 7 وفيه بدل « وكلّهم لأب » « مخالفي النسب » وبدل « ابن عمّه » « بزعمه ». ( المترجم )

مروج الذهب 3 : 6 ط دار الهجرة. ( هامش الأصل )

في مروج الذهب أيضاً مفلفلة الخ 3 : 17 ، وراجع وفيات الأعيان 6 : 359 ط دار الثقافة بيروت 1968 الدكتور إحسان عبّاس ، وفي شرح النهج : مفلفلة من الرجل اليماني ، وقال قبل ذلك : إنّ الأبيات النونيّة المنسوبة إلى عبد الرحمان بن اُمّ الحكم ليزيد بن المفرغ وإنّ أوّلها ... الخ ، 16 : 192 .( المترجم )

15. أحسب المؤلّف يتحدّث عن زياد ووقع ابن زياد خطأً من الناسخ في أوّل الفقرة ... ( المترجم )

16. الإشارة إلى معاوية لا إلى زياد. وتمامه : فأمّا السبّ فسبّوني فإنّه لي زكاة ولكم نجاة ، وأمّا البرائة فلا تتبرّأوا منّي فإنّي ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة ... [ نهج البلاغة 1 : 105 ]
قال ابن أبي الحديد : وكثير من الناس يذهب إلى أنّه عليه‌السلام عنى زياداً ، وكثير منهم يقول : إنّه عنى الحجّاج ، وقال قوم : إنّه عنى المغيرة بن شعبة ، والأشبه عندي إنّه عنى معاوية لأنّه كان موصوفاً بالنهم وكثرة الأكل وكان بطيئاً ، يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه [ الشرح 4 : 54 ]. ( المترجم )

17. شرح ابن أبي الحديد 4 : 58. ( المترجم )

18. أمالي الشيخ صحيح. ( المترجم )

19. يعني زياد لعنه الله. ( المؤلّف )

20. أمالي الشيخ الطوسي : 233.

21. العجيب أنّ ابن الأثير على عدم صحبته ، فقال : وليست له صحبة ولا رواية. [ اُسد الغابة 2 : 215 ]

22. من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب [ صحيح البخاري 8 : 13 باب 37 الواضع ]. ( هامش الأصل ) رقم الحديث 6261 وفيه : إنّ الله قال : من عادى لي وليّاً ... الخ. ( المترجم )

23. وهو تعيين العلّة من بين أوصاف مذكورة أو إلحاق الفرع بالأصل بالفاء الفارق بأن يقال : لا فرق بين الأصل والفرع إلّا كذا وذلك لا مدخل له في الحكم فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب [ القاموس القويم : 156 و 157 ] .( المترجم )

مقتبس من كتاب : شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور / المجلّد : 1 / الصفحة : 315 ـ 325

 

أضف تعليق

زيارة عاشوراء

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية

سبعة + ثمانية =