كيف كان يتعبّد الرسول صلّى الله عليه وآله قبل الإسلام ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

لقد أراد الله ان يرحم البشريّة بإرسال رسولنا الكريم ليخرج الناس ممّا كانوا عليه من ظلم وظلام إلى النور والهداية ، فكيف كان يتعبّد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل الإسلام ؟

الجواب :

كان النبي صلّى الله عليه وآله يتعبّد لله على شريعة جدّه إبراهيم عليه السلام ، فانّها الحنيفيّة والدين الجامع بين جميع الأديان السماويّة ؛ وأمّا اليهوديّة والنصرانيّة فقد كان أديان مؤقّتة تنقضي بإنتهاء أمدها ، ولأجل ذلك سمّي الزمان الذي كان بين عيسى عليه السلام ونبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله بـ « الفترة » أيّ الزمان الذي لم يرسل فيه رسول إلى الناس.

قال علي عليه السلام في نهج البلاغة : « أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُممِ ». (1)

يظهر من الروايات والأخبار أنّ النبي منذ ولد كان مسدّداً مؤيّداً بروح القدس ، يكلّمه الملك ويسمع الصوت ويرى في المنام ؛ ثمّ بعد أربعين سنة صار رسولاً وكلّمه الملك معانيه ، ونزل عليه القرآن وأمر بالتبليغ ، وكان يعبد الله تعالى بصنوف العبادات ممّا أمر الله تعالى بعد ذلك بتبليغه ، ويمكن أن يكون متعبّداً لله على طبق شريعة جدّه إبراهيم عليه السلام من غير أن يكون تابعاً له.

ويشهد لما ذكرناه :

أ : في الخطبة القاصعة لأمير المؤمنين عليه السلام المشهورة بين العامّة والخاصّة ، يصف النبي صلّى الله عليه وآله بقوله :

« مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ ؛ يَسْلُكُ بِهِ طَريقَ الْمَكَارِمِ ، وَمَحَاسِنِ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ ». (2)

ب : الأخبار المستفيضة الدالّة على انّ النبي صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام مؤيّدون بروح القدس في صغرهم إلى وفاتهم. (3)

ج : قوله صلّى الله عليه وآله : « كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين. أو : بين الروح والجسد ». (4)

د : روى الكليني في الصحيح : عَنْ يَزيدَ الكُناسِيّ ، قالَ : سَأَلْتُ أَبا جعفرٍ عليه السلام : أَكان عيسى بْنُ مَريم عليه السلام حينَ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ حُجَّةَ [ا]لله عَلى أَهْلِ زمانه ؟ فقال : كان يومئذ نبيّاً حجّة [ا]لله غير مرسل أما تسمعُ لقوله حين قال : ( إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ... ) (5).

وبعد ضمّ ما ورد في أخبار كثيرة : انّ الله تعالى لم يعط نبيّاً فضيلة ولا كرامة ولا معجزة إلّا وقد أعطاه بنبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله ؛ فكيف جاز أن يكون عيسى عليه السلام في المهد نبيّاً ولم يكن نبيّنا صلّى الله عليه وآله إلى أربعين سنة نبيّاً ؟

الهوامش

1. نهج البلاغة « لمحمد عبده » / المجلّد : 1 / الصفحة : 155.

2. نهج البلاغة « لمحمد عبده » / المجلّد : 2 / الصفحة : 182.

3. راجع بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : 18 / الصفحة : 278 / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : 2.

4. الغدير « للأميني » / المجلّد : 7 / الصفحة : 38 / الناشر : مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامة ـ فرع طهران.

5. الأصول من الكافي « للكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 313 / الناشر : منشورات المكتبة الإسلاميّة ـ طهران.

 
 

أضف تعليق

النبي محمّد صلّى الله عليه وآله

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية