الإمامة والخطر الثلاثي المشؤوم الروم والفرس والمنافقون

البريد الإلكتروني طباعة

الإمامة والخطر الثلاثي المشؤوم : الروم والفرس والمنافقون

إنّ مراجعة التاريخ ، وأخذ الظروف التي كانت تحيط بالمنطقة ، وبالعالم في زمان رحيل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قُبَيل وفاته بالذات بنظر الاعتبار تثبت ـ بوضوح ـ بداهة وضرورة « تنصيصيّة » منصب الإمامة وذلك لأنّ أخطاراً ثلاثة كانت تهدّد الدين والكيان الإسلاميّ ، وتحيط به على شكل مثلّث مشؤوم.

الضلع الأوّل من هذا المثلّث الخطر كان يتمثّل في الإمبراطوريّة الروميّة.

والضلع الثاني كان يتمثّل في الإمبراطوريّة الفارسيّة.

والضلعُ الثالث كان يَتَمثَّل في فريق المنافقين الداخِلِيّين.

وبالنسبة لخطر الضلع الأوّل ، وأهميّته القصوى يكفي أن نعلم أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يزل يفكر فيه حتّى آخر لحظة من حياته ، ولهذا جهّز ـ قُبَيل أيّام بل ساعاتٍ من وفاته ـ جيشاً عظيماً بقيادة « أُسامة بن زيد » وبعثه لمواجهة الروم ، كما ولعن من تخلّف عنه أيضاً.

وبالنسبة لخطر الضلع الثاني يكفي أن نعرف أنّه كان عدوّاً شرساً أيضاً أقدم على تمزيق رسالة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وكتب إلى حاكم اليمن بأنْ يقبض على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويبعث به إليه ، أو يرسل إليه برأسه.

وبالتالي بالنسبة إلى الخطر الثالث يجب أن نعلم أنّ هذا الفريق ـ أيّ المنافقين ـ كان يقوم في المدينة بمزاحمة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم باستمرار وكان المنافقون هؤلاء يؤذونه بالمؤامرات المتنوّعة ، ويعرقلون حركته ، وقد تحدّث القرآن الكريم عنهم وعن خصالهم ، ونفاقهم ، وأذاهم ، ومحاولاتهم الخبيثة في سوره المختلفة إلى درجة انّه سمّيت سورة كاملة باسمهم ، وهي تتحدّث عنهم وعن نواياهم وأعمالهم الشرّيرة.

والآن نطرح هذا السؤال وهو : هل مع وجود هذا المثلّث الخطر كان من الصحيح أن يترك النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم الأمّة الإسلاميّة ، والدين الإسلامي اللّذين كانا محاطين بالأخطار من كلّ جانب ، وكان الأعداء لهما بالمرصاد من كلّ ناحية ، من دون قائد معيّن ؟!!

إنّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا شكّ كان يعلم أن حياة العرب حياة قبليّة ، عشائريّة وأنّ أفراد هذه القبائل كانت متعصّبة لرؤساء تلك القبائل ، فهم كانوا يطيعون الرؤساء بشدّة ، ويخضعون لهم خضوعاً كبيراً ، ولهذا فإنّ ترك مثل هذا المجتمع من دون نصب قائدٍ معيّن سوف يؤدّي إلى التشتّت والتنازع بين هذه القبائل ، وسيستفيد الأعداء من هذا التخاصم والتنازع ، والإختلاف.

وانطلاقاً من هذه الحقيقة قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا : « الاستخلاف بالنصّ أصوب ، فإنّ ذلك لا يؤدّي إلى التشعّب والتشاغب والاختلاف » (1).

الهوامش

1. الشفاء ، الإلهيّات ، المقالة العاشرة ، الفصل الخامس ، 564.

مقتبس من كتاب : [ العقيدة الإسلاميّة على ضوء مدرسة أهل البيت عليهم السلام ] / الصفحة : 184 ـ 186

 

أضف تعليق

الإمامة والخلافة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية