نحن لدينا القرآن الكريم والأحاديث ، ولدينا العلماء الذين يستخرجون الأحكام منهما ؛ فأين الحاجة للإمام المهدي عليه السلام ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

نحن لدينا القرآن الكريم والأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السلام ، والقرآن والأحاديث شاملان لنواحي الحياة ، ولدينا العلماء أطال الله أعمارهم يستخرجون منهما ما نحتاجه في الدين والدنيا ؛ فما الحاجة للإمام المهدي عليه السلام ؟ هل سياتي بشيء جديد ؟ بشيء من غير القرآن والحديث ؟ ونحن نعيش في ضلّ هذا الزمن ، وندين بالدين الاسلامي ؛ فلو كانت الحاجة إليه ماسة لظهرت علينا ككلّ ، ولكن الحال انّها ليست كذلك ، ونحن نعيش وندين بالدين ، فلو كانت الحاجة ماسة لاضطربت حياتنا ، ولما قرّ لنا قرار ان كان الدين غير كامل ؛ فكيف نعيش بدين غير كامل وندين به إلى الله ، والحال ان حياتنا تسير بسلاسة لا أقلّ من الناحية الدينيّة ؛ فنحن غير محتاجين لشيء عدا ما عندنا ، والواقع هو الدليل. فأين الحاجة للإمام المهدي عليه السلام ؟

الجواب :

الحاجة إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف في الحقيقة إنّما هو في مجال تطبيق الشريعة الإسلاميّة بما فيها من أحكام وقوانين وأنظمة فرديّة وإجتماعيّة. كما انّ الحاجة إلى المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف انّما هي في تطبيق العدالة الإجتماعيّة ، ونشر العدل في جميع نقاط العالم ، ومحو الظلم والظالمين.

كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله في الحديث المشهور بين أهل السنّة والشيعة : « لو لم يبق من الدّنيا إِلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي يواطي إسمه إسمي يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (1).

فالإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف يحقّق آمال البشريّة ، وأهداف الديانات الإلهيّة التي لم تتحقّق إلى يومنا هذا.

هذا مضافاً إلى أنّ الكثير من أحكام الإسلام قد تغيّر وتبدّل بسبب غصب الخلافة والإمامة ، ولم يتمكّن الأئمّة المعصومين عليهم السلام من بيان جميع الأحكام ، واصلاح جميع ما تغيّر وتبدّل ، والمضايقات من قبل السلطات الغاصبة ، لكن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بعد ظهوره ، واستيلائه على الكون ، يتمكّن من نشر الحقائق الدينيّة ، وبيان جميع الأحكام والنظم الإلهيّة ، ويتمكّن من تطبيق الإسلام ، وإجراء الأحكام ؛ ولأجل ذلك ورد انّه يأتي بدين جديد ، أيّ بدين يعتقد الناس انّه جديد ، بسبب تغيّر وتبدّل أكثر الأحكام الواقعيّة.

ثمّ انّ الدين ليس خصوص العبادات والأحكام الفرديّة أو الشخصيّة ، بل الدين مركّب من أحكام وتشريعات وأنظمة تجري في جميع شؤون الحياة البشريّة ، وتتضمّن سعادة المجتمع البشري ؛ فهو طريق للوصول إلى الكمال الدنيوي والأخروي.

فالدين يدعوا إلى العدالة الإجتماعيّة والمواساة والرحمة والأخلاق الفاضلة ، ويحارب الظلم والطغيان والتعدّي على الآخرين ، وسلب حقوق الفقراء والمستضعفين. ونحن نرى انتشار الظلم والجور في العالم ، ونلاحظ كيف يحكم الظالمون والمستكبرون والمتجبّرون على البشريّة ، وكيف يضيع حقوق الفقراء والمساكين ، بل حقوق أكثر الناس ؛ فكيف نقول : انّ الدين مستقرّ وكامل ، وانّ حياتنا تجري بسلاسة لا أقلّ من الناحية الدينيّة ؟

ثمّ انّ هناك بلاد يمنع الظالمون والحاكمون فيها حتّى الممارسات العباديّة الفرديّة ، ولا يكون المسلم مختاراً في تطبيق حكم الإسلامي على نفسه وعائلته ، فضلاً عن الآخر.

وعلى كلّ حال فالحاجة إلى المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف تكون في إصلاح العالم بأسره ، وتطبيق وعد الله تعالى في القرآن الكريم.

قال الله تعالى : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (2).

وقال تعالى : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (3).

وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (4).

الهوامش

1. الوافي « للفيض الكاشاني » / المجلّد : 2 / الصفحة : 464 / الناشر : مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام العامة ـ اصفهان.

2. القصص : 5.

3. الأنبياء : 105.

4. التوبة : 33.

 
 

أضف تعليق

الإمام المهدي عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية