بغداد

البريد الإلكتروني طباعة


(100)

4 ـ مدرسة بغداد :


 كانت مدرسة الكوفة تزدهر بمختلف النشاطات العلمية عندما كانت بغداد عاصمة الخلافة ، ولمّا دبّ

الضعف في السلطة العباسية وصارت السلطة بيد البويهيين تنفّس علماء الشيعة في أكثر مناطق العراق ،

فأُسّست مدرسة رابعة للشيعة في العاصمة أنجبت شخصيات مرموقة تفتخر بها الإنسانية نظير :

 1 ـ الشيخ المفيد (336 ـ 413هـ ) تلك الشخصــية الفـذّة الـذي اعترف المؤالف والمخالف بعلمه ،

وذكائه ، وزهده ، وتقواه ، وكان شيخ أساتذة الكلام في عصره الذي شهد قمة الجدل الفكري والعقائدي

بين المدارس الفكرية المختلفة ، وكان ـ رحمه الله ـ عظيم الشأن رفيع المنزلة ، له كرسي للتدريس في مسجد براثا

في بغداد ، يقصده العلماء والعوام للاستزادة من علمه ، وله أكثر من (200) مصنّف في مختلف العلوم .

 2 ـ السيد المرتضى علم الهدى (355 ـ 436هـ ) ، قــال عنـه الثعالبي في يتيمته (1 : 53) قد انتهت

الرئاسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم .

 وفي تاريخ ابن خلّكان : كان إماماً في علم الكلام والأدب والشعر .


________________________________________


(101)


 السيد المرتضى الذي حاز من العلوم ما لم يدانه فيها أحد في زمانه ، أخذ العلم على يد أُستاذ المتكلّمين

الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ وله مصنّفات كثيرة لا يسعنا عدّها هنا ، منها : الانتصار ، تنزيه الأنبياء ، جمل

العلم والعمل وغيرها .

 3 ـ السيد الرضي (359 ـ 406هـ ) ، علم من أعلام عصره في العلم والحديث والأدب ، درس العلم هو

وأخوه السيد المرتضى على يد الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ له مؤلّفات جمّة منها : خصائص الأئمّة ، معاني

القرآن ، حقائق التأويل .

 4 ـ الشيخ الطوسي (385 ـ 460هـ ) وهو شيخ الطائفة ومن أعلام الأُمّة ، تربّى على يد شيخه المفيد

والسيد المرتضى . وله مؤلّفات جمّة غنية عن التعريف ، منها كتابا : «التهذيب» و «الاستبصار» وهما من

المصادر المهمّة عند الشيعة .

 وكانت مدرسة بغداد زاهرة في عهد هذه الأعلام واحد بعد الآخر ، وقام كلّ منهم بدور كبير في تطوير

العلوم وتقدّمها ، وكان يحضر في حلقات دروسهم مئات من المجتهدين والمحدّثين من الشيعة والسنّة .

 واستمرّ هذا الحال إلى أن ضعفت سلطة البويهيين ، ودخل طغرل بك الحاكم التركي بغداد ، فأشعل نار

الفتنة بين الطائفتين السنّة والشيعة ، وأحرق دوراً في الكرخ ، ولم يكتف بذلك حتّى كبس دار الشيخ الطوسي

وأخذ ما وجد من دفاتره وكتبه ، وأحرق الكرسي الذي كان الشيخ يجلس عليه(1) .
____________
(1)  ابن الجوزي ، المنتظم : 16 : 8 و 16 حوادث عام 447 ـ 449 ، ط بيروت .

 

المصدر : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الإسلامية : للشيخ جعفر السبحاني ص 100 ـ 101

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية