عرض إجمالي للثائرين بعد زيد

البريد الإلكتروني طباعة

بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 329 ـ  336

________________________________________
(329)
الفصل الاَوّل
عرض إجمالي للثائرين بعد الاِمام زيد
وهم بين داع وإمام
إنّ ثورة زيد بن علي كانت ثورة عارمة بوجه الظالمين هزّت وضعضعت أركان الدولة الاَموية وساعدت على إزالتهم عن أديم الاَرض، وقد استغلّها العباسيون في تنظيم حركتهم لاِقامة دولتهم وقد تركت ثورته في القلوب محبّة للثائر ومن حبا حبوه بشكل قلّ نظيره، حتى أنّ يحيى بن زيد لما أُطلق سراحه اتّخذ الخراسانيون من قيد قدميه فصوصاً لخواتيمهم، يتبركون بها، وهذا يدلّ على عمق تأثير ثورة زيد في قلوب المسلمين. ولاِيقاف القارىَ على الاَحداث التي وقعت بعد ثورته، نذكر الذين نهجوا منهجه وساروا على دربه، أخذوا بزمام الثورة وقادوها، واحداً بعد الآخر، وإليك أسماءهم أوّلاً، ثم الاِدلاء بحياتهم وثورتهم، ثانياً:
1 ـ يحيى بن زيد، الذي اشترك مع أبيه في الثورة وبقي بعد مقتل أبيه.
2 ـ محمد بن عبد اللّه بن الحسن المعروف بالنفس الزكية المستشهد عام 145 هـ، خرج بالمدينة مطالباً بإرجاع الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، وكان
________________________________________
(330)
محمد قد شارك في ثورة زيد بن علي ولما فشلت عاد إلى المدينة، وسيوافيك أنّ يحيى بن زيد قد فوّض الاَمر إلى النفس الزكية.
3 ـ لما قتل محمد بن عبد اللّه قام أخوه إبراهيم بن عبد اللّه في نفس العام في البصرة، التحق به أنصار زيد بن علي، لمواصلة القتال من جديد. إلى أن قضى عليه أبو جعفر المنصور في نفس العام.
4 ـ ولما قتل محمد بن عبد اللّه، مضى أخوه إدريس بن عبد اللّه إلى المغرب فأجابه خلق من الناس وبعث المنصور من اغتاله بالسم وقام ولده إدريس بن إدريس بن عبد اللّه بن الحسن مقامه، وأسّس دولة الاَدارسة في المغرب. ذكر تفصيله المسعودي في مروج الذهب (1)وسيوافيك الكلام فيه في محلّه.
5 ـ عيسى بن زيد بن علي، أخو يحيى بن زيد، وقد توارى بعد ثورة أخيه فمات متوارياً عام 166هـ.
6 ـ محمد بن إبراهيم (طباطبا)، فقد خرج في خلافة المأمون ودعا إلى الرضا من آل محمد وكانت له أتباع وغلب على بلاد العراق وهزمت جيوش المأمون التي أُرسلت للقضاء عليه، وصلت سيطرة ابن طباطبا إلى الحجاز حتى أنّ الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي المعروف بـ «الاَفطس» دعا له بالمدينة، وتوفي عام 199هـ.
7 ـ محمد بن محمد بن زيد بن علي، وكان أبو السرايا قائداً عاماً لجيشه وكان قبل ذلك داعية لابن طباطبا.
لما توفي محمد بن إبراهيم (طباطبا) هرب أخوه القاسم بن إبراهيم
________________________________________
(1) المسعودي مروج الذهب: 3|296، قال: وقد أتينا على خبرهم عند ذكرنا بخبر عبيد اللّه صاحب المغرب، وبنائه المدينة المعروف بالمدينة.
________________________________________
(331)
(طباطبا) إلى الهند وتوفي هناك عام 254 هـ فعاد ابنه الحسين بن القاسم إلى اليمن، وعند ذلك تواصلت قيادة الثورة بابنه الآخر أعني:
8 ـ محمد بن القاسم بن علي بن عمر الاَشرف بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، فقد ظهر في الطالقان عام 219 هـ ودعا إلى الرضا من آل محمد، ولكن أُلقي القبض عليه فجيء به إلى المعتصم فسجن.
9 ـ يحيـى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، خرج بالكوفه عام 250هـ غير أنّ ثورته فشلت.
10 ـ يحيى بن الحسين بن القاسم، المعروف بالزاهد وقد دعا لنفسه بصعده وبويع للاِمامة عام 288 هـ.
ثم إنّ الاِمام يحيى بن الحسين أسس دولة زيدية باليمن وقامت بالاِمامة واحد بعد الآخر وكلّهم من أبناء القاسم إلى أن أُقصيت الزيدية عن الحكم في اليمن بحلول الجمهورية، وذلك في شهر ربيع الاَوّل من سنة 1382هـ، وسيوافيك أسماء أئمتهم إلى المنصور باللّه محمد البدر بن أحمد بن يحيى حميد الدين. في محلّه.
11 ـ قامت دولة زيدية أُخرى في طبرستان بين 250 ـ 360هـ.
وفي عام 250هـ ظهر الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب في طبرستان أيام المستعين، واستطاع السيطرة على طبرستان وجرجان بعد قتال مرير ضد محمد بن طاهر أمير خراسان وتوفي عام 270هـ.
12 ـ قـام مقامه أخوه محمد بن زيد ودخل بلاد الديلم عام 277 هـ وامتلكها وتمت بيعة رافع له.
________________________________________
(332)
وفي عام 287 هـ سار محمد بن زيد نحو خراسان للاستيلاء عليها، فاصطدم بإسماعيل الساماني المتوفى عام 295 هـ ومات متأثراً بجراحه.
13 ـ ثم ملك طبرستان بعد ذلك الناصر للحق الحسن بن علي المعروف بـ «الاَطروش» وقد كان يدعو الناس إلى الاِسلام على مذهب زيد بن علي، وكانوا على دين المجوسية فاستجابوا له واستطاع عام 301، أن يستولي على طبرستان والديلم إلى أن وافته المنية عام 304 هـ.
14 ـ وجاء بعده الحسن بن القاسم (الملقب بالداعي) بن الحسن بن علي ابن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط.
15 ـ وقام مقامه محمد بن الحسن بن القاسم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط المتوفى سنة 360هـ.
هذه جدولة موجزة وضعتها أمام القارىء للثائرين المشهورين، وإلاّ الثوار الداعون إلى منهج الاِمام زيد أكثر من ذلك، وقد ذكر الاِمام الاَشعري منهم اثنين وعشرين نفراً كلّهم من العلويين، حيث ضرجوا بدمائهم، أو أُقصوا من ديارهم، لاِرجاع العدالة والدين إلى الساحة الاِسلامية، ولعلّ بين قرّاء الكتاب من له رغبة في الوقوف على أسماء الجميع، ـ ولذلك ـ نذكر نصّ الشيخ الاَشعري بتلخيص.
قائمة الثائرين بعد زيد الشهيد :
قال الاَشعري: هذا ذكر من خرج من آل النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فذكر أوّلاً خروج أبي الشهداء الحسين بن علي _ عليهما السلام _، ثم خروج زيد بن علي على وجه التفصيل، وأوجز الكلام فيما يأتي، أعني بهم:
________________________________________
(333)
1 ـ يحيى بن زيد...
2 ـ محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، ذو النفس الزكية.
3 ـ إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، أخو محمد.
4 ـ الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن، قتيل فخ.
5 ـ يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي، صار إلى الديلم.
6 ـ محمد بن جعفر بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن المثنى خرج بـ «تاهرت».
7 ـ محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي.
8 ـ محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
9 ـ إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ـ قدّس سرّه ـ خرج مرة باليمن وبالعراق أُخرى.
10 ـ محمد بن القاسم من ولد الحسين بن علي، بخراسان، خرج ببلدة يقال لها طالقان.
11 ـ محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي الملقب بـ «الديباج» لحسن وجهه، خرج داعية لمحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم، فلما مات محمد بن إبراهيم دعا لنفسه.
12 ـ الاَفطس خرج بالمدينة داعياً لمحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، فلما مات محمد بن إبراهيم دعا إلى نفسه.
13 ـ علـي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين، خرج في خلافة المعتصم.
14 ـ الحسن بن زيد بن الحسن بن علي أبي طالب، خرج بطبرستان في سنة 250هـ.
________________________________________
(334)
15 ـ وخرج بقزوين، الكوكبي وهو من ولد الاَرقط، واسمه: الحسن بن أحمد بن إسماعيل، من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب.
16 ـ وخرج بالكوفة أيام المستعين، أبو الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
17 ـ وخرج في أيامه أيضاً، الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه من ولد الحسين بن علي.
18 ـ خرج بسواد الكوفة أيام فتنة المستعين، ابن الاَفطس.
19 ـ وخرج بسواد المدينة سنة 250هـ ، إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم من ولد الحسن بن علي فغلب عليها وتوفي عام 252هـ.
20 ـ خلف أخوه محمد بن يوسف وجاء به أبو الساج، وقتل كثيراً من أصحابه وهرب محمد فمات في هربه.
21 ـ خرج بالكوفة في آخر أيام بني أُمية، عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، وحاربه عبد اللّه بن عمر فغادر الكوفة عازماً إلى فارس، فمات فيها.
22 ـ وخرج صاحب البصرة وكان يدّعى أنّه علي بن محمد بن علي بن عيسى ابن زيد بن علي وأنصاره الزنج وغلب على البصرة سنة 257 هـ وقتل سنة 270هـ.
23 ـ وخرج بأرض الشام المقتول على الدّكة، فظفر به المكتفي باللّه بعد حروب ووقايع كانت (1)
والنسبة بين ما ذكرناه وما ذكره الاَشعري عموم وخصوص من وجه، وهو
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 75 ـ 85.
________________________________________
(335)
بعد لم يذكر الثائر الطائر الصيت يحيى بن الحسين الذي أقام الدولة في اليمن، كما ترك بعض الثائرين الموَسسين للدولة في طبرستان.
والجدير بالدراسة، هو البحث عن الحافز أو الحوافز التي كانت تدفع هوَلاء الاَماثل الاَشراف نحو القتال في الساحة، فكانوا يرون بأُم أعينهم، أنّه لا يقوم واحد منهم إلاّ ويقتل أو يسجن ويعذّب بألوان العذاب، ومع ذلك كانوا يبادلون هدوء الحياة وملاذّها بالشهادة في المعارك، والصلب على المشانق، وقتل الاَولاد والاَصحاب، ونهب الاَموال.
وهذه هي النقطة الحساسة في حياة العلويين التي تحتاج إلى دراسة معمقة بحياد ورحابة صدر وبما أنّ موسوعتنا، موسوعة تاريخ العقائد، لا تاريخ الشخصيات والحوادث، نرجىء البحث عنها إلى آونة أُخرى، وفي نهاية المطاف نقول: يُقسّم الثائرون بعد زيد الشهيد إلى أصناف أربعة:
1 ـ أصحاب الانتفاضة: الذين قاموا بوجه الظلم، بعد استشهاد زيد في أقطار مختلفة وعلموا أنّ أعواد المشانق نصب أعينهم وكان نصيبهم من القيام هو الشهادة، وإيقاظ الاَُمّة وأداء الواجب من دون أن يوَسّسوا دولة في قطر من الاَقطار، وإنّما كانت أعمالهم أشبه بما يعبر عنها اليوم بالانتفاضة.
الذين ساروا على درب الاِمام زيد وصار التوفيق نصيبهم، فأسّسوا دولة في قطر من الاَقطار امتدت قرناً أو قروناً، وهوَلاء عبارة عن:
2 ـ أئمة الزيدية في اليمن: ابتداءً بالاِمام يحيى بن الحسين الذي قام بالاَمر عام 284 هـ وتوفي عام 298 هـ، وانتهاءً بحياة المنصور باللّه محمد البدر الذي أُزيل عن الحكم بقيام الجمهورية عام 1382هـ.
3 ـ أئمة الزيدية في طبرستان: ابتداءً من الحسن بن زيد بن محمد بن
________________________________________
(336)
إسماعيل الذي قام بالحكم وأسّس الدولة سنة 250 هـ وانتهاءً بمحمد بن الحسن ابن القاسم الذي توفي سنة 360هـ.
4 ـ دعاة الزيدية في المغرب: ابتداءً بإدريس بن عبد اللّه المحض وانتهاء بأحد احفاده، وسيوافيك تفصيله.
فنذكرهم على وجه التفصيل في فصول:

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية