كيف بايع الحسن والحسين عليهما السلام شخصاً مثل معاوية ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

إنّ معاوية كان يلبس الحرير والذهب ، ويذكر له موبقات أخرى ، فكيف تكون صفات شخص هكذا ، ويبايع ! فالحسن والحسين عليهما السلام بايعوه ، وهذا باعتراف كبار علماء الشيعة كالمجلسي والسيّد المرتضى وغيرهما يقولون بأن الحسن والحسين عليهما السلام بايعا معاوية !.

والبيعة هي طاعة لولي الأمر ، فكيف بايع الحسن والحسين عليهما السلام شخص يلبس الحرير والذهب ولا يشبع (1) و ... ، فالأمر فيه تناقض عجيب ؟

الجواب :

أحسنت هذه صفات معاوية أيعقل أن يبايعه الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام ، فلا يخطر على بالك أنّها بيعة إكراه ، أضف إلى ذلك ما الذي أخذه معاوية ؟ أنتم تتصوّرون ، وتعتقدون دائماً بأنّ الإمام الحسن عليه السلام أقرّ لمعاوية بالإمامة ؟! أبداً لم يكن ذلك ؛ لأن لم ينازع إمامٌ من أئمّتنا في إمامته على السلطة التشريعيّة حدّ أدنى ، لكن نوزع على السلطة التنفيذيّة ، عندما تكون حجيّة إمامته أوسع بكثير من السلطة التنفيذيّة تركها.

إذن ، إذا تقرأ بدقّة بنود صلح الإمام الحسن عليه السلام (2) سوف تحصل على جواب سؤالك. من بنوده أن لا يقرّا له بإمرة المؤمنين ماذا تعني ؟ تعني بإنّه لا شرعيّة له ، وأن لا يتولّى له شيء ، واقرأ البنود الباقية حتّى تعرف أنّ الذي تخلّى عنه الإمام الحسن عليه السلام هي السلطة التنفيذيّة وليست الإمامة.

الهوامش

1. وقد روَى البيهقيُّ ، عن الحاكِم ، عن عليِّ بن حَمْشاذَ ، عن هشامِ بنِ عليٍّ ، عن موسى بنِ إسماعيلَ ، حدَّثني أبو عَوانةَ ، عن أبي حَمْزةَ ، سمِعْتُ ابنَ عباس قال : كنتُ ألْعَبُ مع الغِلمانِ ، فإذا رسولُ اللهِ صّلى الله عليه وسلّم قد جاء ، فقلتُ : ما جاء إلا إليَّ. فذهبْتُ فاخْتَبأْتُ على بابٍ ، فجاء فحطَأني حَطْأةً وقال : « اذْهَبْ فادْعُ مُعاويةَ » . وكان يَكْتُبُ الوَحْيَ. قال : فذهَبْتُ فدعَوْتُه له ، فقيل : إنه يأكُلُ. فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فقلتُ : إنه يأكُلُ. فقال : « اذْهَبْ فاْدعُه لي ». فأتَيْتُه الثانيةَ ، فقيل : إنه يأكُلُ. فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فأخْبَرْتُه ، فقال في الثالثةِ : « لا أشْبَعَ اللهُ بطنَه » . قال : فما شبِع بعدَها. [ البداية والنهاية « لابن كثير » / المجلّد : 9 / الصفحة : 86 ، الناشر : هجر ]

2. وهي شروط كثيرة لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا إلّا عن بعض منها ، غير أنّه قد أشار التاريخ إلى كثرة هذه الشروط حين صرّح بأنّ معاوية قد أرسل إلى الإمام الحسن عليه ‌السلام وثيقة ضمن له فيها شروطاً ، ولكن الإمام الحسن عليه ‌السلام قد شرط عليه أضعاف ذلك.

راجع : تاريخ الطبري / المجلّد : ٤ / الصفحة : ١٢٤ / الناشر : الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

راجع : جواهر المطالب في مناقب الإمام علي « لابن الدمشقي » / المجلّد : ٢ / الصفحة : ١٩٨ / الناشر : مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة.

أن لا يسمّي الإمام الحسن عليه‌ السلام معاوية أميرَ المؤمنين. [ راجع : بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٤٤ / الصفحة : 2 ـ 3 / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : 2 ، راجع : علل الشرائع « للصدوق » / المجلّد : ١ / الصفحة : ٢١٢ / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 2 ، راجع : مستدرك الوسائل « للنوري الطبرسي » / المجلّد : ١٣ / الصفحة : ١٨٠ / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم / الطبعة : 1 ]

ولا يقيم عنده شهادة. [ راجع : علل الشرائع « للصدوق » / المجلّد : ١ / الصفحة : ٢١٢ / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 2 ، راجع : مستدرك الوسائل « للنوري الطبرسي » / المجلّد : ١٣ / الصفحة : ١٨٠ / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم / الطبعة : 1 ]

وأن يعمل معاوية بكتاب الله وسنّة رسوله. [ راجع : شرح نهج البلاغة « لابن أبي الحديد المعتزلي » / المجلّد : ١٦ / الصفحة : ٢٢ / الناشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم / الطبعة : 2 ، راجع : الفتوح « لابن أعثم » / المجلد : ٤ / الصفحة : 293 ، راجع الفصول المهمة / الصفحة : 163 / الناشر : مكتبة دار الكتاب التجارية ـ نجف الأشرف ، وأضاف إلى ذلك : سنّة الخلفاء الصالحين أيضاً ]

وليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده. [ راجع : شرح نهج البلاغة « لابن أبي الحديد للمعتزلي » / المجلّد : ١٦ / الصفحة : ٢٢ / الناشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم / الطبعة : 2 ، راجع : الفصول المهمة « لابن الصباغ » / الصفحة : ١٦٣ / الناشر : مكتبة دار الكتاب التجاريّة ـ نجف الأشرف ، راجع : الفتوح « لابن أعثم » المجلد : ٤ / الصفحة : 293 / الناشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، راجع : تاريخ مدينة دمشق « لابن عساكر » / المجلّد : ١٣ / الصفحة : 264 ـ 266 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت ، راجع : الإمامة والسياسة « لابن قتيبة » / المجلّد : ١ / الصفحة : ١٨٤ ]

ولكن معاوية لم يلتزم ببنود الصلح باعترافه.

فلمّا استتمّتِ الهُدنةُ على ذلكَ ، سارَ معاويةُ حتّى نزلَ بالنُّخَيْلةِ ، وكانَ ذلكَ يومَ جمعةٍ فصلّى بالنّاسِ ضحى النّهارِ ، فخطَبَهُم وقالَ في خطبتهِ : إِنِّي واللهِ ما قاتلتُكم لتُصلُّوا ولا لتصوموا ولا لتحجُّوا ولا لتزكُّوا ، إِنّكم لتفعلونَ ذلكَ ، ولكنِّي قاتلتُكم لأتأمّرَ عليكم ، وقد أعطاني اللهُ ذلكَ وأنتم له كارِهونَ. أَلا وإِنِّي كنتُ منَّيتُ الحسنَ وأعطيتُه أشياءَ ، وجَمِيعُها تحتَ قَدَمَيَّ لا أفي بشيءٍ منها له. [ الإرشاد « للمفيد » / المجلّد : 2 / الصفحة : 14 / الناشر : المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد ]

 
 

التعليقات   

 
+4 -4 # قاهر المجوس 2022-05-11 09:45
* مبايعة الحسن و الحسين لمعاوية عليهم السلام من كتب الشيعة
اختيار معرفة الرجال للطوسي ج 1 ص 325
جبريل بن أحمد و أبو اسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمد بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول: ان معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) ان أقدم أنت والحسين وأصحاب علي. فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء، فقال يا حسن قم فبايع فقام فبايع، ثم قال للحسين (عليه السلام) قم فبايع فقام فبايع، ثم قال قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين (عليه السلام) ينظر ما يأمره، فقال يا قيس انه امامي يعني الحسن (عليه السلام).
* إقرار الحسن بمبدأ الشورى في اختيار الحاكم من كتب الشيعة
بحار الأنوار للمجلسي ج 44 ص 65
كشف الغمة للأربلي الجزء 2 صفحة 533
الغدير للأميني ج 11 ص 6
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان: صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم
وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء وبما أعطى الله من نفسه وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله غائلة سرا ولا جهرا ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك - وكفى بالله شهيدا - فلان وفلان والسلام
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

الامام الحسن عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية