له تعالى جسم لكن يختلف عن جسمنا
السؤال : أنا مغربي من بيئة سنية ولكن ممكن أن تقول أن شيعي . سؤالي هو بخصوص التجسيم لله تعالى أهل السنة يقولون بأنّ الله عبارة عن جسم ، ولكن جسمه يختلف عن جسمنا ؛ لأنّه لايمكن للخالق أن يشبه المخلوق ، وإننا لا يمكننا أن نراه الآن ، ولكن سنراه يوم القيامة ؛ لأنّه آنذاك سيكون لنا تركيب آخر ، ستكون لنا قدرة أخرى من ناحية النظر فكيف تردون على هذا الكلام ؟
الجواب: من سماحة الشيخ باقر الإيرواني
نحن نسأل عن ذلك الجسم الآخر الذي يغاير اجسامنا هل له ابعاد ثلاثة ؟ فإن كان له ذلك هذا يعني أنّّه كبقية الأجسام ، وأنّ لم يكن له ذلك فهذا عبارة أخرى عن مقالة الشيعة الإمامية ، ونحن لا نتعقل حداً وسطاً بين ما تذهب إليه الإمامية وبين القول بالتجسيم ، وهكذا الحال بالنسبة إلى رؤيته يوم القيامة ، فإنّ كان المقصود الرؤية المعنوية ، بمعنى رؤية قدرته وعظمته ، فذلك قول الإمامية ، وإن كان المقصود منه شيئاً آخر ، فيلزم القول بالتجسيم .
ثمّ انّ هذا التوجيه الذي تذكرونه ، هو توجيه شخصي ، وإلا فكتب الأخوة أهل السنة واضحة في إرادة التجسيم بمعنى الابعاد الثلاثة فقد جاء : « إنّ الله يضع قدمه يوم القيامة على نار جهنم أو على جهنم فتقول : قط ، قط ، قط » ( 1 ) .
وجاء أيضاً : « إنّ له مكاناً وينتقل من مكان إلى مكان ... » ( 2 ).
وجاء أيضاً : « ينزل الله في آخر الليل إلى السماء الدنيا فيقول : من يسألني فاستجيب له ومن يسألني فاُعطيه » ( 3 ) .
وجاء أيضاً : « ينزل في ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر ... » ( 4 ).
وجاء أيضاً : « انكم سترون ربكم عياناً » ( 5) .
_______________
1 ـ صحيح البخاري / تفسير سورة ق ، كتاب التوحيد / باب{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}(الاعرف / 56) ..سنن الترمذي / كتاب صفة الجنة / باب ما جاء في خلود أهل الجنة واهل النار وصحيح مسلم / كتاب الجنة / صفة نعيمها واهلها / باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء حديث 35 ، 36 ، 37 ، 38 .
2 ـ سنن ابن ماجة / المقدمة / باب في ما انكرت الجهمية / حديث 182 سنن الترمذي / تفسير سورة هود / الحديث الاول ، مسند احمد 4 / 11 ، 12 .
3 ـ صحيح البخاري / كتاب التهجد / باب الدعاء والصلاة في آخر الليل وصحيح مسلم / كتاب الدعاء / باب الترغيب في الدعاء والذكر آخر الليل وسنن أبي داود / كتاب السنة / باب في الرد على الجهمية حديث 4733 سنن الترمذي / كتاب الصلاة / باب ما جاء في نزول الربّ الى السماء الدنيا كل ليلة 2 / 232 ، 235 سنن ابن ماجة / كتاب اقامة الصلاة / باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل حديث 1366 سنن الدارمي / كتاب الصلاة / باب ينزل الله الى السماء الدنيا مسند احمد 2 / 264 ، 267 ، 282 ، 419 ، 3 :34 مؤطأ مالك / كتاب القرآن /باب 30.
4 ـ سنن الترمذي / ابواب الصوم / باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان ، سنن ابن ماجة / باب ما جاء ليلة النصف من شعبان ، مسند احمد 2 / 433 .
5 ـ صحيح البخاري / كتاب التوحيد / باب قول الله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}(القيامة / 22) .
التعليقات
وفي الروايات اشارة الى هذا البرهان العقلي ؛ ففي كتاب التوحيد باسناده عن اسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد ؟ فقال : سبحان الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً ، يا ابن الفضل انّ الأبصار لا تدرك الّا ما كان له لون وكيفيّة ، والله خالق الألوان والكيفيّات.
وقد استدلّ المتكلّمون على استحالة رؤية الله تعالى بالعين الباصرة ، بأن الرؤية امّا ان تقع على الذات كلّها ، أو على بعضها ، فعلى الأوّل يلزم ان يكون المرئي محدوداً أو محصوراً متناهياً شاغلاً لجهة معيّنة وخلوّ الجهات الأخرى عنه تعالى ، وعلى الثاني يلزم ان يكون المرئي مركّباً متحيّزاً ذا جهة وكلّ ذلك باطل ومستحيل.
ثمّ انّ تجويز الرؤية على الله سبحانه ، يستلزم كونه جسماً له من صفات الأجسام ، كالحيّز ، وان يكون له جهة وتناهي ذاته وقابلاً ونحو ذلك ، وكل ذلك يستحيل عليه تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.
وبعبارة أخرى ، العقل يقول انّ الله تعالى غير قابل للرؤية ، كما قال الله تعالى : ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ) [ الأنعام : 103 ] ؛ فليس عدم رؤية الله تعالى لأجل الموانع ، حتّى يقال يمكن ان ترتفع الموانع ويتمكّن الناس من رؤيته بعد رفع الموانع ، بل يستحيل رؤيته ، والمستحيل لا يمكن وقوعه ، ولو مع وجود ألف علّة وسبب.
2 ـ القرآن الكريم يقول : ( لَن تَرَانِي ) [ الأعراف : 143 ] ، وكلمة لن يفيد النفي بنحو التأييد ، أي لا تراني يا موسى أبداً سواء في الدنيا أو في الآخرة.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة