السؤال
سمعت أنّ الإنسان يذهب بعد الموت إلى البرزخ ، فكيف هي الحياة في البرزخ ؟ هل هي شبه الجنّة أو ماذا ؟ الرجاء أفادتني وشكراً.
الجواب :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « من مات فقد قامت قيامته » (1) ، فالبرزخ هي حياة ونشأة بين الدنيا والآخرة ، والمقصود من الحديث « قامت قيامته » هي القيامة الصغرى ، أو فقل أوّل درجات القيامة ، والقيامة الكبرى هي يوم الحشر الأكبر.
والآيات والروايات تثبت الحياة في عالم البرزخ ، وتثبت فيه النعيم والعذاب ، فالقبر إمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران.
قال الشيخ الصدوق : « اعتقادنا في المسألة في القبر أنّها حقّ لابدّ منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنّة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره ، وتصلية جحيم في الآخرة » (2).
قال الله تعالى عن فرعون وأتباعه : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (3).
وأجاب الإمام الصادق عليه السلام عندما سُئِلَ عن أرواح المؤمنين : « أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة ، يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا ».
وسُئل عليه السلام عن أرواح المشركين فأجاب : « في حجرات في النار يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويتزاورون فيها ويقولون : ربّنا لا تُقم لنا الساعة ، لتنجز لنا ما وعدتنا » (4).
وهذه الرواية تدلّ بتمامها على وجود البرزخ بَعد الموت مباشرة ، ونعيم المؤمنين وعذاب الكافرين فيه مستمر حتّى تقوم الساعة.
فالبرزخ عالم حائل وحاجز بين الدنيا والآخرة ، وهو أوّل محطّات الرحلة إلى الآخرة ، وهو المنزل الأوّل للإنسان بعد مفارقة الدنيا بالموت ، كما قال تعالى : ( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (5).
الهوامش
1. بحار الأنوار ٥٨ / ٧.
2. الاعتقادات : ٥٨.
3. غافر : ٤٦.
4. المحاسن ١ / ١٧٨.
5. المؤمنون : ١٠٠.
التعليقات
نعم ، الموجود في الروايات انّ المؤمنين يأكلون ويشربون في عالم البرزخ ويزورون أهاليهم متى أرادوا أو ليلة الجمعة.
ففي رواية عن إبراهيم بن إسحاق الجازي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : أين أرواح المؤمنين ؟ فقال : أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ، ويقولون : ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا ... [ بحار الأنوار / المجلّد : 6 / الصفحة : 134 ، عن المحاسن للبرقي ]
نعم ، ورد في خصوص الشهيد انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال في فضل الغزاة في سبيل الله : وإذا زال الشهيد عن فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتّى يبعث الله عزّ وجلّ زوجته من الحور العين ، فتبشّره بما أعدّ الله له من الكرامة ، فإذا وصل إلى الأرض تقول له : مرحباً بالروح الطيّبة التي أخرجت من البدن الطيّب ، أبشر فان لك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. [ سفينة البحار / مادّة شهد ]
ومن المحتمل جدّاً تطبيق ذلك على كلّ مؤمن شيعي يموت على الاعتقاد بالأئمّة عليهم السلام ، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قال لأبي بصير : يا أبا محمّد انّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد. قلت : وان مات على فراشه ؟ قال : وإن مات على فراشه حيّ عند ربّه يرزق. [ بحار الأنوار / المجلّد : 6 / الصفحة : 245 ]
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة