مع انّ الله خلق الإنسان في أحسن صورة فلماذا نجد نقصان بعض الأفراد في الخلقة ؟

طباعة

السؤال :

الله خلق الإنسان في أحسن صورة وأحسن تقويم ، فلماذا نجد بعض البشر أُم زائد اليد أو زائد الرجل وغير ذلك ؟

الجواب :

ورد التعبير في القرآن الكريم عن خلقة الإنسان تارةً بقوله تعالى : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) [ غافر : 64 ] ، [ التغابن : 3 ].

وتارةً اُخرى بقوله تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) [ التين : 4 ].

والمعنى أنّ اللّه تعالى جعل صورة الإنسان صورة حسنة وخَلَقه في أحسن تقويم ، والتقويم معناه جعل الإنسان ذا قوام ، وقوام الشيء هو ما يقوم به الشيء ويثبت ، فالآيات تريد أن تبيّن أنّ صورة الإنسان بشكل عامّ صورة حسنة ، وأنّ هذا النوع من الكائنات الحيّة يمتلك أحسن قوام بحسب الخلقة.

والآن نتساءل ما هي الصورة الحسنة ؟ وما هو أحسن قوام ؟

الجواب عن الصورة الحسنة هو أنّه ليس المقصود بها صباحة المنظر وملاحته ، إذ ليس جميع البشر كذلك ، بل المقصود تناسب أجزاء الإنسان بعضها مع بعض وتناسب مجموعها مع الغاية التي خُلق من أجلها ، فالأجهزه الفعّالة في جسم الإنسان فيها غاية التناسب والإنسجام وتفاعل بعضها مع البعض الآخر حتّى في جسم الإنسان الذي له يد زائده ، أو رجل أو غير ذلك.

فجسم كلّ إنسانٍ ـ حتّى الإنسان ناقص الخلقة ـ نراه متناسب الأجزاء والأجهزة بمعنى إنسجام بعضها مع البعض الآخر.

ونراه أيضاً متناسب الأجزاء بمعنى إنسجامها مع الغاية والهدف من خليقة حيث أنّ مجموع هذا التركيب الخاصّ من الجسم والروح يعتبر منسجماً مع درجة الكمال التي ينبغى للإنسان الوصول إليها من خلال هذه التركيبة الخاصّة المكوّنة من الجسم والروح.

والجواب عن أحسن قوام هو أنّ نوع الإنسان وجنس هذا الكائن الحيّ صالح بحسب الخلقة للعروج إلى الرفيع الأعلى والفوز بحياة خالدة عند ربّه ، سعيدة لا شقاء فيها ، وذلك بما جهّزه اللّه به من العقل والعلم النافع ، ومكّنه منه من العمل الصالح ، فكلّ إنسان ـ حتّى الناقص الخلقة ـ يستطيع من خلال هذه التركيبة الخاصّة التي خلق عليها أن يرتقي ويرتفع إلى الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح.

إذاً فما نجده في بعض الأفراد من زيادةً في خلقة بعض الأعضاء أو نقصانٍ فيها لا يتنافى أبداً مع كون صورة الإنسان بحسب النوع صورة حسنة بالمعنى الذي ذكرناه ، ولا يتنافى أيضاً مع كون الإنسان بحسب النوع يمتلك أحسن قوام بالمعنى الذي ذكرناه ، واللّه العالم.