مقاصد القرآن وكيفية الاهتداء به؟

طباعة
مقاصد القرآن وكيفية الاهتداء به؟
السؤال :  أنزل الله سبحانه وتعالى كتابه ليكون هادياً ، وضمن له البقاء والخلود لأجل صون استمرارية مرجعيته الهادية تلك ، لكن حجباً كثيرة حالت أحياناً بيننا وبين القرآن ، طغت كثير من الطقوس والشعائريات على علاقتنا به ، فحالت دون تدبّره أو تحقيق مقاصده .
فما مقاصد القرآن الكريم ؟ وكيف نتعامل معه كأنّما أنزل إلينا؟

الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
أهداف القرآن الكريم ومقاصده تتلخّص في سعادة الإنسان ، وكماله المتناسب مع خلقته ، وهي متمثّلة في أمور ثلاثة :
1 ـ العقائد : التي هي أصول الدين ، وتشكّل البنية الأساسية ، والقاعدة الفكرية التي بَني عليها القرآن كلّ تشريعاته ومفاهيمه ، وهي عبارة عن إيمان الإنسان بربّه وخالقه ، وبنبيّه وبإمامه ، وباليوم الآخر ، إيماناً قائماً على أساس الاستدلال ، لا على أساس التقليد .
2 ـ الأحكام : التي هي فروع الدين ، وتشكّل البنية الفوقية ، والطابق العلوي في كيان الإسلام وبنائه ، وهي عبارة عن التشريعات الشاملة لكلّ جوانب حياة الإنسان من حين تكوّنه إلى حين جعله في ملحودة قبره .
والطريق الطبيعي لتلقّي الإنسان هذه التشريعات ، والتعرّف عليها عادةً عبارة عن الرجوع إلى ذوي الخبرة والاختصاص بالشريعة ، وهم الفقهاء ، واتّباعهم ، والأخذ بآرائهم ، وهو ما يُسمّى بـ(التقليد) ، فالتقليد في أصول الدين مرفوض ، لكنّه واجب في فروع الدين .
3 ـ مكارم الأخلاق : والصفات الفاضلة ، والملكات الحسنة التي يربّي الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنّة الشريفة الناس عليها ، وينمّي فيهم الاستعداد والتاهّل للتحلّي بها ، والسير عليها في علاقاتهم ، وقد جاء في الحديث الشريف عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « إنّما بُعثت لأتّمم مكارم الأخلاق »  .
وأمّا أننا كيف نتعامل مع القرآن كأنّما أُنزل إلينا ؟
فهذا سؤال أجاب عليه القرآن الكريم نفسه في قوله تعالى : { الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } {البقرة / 1 ـ 2}.
فالتقوى : هي الأرضية المساعدة والضرورية لتلقّي الإنسان الهداية من القرآن الكريم ، وبدون التقوى لايمكن الاهتداء بهدي القرآن ، والانتهال من منهله العذب ، والأرتواء من معينه الصافي .
ولا نقصد بالتقوى أكثر من الالتزام والعمل بكلّ الواجبات الشرعية الملقاة على عاتق الإنسان ، وكذلك الاجتناب عن كلّ المعاصي والمحرّمات الشرعية التي نهت عنها الشريعة .
وقد ذكرنا قبل قليل الطريق الطبيعي لمعرفة هذه الواجبات والمحرّمات وتحديدها ، وذلك من خلال التقليد ، واتّباع الأخصّائيين في علوم الشريعة ، وهم الفقهاء .
هذا هو شأن القرآن ، فهو كتاب هدىً ، لكنّه هدىً للنفوس المستعدّة ، والقلوب المنفتحة ، أمّا النفوس المُعرِضة ، والقلوب المقفّلة ، فلا تهتدي بالقرآن إلاّ إذا أنبت المطر في الأرض السبخة الزرع والريحان !!!!!
وفّقنا الله تعالى وإيّاكم للتقوى ، والسلام عليكم .