الدعاء السادس والأربعون : دعاؤه عليه السلام في العيدين ويوم الجمعة

البريد الإلكتروني طباعة

دعاؤه عليه السلام في العيدين ويوم الجمعة

وكان من دعائه عليه السلام في يوم الفطر إذا انصرف من صلاته قام قائماً ثمّ استقبل القبلة وفي يوم الجمعة فقال :

يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُهُ الْعِبَادُ ، ويَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لَا تَقْبَلُهُ الْبِلَادُ ، ويَا مَنْ لَا يَحْتَقِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، ويَا مَنْ لَا يُخَيِّبُ الْمُلِحِّينَ عَلَيْهِ ، ويَا مَنْ لَا يَجْبَهُ بِالرَّدِّ أَهْلَ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ.

ويَا مَنْ يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ ، ويَشْكُرُ يَسِيرَ مَا يُعْمَلُ لَهُ ، ويَا مَنْ يَشْكُرُ عَلَى الْقَلِيلِ ، ويُجَازِي بِالْجَلِيلِ ، ويَا مَنْ يَدْنُو إِلَى مَنْ دَنَا مِنْهُ ، ويَا مَنْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ ، ويَا مَنْ لَا يُغَيِّرُ النِّعْمَةَ ولَا يُبَادِرُ بِالنَّقِمَةِ ، ويَا مَنْ يُثْمِرُ الْحَسَنَةَ حَتَّى يُنْمِيَهَا ، ويَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتَّى يُعَفِّيَهَا.

انْصَرَفَتِ الْآمَالُ دُونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالْحَاجَاتِ ، وامْتَلَأَتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوْعِيَةُ الطَّلِبَاتِ ، وتَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِكَ الصِّفَاتُ ، فَلَكَ الْعُلُوُّ الْأَعْلَى فَوْقَ كُلِّ عَالٍ ، والْجَلَالُ الْأَمْجَدُ فَوْقَ كُلِّ جَلَالٍ.

كُلُّ جَلِيلٍ عِنْدَكَ صَغِيرٌ ، وكُلُّ شَرِيفٍ فِي جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ.

خَابَ الْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ ، وخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إِلَّا لَكَ ، وضَاعَ الْمُلِمُّونَ إِلَّا بِكَ ، وأَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلَّا مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ ، بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ ، وجُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ ، وإِغَاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، لَا يَخِيبُ مِنْكَ الْآمِلُونَ ، ولَا يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ الْمُتَعَرِّضُونَ ، ولا يَشْقَى بِنَقِمَتِكَ الْمُسْتَغْفِرُونَ.

رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ ، وحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ.

عَادَتُكَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيئِينَ ، وسُنَّتُكَ الْإِبْقَاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ ، حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُّجُوعِ ، وصَدَّهُمْ إِمْهَالُكَ عَنِ النُّزُوعِ ، وإِنَّمَا تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفِيئُوا إِلَى أَمْرِكَ ، وأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا ، ومَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا.

كُلُّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى حُكْمِكَ ، وأَمُورُهُمْ آئِلَةٌ إِلَى أَمْرِكَ.

لَمْ يَهِنْ عَلَى طُولِ مُدَّتِهِمْ سُلْطَانُكَ ، ولَمْ يَدْحَضْ لِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ.

حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لَا تُدْحَضُ.

وسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لَا يَزُولُ ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ ، والْخَيْبَةُ الْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ ، والشَّقَاءُ الْأَشْقَى لِمَنِ اغْتَرَّ بِكَ.

مَا أَكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ ، ومَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِي عِقَابِكَ ، ومَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ ، ومَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ ، عَدْلاً مِنْ قَضَائِكَ لَا تَجُورُ فِيهِ وإِنْصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لَا تَحِيفُ عَلَيْهِ ، فَقَدْ ظَاهَرْتَ الْحُجَجَ ، وأَبْلَيْتَ الْأَعْذَارَ ، وقَدْ تَقَدَّمْتَ بِالْوَعِيدِ ، وتَلَطَّفْتَ فِي التَّرْغِيبِ ، وضَرَبْتَ الْأَمْثَالَ ، وأَطَلْتَ الْإِمْهَالَ ، وأَخَّرْتَ وأَنْتَ مُسْتَطِيعٌ لِلمُعَاجَلَةِ ، وتَأَنَّيْتَ وأَنْتَ مَلِي‏ءٌ بِالْمُبَادَرَةِ.

لَمْ تَكُنْ أَنَاتُكَ عَجْزاً ، ولَا إِمْهَالُكَ وَهْناً ، ولَا إِمْسَاكُكَ غَفْلَةً ، ولَا انْتِظَارُكَ مُدَارَاةً ، بَلْ لِتَكُونَ حُجَّتُكَ أَبْلَغَ ، وكَرَمُكَ أَكْمَلَ ، وإِحْسَانُكَ أَوْفَى ، ونِعْمَتُكَ أَتَمَّ.

كُلُّ ذَلِكَ كَانَ ولَمْ تَزَلْ ، وهُوَ كَائِنٌ ولَا تَزَالُ.

حُجَّتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِكُلِّهَا ، ومَجْدُكَ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ ، ونِعْمَتُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِهَا ، وإِحْسَانُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ عَلَى أَقَلِّهِ.

وقَدْ قَصَّرَ بِيَ السُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ ، وفَهَّهَنِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ تَمْجِيدِكَ ، وقُصَارَايَ الْإِقْرَارُ بِالْحُسُورِ لَا رَغْبَةً يَا إِلَهِي بَلْ عَجْزاً ، فَهَا أَنَا ذَا أَؤُمُّكَ بِالْوِفَادَةِ ، وأَسْأَلُكَ حُسْنَ الرِّفَادَةِ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، واسْمَعْ نَجْوَايَ ، واسْتَجِبْ دُعَائِي ، ولَا تَخْتِمْ يَوْمِي بِخَيْبَتِي ، ولَا تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي ، وأَكْرِمْ مِنْ عِنْدِكَ مُنْصَرَفِي ، وإِلَيْكَ مُنْقَلَبِي ، إِنَّكَ غَيْرُ ضَائِقٍ بِمَا تُرِيدُ ، ولَا عَاجِزٍ عَمَّا تُسْأَلُ ، وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية