شهادة الإمام محمّد الباقر عليه‌ السلام

البريد الإلكتروني طباعة

شهادته عليه السلام

رغم إبتعاد الإمام الباقر ، ومن قبله أبوه الإمام السجّاد عليهما السلام ، عن كلّ ما يمت بصلة إلى السلطة ورموز بلاطها ، إلّا أنّه يمثل بالنسبة للسلطات الأُمويّة هاجساً من الخوف المشوب بالغيرة والحقد ونصب العداء ، ويدخل ذلك ضمن الثقافة التي توارثها الأبناء عن الآباء من رجالات السلطة ، ذلك لأنّهم يدركون خطورة النشاط الذي يمارسه عليها ، لكونه مصدر الوعي الإسلامي الصحيح ورائد الحركة الإصلاحيّة في الأُمّة ، التي تكنّ له التبجيل والإحترام ، فعملت السلطة على تصفيته جسديّاً ، ولجأت إلى سلاحها المعهود فاغتالته بالسمّ في زمان هشام بن عبد الملك ، الذي نقل أنّه كان شديد العداوة والعناد لأبي جعفر الباقر عليه‌السلام ولأهل بيته (1). ولم تذكر الروايات تفاصيل أسباب دسّ السم إليه وكيفيّة شهادته.

ومهما يكن فإنّ بعض المصادر ذكرت أنّ سبب موته مرض ، بينما اكتفت بعض المصادر أنّ الإمام الباقر عليه السلام استُشهد مسموماً كأبيه ، ولم تذكر الذي باشر ذلك ، في حين ذكرت بعضها أنّ هشام بن عبد الملك هو الذي سمّه ، وذكرت أُخرى أنّ إبراهيم بن الوليد هو الذي سمّه (2).

غير أنّ هناك رواية طويلة لأبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، جاء فيها أنّ سبب إقدام السلطة على قتل الإمام عليه السلام هو وشاية زيد بن الحسن إلى عبد الملك بن مروان ، وأنّه قال له حين دخل عليه : أتيتك من عند ساحر كذّاب لا يحلّ لك تركه ، وأنّ عنده سلاح رسول الله وسيفه ودرعه وخاتمه وعصاه وترِكته ، ممّا أثار حفيظة عبد الملك بن مروان ، وذلك لأنّ زيداً خاصم الإمام الباقر عليه السلام في ميراث رسول الله إلى القاضي ، ثمّ أنّ عبد الملك بعث بسرج إلى الإمام الباقر عليه السلام ، فلمّا أسرج له نزل متورّماً ، وعاش ثلاثاً ، ثمّ مضى إلى كرامة ربّه (3).

وتقدّم أنّ الرواية تذكر الأحداث في زمان عبد الملك ، ولا يصحّ إلّا بافتراض السقط والتحريف ، لتكون أجواء الرواية في أيّام هشام بن عبد الملك.

وممّا يدلّ على إصرار هشام على قتل الإمام عليه السلام ، أنّه كتب إلى عامل المدينة بعد أن أشخص الإمام مع ولده الصادق عليهما السلام أن يحتال في سمّ أبي جعفر عليه السلام عند عودته في طعام أو شراب ، فلم يتهيّأ له شيء من ذلك (4).

قال الشاعر :

     

هلم بنا نبكي على باقر العلم

 

سليل النبي المصطفى الأُمّي

على لذّة العيش العفا بعد ما قضى

 

شهيداً بلا ذنب أتاه ولا جرم

له طول حزني ما حييت وحرقتي

 

ونوحي ولو أنّ البكا قد برى عظمي

سقاه على رغم الوقى السمّ خفية

 

هشام ردي الأب والجدّ والأُم

عليه من الرحمن لعن مؤبّد

 

بما سرّ من بغي وما سنّ من ظلم (5)

الهوامش

1. الهداية الكبرى : ٢٣٧.

2. مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩. دلائل الإمامة : ٢١٥ و ٢١٦ ، نور الأبصار : ١٩٥ ، الصواعق المحرقة : ٢٠١ ، اسعاف الراغبين : ٢٥٤ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٢ ، أحسن القصص / الشريف علي فكري ٤ : ٢٧٢ ، الفصول المهمّة : ٢٢٢ ، بحار الانوار ٤٦ : ٢١٧ / ١٩ ، التتمّة : ٩٦.

3. الثاقب في المناقب : ٣٨٩ ، الصراط المستقيم : ١٨٤ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٢٩ / ١٢.

4. دلائل الإمامة : ٢٤٠.

5. وفيات الأئمّة : ٢١٠.

مقتبس من كتاب : [ الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ ] / الصفحة : 294 ـ 296

 

التعليقات   

 
+5 # برائية رافضية 2017-04-19 07:32
القول بمرضه مستبعد لان الرواية عن الامام المعصوم تقول : مامنا الا مقتول او مسموم
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+1 -1 # برائية رافضية 2017-04-16 08:45
السلام عليكم
ماصلة القرابة بين زيد والامام الباقر عليه السلام ؟ وهل تصح الرواية التي تقول ان عبد الملك استخدم السراج المسموم. لانني لم افهم معنى الجملة السابق ذكرها (ولا يصحّ إلّا بافتراض السقط والتحريف ، لتكون أجواء الرواية في أيّام هشام بن عبد الملك). اثابكم الله
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+4 # السيّد جعفر علم الهدى 2017-08-19 20:19
أمّا زيد الشهيد ، فهو زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام أخو الإمام الباقر عليه السلام ، وكان من الأجلّاء ، واستشهد في سبيل الله تعالى ، وقد ورد في حقّه الثناء والمدح العظيم من الإمام الباقر والصادق عليهما السلام ، ولم يدع الإمامة أصلاً بل في الحديث انّه لو ظفر لوفى بعهده.
نعم ادّعى الزيديّة امامته وامامة كلّ فاطمي خرج بالسيف وقد عرفوا بالزيديّة ، لكن زيداً بريء منهم ، فقد كان يعتقد بإمامة أخيه الباقر عليه السلام وابن أخيه الصادق عليه السلام.
وأمّا زيد بن الحسن فهو ابن الإمام الحسن السبط عليه السلام ، فهو ابن عمّ الإمام السجّاد عليه السلام والد الإمام الباقر عليه السلام.
وقد ذكر في التواريخ انّه كان متولّي صدقات رسول الله صلّى الله عليه وآله وتخلّف عن عمّه الحسين عليه السلام ولم يخرج معه إلى العراق وبايع عبد الله بن الزبير لأنّ أخته كانت تحته ، فلمّا قتل عبد الله أخذ زيد بيد أخته ورجع إلى المدينة وعاش مائة سنة ، ومات بين مكّة والمدينة.
وفي الخرائج والجرائح روى مرسلاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام رواية يظهر منها انّ زيداً ابن الحسن شارك في دم الإمام الباقر عليه السلام حيث اركبه فرساً جعل السمّ في سرجه ، فسمّ الإمام عليه السلام وقضى عليه السلام مسموماً.
والله العالم بحقائق الأمور.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+3 -1 # كاظم الربيعي 2014-08-20 03:31
السلام عليكم بائ الاطعمة تحديدا سم امامنا الصادق ع
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+6 -1 # السيّد جعفر علم الهدى 2015-04-06 17:50
في مصباح الکفعمی قدس سره : « توفى عليه السلام يوم الاثنين في النصف من رجب سنة ثمان وأربعين ومائة مسموماً في عنب ».
والمشهور انّه استشهد 25 / شوال ، وقد سمّه والي المدينة بأمر المنصور الدوانيقي. وفي الصلوات الواردة في أيّام شهر رمضان : « اللهمّ صلّى على جعفر بن محمّد إمام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه » كما في الاقبال.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية