أهل الكتاب موقعهم والعيش المشترك معهم

البريد الإلكتروني طباعة
أهل الكتاب موقعهم والعيش المشترك معهم

السؤال : يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ } {آل عمران/64} .
انطلاقاً من الآية المباركة لدي بعض الاسئلة:
أوّلاً :  ما موقع أهل الكتاب ومكانتهم في الإسلام؟
ثانياً : ما هي القواعد التي تأسس عليها العيش المشترك تاريخيا مع أهل الكتاب؟
ثالثاً : إلى أيّ مدى نستطيع أن نذهب في هذا التعايش؟
رابعاً : كيف تنشأ الانحرافات عن ذلك العيش المشترك؟

الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
(1) أهل الكتاب هم في الواقع كفّار في رأي الاسلام ، لكنّهم يمتازون عن القسم الآخر من الكفّار ـ وهم المشركون ـ بأحكام عديدة : منها الطهارة لدى بعض الفقهاء ، ومنها الزواج منهم لدى كثير من الفقهاء ، ومنها الاكتفاء بأخذ الجزية منهم ، إلى غيرها من الأحكام المختصّة بأهل الكتاب والتي لا تشمل سائر الكفّار .
والمقصود بأهل الكتاب : المؤمنون بكتاب سماوي سابق على القرآن التوراة والإنجيل ، ومن أبرز مصاديق أهل الكتاب اليهود والنصارى حيث يؤمنون بالله وباليوم الآخر ، ويؤمنون بالكتاب السماوي النازل على نبيّهم ـ أيّ التوارة والإنجيل ـ رغم تحرفها الآن.
(2) أمّا القواعد التي تأسّس عليها العيش المشترك تاريخياً مع أهل الكتاب فهي عبارة عن :
1) الإيمان بالله تبارك وتعالى.
2) الإيمان باليوم الآخر ـ القيامة ـ .
3) الانصياع لتعاليم دينهم السماوي.
4) دفع الجزية للدولة الإسلامية وفقاً لما تحدّده.
5) ممارسة طقوسهم العبادية ضمن الشروط التي تصنعها الدولة الإسلامية.
6) الالتزام والعمل بكلّ ما جاء في عقد الذمّة المعقود بينهم وبين الدولة الإسلامية ، وعدم التخلّف عنه.
قال الله تبارك وتعالى : {
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ } {آل عمران/64} .
وقال تعالى : { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } {الممتحنة/8 ـ 9}.
وقال تعالى : { الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } {التوبة/29} .
إذاً هذه هي قوعد العيش المشترك مع أهل الكتاب.
وبهذا اتضح الجواب على السؤال الثالث والرابع :
فالدولة الإسلامية هي التي تعقد مع أهل الكتاب عقد الذمّة ، وتضع شروطها معهم ، و تكون لها اليد العليا في هذا العقد ، وليس هذا من واجبات الأفراد ، ولا من صلاحيّاتهم .
أمّا مع عدم قيام دولة إسلامية فلا يوجد عقد ذمّة في البين . وفي هذه الحالة إذا كان الفرد المسلم يعيش في بلد غير إسلامي يقطنه أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهو يعاشرهم بالمعروف ، ويراعي فيهم الأحكام الشرعية الخاصّة بأهل الكتاب.
وأمّا الإنحراف عن العيش المشترك مع أهل الكتاب فهو ينشأ نتيجة عدم الالتزام بالبنود التي ذكرناها ، وعدم القيام بتنفيذ ما قررّته الشريعة في هذا المجال ، والسلام عليكم.
 

أضف تعليق

أهل الكتاب

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية