مناظرة الإمام الصادق (عليه السلام) مع أبي حنيفة في حكم التوسّل بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)

البريد الإلكتروني طباعة

قال الشيخ الكراجكي طيب الله ثراه : ذكروا أن أبا حنيفة أكل طعاماً مع الاِمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، فلما رفع الصادق (عليه السلام) يده من أكله قال : الحمد لله ربّ العالمين ، اللهم هذا منك ، ومن رسولك (صلى الله عليه وآله) .

فقال أبو حنيفة: يا أبا عبدالله ، أجعلت مع الله شريكاً ؟

فقال له : ويلك ، فإنّ الله تعالى يقول في كتابه : ( وما نقموا إلاّ أن أغناهم الله ورسوله من فضله )(1) ، ويقول في موضع آخر : ( ولو أنّهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله )(2)(3).

فقال أبو حنيفة : والله ، لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلاّ في هذا الوقت !

فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : بلى ، قد قرأتهما وسمعتهما ، ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك : ( أم على قلوب أقفالها )(4)وقال : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )(5)(6).
____________
(1) سورة التوبة : الآية 59 .
(2) سورة النساء : الآية 59 .
(3) والجدير بالذكر هنا هو ما روي عن الاِمام أبي الحسن الهادي (عليه السلام) من حديث له في عظمة الله تعالى قال (عليه السلام) ... بل كيف يوصف لكنهه محمد (صلى الله عليه وآله) وقد قرنه الجليل باسمه ، وشركه في عطائه ، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته ، إذ يقول : ( وما نقموا إلاّ أن أغناهم الله ورسوله من فضله ) وقال : يحكى قول من ترك طاعته ، وهو يعذّبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها : ( يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول ) أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الاَمر منكم ) الخ . بحار الاَنوار : ج 5 ص 187 ح 56 .
(4) سورة محمد : الآية 24 .
(5) سورة المطففين : الآية 14 .
(6) كنز الفوائد للكراجكي : ج 2 ص 36 ـ 37 ، عنه بحار الاَنوار : ج 10 ص 216 ح 17 وج 47 ص 240 ح 25 .

 

التعليقات   

 
+16 -8 # يوسف 2017-08-23 19:44
المناظرة صحيحة و الأيات قرآنية واضحة و غير منسوخة و رسول اللع ص رحمة للعلمين منذ خلقه إلى يوم القيامة و لم يخبرنا الله سبحانه و تعالى لم يقل أنه بعد وفاة رسول الله لا يعمل بهذه الآيات أو أن رحمة رسول الله سوف تزول إنما حقد الوهابية و جهلهم يريدون أن يطعنوا حتى في القرآن الكريم. الوهابية من المفروض لا يخرج منهم مذهب و إنما يخرج منهم قرن الشيطان (نجد) يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+8 -24 # علي 2016-11-22 15:41
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المناظرة لم نجدها إلا في كتب أهل البدع الذين يعرفون باستحلال الكذب، بل والتقرب إلى الله تعالى به -والعياذ بالله- وليس لها أصل، وكذلك المناظرة المشار إليها في القياس، وأما من ناحية موضوع المناظرة فباطل أيضاً، ونحن أهل السنة نعيذ جعفراً الصادق وأمثاله من فضلاء أهل العلم، أن يقول أحدهم على طعام يأكله: اللهم هذا منك ومن رسولك!! فإن هذا القول باطل قطعاً، بل الحق المحض الذي لا محيد عنه أنه من الله سبحانه وحده، ومن تأمل كلام النبي نفسه صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحال علم ذلك يقيناً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طعاماً فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه الترمذي وابن ماجه. وحسنه الألباني.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا. رواه البخاري. وكان يقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: اللهم أطعمت وأسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت فلك الحمد على ما أعطيت. رواه أحمد، وصححه الألباني والأرنؤوط.

وأما آيات سورة التوبة المذكورة في السؤال فليس فيها أية دلالة من قريب أو بعيد على هذا المعنى الباطل الذي احتوته هذه المناظرة، فقد كان الإيتاء والإغناء من الرسول صلى الله عليه وسلم حال حياته، وأما بعد لحوقه بالرفيق الأعلى فلا، ثم إن الآية الثانية وهي قوله تعالى: لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ {التوبة:59}، فيها نص واضح على أن الحسب الذي هو الكفاية وكذلك الرغبة التي هي الطلب، لا تكون إلا إلى الله وحده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: جعل الإيتاء لله والرسول لقوله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. فأمرهم بإرضاء الله ورسوله. وأما في الحسب فأمرهم أن يقولوا: حسبنا الله. لا يقولوا: حسبنا الله والرسول، ويقولوا: إنا إلى الله راغبون. لم يأمرهم أن يقولوا: إنا لله ورسوله راغبون، فالرغبة إلى الله وحده كما قال تعالى في الآية الأخرى: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ. فجعل الطاعة لله والرسول وجعل الخشية والتقوى لله وحده. انتهى.

وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان: دلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده، كقوله تعالى: لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ. فجعل الإيتاء لله ورسوله، كما قال: وما آتاكم الرسول فخذوه. وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله، بل جعل الحسب مختصاً به، وقال: أليس الله بكاف عبده. فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتمدح تعالى بذلك في قوله: ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وقال تعالى: وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده. انتهى.

ومن الظاهر الجلي أن مثل هذا لا يخفى على صغار طلبة العلم فضلاً عن أهله، ناهيك عن أئمته!!.

والله أعلم.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+32 -9 # السيد جعفر علم الهدى 2017-03-16 15:50
الإمام الصادق عليه السلام قال بعد أكل الطعام : « الحمد لله ربّ العالمين » ، فقد أدّى شكر نعم الله تعالى بهذه الآية التي تشتمل على مضامين عاليه ، وتدلّ على الحمد والثناء والشكر الكامل لجميع النعم التي أنعم الله تعالى على الناس قاطبة ولا يمكن أداء شكر الله تعالى بأكثر من مفاد هذه الآية ، فراجع التفاسير وكتب النحو والبلاغة.
ثمّ أشار الإمام عليه السلام إلى نكتة ظريفة لا يلتفت إليها عامة الناس وهي أنّ نعم الله تعالى قد تصل إلى الإنسان بلا واسطة ، وقد تصل إلى الإنسان بواسطة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وهذا من الواضحات جدّاً لا يمكن إنكاره ؛ فالنبي صلّى الله عليه وآله هدى الناس إلى الإسلام والدين الصحيح أوليس هذا فضلاً من الرسول مع انّ الله تعالى هو الهادي وهو المتفضّل بالذات لكنّه شاء ان يهدي الناس بواسطة النبي محمّد صلّى الله عليه وآله ، فما المانع ان يتفضّل الله علينا ببعض النعم بواسطة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله كما هو صريح القرآن العظيم : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) [ التوبة : 74 ] ، وكان يمكن أن يقول : « وما نقموا إلّا من بعد أن أغناهم الله من فضله » ، فلماذا أضاف الرسول ؟ وهل يكون ذلك لغواً أم أن هناك عناية ونكتة دقيقة في ذلك ، وهو انّ الله تعالى يغني وقد أعطى لرسوله القدرة على الإغناء بإذنه تعالى ، ولا يختصّ ذلك بحياة النبي صلّى الله عليه وآله إذ لا فرق في النبي صلّى الله عليه وآله بين حياته وموته فانّه حيّ مرزوق عند ربّه.
فالاغناء والايتاء يمكن ان يكون من الرسول كما يمكن ان يكون من الله عزّ وجلّ وهذا هو الذي أشار إليه الإمام الصادق عليه السلام حيث قال : « اللهمّ هذا منك ومن رسولك ».
وأمّا أن الحسب والكفاية مختصّ بالله تعالى فهو أمر آخر لا يرتبط بكلام الإمام الصادق عليه السلام إذ لم يقل حسبي الله ورسوله ، وانّما قال : « اللهمّ هذا منك ومن رسولك » أيّ هذه النعمة وهذا الايتاء والاغناء منك ومن رسولك ، فذكر الحسب والكفاية في هذا المقام ليس إلّا من باب المغالطة.
ولو فرضنا ـ بفرض المحال ـ انّ النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله لا يتمكّن من فعل شيء بعد مماته كان جواب الإمام عليه السلام لأبي حنيفة صحيحاً أيضاً ، فانّ أبا حنيفة اعترض عليه بقوله : « أجعلت مع الله شريكاً » ؟ والإمام عليه السلام أجابه بأن الآية جعلت الرسول شريكاً مع الله تعالى ، فقال : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) ، أيّ لو كان قولي شركاً فالآية تدلّ على الشرك.
ومن المعلوم انّه لا فرق في تحقّق الشرك والشريك لله تعالى بين كون النبي حيّاً وميّتاً ، فلو كان قوله : « اللهم هذا منك ومن رسولك » الواقع بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله شركاً كان قوله تعالى : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) شركاً أيضاً.
فيظهر انّ الاعتقاد بإغناء الله ورسوله ليس شركاً ، نعم بعد موته يكون لغواً عند من يعتقد بأنّ النبي لا يتمكن من عمل شيء بعد موته لا انّه شرك.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية