تفسير زيارة عاشوراء : وَلَعَنَ اللهُ بَنِي أُمَيَّةَ قاطِبَةً ..

البريد الإلكتروني طباعة

وَلَعَنَ اللهُ بَنِي أُمَيَّةَ قاطِبَةً ..

الشرح : قاطبة حال كما مرّ القول في « جميعاً ». ومعنى قاطبة جميعاً كما ورد في الصحاح (1) ويظهر من عبارة الأساس أنّه مجاز.

واُميّة هو ابن عبد الشمس بن عبد مناف بناءاً على المشهور.

وبنو اُميّة فرقتان : الأعياص وهم أبو العاص ، والعاص ، وأبو العيص ، والعيص وأولادهم . والعنابس وهم أولاد حرب بن اُميّة لأنّ اسم حرب عنبسة.

والأخبار في لعن بني اُميّة خارجة عن الحدّ ومرويّة عن طريق الفريقين ، وتعدادها يخرج هذا المختصر عمّا اُعدّ له ، ولكنّنا نورد عدداً منها شريطة كونها مرويّة في كتب العامّة لأنّهم أتباعهم وأشياعهم ، ويعتبرونهم خلفاء رسول الله واُمراءاً للمؤمنين وأئمّة الاُمّة وهم اُولوا الأمر وطاعتهم واجبة ، لكي تتمّ الحجّة عليهم ، ويفلجوا وتقطع عليهم منافذ العذر.

ثمّ ندرج في أثناء ذلك تيمّناً وتبرّكاً أخباراً في نفس الموضوع عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام لكي تكون سبباً لانشراح الصدور وانبساط القلوب ، وأولى من ذلك البدأة بالآيات من القرآن الكريم التي صرّحت بلعنهم وذمّهم ، ثمّ نبدأ بذكر أخبار الفريقين.

ومن جملة الآيات قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) (2).

يقول الفخر الرازي في تفسيره الكبير عن سعيد بن المسيّب ، قال : رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله بني اُميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فسائه ذلك (3).

وفي هذا التفسير أيضاً عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : الشجرة بنو اُميّة يعني الحكم بن أبي العاص (4).

وكلامه في حديث هذه الرؤيا واتّهام عمر (5) والإلزام الطريف الذي ألزمناه به بفضل الله وعونه وعون الأئمّة الأطهار قد مرّ في أحوال مروان.

وروى النيسابوري عن ابن عبّاس أنّ الشجرة الملعونة بنو اُميّة.

يقول البيضاوي : وقيل : رأى قوماً من بني اُميّة يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة ، فقال : هذا حظّهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم وعلى هذا كان المراد بقوله « إلّا فتنة للناس » ما حدث في أيّامهم (6) كناية عن هلاكهم في الآخرة.

وقريب من هذا الكلام في الكشّاف مع بيان الرواية.

وفي البحار عن عمدة ابن البطريق عن تفسير الثعلبي نقل هذا الحديث بطريقين (7).

وذكر ابن أبي الحديد عن أمالي أبي جعفر محمّد بن حبيب في حديث طويل أنّ عمر سأل كعب الأحبار فقال : فإلى من يفضى الأمر تجدونه عندكم ؟ قال : نجده ينتقل بعد صاحب الشريعة والإثنين من أصحابه إلى أعدائه الذين حاربهم وحاربوه وحاربهم على الدين ، فاسترجع عمر مراراً ، فقال : أتستمع يابن عبّاس ، أما والله لقد سمعت من رسول الله ما يشبه هذا ، سمعته يقول : ليصعدنّ بنو اُميّة على منبري ، ولقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة وفيهم اُنزل : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) الآية (8).

وفي المنشور الذي كتبه المعتضد بالله العبّاسي وأمر أن يُقرأ في البلاد كلّها ـ وسنذكره بطوله عند التعرّض لأحوال بني اُميّة إن شاء الله ـ يقول فيه : ثمّ أنزل الله في شأنهم قرآناً يُتلى وقال تعالى : ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) ولا خلاف بين أحد أنّه تعالى يريد بني اُميّة.

وفي رسالة الجاحظ المفاخرة بين بني هاشم وبين اُميّة ، أنّ بني هاشم يعتقدون أنّ الشجرة الملعونة هم بنو اُميّة ، وممّا لا ريب فيه أنّ بني هاشم لا يرون هذا الرأي ما لم يكن عندهم فيه خبر صحيح.

وفي تلك الرسالة أيضاً إلّا أنّه ممزوج بكلام ابن أبي الحديد والأظهر أنّ هذه الفقرة أجدر بها أن تكون من كلام الجاحظ فإن لم تكن له فهي لابن أبي الحديد ، يقول : قال المفسّرون بأجمعهم بنزول الآية في بني اُميّة ورووا في هذا الباب أخباراً كثيرة ، وأنتم معاشر الاُمويّون لا تقدرون على إنكار ذلك ، ومن هنا تعلم أنّ ذكر البيضاوي لها بصيغة التمريض غاية في التعصّب.

ومن الوضوح بمكان أنّ تأويل الشجرة الملعونة بشجرة الزقّوم لون من ألوان الانحراف وفقدان الأمانة ، وهذا التفسير قطعيّ الصدور في أخبار أهل البيت فقد جاء بطرق عدّة في تفسير عليّ بن إبراهيم وتفسير مجمع البيان وفي البحار والصافي وتفسير العيّاشي وألفاظ الروايات فيها متقاربة وفي بعضها ألحق تيم وعدي (9).

ومن محاسن هذا التفسير وبدايع هذا التأويل جملة « فما يزيدهم إلّا طغياناً كبيراً » ويحتمل أن يكون يزيد علماً وحمل الطغيان عليه من باب المبالغة وأنّه بلغ به الطغيان حدّاً إن صار فرداً من أفراد الطغيان الحقيقي ، واختصاصه بالذكر دون سائر الفروع الخبيثة لما جرى على يديه من المنكر العظيم والذنب الكبير والجرم الفادح والداهية الدهماء في وادي الطفّ.

ومن الآيات المأوّلة في بني اُميّة هذه الآية المباركة : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ) (10) كما ذكر البحار نقلاً عن عمدة ابن البطريق رضي الله عنه وهو رواها من تفسير الثعلبي يقول : قال عمر بن الخطّاب : هما الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو اُميّة .. (11).

فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأمّا بنو اُميّة فمتّعوا إلى حين (12).

وهذا الحديث مذكور في تفسير العيّاشي عن أمير المؤمنين عليه السلام بدون ذكرٍ للتقسيم. وكلا الآيتين مذكورتان في مقدّمة الصحيفة الكاملة بالتفصيل المذكور.

والمراد بالنعمة في هذه الآية الإمام عليه‌السلام لأنّ جميع ما سوى الله وجد بفضل وجودهم ، فكان كلّ خير أصاب كلّ أحد وكلّ نفع جرى من كلّ أحد فهو بواسطة عليّ وأولاده عليهم السلام وهم النعمة الحقيقية التي كفر بها بنو اُميّة وبدّلوا نعمة الله وأحلّوا قومهم دار البوار وبئس القرار.

ويوافق هذه الأخبار ما ورد عن الصادقين عليهم السلام في تفسير قوله تعالى : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (13) وروي في الصافي عن العيّاشي عن الصادق عليه السلام أنّه سأل أبا حنيفة عن هذه الآية ، فقال له : ما النعيم عندك يا نعمان ؟ قال : القوت من الطعام والماء البارد. فقال : لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولنّ وقوفك بين يديه.

قال : فما النعيم جعلت فداك ؟ قال : نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد ، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألّف الله بين قلوبهم وجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداءاً ، وبنا هداهم الله إلى الإسلام وهي [ هي ] النعمة التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم الله به عليهم وهو النبيّ صلّى الله عليه وآله وعترته (14).

وفي رواية أنّه عليه السلام قال له : بلغني أنّك تفسّر النعيم في هذه الآية بالطعام الطيّب والماء البارد في اليوم الصائف ؟ قال : نعم ، قال : لو دعاك رجل وأطعمك طعاماً طيّباً وسقاك ماءاً بارداً ، ثمّ امتنّ عليك به ، إلى ما كنت تنسبه ؟ قال : إلى البخل ، قال : أفتبخّل الله تعالى ؟ قال : فما هو ؟ قال : حبّنا أهل البيت (15).

وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال : في الدنيا نعيم حقيقيّ ، فقال له بعض الفقهاء ممّن حضره : فيقول الله تعالى : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) أمّا هذا النعيم في الدنيا هو الماء البارد ، فقال له الرضا عليه السلام ـ وعلا صوته ـ : كذا فسّرتموه وجعلتموه على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غيرهم : هو الطعام الطيّب ، وقال آخرون : هو طيّب النوم ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه أبي عبدالله عليه السلام أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزّ وجلّ ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) فغضب وقال : إنّ الله عزّ وجلّ لا يسأل عباده عمّا تفضّل عليهم به ولا يمنّ [ يمتنّ ] بذلك عليهم ، والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عزّ وجلّ ما لا يرضى المخلوقين [ به المخلوقين ـ المصدر ] ولكنّ النعيم حبّنا أهل البيت وموالاتنا ، يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوّة لأنّ العبد إذا وفى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الذي لا يزول .. (16).

وفي الكافي عن الصادق في هذه الآية قال : إنّ الله عزّ وجلّ وأكرم من أن يطعمكم طعاماً فيسوّغكموه ثمّ يسألكم عنه ، ولكن يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد وآل محمّد (17).

وفي رواية عن الباقر عليه السلام : إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ (18).

وفي المحاسن عن الصادق قال : ثلاثة لا يحاسب العبد المؤمن عليهنّ : طعام يأكله ، وثوب يلبسه ، وزوجة صالحة تعاونه وتحصن فرجه.

وفي رواية قال : إنّ الله أكرم من أن يسأل مؤمناً عن أكله وشربه (19).

ومن الآيات النازلة في ذمّ بني اُميّة سورة « إنّا أنزلناه » المباركة ، لأنّ المراد من ألف شهر دولة بني اُميّة وهي ألف شهر ، وحرموا من فضل ليلة القدر وليلة واحدة من الخير الاُخروي خير ألف مرّة من ألف شهر من الخير الدنيوي رياسة بني اُميّة ، فقد روى الفخر الرازي في تفسيره الكبير وابن الأثير في اُسد الغابة عن الإمام الحسن عليه السلام : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله رأى في منامه بني اُميّة يطئون منبره واحداً بعد واحد. وفي رواية : ينزون على منبره نزو القردة فشقّ عليه فأنزل الله تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) إلى قوله : ( خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يعني ملك بني اُميّة.

قال القاسم ـ وهو راوي الحديث ـ : فحسبنا ملك بني اُميّة فإذا هو ألف شهر.

ثمّ يقول الرازي : طعن القاضي في هذه الوجوه ، فقال : ما ذكر من ألف شهر في أيّام بني اُميّة بعيد لأنّه تعالى لا يذكر فضلها بذكر ألف شهر مذمومة وأيّام بني اُميّة كانت مذمومة.

ويجيب الرازي القاضي فيقول : واعلم أنّ هذا الطعن ضعيف وذلك لأنّ أيّام بني اُميّة كانت أيّاماً عظيمة بحسب السعادات الدنيويّة فلا يمتنع أن يقول الله تعالى : إنّي أعطيتك ليلة في السعادات الدينيّة أفضل من تلك السعادات الدنيويّة (20).

ونفس الحديث مذكور في صحيح الترمذي باختلاف يسير في باب تفسير القرآن.

ويقول المسعودي في مروج الذهب وهو مرضيّ علماء العامّة وأصلهم الجليل وركنهم الوثيق (21) ، يقول : كان جميع ملك بني اُميّة إلى أن بويع أبو العبّاس السفّاح ألف شهر كاملة لا تزيد ولا تنقص لأنّهم ملكوا تسعين سنة واحد عشراً شهراً وثلاثة عشر يوماً.

قال المسعودي : والناس متباينون في تواريخ أيّامهم والمعوّل على ما نورده وهو الصحيح عند أهل البحث ومن عني بأخبار هذا العالم ، وهو أنّ معاوية بن أبي سفيان ملك عشرين سنة ، ويزيد بن معاوية ثلاث سنين وثمانية أشهر وأربعة عشر يوماً ، ومعاوية بن يزيد شهراً واحد عشر يوماً ، ومروان بن الحكم ثمانية أشهر وخمسة أيّام ، وعبدالملك بن مروان إحدى وعشرين سنة وشهراً وعشرين يوماً ، والوليد بن عبدالملك تسع سنين وثمانية أشهر ويومين ، وسليمان بن عبدالملك سنتين وستّة أشهر وخمسة عشر يوماً ، وعمر بن عبدالعزيز رضي‌الله‌عنه سنتين وخمسة أشهر ، ويزيد بن عبدالملك أربع سنين وثلاثة عشر يوماً ، وهشام بن عبدالملك تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة أيّام ، والوليد بن يزيد بن عبدالملك سنة وثلاثة أشهر ، ويزيد بن الوليد بن عبدالملك شهرين وعشرة أيّام.

( يقول : ) وأسقطنا أيّام إبراهيم بن الوليد بن عبدالملك (22) كإسقاطنا إبراهيم بن المهدي أن يعدّ في الخلفاء العبّاسيّين ، ومروان بن محمّد بن مروان خمس سنين وشهرين وعشرة أيّام إلى أن بويع السفّاح فتكون الجملة تسعين سنة وأحد عشر شهراً وثلاثة عشر يوماً يضاف إلى ذلك الثمانية أشهر التي كان مروان يقاتل فيها بني العبّاس إلى أن قتل فيصير ملكهم إحدى وتسعين سنة وسبعة أشهر وثلاثة عشر يوماً .. يوضع من ذلك أيّام الحسن وهي خمسة أشهر وعشرة أيّام ، وتوضع أيّام عبدالله بن الزبير إلى الوقت الذي قتل فيه وهي سبع سنين وعشرة أشهر وثلاثة أيّام فيصير الباقي بعد ذلك ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر يكون ذلك ألف شهر سواء.

( ثمّ يقول : ) وقد ذكر قوم أنّ تأويل قوله عزّ وجلّ : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ما ذكرناه من أيّامهم (23) تمّ كلام المسعودي.

وتكرّر هذا المعنى في أخبار أهل بيت العصمة وكثر وجوده وطال وروده.

وفي الكافي وفي تفسير عليّ بن إبراهيم رضي الله عنهما أنّ المراد من « ألف شهر » أيّام ملك بني اُميّة ليس فيها ليلة القدر (24).

والظاهر أنّ القصد من ذلك حرمان بني اُميّة وأتباعهم من ثواب ليلة القدر ، لأنّ الكثير من أخبار فضل ليلة القدر وردت في أيّامهم ، ولم تحسب أيّام عثمان منهم وإن كان محسوباً من فروع الشجرة الملعونة ، والآيات والأخبار الاُخرى تشمله ، وفي القرآن الكريم نزلت آيات في ذمّ بني اُميّة ولكن بما أنّي أميل إلى الاُمور المتفق عليها في كتاب الله عند الفريقين فلا أنقل شيئاً منها.

وهذه الزيارة احتوت على لباب عقائد الشيعة في اُصول التولّي والتبرّي ، على أنّ ذكر أخبار المخالفين في هذا الباب أدخل في الإلزام وأوقع في الأهواء من ثمّ أكتفي بهذا المقدار مع ضيق المجال وقلّة الأسباب وكثرة الشواغل النظريّة وتعدّد المشاغل الفكريّة ، والآن أذكر حديثين مضافاً إلى ما ذكرته في تفسير الآيات من كتب القوم :

ومثالب شهد المحبّ بنقصها

 

والنقص ما شهدت به الأحباب

أ ـ في حياة الحيوان ومثله في المستدرك للحاكم أنّه قال : عن مسلم الربعي ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : رأيت في منامي كأنّ بني الحكم بن العاص ينزون على منبري كما ينزو القردة ، فما رُئي النبيّ مستجمعاً ضاحكاً حتّى مات (25).

ويقول الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم (26).

وعلمت فيما سبق من الأخبار أنّ الحديث يتناول مطلق بني اُميّة بمن فيهم شيخهم الثالث وليس بعيداً أن تتعدّد رؤيا النبي صلّى الله عليه وآله أو أنّ تخصيص بني مروان من تحريف الرواة زمن معاوية لإخراج آل حرب ، ولن يصلح العطّار ما أفسد الدهر.

ب ـ روى آية الله العلّامة ـ أجزل تشريفه وإكرامه ـ في نهج الحقّ عن صاحب كتاب « الهاوية » وهو من أهل السنّة والجماعة ، عن ابن مسعود أنّه قال : لكلّ شيء آفة وآفة هذا الدين بنو اُميّة .. (27).

ج ـ في صحيح مسلم : هلاك اُمّتي على يد هذا الحي (28).

وينقل هذا الخبر بعد ذكره لبني اُميّة ، وهذا قرينة على إرادة بني اُميّة من قوله : « هذا الحي » وهذا ما فهمه العلماء.

وعلى كلّ حال فإنّ ابن البطريق اعتبره من الأحاديث الذامّة لبني اُميّة كما حكى عنه ذلك صاحب البحار ، وخبر البخاري يعينهم ويؤيّد هذا المعنى.

ويقول ابن حجر في رسالة ( تطهير الجنان ) : روي بسند حسن أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : « شرّ قبائل العرب : بنو اُميّة وبنو حنيفة وثقيف » (29).

وذكر ابن حجر أيضاً في هذه الرسالة : وفي الحديث الصحيح وقال عنه الحاكم بشرط الشيخين : كان أبغض الأحياء أو الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله بنو اُميّة .. (30).

والبخاري يجعل من عناوين كتابه قول النبيّ صلّى الله عليه وآله « هلاك اُمّتي على اُغيلمة سفهاء » : حدّثنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال : أخبرني جدّي قال : كنت جالساً مع أبي هريرة في مسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله بالمدينة ومعناه مروان. قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق يقول : هلكة اُمّتي على يدي غلمة من قريش. فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت فكنت أخرج مع جدّي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام فإذا رآهم غلماناً أحداثاً ، قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ، قلنا : أنت أعلم (31).

وقول أبي هريرة كناية عن بني حرب وبني مروان ، ومن هنا يعلم أنّ أبا هريرة روى هلاك اُمّتي على يد مروان لأنّه شعبة من بني اُميّة. ومن العنوان الذي ترجم به الباب يعلم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله سمّى هذه الطائفة سفهاء وهم كذلك لأنّهم باعوا الدين بالدنيا واتّبعوا لغة المعازف والملاعب مثل الوليد الفاسق.

فقد جاء في تاريخ الخميس أنّه دخل يوماً فوجد ابنته جالسة مع دادتها فبرك عليها وأزال بكارتها ، فقالت له الدادة : هذه دين المجوس ، فأنشد :

من راقب الناس مات همّاً

 

وفاز باللذّه الجسور (32)

ونقل ابن أبي الحديد طيّ أخبار حمقى العرب ، قال : ومن حمقى قريش سليمان بن يزيد بن عبدالملك ، قال يوماً : لعن الله الوليد أخي فلقد كان فاجراً ، أرادني على الفاحشة.

فقال له قائل من أهله : اُسكت ويحك فوالله إن كان همّ لقد فعل (33).

وذكر السيوطي في تاريخه مجمل هذا الخبر (34).

وفي غالب كتب أهل السنّة والجماعة أنّه أذّن للصبح مرّة وعنده جارية يشرب الخمر معها ، فقام فوطئها وحلف لا يصلّي بالناس غيرها ، فخرجت وهي جنب سكرانة فلبست ثيابه وتنكّرت وصلّت بالناس .. (35).

وفي تاريخ الخميس أيضاً قال : أراد الوليد أن يحجّ وقال : أشرب الخمر فوق ظهر الكعبة .. (36).

ومذكور في أكثر الكتب بل هو من المتواترات ومن الكتب التي ذكرته أدب الدنيا والدين للماوردي أنّه استفتح بالقرآن يوماً فخرجت الآية : ( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (37) فوضع القرآن هدفاً ورماه بالسهام حتّى تناثر وقال :

تهدّدني بجبّار عنيد

 

فها أنا ذاك جبّار عنيد

إذا ما جئت ربّك يوم حشر

 

فقل يا ربّ مزّقني الوليد (38)

وفي أدب الحيوان وغيره أنّه صنع في حائط له حوضاً ملأه بالخمر ، فكلّما رغب في الشرب رمى بنفسه في الحوض وأخذ يعبّ منه حتّى تبيّن النقص فيه (39).

وعدّه ابن أبي حجلة في ديوان الصبابة من الخلفاء خليعي العذار وأهل الدعابات.

وذكر داود الأنطاكي في تزيين الأسواق أنّ الوليد عشق نصرانيّة ، فراسلها فأبت عليه فكاد أن يطيشق عقله ، فتنكّر يوم عيد النصارى ، وبايع صاحب البستان تتنزّه فيه بنات النصارى فأدخله ، فلمّا رأته قالت للبوّاب : من هذا ؟ قال لها : مصاب ، فجعلت تمازحه حتّى اشتفى بالنظر إليها ، فقيل : أتدرين من هذا ؟ قالت : لا ، قالوا لها : هو الخليفة ، فأجابت حينئذٍ وتزوّج بها ، وفيها يقول :

أضحى فؤادك يا وليد عميدا

 

صبّاً قديماً للحسان صيودا

من حبّ واضحة العوارض طفلة

 

برزت لنا نحو الكنيسة عيدا

مازلت أرمقها بعيني وامق

 

حتّى بصرت بها تقبّل عودا

عود الصليب فويج نفسي من رأى

 

منكم صليباً مثله معبودا

فسألت ربّي أن أكون مكانه

 

وأكون في لهب الجحيم وقودا (40)

أجاب الله مسألته ..

وفي ذلك يقول أيضاً لمّا اشتهر أمره بها :

ألا حبّذا سعدىٰ وإن قيل إنّني

 

كلفت بنصرانيّة تشرب الخمرا

يهون علينا أن نظلّ نهارنا

 

إلى الليل لا أُولى نصلّي ولا عصرا (41)

وروى المسعودي في مروج الذهب عن رجل من أهل الشام عن أبيه قال : كنت سميراً للوليد بن يزيد ، فرأيت ابن عائشة القرشيّ عنده ، وقد قال له : غنّني ، فغنّاه :

إنّي رأيت صبيحة العصر

 

حوراً نفين عزيمة الصبر

مثل الكواكب في مطالعها

 

عند العشاء أطفن بالبدر

وخرجت أبغي الأجر محتسباً

 

فرجعت موقوراً من الوزر

فقال له الوليد : أحسنت والله يا أميري أعد بحقّ عبد شمس ، فأعاد ، فقال : أحسنت والله ، بحقّ اُميّة أعد ، فاعاد ، فجعل يتخطّى من أب إلى أب ويأمره بالإعادة حتّى بلغ نفسه ، فقال : أعد بحياتي ، فأعاد ، فقام إلى ابن عائشة فأكبّ عليه ولم يبق عضواً من أعضائه إلّا قبّله وأهوى إلى ... يقبّله ، فجعل ابن عائشة يضمّ ذكره بين فخذيه ، فقال الوليد : والله لا زلت حتّى اُقبّله ، فأبرأه فقبّل رأسه وقال : واطرباه واطرباه ، ونزع ثيابه فألقاها على ابن عائشة وبقي مجرّداً إلى أن أتوه بثياب غيرها ، ودعا له بألف دينار فدفعت إليه وحمله على بغلة له وقال : اركبها على بساطي وانصرف فقد تركتني على أحرّ من جمر الغضا.

قال المسعودي : وكان ابن عائشة غنّى بهذا الشعر يزيد بن عبدالملك أباه فأطربه وقيل : إنّه ألحد وكفر في طربه وكان فيما قال لساقيه : اسقنا بالسماء الرابعة ، فكأنّ الوليد بن يزيد قد ورث الطرب في هذا الشعر عن أبيه ( والشعر لرجل من قريش ... ) (42). (43)

وقال المسعودي أيضاً والمبرّد في الكامل : إنّ الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبيّ صلّى الله عليه وآله وأنّ الوحي لم يأته عن ربّه ، كذب أخزاه الله !! من ذلك الشعر :

تلعّب بالخلافة هاشميّ

 

بلا وحي أتاه ولا كتاب

فقل لله يمنعني طعامي

 

وقل لله يمنعني شرابي (44)

وأنا أستغفر الله من حكاية شعره وكتابة كفره. وروى هذا الشعر بل الكفر عن يزيد ويزيد عن أبي سفيان كما سنشير إليه فيما بعد إن شاء الله في كلامهم.

وكان من سوء أفعاله وطئه اُمّهات أولاد أبيه وله منهنّ أولاد ، وعرف على ألسنة الخلفاء من بعده وألسنة المؤرّخين من أهل السنّة بالوليد الفاسق والوليد الزنديق.

وفي تاريخ الخلفاء عن المعافىٰ الجريري قال : جمعت شيئاً من أخبار الوليد ومن شعره الذي ضمنه ما فجر به من خرقه وسخافته وما صرّح به من الإلحاد في القرآن والكفر بالله .. (45).

وفي تاريخ الخميس عن الذهبي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ليكوننّ في هذه الاُمّة رجل يقال له الوليد ، فهو أشدّ لهذه الاُمّة من فرعون على قومه .. (46).

والأمر العجيب والخطب الفضيع هو أنّ الوليد مع ما هو عليه من الشقاوة والشرّ والزندقة والفجور يعتبر إماماً مفترض الطاعة يُدعىٰ بأمير المؤمنين ويسمّى خليفة رسول الله صلّى الله عليه وآله بل نقل عن القاضي عياض أنّه أحد الخلفاء الإثني عشر المنصوص عليهم في الحديث المتواتر (47) المتفق عليه من الخاصّة والعامّة.

وفي تاريخ الخلفاء عن ابن حجر العسقلاني المعروف بشيخ الإسلام ، شارح صحيح البخاري وصاحب كتاب « الإصابة » وغيره ، قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح البخاري : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه .. (48).

ياللعجب كيف يسوغ لمسلم بل لإنسان أن يطلق على مثل هذا الفظّ إمام ويطيعه ، ويوجب على الاُمّة معرفته ؟! وهذا أثر الخذلان وسوء التوفيق وإلّا فإنّ العاقل يربأ بنفسه عن هذا ، وسوف أذكر شطراً صالحاً من تتمّة هذا الباب في الكلام على سيرة يزيد لعنه الله ، بعون الله وحسن مشيئته . وسأنقل عين عبارة القاضي عياض وجملة من المطالب.

ونحن وإن أسهبنا في هذا المقام لكنّنا لم نخرج عن الغرض الأصلي وهو شرح مثالب بني اُميّة ونشر معايبها لأنّ سائر القوم من نفس الطراز وسالك نفس الطريق ، وورثوا عن أبي سفيان والحكم الكفر والزندقة والإلحاد والفسق والفجور والجور والطغيان ، يتوارثه خلف عن سلف . ومن سبر تاريخ القوم لا يعتريه شكّ فيهم لاسيّما ما يعود إلى أهل السنّة والجماعة لأنّ سمة التعصّب لا توسّم بهؤلاء وإنّهم بذلوا غاية الجهد في إخفاء عيوب خلفائهم ولكن لم يتيسّر لهم ذلك وتحوّل من مكان إلى آخر ومن كتاب إلى كتاب. وجرى الحقّ على ألسنة القوم بتأييد الله وإمداداته السماويّة ، وقد اعترفوا بفضائل أئمّة الهدى ورذائل أعداء الله ، كما أنّ لعلماء الشيعة بصفة عامّة ولفضلاء الهند بصفةٍ خاصّة ـ أيّدهم الله ـ في استقصاء هذه السير حظاً موفوراً وسعياً مشكوراً ، وإنّي وإن عدمت الفرصة المواتية وتحلّيت بقلّة البضاعة ما أزال بين الفينة والفينة على سبيل الاستطراف والاستطراد أضمن بعضاً منها في هذا السفر المختصر ، وأهمس به إلى السامعين.

ومن محاسن الكتب وبدايع الرسائل المنشور الذي أمر المعتضد العبّاسي بكتابته وقرائته على المنابر سنة أربع بعد الثمانين والمأتين هجريّة ، ومنع السقّائين من الترحّم على معاوية لعنه الله ، كما ذكر ذلك محمّد بن جرير الطبري في تاريخه ونقل عنه ابن أبي الحديد في شرحه الحديدي.

ويشتمل هذا الكتاب او المنشور على طائفة من الأخبار والآثار في مساوئ بني اُميّة ، ما تعود إلى الإفراد أو المجموع ، واحتوى أكثر الأخبار عنهم ، وتضمّن سائر بدعهم وفتنهم بنحو الإشارة والإجمال ، ولمّا كان هذا الكتاب قولاً من أقوال خليفةٍ من خلفاء أهل السنّة فطاعته واجبة قطعاً ، وفيه التحريض على لعن بني اُميّة والبرائة من معاوية وأحزابه.

ولمّا كان الكتاب غاية في الفصاحة والإتقان وجمال العربيّة ، رأينا من الأولى أن ننقله بعينه من دون ترجمة ، لأنّ جمله ومطالبه تناثرت في مواضع عدّة من هذا الكتاب ، وسيمرّ خلاله جمل اُخرى منه إن شاء الله وستكون مطالعته للعلماء وأهل الفضل سبباً للمسرّة والابتهاج ، وفيه بعد الحمد والصلاة :

أمّا بعد ، فقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة العامّة من شبهة دخلتهم في أديانهم ، وفساد لحقهم في معتقدهم ، وعصبيّة قد غلبت عليها أهوائهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا رويّة قد قلّدوا فيها قادة الضلالة بلا بيّنة ولا بصيرة ، وخالفوا السنن المتّبعة إلى الأهواء المبتدعة ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (49) خروجاً عن الجماعة ، ومسارعة إلى الفتنة ، وإيثاراً للفرقة ، وتشتيتاً للكلمة ، وإظهاراً لموالاة من قطع الله عنه الموالاة (50) وتبرّأ منه العصمة ، وأخرجه من الملّة ، وأوجب عليه اللعنة ، وتعظيماً لمن صغّر الله حقّه ، وأوهن أمره ، وأضعف ركنه من بني اُميّة الشجرة الملعونة ، ومخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة ، وأسبغ عليهم به النعمة من أهل البركة والرحمة ، والله يختصّ برحمته من يشاء والله ذوالفضل العظيم ، فأعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى ترك إنكاره حرجاً عليه في الدين وفساداً لمن قلّده الله أمره من المسلمين وإهمالاً لما أوجبه الله من تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين ، وأمير المؤمنين يخبركم :

معاشر المسلمين ، إنّ الله جلّ ثنائه لمّا ابتعث محمّداً بدينه ، وأمره أن يصدع بأمره بدأ بأهله وعشيرته ، فدعاهم إلى ربّه ، وأنذرهم وبشّرهم ونصح لهم وأرشدهم ، فكان من استجاب له وصدّق قوله ، واتّبع أمره يسير من بني أبيه من بين مؤمنٍ بما أتى به من ربّه وناصر لكلمته ، وإن لم ينبع دينه إعزازاً وإشفاقاً عليه (51) فمؤمنهم مجاهد ببصيرته ، وكافرهم مجاهد بنصرته وحميّته ، يدفعون من نابذوه ، يقهرون من عازه وعانده ، ويتوثّقون له ممّن كانقه وعاضده ، ويبايعون له من سمح له بنصرته ، ويتجسّسون أخبار أعدائه ، ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأي العين حتّى بلغ المدى وحان وقت الاهتداء ، فدخلوا في دين الله وطاعته ، وتصديق رسوله والإيمان به ، بأثبت بصيرة ، وأحسن هدىً ورغبة ، فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، معدن الحكمة وورثة النبوّة وموضع الخلافة ، أوجب الله لهم الفضيلة وألزم العباد كلّهم الطاعة.

وكان ممّن عانده وكذّبه وحاربه من عشيرته العدد الكثير والسواد الأعظم ، يتلقّونه بالضرر والتثريب ، ويقصدونه بالأذى والتخويف ، وينابذونه بالعداوة ، وينصبون له المحاربة ، ويصدّون عن قصده ، وينالون بالتعذيب من اتّبعه ، وكان أشدّهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة ، أوّلهم في كلّ حرب ومناصبه ، ورأسهم في كلّ أجلاب وفتنة ، لا ترفع على الإسلام راية إلّا كان صاحبها وقائدها ورئيسها أبا سفيان بن حرب صاحب اُحد والخندق ، وغيرهما وأشياعه من بني اُميّة الملعونين في كتاب الله ، ثمّ الملعونين على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله في مواطن عدّة لسابق علم الله فيهم ، وماضي حكمه في أمرهم وكفرهم ونفاقهم ، فلم يزل لعنه الله يحارب مجاهداً ، ويدافع مكائداً ، ويجلب منابذاً حتّى قهره السيف ، وعلا أمر الله وهم كارهون فتعوّذ بالإسلام غير منطوٍ عليه ، وأسرّ الكفر غير مقلع عنه ، فغلبه وقبل ولده على علم منه بحاله وحالهم.

ثمّ أنزل الله تعالى كتاباً فيما أنزله على رسوله يذكر فيه شأنهم ، وهو قوله تعالى : ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (51) ولا خلاف بين أحد من أنّه تبارك وتعالى أراد بها بني اُميّة.

وممّا ورد من ذلك في السنّة ورواه ثقات الاُمّة قول رسول الله صلّى الله عليه وآله فيه وقد رآه مقبلاً على حمارٍ معاوية يقوده ويزيد يسوقه (52) : لعن الله الراكب والقائد والسائق.

ومنه ما روته الرواة عنه من قوله يوم بيعة عثمان : تلقّفوها يا بني عبد شمس تلقّف الكرة ، فوالله ما من جنّة ولا نار ، وهذا كفر صراح يلحقه اللعنة من الله ، كما لحقت الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.

ومنه ما يروىٰ من وقوفه على ثنية اُحد من بعد ذهاب بصره ، وقوله لقائده : هاهنا رمينا محمّداً وقتلنا أصحابه.

ومنها الكلمة التي قالها للعبّاس قبل الفتح وقد عرضت عليه الجنود : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً ، فقال له العبّاس : ويحك ، إنّه ليس بملك إنّها النبوّة.

ومنه قوله يوم الفتح ـ وقد رأى بلالاً على ظهر الكعبة يؤذّن ويقول : أشهد أنّ محمّداً رسول الله ـ : لقد أسعد الله عتبة بن ربيعة إذ لم يشهد هذا المشهد.

ومنها الرؤيا التي رآها رسول الله صلّى الله عليه وآله فوجم لها ، قالوا : فما رُئي بعدها ضاحكاً ، رأى نفراً من بني اُميّة ينزون على منبره نزو القردة.

ومنها إطراد رسول الله صلّى الله عليه وآله الحكم بن أبي العاص لمحاكاته إيّاه في مشيته وألحقه الله بدعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله آفة باقية حين التفت إليه فرآه يتخلّج يحكيه ، فقال : كن كما أنت ، فبقي على ذلك سائر عمره ، هذا إلى ما كان من مروان ابنه في افتتاحه أوّل فتنة كانت في الإسلام واحتقابه [ واختقابه ـ بحار ] كلّ دم حرام سفك فيها أواريق بعدها.

ومنها ما أنزل الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قالوا : ملك بني اُميّة :

ومنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دعا معاوية ليكتب بين يديه فدافع بأمره واعتلّ بطعامه ، فقال صلّى الله عليه وآله : لا أشبع الله بطنه ، فبقي لا يشبع ويقول : والله لا أترك الطعام شبعاً ولكن إعياءاً.

ومنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : يطلع من هذا الفجّ رجل من اُمّتي يحشر على غير ملّتي ، فطلع معاوية.

ومنها : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

ومنها الحديث المشهور المرفوع أنّه صلّى الله عليه وآله قال : إنّ معاوية في تابوت من نار في أسفل درك من جهنّم ينادي : يا حنّان يا منّان ، فيقال له : الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.

ومنها : انتزائه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الإسلام مكاناً وأقدمهم إليه سبقاً ، وأحسنهم فيه أثراً وذكراً عليّ بن أبي طالب ، ينازعه حقّه بباطله ، ويجاهد أنصاره بضلاله وأعوانه ، ويحاول ما لم يزل هو وأبوه يحاولانه من إطفاء نور الله وجحود دينه ، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون. ويستهوي أهل الجهالة ، ويموّه لأهل الغباوة بمكره وبغيه الذين قدّم رسول الله الخبر عنها ، فقال لعمّار بن ياسر : تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنّة ويدعونك إلى النار ، مؤثراً العاجلة كافراً بالآجلة ، خارجاً من ربقة الإسلام ، مستحلّاً للدم الحرام حتّى سفك في فتنته وعلى سبيل غوايته وضالّته [ دماءاً ـ المصدر ] ما لا يحصى عدده من أخيار المسلمين الذابّين عن دين الله والناصرين لحقّه.

مجاهداً في عداوة الله ، مجتهداً في أن يعصى الله فلا يطاع ، ويبطل أحكامه فلا تقام ، ويخالف دينه فلا يدان ، وأن تعلو كلمة الضلال وترتفع دعوة الباطل ، وكلمة الله هي العليا ، ودينه المنصور ، وحكمه النافذ ، وأمره الغالب ، وكيد من عاداه وحادّه المغلوب الداحض ، حتّى احتمل أوزار تلك الحروب وما تبعها ، وتطوّق تلك الدماء وما سفك بعدها.

وسنّ سنن الفساد التي هي عليه إثمها وإثم من عمل بها ، وأباح المحارم لمن ارتكبها ، ومنع الحقوق أهلها ، وغرّته الآمال ، واستدرجه الإمهال ، وكان أوجب الله عليه به اللعنة قتله من قتل صبراً من خيار الصحابة ، والتابعين وأهل الفضل والدين مثل عمرو بن الحمق الخزاعي ، وحجر بن عدي الكندي فيمن قتل من أمثالهم على أن تكون له العزّة والملك والغلبة.

ثمّ ادّعائه زياد بن سميّة أخاً ونسبته إيّاه إلى أبيه ، والله تعالى يقول : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ ) (54) ورسول الله يقول : ملعون من ادّعي إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه ، وقال : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فخالف حكم الله تعالى ورسوله جهاراً ، وجعل الولد لغير الفراش ، والحجر لغير العاهر ، فأحلّ بهذه الدعوة من محارم الله ورسوله في اُمّ حبيبة اُمّ المؤمنين وفي غيرها من النساء من شعور ووجوه وقد حرّمها الله ، وأثبت بها من قربى قد أبعدها الله ما لم يدخل الدين خلل مثله ، ولم ينل الإسلام تبديلاً يشبهه.

ومن ذلك إيثاره بخلافة الله على عباده ابنه يزيد السكّرين الخمّير صاحب الديكة والفهود والقردة ، وأخذ البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعّد والإخافة والتهديد والرهبة وهو يعلم سفهه ويطلع على رهقه وخبثه ، ويعاين سكراته وفعلاته وفجوره وكفره ، فلمّا تمكّن قاتله الله فيما تمكّن منه طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين ، فأوقع بأهل المدينة في وقعة الحرّة الوقعة التي لم تكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش (55) فشفى عند نفسه غليله ، وظنّ أنّه انتقم من أولياء الله وبلغ الثار لأعداء الله ، فقال مجاهراً بكفره ومظهراً لشركه :

ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا

 

جزع الخزرج من وقع الأسل

قول لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى رسوله ولا إلى كتابه ولا يؤمن بالله وبما جاء من عنده ، ثمّ أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن عليّ عليهما السلام مع موقعه من رسول الله ومكانه ومنزلته من الدين والفضل والشهادة له ولأخيه بسيادة شباب أهل الجنّة اجتراءاً على الله وكفراً بدينه وعداوة لرسوله ومجاهرة لعترته واستهانة لحرمته كأنّما يقتل منه ومن أهل بيته قوماً من كفرة الترك والديلم ولا يخاف من الله نقمة ولا يراقب منه سطوة فبتر الله عمره وأخبث [ اجتثّ ـ المصدر ] أصله وفرعه ، وسلبه ما تحت يده ، وأعدّ له من عذابه وعقوبته ما استحقّه من الله بمعصيته.

هذا إلى ما كان من بني مروان من تبديل كتاب الله وتعطيل أحكام الله واتّخاذ مال الله بينهم دولاً ، وهدم بيت الله ، واستحلالهم حرامه ونصبهم المجانيق عليه ورميهم بالنيران إيّاه [ إليه ـ المصدر ] لا يألون له إحراقاً وإخراباً ، ولما حرم الله منه استباحة وانتهاكاً ، ولمن لجأ إليه قتلاً وتنكيلاً ، ولمن أمنه الله به إخافة وتشريداً ، حتّی إذا حقّت عليهم كلمة العذاب ، واستحقّوا من الله الانتقام ، وملأوا الأرض بالجور والعدوان ، وعموا بلاد الله بالظلم والاقتسار ، وحلّت عليهم السخطة ، ونزلت بهم من الله السطوة ، أتاح الله لهم من عترة نبيّه وأهل وراثته ، ومن استخلصه منهم لخلافته مثل ما أتاح من أسلافهم المؤمنين ، وآبائهم المجاهدين لأوائلهم الكافرين ، فسفك الله به دمائهم مرتدّين كما سفك بآبائهم دماء آبائهم المشركين ، وقطع الله دابر الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين.

أيّها الناس ، إنّما أمر ليطاع ، ومثّل ليتمثّل ، وحكم ليفعل ، قال الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ اللَّـهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ) (56) وقال : ( أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (57) فالعنوا أيّها الناس من لعنه الله ورسوله ، وفارقوا من لا تنالون القربة من الله إلّا بمفارقته.

اللهمّ العن أبا سفيان بن حرب بن اُميّة ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وولده وولد ولده.

اللهمّ العن أئمّة الكفر وقادة الضلال وأعداء الدين ومجاهدي الرسول ومعطّلي الأحكام ومبدّلي الكتاب ومنتهكي الدم الحرام.

اللهمّ إنّا نبرأ إليك من موالاة أعداءك ، ومن الإغماض لأهل معصيتك كما قلت : ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ) (58).

أيّها الناس ، اعرفوا الحقّ تعرفوا أهله ، وتأمّلوا سبل الضلالة تعرفوا سابلها فقفوا عندما وقفكم الله عليه ، وانفذوا كما أمركم الله به ، وأمير المؤمنين يستعصم بالله لكم ويسأله توفيقكم ، ويرغب إليه في هدايتكم ، والله حسبه وعليه توكّله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم (59).

وإذا شئت الاطّلاع على مساوئ بني اُميّة بأكثر من هذا اُنظر « مفاخرة بني هاشم وبني اُميّة » الواردة في الشرح المذكور (60) مضافاً إلى الفوائد التي ساقها الشارح من عنده لأنّ الجاحظ وإن كان من أعداء أمير المؤمنين عليه السلام وكان كتب رسالة في إثبات إمامة المروانيّة وسمّاها « كتاب إمامة أمير المؤمنين معاوية .. » فقد ذكر في رسالة المفاخرة شطراً مقنعاً وفصلاً مشبعاً من خبث أعراق هذه الشجرة الملعونة والطائفة المشئومة وسوء أخلاقها ودنائة حسبها وردائة نسبها ، ولله درّ أبي القاسم المغربي رحمه الله حيث قال :

ثمّ امتطاها عبد شمس فاغتدت

 

هزواً وبدّل ربحها بخسار

ما بين مأفون إلى متزندق

 

ومداهن ومضعّف وحمار

قال ابن أبي الحديد : فأمّا قوله في بين اُميّة « ما بين مأفون .. » البيت ، فمأخوذ من قول عبدالملك [ بن مروان ـ مصدر ] وقد خطب فذكر الخلفاء من بني اُميّة قبله ، فقال : إنّي والله لست بالخليفة المستضعف ، ولا بالخليفة المداهن ، ولا بالخليفة المأفون ، عنى بالمستضعف عثمان ، وبالمداهن معاوية ، وبالمأفون يزيد بن معاوية ، فزاد هذا الشاعر فيهم اثنين : وهما المتزندق وهو الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، والحمار وهو مروان بن محمّد بن مروان (61).

تنبيه

في البحار عن كامل البهائي ـ وهو من مصنّفات عماد الدين الحسن بن عليّ الطبري المعاصر للمحقّق واُستاذ البشر قدّس سرّهما وكتبه لبهاء الدين محمّد الجويني في عهد هلاكو كما يستفاد ذلك من رياض العلماء للفاضل المتتبّع الميرزا عبدالله المعروف بالأفندي تلميذ العلّامة المجلسي قدّس سرّه ـ ونقل عنه أنّه قال : إنّ اُميّة كان غلاماً روميّاً لعبد شمس فلمّا ألقاه كيّساً فطناً أعتقه وتبنّاه ، فقيل اُميّة عبد شمس كما كانوا يقولون قبل نزول الآية زيد بن محمّد ، والآية : ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) (62) ولذا روي عن الصادقين عليهما السلام في قوله تعالى : ( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ ) (63) أنّهم بنو اُميّة. ومن هنا يظهر نسب عثمان ومعاوية وحسبهما وأنّهما لا يصلحان للخلافة لقوله صلّى الله عليه وآله : « الأئمّة من قريش » (64).

وفي البحار أيضاً عن إلزام الناصب قال : إنّ اُميّة لم يكن من صلب عبد شمس وإنّما هو من الروم فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه ، فبنو اُميّة كلّهم ليسوا من صميم قريش وإنّما هم يلحقون بهم ، ويصدّق ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام : لصاق وليسوا صحيحي النسب إلى عبد مناف ، ولم يستطع معاوية إنكار ذلك (65).

وروى المحقّق المحدّث الكاشاني قدّس سرّه النوراني من كتاب « الاستغاثة في بدع الثلاثة » ـ وهو على التحقيق من مصنّفات عليّ بن أحمد الكوفي صاحب كتاب ( الأنبياء ) وكتاب ( الأوصياء ) وهذا الكتاب مذكور في رجال النجاشي باسم ( كتاب بدع الثلاثة ) كما أورد ذلك المحقّق النحرير الشيخ أسد الله الشوشتري ناقلاً عن تلميذه المتتبّع الشيخ عبدالنبي الكاظمي في حاشية ( نقد الرجال ) مستمدّاً من إشارة الشيخ يوسف البحراني رحمه الله ويؤكّد نسبة الكتاب إلى عليّ بن أحمد روايته بلا واسطة عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، ومع كلّ ما تقدّم نسب المحقّق المذكور في كتاب الصافي والمحدّث المتبحّر المجلسي في مقدّمة بحار الأنوار الكتاب لابن ميثم البحراني وهذا غريب جدّاً منهما مع سعة باعهما وكثرة اطّلاعهما ـ.

وبالجملة ؛ ورد في الكتاب المذكور وهو مرويّ عن علماء أهل البيت بأسرارهم وعلوّهم ووصل إلى علماء الشيعة أنّ قوماً ينسبون إلى قريش وليسوا منهم في حقيقة النسب وهذا من الأخبار التي لا يعلمها إلّا معادن النبوّة وورثة علم الرسالة وذلك نظير بني اُميّة حيث نفوذهم عن قريش وألحقوهم نسباً بالروم وفيهم ورد تأويل هذه الآية ( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ ) ومعناها أنّهم غلبوا على الملك وسيغلبهم بنو العبّاس عجلين ، وهذا التأويل يناسب قرائة ( غلبت ) بصيغة المعلوم كما في الصافي ، وجعلت هذه القرائة من الشواذّ.

وفي البحار عن كنز الفوائد للعلّامة الكراجكي روى قريباً من هذا المعنى بطريقين : أحدهما عن ابن عقدة ، والآخر عن محمّد بن العبّاس الماهيار صاحب التفسير المعروف ، ويمكن أن يشار إلى ضعف النسب الأموي بأشعار أبي العطاء السندي وهو من مشاهير شعراء الدولتين المخضرمين التي نظمها في هجاء بني اُميّة ، والشعر بنفسه مرغوب فيه وإن لم يؤت به شاهداً على ما تقدّم من نسب الأمويّين ، فللّه درّه وعلى الله برّه ، فلقد أجاد ما شاء :

إنّ الخيار من البريّة هاشم

 

وبنو اُميّة أفجر الأشرار

وبنو اُميّة عودهم من خروع

 

ولهاشم في المجد عود نضار

أمّا الدعاة إلى الجنان فهاشم

 

وبنو اُميّة من دعاة النار

وبهاشم زكت البلاد وأعشبت

 

وبنو اُميّة كالسراب الحارِ

النصائح الكافية : 138 (66)

فائدة

حكمت طائفة من بني اُميّة في المغرب ، وسمّوا أنفسهم خلفاء ولكنّهم لا يُعتدّ بهم ، ولا يُعدّون شيئاً ، لاضطراب أيّامهم على الأغلب ، وتدهور اُمور مملكتهم ، وكانت رقعة الأندلس صغيرة ، من ثَمّ لم تتّجه إليهم الأنظار ، ولم يحسب ملكهم في الأندلس من أيّام بني اُميّة ، كما أنّ أيّام عبدالملك لم تُعدّ لأنّها صاحبت فتنة ابن الزبير ، لأنّ خلافته اختصّت بالاُردن ودمشق وما حولها (67) ، ومثله معاوية فلم يُسمّ خليفة مع وجود الإمام الحسن وإن حكم مصر والشام.

فتبيّن من هذا أنّ ضيق رقعة الملك وقلّة المملكة توجب عدم الاعتداد بالمتحكّم ، ولا خصوصيّة للمشرق أو المغرب في ذلك ، كما هي الحال في بحار الأنوار فقد كانت وجهته المشرق فلم يعتدّ بغيره وكان عليه اعتماده وله عنايته ، وهذا الوجه وإن كان بسبب ما قلناه من ضيق الرقعة وقلّة البلاد والحكم فهو صحيح من هذه الناحية وإلّا فهو ضعيف وموهون.

توضيح

ظاهر العبارة في هذه الزيارة بصرف النظر عن تأكيد التعميم بلفظ قاطبة حيث يوجب سياق الكلام بها منع التخصيص ، تكشف عن أنّ بني اُميّة أجمعين أكتعين أبصعين أتبعين خبثاء مستحقّو اللعن.

لأنّ المتكلّم لم يأخذ وصفاً في عنوان الحكم لينسحب على العامّ ويتعنون به فلا يوجد في عموم الأفراد وصف قابل لمعارضة الحكم ، فإذا حصل لنا الشكّ في جماعة من بني اُميّة هل قضوا على العقيدة الحقّة والفطرة النقيّة وماتوا حين ماتوا مؤمنين بالحقّ غير دافعين له بل منكرين لسيرة ذويهم ، فإنّنا نحكم بفساد اعتقادهم بناءاً على مقتضى هذا العموم في النصّ ، حيث لعنهم قاطبة ، والمؤمن لا يستوجب اللعن إذاً فلا يكون مؤمناً.

وهذا نظير ما إذا قال المولى لغلامه : أكرم جيراني ، فمع كون حاله تدلّ على عدم إكرام أعدائه ، فإنّ العبارة المذكورة كاشفة أنّ العدوّ لا يوجد في جيرانه وقد حقّقنا هذا المطالب في الاُصول بصفة مستوفاة وشرحه والدنا المحقّق قدّس سره في كتاب ( مطارح الأنظار ) شرحاً وافياً وكان له تحقيق مغنٍ في هذا الباب عمّا عداه.

ولكن يستخلص من هذه العبارة إشكال بيّن لا مندوحة من ذكره ، وهو أنّ الحكم على بني اُميّة عامّة بعدم الإيمان يعارضه وجود جماعة من القدماء والمتأخّرين كانوا يوالون أهل البيت مثل خالد بن سعيد بن العاص وأبو العاص ابن الربيع وهو من الأولى تخلّفوا عن بيعة أبي بكر ، وثبت مع أمير المؤمنين عليه السلام ، كما نصّ على ذلك العامّة والخاصّة في كتبهم ، واعتبر الحرّ العاملي في أمل الآمل ، الأموي الأبيوردي الشاعر من علماء الشيعة وكذلك يظهر لنا بالتتبّع أنّ كثيراً من الرجال والنساء المنسوبين إلى هذه الطائفة كانوا على جانب كبير من الاستقامة مثل أمامة بنت أبي العاص التي تزوّجها الإمام أمير المؤمنين بعد وفاة الصدّيقة الطاهرة عليها السلام بوصيّة منها ، ومثل محمّد بن حذيفة واُمّه بنت أبي سفيان وكان من خواصّ أمير المؤمنين عليه السلام وتحمّل المشاقّ الصعبة في سبيل محبّته ، ودخل سجن معاوية في هذا السبيل ، وعانى منه سنين عدداً ومعاوية لعنه الله خاله ، ولم يتفق معه قطّ.

والجواب على هذا الاعتراض يمكن تحقيقه في وجوه :

الوجه الأوّل : الظاهر أنّ عموم اللفظ يشمل الموجودين ساعة الخطاب ، لأنّ حكم الإضافة في الوضع أنّها حقيقة في المعهود ولا معهود في تلك الآونة إلّا الموجودون من الأمويّين وهذا الوجه ضعيف . لأنّ المراد من الموجودين إن كانوا في زمن الراوي الذي هو زمن الإمام الصادق أيضاً فينبغي أن لا يتناول اللفظ أولئك المتقدّمين من بني اُميّة وهم الأكثر ونحن نقطع بدخول معاوية ويزيد في هذا اللعن . وإن كان القصد جميع الأزمان السابقة من إمام إلى إمام فالإشكال باق على حاله في الأخيار المتقدّمين منهم.

الوجه الثاني : أن نلتزم بفساد الفطرة الأمويّة وانحرافها وإن حصل لبعضهم الاستقامة في عهدٍ مّا من المجتمع فإنّ حكم الفطرة المعوجّة يغلب عليهم ويؤدّي إلى انحرافهم عن جادّة الصواب ويحملهم ذلك على الارتداد ويخرجون من الدنيا على الضلال ، نعوذ بالله العظيم.

ولو أنّنا قطعنا باستقامتهم السابقة فلا دليل على إحرازها ساعة الوفاة إلّا بالاستصحاب ، والدليل المذكور المتضمّن لتجويز لعنهم قاطبة أمارة كاشفة عن استيعاب واستغراق جميع الأفراد بحكم خباثتهم ، من هنا نحكم بجواز لعنهم والبرائة منهم.

ويجب أن يعلم أنّ المراد ببني اُميّة بحكم الوضع واللغة هم الرجال المنسوبون بالآباء إلى اُميّة فلا وجه لعدّ أمامة وهي بنت أو محمّد بن حذيفة وهو منسوب إليهم من جهة أمّه وأمثالهما منهم ، بل لا سبيل لعدّ أبي العاص من بني اُميّة وإن جاء في ذلك خبر ضعيف (68).

وفي رسالة مفاخرة الجاحظ أنّ بني اُميّة استدلّوا على نفي الشجرة الملعونة عنهم بوجود أبي العاص فيهم (69).

وهذا القول غير ملتئم في ميزان تصحيح الأنساب لأنّ أبا العاص بن ربيع بن عبدالعزّى بن شمس بن عبدمناف وهو عبشمي كما ذكر ذلك في اُسد الغابة وغيرها.

ولا وجه لذكر الأبيوردي في الشيعة وإن ذكر ذلك الشيخ الحرّ قدس‌سره في أمل الآمال ، ولم يقم شاهداً على ذلك وكان بأشعاره يفخر بأمويّته ويأسف على ضياع الملك منهم وهذا الأمر ينافي التشيّع بل تقتضيه الفطرة الأمويّة الخبيثة.

وأخطاء الشيخ الحرّ من هذا النمط كثيرة ، لأنّه عدّ أبا الفرج الأصفهاني وهو مروانيّ من علماء الشيعة الإماميّة ، لأنّه لم يكن إماميّاً بالإجماع بل كان من علماء الزيديّة ، وسرى الخطاء إلى الشيخ من قول بعضهم أنّه من الشيعة وتخالف رواياته روايات الإماميّة غالباً كما يظهر ذلك التتبّع والتقصّي في كتابه الأغاني ، إذ لا يجيز الإمامي أن ينسب إلى عبدالله بن جعفر ذي الجناحين الذي هو في عصره ثاني الحسنين وثالث القمرين استماع الغناء مع أنّ حليلته زينب سلام الله عليها وهي عقيلة خدر الرسالة ومحجوبة ستر الإمامة ورضيعة ثدي الزهد والعصمة والوليّة ، وربيبة حجر العلم الحكمة النبويّة ، وكانت تعيش معه في بيت واحد.

وهكذا تجد من طراز هذه الترّهات والخزعبلات في الأغاني الكثير .. وهو الذي نسب الندم إلى الحسين من مسيره إلى كربلاء في يوم عاشوراء وكتابه ( مقاتل الطالبيّين ) معروف ، وتعرّضنا لشرح حاله وإن جاء على سبيل الاستطراد ولكنّه إن تأمّلت مطلوب لذاته.

ومجمل القول إنّي أذكر في هذا المقام قطعة من الشعر له تدلّ على اختلال عقيدته :

ملكنا أقاليم البلاد فأذعنت

 

لنا رغبة أو رهبة عظمائها

فلمّا انتهت أيّامنا علقت بنا

 

شدائد أيّام قليل رخائها

وكان إلينا في السرور ابتسامها

 

فصار علينا بالهموم (70) بكائها

وصرنا نلاقي النائبات بأوجه

 

رقاق الحواشي كاد يقطر مائها

وفي البيت الذي يقول فيه « وصرنا نلاقي » تداعى في خاطري شعر سيّد الشعراء وخاتم الاُدباء الشاعر الماهر والأديب المعاصر السيّد حيدر الحلّي رحمه الله حيث يقول :

من أين تخجل أوجه أمويّة

 

سكبت بلذّات الفجور حيائها

ومن الشعر الذي يفخر به بنسبه هذه الأبيات وهي من نجديّاته :

قالت لصحبي سرّاً إذ رأت فرسي

 

من الذي يتعدّى مهره خببا

فقال أعلمهم بي إنّ والده

 

من كان يجهد أخلاف العلى حلبا

ما مات حتّى أقرّ الناس قاطبة

 

بعزّه وهو أعلى خندف نسبا

لم يكتف بالفخر العنصر الأموي فحسب بل جعله أعلى قبائل خندف في النسب مع ما علمت من ردّ بعضهم نسبهم في قريش وسوف يتجلّى نسب أبي سفيان واُمّه حمامة وأهون بالخيبة والفضيحة من النسب الذي ينتهي إلى أبي سفيان ثمّ منه إلى اُميّة.

ولو قيل للكلب أمثاله

 

عوىٰ الكلب من لؤم هذا النسب (71)

وفي غيره من نجديّاته يقول :

وإنّي وإن كان الهوى يستفزّني

 

لذو مرّة قطّاعة للقرائن

أروم العلى والسيف يخضبه دم

 

بأبيض بتّار وأسمر مارن

وإن خاشنتني النائبات تشبّثت

 

بأروع عبل الساعدين مخاشن

إذا سمّته خسفاً تلظّى جماحه

 

وأجلين عن خصم ألدّ مشاحن

لئن سلبتني نخوة أمويّة

 

خطوب اُعاينها فلست بحاضن

قاتله الله ما أشعره وفي موضعٍ آخر من نجديّاته. يقول خارج أدب النسيب ويشتدّ في تحمّسه في الغزل ثمّ يقول :

بني خيثم الله الله في دمي

 

فطالبه الذي قوله الفعل

ومرد على جرد بأيدٍ تمدّها

 

إلى الشرف الضخم الخلائف والرسل

دم أمويّ ليس ينكر فرده

 

وما بعده إلّا الفرار أو القتل

ألم يك في عثمان للناس عبرة

 

فلا ترحضوه طلّه إنّه يغلوا

ولولا الهوى سارت إليكم كتيبة

 

يعضل من نجد بها الحزن والسهل

ومن تأمّل أشعاره هذه لا يبقى عنده أدنى شكّ في انحرافه وعدم استقامته ، وأكثر شعره تصريحاً بنواياه المقطوعة الأخيرة التي يستعيد فيها ذكرى دم عثمان ويتباهى بحروب الجمل وصفّين ، بل إنّ له أشعاراً في يوم الطفوف كما سوف تعلم أنّ بني اُميّة إنّما ألبسوها قميص عثمان وأثاروها معنونة بالطلب بدم عثمان ، ولقد ارتكبوا اُموراً شنعاء انتقاماً لدمه وأخذاً بثأره.

والعجيب أنّ المقطوعة الاُولى من شعره التي سلفت منّا مذكورة في الوفيات ، والشيخ الحرّ العاملي أخذ شرح أحواله من الكتاب نفسه ولكنّه غفل عن مضمون هذا الشعر (72).

وجملة القول : إنّك عرفت تقريب الوجه الثاني ، والإنصاف أنّ الالتزام بهذا الوجه على الوجه الذي يلجئنا إلى رفع اليد عن الاُمور المقطوع بها مع فرض التحقّق من تحكيم هذا الدليل على استصحاب سلامة عقيدتهم أمر مشكل جدّاً لا سيّما وأنّ هناك عمومات اُخرى في فضائل المؤمنين بأيدينا لا يسهل الالتزام بتخصيصها بل هو صعب مستصعب ، وربّما كان في رواية حياة الحيوان التي سلفت ( ذيل وآل مروان ) لا تخلو من تأييد من أنّ النبيّ قال : ما أقلّ المؤمنين فيهم (73).

لأنّ هذا الخبر مع ملاحظة اشتماله على ذمّ بني اُميّة ، مظنون الصدق ، ولا أرى أحداً يقدح بخالد بن سعيد تمسّكاً بهذا الحديث مع ما كان عليه خالد بن سعيد من إظهار الإخلاص والتودّد والثبات ، وما أظهره من حسن البيان في المسجد مع معارضته أبا بكر وامتناعه من بيعته ، وهذا بأجمعه مذكور بأهمّ المصادر التاريخيّة وتشتمل عليه اُمّهات الكتب الموثّقة (74) ثمّ إنّه بعد هذا وذاك صحابيّ مؤمن مطيع لأهل بيت نبيّه صلّى الله عليه وآله والعمومات الواردة في فضل الصحابة ومدايح المهاجرين تشمله ولا دليل على إخراجه بخصوصه منها علاوة على أنّ الوجه الثالث موجب لظهور الوهن والضعف في هذا الوجه.

الوجه الثالث : المراد من بني اُميّة خصوص أولئك الذين أعانوا في غصب الخلافة وإطفاء نور الله وجحد كلمة الولاية ، وشاركوا في مجريات الأحداث بالسيف والسنان والقلم واللسان ، وأظهروا بغض أهل البيت ، ويؤيّد هذه القضيّة أنّ هذا هو المتبادر إلى الأذهان من ذكر القضيّة مع ملاحظة الإشكال السابق. أضف إلى ذلك قلّة مصاديق عنوان بني اُميّة لأنّ أبنائه النسبيّين قليلو العدد ، وأمّا الحكم وأولاده فكلّهم أبناء سفاح ولغير رشدة ، وأمّا أولاد أبي سفيان فهم متّهمون بخبث الولادة بل على التحقيق كانوا لغير رشدة كما سوف اُشير إليه في محلّه إن شاء الله ، وأمّا أولاد أبي معيط وهم أولاد ذكوان أبيه فهم لصقاء ؛ لأنّ ذكوان في رأي جماعة إنّه غلام اُميّة وألحقه بنسبه وتبنّاه كما أشار إليه في اُسد الغابة (75).

فلابدّ من حمل العموم في الجملة المذكورة على الزيادة على الطائفة المشتملة على خلفائهم واُمرائهم ، ويكون بناءاً على هذا لفظ بني اُميّة عنواناً عرفيّاً من أجل الإشارة إلى تلك الجماعة المعهودة ، وحقيقة الإضافة في العهد شاهد صدق هذه الدعوى ، ومجملاً يؤيّد بل يصدّق هذا المعنى الخبر المذكور في الخصال في باب السبعة : للنار سبعة أبواب ، وباب يدخل منه بنو اُميّة هو لهم خاصّة لا يزاحمهم فيه أحد ، وهو باب لظى ، وهو باب سقر ، وهو باب الهاوية تهوي بهم سبعين خريفاً ... .

وفي آخر الحديث : قال محمّد بن فضيل الرزقي راوي الحديث : فقلت لأبي عبدالله عليه السلام : الباب الذي ذكرت عن أبيك عن جدّك عليهما السلام أنّه يدخل منه بنو اُميّة يدخله منهم من مات على الشرك أو من أدرك منهم الإسلام ؟ فقال : لا اُمّ لك ، ألم تسمعه يقول : وباب يدخل منه المشركون والكفّار ، فهذا الباب يدخل فيه كلّ مشرك وكلّ كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، وهذا الباب الآخر يدخل منه بنو اُميّة لأنّه هو لأبي سفيان ومعاوية وآل مروان خاصّة يدخلون من ذلك الباب فتحطمهم النار حطماً لا تسمع لهم فيها واعية ، ولا يحيون فيها ولا يموتون (76).

وثبت هنا أنّهم فسّروا بني اُميّة بتلك الجماعة المخصوصة التي تقمّصت سروال الخلافة وتشبّثت بأذيالها ، وهذا التوجيه بنظري أقرب إلى التحقيق ، وهذا ليس تخصيصاً ليقول القائل : سياق هذا العام من حيث التأكيد يأبى التخصيص بل هو تخصّص ومؤكّد للتأكيد.

وفي هذا المقام مقال هو أهل لأن نعرض له بل ذكره لازم حتماً ، ومجمله كما يلي : يظهر من طائفة من الأخبار والآثار في الجملة مدح عمر بن عبدالعزيز من قبيل ما فعله من رفع السبّ عن أمير المؤمنين عندما تسنّم غارب الخلافة ، وكان معمولاً به في العهد الأموي وأشاد به كثير عزّة وقال الأبيات التالية في مدحه :

وليت فلم تشتم عليّاً ولم تخف

 

بريّاً ولم تتبع مقالة مجرم

تكلّمت بالحقّ المبين وإنّما

 

تبيّن آيات الهدى بالتكلّم

وصدقت معروف الذي قلت بالذي

 

فعلت فأضحى راضياً كلّ مسلم

ألا إنّما يكفي الردىٰ بعد زيفه

 

من الأولاد البادي ثقاف المقوّم

وردّ فدك على أهلها من آل مروان بعد أن نحلها عثمان مروان بن الحكم ، وأحسن إلى أهل البيت فلم يظلم منهم أحداً.

ونقل عن فاطمة بنت سيّد الشهداء أنّها قالت : لو كان عمر بن عبدالعزيز حيّاً لما احتجنا.

ونقل العامّة عن باقر علوم النبيّين : لكلّ قوم نجيب وعمر بن عبدالعزيز نجيب بني اُميّة (77).

ومن الأقوال المشهورة : الناقص والأشجّ أعدلا بني مروان ، والناقص هو يزيد بن الوليد الذي نقص أعطيات أبيه ، والأشجّ هو عمر بن عبدالعزيز لوجود شجّة في رأسه.

وفي كتاب قرب الإسناد ويصل السند إلى صادق آل محمّد صلّى الله عليه وآله عن أبيه الباقر عليه السلام إنّه قال : لمّا ولّى عمر بن عبدالعزيز أعطانا عطايا عظيمة ، قال : فدخل عليه أخوه فقال له : إنّ بني اُميّة لا ترضى منك بأن تفضّل بني فاطمة عليهم ، فقال : اُفضّلهم لأنّي سمعت حتّى لا اُبالي أن أسمع أو لا أسمع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يقول : إنّ فاطمة شجنة منّي ، يسرّني ما أسرّها ، ويسوئني ما أسائها ، فأنا أتّبع سرور رسول الله صلّى الله عليه وآله وأتّقي مسائته .. (78).

ويعثر المتتبّع على أخبار من هذا القبيل ومن هذه الجهة توقّف بعض الأكابر وهو الفاضل المتبحّر الميرزا عبدالله أفندي صاحب « رياض العلماء » في هذا الكتاب جازماً عن لعنه ونقل كلامه وحكاه عنه ، ولست أودّ أن أذكر اسمه الشريف وأنسب إليه هذه الدعوى الباطلة في هذا الكتاب .. ولا وجه لذلك (79) بل لعنه أوضح الواضحات وأوجب الواجبات لأنّه لا ذنب أعظم من ذنب غصب الخلافة وادّعاء الإمامة وقد فعلهما ، وتحمّل هذا الوزر العظيم حيّاً وميّتاً ، ولا ضرر على الاُمّة أعظم من منع الأئمّة حقّهم في الأمر النهي ، وإذا كان قد أحسن فهو من أجل المصانعة ومداراة الملك.

والحقّ يقال أنّ أهل السنّة أثنوا عليه ثناءاً جميلاً وسمّوه عمر الثاني ، ونحن نصفه أيضاً بهذا الوصف وننحو بحقّه هذا النحو ، ونعتقد فيه نفس المعتقد ، ولقد نال العدل التقديري من عمر بالإرث لأنّه اُمّه بنت عاصم بن عمر بن الخطّاب ، بل تميّزت سيرته الظاهريّة عن سائر بني اُميّة ، وكلام الإمام الباقر ـ إن صحّ ـ فإنّه يحمل على نفس المعنى ، فقول : عمر نجيب بني اُميّة ، معناه مضافاً إلى هذه الطائفة وإن كان في نفسه أخبث خلق الله ، ومثله قول : أعدلا بني مروان أي إنّ عدلهما بالنسبة إلى سائر الأمويّين ، وإن كان قياسهم إلى العدول قياس الظالم إلى العادل.

وكيف يطلب عمر بن عبدالعزيز رضا فاطمة ولم يعهد بالخلافة إلى ولدها الإمام الباقر وهو إمام واجب الطاعة ومعجزاته وكراماته ملأت السهل والجبل ، وملأت سمع العدوّ وبصره وقمه ويده وكان معاصراً له ، ذلك هو الخسران المبين.

وروى في أصل عاصم بن حميد الحنّاط ـ الذي ملكت نسخته بعنايةٍ من الله جلّ ذكره ـ عن عبدالله بن عطا أنّه قال : كانت يدي بيد الإمام الباقر عليه السلام لمّا كان على عمر بن عبدالعزيز ثوبين ممصّرين ، فقال الإمام الباقر : ليلينّ الولاية سريعاً ثمّ يموت فيبكي عليه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء (80).

وهذه الرواية غاية في الاعتماد بل هي بناءاً على الأصل الذي أصّلناه في حجيّة خبر الواحد حائزة على مرتبة نصاب الحجيّة والصحّة لأنّ عاصم بن حميد ثقة جليل الشأن ، روى عنه في أصله واعتبره نصر بن الصباح الذي يستند العيّاشي والكشّي على أقواله في أكثر من مكان من نجباء أصحاب الصادق عليه السلام ودلالة ذلك على جلالة قدره ظاهرة ، ونقل الشهيد الثاني في كتاب الدراية نفس العبارة دونما نسبة إلى نصر بن الصباح وهذه إمارة الاعتماد وعلامة الاعتداد وموافقة هذا الخبر لعمومات لعن الغاصبين والمنحرفين عن أهل البيت وأعدائهم وإحباء أعدُّائهم وعموم اللعن المذكور في الزيارة كما يبّنّاه بنفسه معقل حصين وركن وثيق لمن حاله الشكّ.

أجل ، إنّ من الانصاف أنّ عمر بن عبدالعزيز عمل أعمالاً حسنة من قبيل رفع السبّ وردّ فدك ونحن نشكر له عمله هذا نظير مدح السيّد الأجل الأعظم الرضي رضي الله عنه وهو من أكابر الفقهاء والزهّاد من أهل البيت ، له في ديوانه الشريف حيث خاطبه بقوله :

يابن عبدالعزيز لو بكت العين

 

فتىً من اُميّة لبكيتك

غير أنّي أقول إنّك قد طبت

 

وإن لم يطب ولم يزك بيتك

أنت نزّهتنا عن السبّ والقذف

 

ولو أمكن الجزاء جزيتك

ولو أنّي رأيت قبرك لاسـ

 

تحييت من أن أرى وما حييتك

وقليل أن لو بذلت دماء البُدن

 

ضرباً على الذرى وسقيتك

دير سمعان لا أغبك غادٍ

 

خير ميّت من آل مروان ميتك

أنت بالذكر بين قلبي وعيني

 

إن تدانيت منك أو قد نأيتك

وإذا حرّك الحشا خاطر منك

 

توهّمت أنّني قد رأيتك

وعجيب أنّي قليت بني مروان

 

طرّاً وإنّني ما قليتك

قرب العدل منك لمّا نأى

 

الجور بهم فاجتنبتهم واجتبيتك

فلو أنّي ملكت دفعاً لما نالك

 

من طارق الردىٰ لفديتك (81)

الهوامش

1. قال الجوهري : وتقول : جاء القوم قاطبة أي جميعاً ؛ 1 : 204. ( المترجم )

2. الإسراء : 60.

3. الرازي ، تفسير مفاتيح الغيب ، ج 20 المجلّد العاشر ص 236 و 237. ( المترجم )

4. نفسه.

5. نفسه : 237 . قال : ورأى رسول الله في المنام أنّ ولد مروان يتداولون منبره فقصّ رؤياه على أبي بكر وعمر وقد خلا في بيته معهما فلمّا تفرّقوا سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله الحكم يخبر برؤيا رسول الله صلّى الله عليه وآله فاشتدّ ذلك عليه واتّهم عمر في إفشاء سرّه ثمّ ظهر أنّ الحكم كان يتسمّع إليهم فنفاه رسول الله صلّى الله عليه وآله. ( المترجم )

6. البيضاوي 3 : 454 ط دار الفكر ـ بيروت 1416 تحقيق عبدالقادر عرفات العشاحونة. ( المترجم )

7. بحار الأنوار 8 : 359 ط اُفست. ( هامش الأصل )

8. شرح ابن أبي الحديد 12 : 81 تحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم ، نشر دار إحياء التراث العربي. ( المترجم )

9. أقول : لعن الله أبابكر وعمر وأخزاهما ، وهل قامت لبني اُميّة قائمة إلّا بهما.

10. إبراهيم : 28 و 29.

11. بحار الأنوار 18 : 360 ط اُفست . هما الأفخران : إثبات الهداة 2 : 388 عن الواحدي في الوسيط. ( هامش الأصل )

12. بحار الأنوار 31 : 537 عن الثعلبي بإسناده عن عمر بن الخطّاب. ( المترجم )

13. التكاثر : 8.

14. تفسير البرهان 4 : 503 ، بحار الأنوار 24 : 49 ط لبنان. ( هامش الأصل ) تفسير الصافي 5 : 370 تحقيق الأعلمي ط مؤسسة الهادي قم الثانية 1416. ( المترجم )

15. تفسير الصافي 5 : 370. ( هامش الأصل والمترجم ) بحار الأنوار 10 : 220 ط لبنان. ( هامش الأصل )

16. العيون 2 : 129 باب 35. ( هامش الأصل ) الصافي 5 : 170. ( المترجم )

17. الكافي 6 : 280 باب 33 ـ أطعمه. ( هامش الأصل ) تفسير الصافي 5 : 171. ( المترجم )

18. الكافي 6 : 280 رقم 5 باب 33 ؛ تهذيب 7 : 401 باب 34 حديث 8 مثله. ( هامش الأصل ) الصافي 5 : 371 ( المترجم )

19. المحاسن 2 : 399 حديث ثمانين. ( هامش الأصل ) تفسير الصافي 5 : 371. ( الأصل والمترجم )

20. تفسير الرازي ، مفاتيح الغيب ، ج 32 مجلّد 16 ص 31. ( المترجم )

21. فريق كبير من العامّة يطرح مروج الذهب ولا يراه شيئاً ويصرّح بذلك ابن تيميّة وينبز صاحبه بالرفض ويقول : إنّ له كتاباً اسمه « الوصيّة » وينهى عن قبول مرويّات المسعودي. ( المترجم )

22. إبراهيم بن الوليد تولّى الحكم أربعة أشهر وكان أحياناً يخاطب بالخلافة وأحياناً يترك ذلك منه إلى خلعه مروان الحمار. ( منه رحمه الله )

23. مروج الذهب 3 : 259 و 260 تحقيق عبدالأمير مهنّا ، نشر الأعلمي للمطبوعات 1411 ـ 1991. ( المترجم )

24. تفسير القمّي 2 : 431. ( المترجم ) البرهان 4 : 488 رقم 29. ( هامش الأصل )

25. حياة الحيوان ذيل قردة 2 : 203. ( هامش الأصل ) الحاكم النيسابوري ، المستدرك 4 : 480. ( المترجم )

26. بل قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه [ نفسه : 480 ]. ( المترجم )

27. نهج الحقّ وكشف الصدق : 312 ط لبنان ، كنز العمّال 6 / 9 ، تطهير الجنان واللسان : 143 المطبوع في هامش الصواعق. ( هامش الأصل )

28. صحيح مسلم 4 : 2236 رقم 2917. ( هامش الأصل ) في صحيح مسلم : يهلك اُمّتي هذا الحيّ من قريش [ رقم 7270 ]. ( المترجم )

29. تطهير اللسان : 143 و 144 المطبوع في هامش الصواعق المحرقة. ( هامش الأصل )

30. المصدر السابق. ( هامش الأصل )

31. البخاري 2 : 242 جزء 4 باب المناقب ، باب علامة النبوّة في الإسلام. ( هامش الأصل ) ولم يذكر ما قاله مروان في الطريق الأوّل 4 : 178 غلمة ؟ وفي الثاني 8 : 88 : غلمة لعنة الله عليهم.

32. تاريخ الخميس 2 : 320 ط بيروت. ( هامش الأصل )

33. شرح ابن أبي الحديد 18 : 163 ط بيروت. ( هامش الأصل والمترجم )

34. نظر أخوه إلى رأسه بعد ما قطع وهو سليمان بن يزيد ، فقال : بُعداً له ، أشهد أنّه كان شروباً للخمر ، ماجناً فاسقاً ، ولقد راودني على نفسي [ تاريخ الخلفاء 1 : 251 ]. ( المترجم ) ص 251 مطبعة السعادة بمصر. ( هامش الأصل )

35. تاريخ الخميس 2 : 320 ط بيروت. ( هامش الأصل والمترجم )

36. تاريخ الخميس 2 : 320 ط بيروت. ( هامش الأصل والمترجم )

37. إبراهيم : 15.

38. حياة الحيوان 1 : 103 في خلافة الوليد ، تاريخ الخميس 2 : 320.

39. حياة الحيوان 1 : 103 في خلافة الوليد ، تاريخ الخميس 2 : 320 ط بيروت في خلافة الوليد. ( هامش الأصل )

وذكر أبو الفرج عن الوليد أنّه قال يوماً : لقد اشتقت إلى معبد فوجّه البريد إلى المدينة فأتى بمعبد وأمر الوليد ببركة قد هيّئت له فملئت بالخمر والماء ، واُتي بمعبد فأمره فأجلس والبركة بينهما وبينهما سترقد أرخى ، فقال له : غنّني يا معبد :

لهفي على فتيةٍ ذلّ الزمان لهم

 

فما أصابهم إلّا بما شائوا

ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم

 

حتّى تفانوا وريب الدهر عدّاء

الأغاني 5 : 240. ( المترجم )

40. الأنطاكي ، تزيين الأسواق 1 : 311.

41. تزيين الأسواق 1 : 250 دار حمد ومحيو. ( هامش الأصل ) نفسه 1 : 312. ( المترجم )

42. مروج الذهب 3 : 215 ط دار الهجرة ـ ايران. ( هامش الأصل ) و 3 : 342 و 343 تحقيق المهنّا ط الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت. ( المترجم )

43. 1 ـ الطبراني : حدّثنا الحسن بن العبّاس الرازي ، نا سلم بن منصور بن عمّار ، نا أبي (ح) . وحدّثنا أحمد ابن يحيى الرقّي ، نا عمرو بن بكر بن بكار القعنبي ، نا مجاشع بن عمرو قالا : نا عبدالله بن لهيعة عن أبي قبيل ، حدّثني عبدالله بن عمرو ابن العاص ، أنّ معاذ بن جبل أخبره :

خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله متغيّر اللون ، فقال : أنا محمّد ، اُوتيت فواتح الكلام وخواتمه [ جوامع الحكم وفواتحها وخواتمها ـ مقتل الحسين ] فأطيعوني ما دمت بين أظهركم فإذا ذهبت فعليكم بكتاب الله عزّ وجلّ ؛ أحلّو حلاله وحرّموا حرامه ، أتتكم المؤتتة ، أتتكم بالروح والراحة ، كتاب من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم كلّما ذهب رجل جاء رجل ، تناسخت النبوّة فصارت ملكاً ، رحم الله من أخذها بحقّها وخرج منها كما دخلها ، أمسك يا معاذ واحص.

قال : فلمّا بلغت خمسة قال : يزيد لا بارك الله في يزيد ، ثمّ ذرفت عيناه ، ثمّ قال : نعي إليّ حسين وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله ، والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلّا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلّط عليهم شرارهم وألبسهم شيعاً.

ثمّ قال : واهاً لفراخ آل محمّد صلّى الله عليه وآله من خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ، أمسك يا معاذ. فلمّا بلغت عشرة ، قال : الوليد اسم فرعون ، هادم شرائع الإسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل البيت ، يسلّ الله سيفه فلا غامد له ـ فلا غماد له ـ واختلف الناس وكانوا هكذا ، وشبّك بين أصابعه ـ المعجم الكبير : 147 مخطوط. ( هامش الأصل ) نفسه 3 : 120 رقم الحديث 2861 ط بيروت دار إحياء التراث العربي ، الثانية نشر القاهرة مكتبة ابن تيميّة بدون تاريخ. ( المترجم ). ـ

وروى الهيثمي من طريق الطبراني عن معاذ بن جبل مثله ـ مجمع الزوائد 9 : 189 ط مكتبة القدسي القاهرة. ( هامش الأصل ) ـ.

والخوارزمي عن أبي الفداء قال : أخبرنا محمّد بن إسماعيل الصيرفي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الحسين ، أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي ، أخبرنا الحسن ابن عبّاس الرازي مثله ـ مقتل الحسين 1 : 160 ط الغري. ـ.

2 ـ قال أحمد : أخبرنا ابن الحصين قال : أخبرنا ابن مالك قال : حدّثنا عبدالله ابن أحمد قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا أبو المغيرة قال : حدّثنا ابن عيّاش قال : حدّثنا الأوزاعي وغيره عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن عمر بن الخطّاب قال : ولد لأخي اُمّ سلمة ـ زوج النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ غلام فسمّوه الوليد ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : سمّيتموه باسم فراعنتكم ، في هذه الاُمّة رجل يقال له الوليد ، هو شرٌّ على هذه الاُمّة من فرعون لقومه. ـ مسند أحمد ، آفة أصحاب الحديث : 118 . ـ ( المحقّق )

44. مروج الذهب 3 : 216 ط دار الهجرة ـ ايران. ( هامش الأصل ) و 3 : 340 ط الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت 1411 ـ 1991. ( المترجم )

45. السيوطي ، تاريخ الخلفاء 1 : 351. ( المترجم )

46. تاريخ الخميس 2 : 320 ط بيروت. ( هامش الأصل والمترجم ) والمؤلّف حذف صدر الحديث وفيه : عن عمر قال : ولد لأخي اُمّ سلمة ولد سمّوه الوليد ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : سمّيتموه بأسماء فراعنتكم .. الخ.

47. جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّ صلّى الله عليه وآله يقول : يكون اثنا عشر أميراً ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش . [ البخاري 8 : 127 طبعة دار الفكر ـ بيروت ]

ومثله عن مسلم : لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. [ الحديث رقم 4661 و 4662 و 4663 ] وفي مسند أحمد : لن يزال هذا الأمر عزيزاً ظاهر حتّى يملك اثنا عشر كلّهم ... [ رقم الحديث 20488 و 20351 ، و 20383 ، و 20417 و 20474 ] والطرق كثيرة وهو مروي في أكثر الكتب وتخبّط القوم في تأويله ومنهم القاضي عيّاض كما قال المؤلّف رحمه‌الله. ( المترجم )

48. تاريخ الخلفاء 1 : 11 ط السعادة بمصر ( هامش الأصل والمترجم ) ط اُولى 1371 هجريّة 1952 م.

49. القصص : 50.

50. ذكر الطبري هذا الكتاب ، فقال : وتحدّث الناس أنّ الكتاب الذي أمر المعتضد بإنشائه بلعن معاوية يُقرءُ بعد صلاة الجمعة على المنبر ، فلمّا صلّى الناس الجمعة بادروا إلى المقصورة ليسمعوا قرائة الكتاب فلم يقرأ ، فذكر أنّ المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه ... الخ ، وخوّفوا المعتضد فأعرض عن قرائته ، والذي خوّفه من آل أبي طالب يوسف بن يعقوب القاضي [ تاريخ الطبري 10 : 62 و 63 ].

51. أراه يعني بهذه الجملة سيّدنا أبا طالب عليه السلام ، ومن المفارقات أن يصدر الكتب في لعن قوم ويقع سليب العقل والإرادة تحت هيمنتهم لأنّ رمي أبي طالب صلّى الله عليه بعدم الإيمان ما هي إلّا دعاؤه اُمويّة لعن الله من قالها ولعن الله من صدّقها. ( المترجم )

52. الإسراء : 60.

53. يزيد هو ابن أبي سفيان من غير هند الذي غرسه أبوبكر في الشام ، فكان أوّل فروع هذه الشجرة يغرس هناك ويقيمه أبوبكر.

54. الأحزاب : 5.

55. ترى هذا الخبيث العبّاسي الذي لا يقلّ خبثاً عمّن تبرّأ منه لا يذكر ما فعله معاوية بالحسن وكيف قضى عليه بالسمّ فهو يعدّد جرائمه ويقفز على هذه الجريمة لأنّ أجداده وآبائه لم يقلّوا إجراماً عمّا جنى معاوية ونغله بحقّ أهل البيت عليهم السلام. ( المترجم )

56. الأحزاب : 64 .

57. البقرة : 159 .

58. المجادلة : 22.

59. تاريخ الطبري 8 : 183 في ما وقع سنة 248 ، بحار الأنوار 8 : 543 ط اُفست. ( هامش الأصل ) وتجده أيضاً في الطبري 10 : 55 طبعة اُخرى ، وشرح ابن أبي الحديد 15 : 180. ( المترجم )

60. شرح ابن أبي الحديد 15 : 262 ط بيروت.

61. ابن أبي الحديد 6 : 17 ط بيروت ، واللفظ من المصدر لا شفاء الصدور فإنّ فيه تصحيفات. ( هامش الأصل ) وقد جرت مطابقته من المترجم.

62. الأحزاب : 40.

63. الروم : 1 و 2.

64. البحار 8 : 361 ط اُفست. ( هامش الأصل ) و 31 : 543 ط دار الرضا بيروت ـ لبنان. ( المترجم )

65. بحار الأنوار 31 : 544.

66. النصائح الكافية : 143. ( المترجم )

67. لعلّ المؤلّف يقصد مروان أبا عبدالملك وأمّا عبدالملك ففي عهده قتل ابن الزبير وانتظمت له الاُمور وخضع له العباد والبلاد.

68. محمّد بن أحمد الكوفي الخزّاز ، عن أحمد بن محمّد بن سعد الكوفي ، عن ابن فضّال ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي مسروق النهدذي ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة قال : دخل سعد بن عبدالملك وكان أبو جعفر يسمّيه سعد الخير وهو من ولد عبدالعزيز بن مروان على أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء ، قال : فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : ما يبكيك يا سعد ؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن ! فقال له : لست منهم ، أنت أمويّ منّا أهل البيت ، أما سمعت قول الله تعالى عزّ وجلّ يحكي عن إبراهيم عليه السلام : ( فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) [ إبراهيم : 36 ]. [ الاختصاص : 59 ، بحار الأنوار 46 : 338 ط لبنان ]. ( هامش الأصل ) الاختصاص : 85 تحقيق غفّاري ط جماعة المدرسين ـ قم ، والبحار 46 : 336. ( المترجم )

69. ابن أبي الحديد 15 : 263 ط بيروت. ( هامش الأصل )

70. في الهموم ـ وفيات. ( هامش الأصل )

71. المشهور في البيت :

ولو قيل للكلب يا باهلي

 

عوى الكلب من لؤم هذا النسب

ولا معنى لقوله : أمثاله. ( المترجم )

72. وفيات الأعيان 4 : 446 . وفي القطعة بيت سقط من الناس وهو قوله :

إذ ما هممنا أن نبوح بما جنت

 

علينا الليالي لم يدعنا حيائها

والمؤلّف ذكره بقرينة استشهاده ببيت الحلّي ولكنّ الناسخ أهمله غفلة. ( المترجم )

73. رواية الخصال باب الأربعة : 108 بالإسناد عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يحبّ أربع قبائل : كان يحبّ الأنصار وعبدالقيس وأسلم وبني تميم ، وكان يبغض بني اُميّة وبني حنيف [ حليف ـ ظ ] وبني ثقيف وبني هذيل ، وكان صلّى الله عليه وآله يقول : لم تلدني اُمّ بكر ولا ثقفيّة ، وكان صلّى الله عليه وآله يقول : في كلّ حيّ نجيب إلّا في بني اُميّة.

74. في الاحتجاج للطبرسي : 47 . والخصال باب الإثني عشر 2 : 67 : إنّه من الإثني عشر الذين أنكروا على خلافته وجلوسه مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله ، بل أوّلهم ، حيث قام فقال : يا أبا بكر ، اتّق الله ...

وفي الاحتجاج : 51 ، قال لعمر : يابن صهّاك الحبشيّة ، أبأسيافكم تهدّدوننا أم بجمعكم تفزعوننا ؟ والله إنّ أسيافنا أحدّ منكم وإنّا لأكثر منكم وإن كنّا قليلين لأنّ حجّة الله فينا ، والله لولا أنّي أعلم أنّ طاعة الله ورسوله وطاعة إمامي أولى لشهرت سيفي وجاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري . فقال أمير المؤمنين : اجلس يا خالد فقد عرف الله مقامك وشكر لك سعيك . وراجع ترجمته في التنقيح 1 : 391. ( هامش الأصل )

75. وقد قيل إنّ ذكوان كان عبداً لاُميّة فاستلحقه [ اٌسد الغابة 5 : 90 ] وفي 1 : 251 : ثمّ أدركته « اُميّة » وقد عمي يقوده غلام له يقال له ذكوان ...

76. الخصال 2 : 12 باب للنار سبعة أبواب. ( هامش الأصل ) الخصال : 361 تحقيق غفاري ، نشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة. ( المترجم )

77. تاريخ الخلفاء : 230 ط السعاد بمصر. ( هامش الأصل ) وسُئل محمّد بن عليّ بن الحسين عن عمر بن عبدالعزيز ، فقال : هو نجيب بني اُميّة وإنّه يبعث يوم القيامة اُمّة وحده .. الخ ، والسياق يخالف ما ذكره المؤلّف. ( المترجم )

78. قرب الإسناد 1 : 53. ( المترجم ) تاريخ الخلفاء : 230 ط السعادة بمصر. ( هامش الأصل )

79. أدع شيخي الجليل على رأيه في جواز لعن الرجل وأسأله عن الخلافة هل كان باستطاعته أن يردّها إلى أهل البيت بين عشيّة وضحاها ؟ ومن أين لشيخنا أنّ ابن عبدالعزيز لا ينوي ردّها وقد كان فيما بلغنا من أخباره أنّه ينوي التغيير والثورة على بني اُميّة حتّى أنّ ابنه عبدالملك طالبه بإعلان الثورة على كلّ ما هو أمويّ لكنّ أباه أجابه إنّي أخشى أن يستعينوا علينا بمن نثور من أجلهم أي الضعفاء ، ومعناه أنّ الثورة لم تنضج بعد. ثمّ أسأل الشيخ عن قول الشريف :

غير أنّي أقول إنّك قد طبت

 

وإن لم يطب ولم يزكُ بيتك

هل يجوز لعن الطيّب ؟ وباعتقادي أنّ الشيخ قسى على ابن عبدالعزيز ومن حقّه علينا السكوت ؛ لا نلعنه ولا نترحّم عليه. ( المترجم )

80. أصل عاصم بن حميد هو الأصل الثالث من ستّة عشر أصلاً ، ص 23 الحديث الخامس ، ونظيره الرواية التالية :

أحمد بن محمّد ، عن الأهوازي ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن دينار ، عن عبدالله بن عطا التميمي قال : كنت مع عليّ بن الحسين عليهما السلام في المسجد فمرّ عمر بن عبدالعزيز عليه شراكا فضّة ، وكان من أحسن الناس وهو شابّ ، فنظر إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال : يا عبدالله بن عطا ، أترى هذا المترف ؟ إنّه لن يموت حتّى يلي الناس . قال : قلت : هذا الفاسق ؟ قال : نعم ، فلا يلبث فيهم إلّا يسيراً حتّى يموت ، فإذا هو مات لعنه أهل السماء واستغفر له أهل الأرض [ بصائر الدرجات : 45 ، بحار الأنوار 46 : 327 ط لبنان ، إثبات الهداة 3 : 12 ]. ( هامش الأصل )

أبو بصير قال : كنت مع الباقر عليه السلام في المسجد إذ دخل عمر بن عبدالعزيز متوكّياً على موالي له ، فقال عليه السلام : ليلينّ هذا الغلام فيظهر العدل ويعيش أربع سنين ثمّ يموت فيبكي عليه أهل الأرض وتلعنه أهل السماء لأنّه جلس مجلساً ولا حقّ له فيه ثمّ ملك وأظهره العدل وجهره . [ إثبات الهداة 3 : 51 عن الخرايج والجرايح ]

81. ديوان السيّد الرضي 1 : 215.

مقتبس من كتاب : [ شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 338 ـ 379

 

أضف تعليق

زيارة عاشوراء

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية